text
stringlengths
0
11.3k
فالحالة العالمية جدّ خطيرة.
وتتمثل إحدى المصاعب الماثلة في أن المشاكل تبلغ درجة من التعقيد تتضخم معها كمية الوقائع التي تقدمها وسائل الإعلام للجمهور ويصبح من الصعب للغاية على الناس العاديين أن يفهموا الحالة.
عاد الرئيس إلى شغل مقعد الرئاسة.
والكثيرون منا في هذه القاعة اليوم يعيشون بعيدا عن مناطق الأرض المضطربة.
ولذا ربما يصعب علينا أن نفهم محنة شعوب طالت معاناتها كشعوب أفغانستان ودارفور والعراق وفلسطين وسيراليون والصومال، في جملة شعوب أخرى.
ولكننا يجب أن نرفض التعصب والتمييز ونضع حدا لتلك الصراعات.
ولمن لا يزالون يجهلون وجودنا، أود أن أذكّرهم بأن بلدي، سان تومي وبرينسيبي دولة أفريقية مكونة من جزيرتين في خليج غينيا واستقلت عن البرتغال منذ 12 تموز/يوليه 1975.
لذا أردت أن أقول إننا أيضا نضم صوتنا للصيحات المنادية بهزيمة التطرف الإرهابي في كل مكان.
غير أننا قد رأينا بالفعل أن هذا لن يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، وإنما بالأفكار والمثل العليا التي تكسب القلوب والعقول.
وفيما يتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية، أريد أن أعرب عن أسفي لضآلة التقدم المحرز صوب تحقيق هذه الغايات النبيلة.
كيف يمكننا أن نتجاهل الذين يتعين أن تساعدهم تلك الأهداف، أي الفقراء والمنبتين عن الركب والضائعين؟ وكما قال ذات مرة مارتن لوثر كينغ، الحائز على جائزة نوبل،
”إن عدم العدالة في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان.
ونحن واقعون في شبكة لا مهرب منها للتأثر المتبادل، يضمنا كساء مصيري واحد.
وكل ما يؤثر على أي شخص بصورة مباشرة يؤثر على الجميع بصورة غير مباشرة``.
إنني أشارك المتكلمين السابقين القول إنه بالرغم من جميع التطورات التكنولوجية والعلمية، فان نصف سكان العالم يعيشون على دخل أقل من دولارين في اليوم.
ونسبة عشرين في المائة من كل الأشخاص الأحياء يعانون من الجوع المزمن.
وفي كل يوم، يموت 000 30 طفل بلا مبرر جراء الجفاف أو الإسهال أو الإصابات التي يمكن الوقاية منها جميعا أو معالجتها بسهولة.
وفي العديد من البلدان، لا يعطى الأطفال اسما إلى أن يبلغوا شهرا من العمر، لأن العديدين منهم لا يعيشون لتلك الفترة.
واليوم هناك بليون شخص من الكبار أميون تماما؛ ولا يستطيع 100 مليون طفل الالتحاق بالمدارس بسبب فقرهم.
والآن، وفيما يتعلق بكيفية تمويل التنمية، قيل لنا إن العولمة هي الطريق، وإن مدا عاليا سيرفع جميع المراكب.
ولكن في العديد من أجزاء العالم رفع المد المرتفع للعولمة اليخوت وأغرق المراكب.
فهل يمكن بصورة واقعية أن نتوقع من الشركات الخاصة الجمع بين أنشطتها التجارية وخدمة القضايا الاجتماعية؟ ومن الواضح أنه لا بد لبعض الشركات من تحسين ممارساتها وتحمل المسؤولية عن تنظيف كوارثها البيئية مثل الكوارث التي وقعت في دلتا النيجر.
ولكن وضع الشركات في دور المصلح الاقتصادي أمر غير واقعي.
ويبدو أن العولمة ربما جعلت الحق في التسوق أكثر أهمية من الحق في التصويت.
وفي الوقت نفسه، علينا أيضا أن نكون واقعيين حيال نتائج المعونة.
ويبدو أن المنظمات الدولية في بعض الأحيان تعاني من فقر التوقعات.
وشعوبنا في العالم النامي تصلب أيضا في بعض الأحيان على فقر رغباتها هي نفسها.
وبدلا من أن تثور ثائرتنا على مصيرنا، فإننا خفضنا معاييرنا.
وأعتقد أن الإهانة التي يسببها الفقر تحرق القلب فعلا وتنشئ اليأس.
كيف يمكننا أن نحضر إلى هنا عاما بعد عام ونشهد هذا اليأس والمرض والفقر ولا نشعر بحزن هائل؟ وعلينا أن نقبل أن الفقر العالمي يمثل عارا لعصرنا الغني.
وبالتالي كيف نخفض حدة الفقر؟ يقول العديدون إن أفريقيا فقيرة بسبب الحكم السيئ والفساد.
وأنا أرفض بقوة هذا الرأي.
ومن المخزي أن نذكر كيف كانت جميع بلداننا في أفريقيا، جميعا، حينما حصلنا على الاستقلال، بل كيف كنا مؤخرا في سان تومي وبرينسيبي.
وأود أن أقول بعض الشيء عما كانت عليه الحالة في سان تومي وبرينسيبي وما أصبحت عليه الحالة الآن.
لقد نشأت أغلبية السكان في أكواخ خشبية، بدون أي مياه جارية أو أي كهرباء أو أي مراحيض أو أي فرصة للتعليم.
وفي عام 1975، خرج البلد من قرون من العبودية والاستعمار القمعي إلى الاستقلال تقريبا بدون أي معلمين أو أي أطباء، وكان البلد غير مستعد على الإطلاق لحكم نفسه أو إنشاء أي اقتصاد لا يعتمد على الرقيق أو العمل بعقود بوصفه الوسيلة الوحيدة لجني الأرباح.
وقد كافحنا.
وتعثرنا.
ولكن اليوم لدينا ديمقراطية حيوية ومستقرة نعتز بها.
ولدينا نسبة مئوية عالية من الفتيات في المدارس.
ولدينا معدلات لمحو الأمية تزيد كثيرا على المتوسط في العالم النامي.
ولدينا رعاية صحية مجانية لجميع مواطنينا، بالرغم من أنها غير كافية بشكل يرثى له لافتقارها إلى الأموال.
وقضينا على الملاريا تقريبا.
ولدينا نسبة منخفضة للفساد، بينما يقدر أيضا أننا ضمن أفضل البلدان في العالم بالنسبة لحرية الصحافة.
ولا ننفق أي أموال تقريبا على الدفاع، ولم نخض حربا أبدا.
عاد الرئيس إلى مقعد الرئاسة.
إننا نشعر بالامتنان على المعونة.
وكان شعبي سيعاني بشكل أكبر مما يعاني بالفعل بدون برنامج الأغذية العالمي، على سبيل المثال.
وتعمل معنا بشكل جيد للغاية منظمة الصحة العالمية والصندوق العالمي لمكافحة السل والملاريا.
وظلت لجمهورية تايوان، وسكان جزيرة فرموزا، بسخائهم المعروف واهتمامهم الخاص بواقعنا، أهمية بالغة في نجاحنا في مكافحة الملاريا.
وعمل معنا العديد من المنظمات والأشخاص للعديد من الأعوام بقلوب منفتحة وبأرواح سخية، ونحن نشكرهم جميعا على ذلك.
وخلال الأعوام الـ 32 منذ استقلالنا، اتبعنا مشورة المنظمات الدولية ووصلت ديوننا إلى حوالي 350 مليون دولار في شكل ديون ثنائية ومتعددة الأطراف، تم مؤخرا إعفاء معظمها في إطار المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون وغيرها من البرامج.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب، بالنيابة عن شعب سان تومي وبرينسيبي، عن أعمق امتناننا.
وما دام الفقر الشامل والظلم وعدم المساواة الصارخ مستمرا في عالمنا، لا يمكن لأي أحد منا أن يشعر بالارتياح.
وأقول للجميع، من فضلكم لا تديروا وجوهكم.
ولا تترددوا.
وقد يقال في المستقبل إن إخفاقنا في القيام بالعمل كان أمرا مأساويا، ولكنني أود أيضا أن أقول إن العمل الذي قمنا به كان أمرا بطوليا حقا.
أخيرا، قبل اختتام بياني، وكما فعلت في الأعوام السابقة، أود أن أشير إلى حالتين أسترعي إليهما انتباه الأعضاء وألتمس تضامنهم، بغض النظر عما إذا كانوا فقراء أو أغنياء.
إحدى هاتين الحالتين هي مسألة تايوان.
فهناك 23 مليون شخص يعيشون في جزيرة فرموزا، التي تسمى أيضا تايوان.
وهم لا يطلبون من المجتمع الدولي أن يساعدهم لأنهم فقراء.
بل على العكس، فهم يمثلون إحدى القوى الاقتصادية العالمية الرئيسية والمعترف بها، وهم يقدمون المساعدة إلى البلدان الأخرى، مثل سان تومي وبرينسيبي.
وهم لم يطلبوا سوى الاعتراف بهم بوصفهم بلدا ذا سيادة وإدراجهم بهذه الصفة في قوائم الأمم المتحدة ووكالاتها.
وهذه مسألة تتعلق بالعدالة.
كما أن مسألة رفع حكومة الولايات المتحدة للحصار المفروض على كوبا وإلغاء قانون هيلمز - بيرتون لعام 1996 والسماح بحرية التجارة وحرية السفر مسألة تتعلق بالعدالة.
فليحسم الكوبيون مشاكلهم بين أنفسهم.
فهذا تصرف ديمقراطي.
وأشكر جميع الأعضاء على حضورهم إلى هنا اليوم والاستماع.
وليباركنا الله جميعا.
الرئيس (تكلم بالفرنسية): بالنيابة عن الجمعية العامة، أود أن اشكر رئيس جمهورية سان تومي وبرينسيبي الديمقراطية على البيان الذي أدلى به من فوره.
اصطحب السيد فراديك بانديرا ميلو دي مينيزيس، رئيس جمهورية سان تومي وبرينسيبي الديمقراطية، إلى خارج قاعة الجمعية العامة.
البند 8 (تابع)
المناقشة العامة
خطاب دولة السيد نوري كامل المالكي، رئيس وزراء جمهورية العراق
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): تستمع الجمعية الآن إلى بيان يدلي به رئيس وزراء جمهورية العراق.
اصطُحب إلى المنصة السيد نوري كامل المالكي، رئيس وزراء جمهورية العراق.
الرئيس (تكلم بالإنكليزية): يسعدني أن أرحب بدولة السيد نوري كامل المالكي، رئيس وزراء جمهورية العراق، وأدعوه إلى مخاطبة الجمعية العامة.
السيد المالكي (العراق): يشرفني أن أخاطبكم بصفتي أول رئيس حكومة دستورية دائمة تمثل العراق وشعبه وتطلعاته لترسيخ دعائم الديمقراطية والسلام والحرية والتعاون مع المجتمع الدولي.
جئتكم حاملا هموم شعب وادي الرافدين، الذي بنى أقدم الحضارات ودوَّن أول القوانين.
وهو يقدم اليوم للإنسانية مثالا في صنع الحياة ومواجهة التحديات والعزم على حماية تجربته الديمقراطية الفتية.
لقد عاش الشعب العراقي في ظل الدكتاتورية على مدى خمسة وثلاثين عاما معزولا عن العالم، فلا حرية للرأي والمعتقد، ولا تعددية حزبية، ولا انتخابات حرة، ولا مؤسسات ديمقراطية، ولا أنظمة اتصالات، ولا وسائل إعلام سوى تلك التي تشرف عليها أجهزة المخابرات الحكومية.
وتكبد العراق خلال هذه الحقبة ملايين الضحايا في حروب ومغامرات ضد الدولتين الجارتين، إيران والكويت، وحملات إبادة جماعية داخل العراق، كما حدث في جرائم الأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية وفي أقبية السجون والمعتقلات الرهيبة، إلى جانب الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية في مختلف مؤسسات الدولة.
في العراق الجديد، توجد اليوم مئات الأحزاب التي تنشط ضمن عشرين تكتلا سياسيا، وما يزيد على ستة آلاف منظمة للمجتمع المدني، ومئات الصحف والمجلات، وأربعين قناة تلفزيونية وفضائية محلية، فضلا عن مكاتب مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية من مختلف دول العالم يعملون دون قيد أو شرط.
العراق الجديد هو المستهدف اليوم، فالإرهاب يقتل المدنيين والصحفيين والفنانين والأدباء وأصحاب الكفاءات، ويضرب الجامعات والأسواق والمكتبات، ويفجر المساجد والكنائس، ويدمر البنى التحتية لمؤسسات الدولة.
إن الإرهاب الذي نعده امتدادا لنهج النظام الدكتاتوري البائد، مع اختلاف صوره والجماعات التي تنفذه، يهدف إلى إجهاض العملية السياسية وإشعال الفتنة الطائفية، تمهيدا لإرجاع العراق إلى عهود استبداد والقمع والتخلف.
إن تفكير السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة في الأماكن العامة، وقطع الرؤوس وعرضها على شاشات التلفزيون، هي رسائل تهديد ووعيد يوجهها الإرهاب إلى دول العالم، وقد نفذ فصولا دموية منها في الجزائر وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا ولبنان وتركيا، وهنا في نيويورك.
نحن عازمون على دحر الإرهاب في العراق حتى لا ينتشر في دول العالم وتتكرر المأساة.
إن العراق الذي يتحمل العبء الأكبر في مواجهة الإرهاب يدعو دول العالم إلى مساندته وتوحيد الجهود في التصدي لهذه الآفة.
إن معركتنا هي من أجل تثبيت الأمن والاستقرار وتحقيق الازدهار وحماية تجربتنا الديمقراطية، وإننا مصممون على الانتصار في هذه المعركة التي ستكون نصرا حتميا للبشرية.
الهجمة الإرهابية الشرسة التي يتعرض لها العراق حتميا منذ سقوط الحكم الاستبدادي لم تثن شعبنا، وعبر ثلاث ملاحم انتخابية، أن يؤسس لتجربة ديمقراطية فريدة في تاريخ العراق والمنطقة، حيث تم التصويت على الدستور الدائم وانتخاب مجلس للنواب وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
العراق الجديد الذي يعش تجربة ديمقراطية فتية، وتحكمه مؤسسات دستورية، وتحترم فيه حرية الرأي والمعتقد والتعبير، لن يتراجع عن خياره الديمقراطي الذي دفع شعبنا من أجله ثمنا باهظا، وهو موقف يستدعي من دول العالم مساندة ودعما ليتمكن من بناء دولة عصرية تكفل العدالة والمساواة واحترام التعددية الدينية والفكرية والقومية والمذهبية.
إن شعبنا الذي تذوق طعم الحرية بعد عهود الاستبداد والطغيان سيواصل الطريق في بناء دولة المؤسسات وتعزيز سلطة القانون واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة في جميع المجالات.
إن مبادرة المصالحة الوطنية والحوار التي أطلقناها إثر تسلمنا مسؤولية رئاسة حكومة الوحدة الوطنية لم تنطلق من فراغ.
فهي تستمد قوتها من الإرث الحضاري للشعب العراقي الذي قدم خدمات كبيرة للبشرية.
فقد تعايش العراقيون بإخاء ومحبة وتسامح منذ فجر التاريخ.
وكان تنوعهم الديني والمذهبي والقومي والطائفي عامل قوة في تعزيز الوحدة الوطنية.
إننا ننظر إلى المصالحة الوطنية باعتبارها قارب نجاة ومشروعا للسلام الدائم وحاضنة للعملية السياسية والتجربة الديمقراطية.
كما نعتقد أن المصالحة الوطنية ليست مسؤولية الحكومة وحدها، إنما هي مسؤولية تضامنية تتحملها القوى السياسية وقادة الرأي وعلماء الدين والمثقفون ومنظمات المجتمع المدني وجميع القوى الفاعلة على الساحة العراقية.
المصالحة الوطنية هي خيارنا الاستراتيجي الذي منع انزلاق البلاد إلى هاوية الحرب الطائفية التي خطط لها أعداء الحرية والديمقراطية، بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء.
إن المصالحة الوطنية ليست حفلة عشاء بين متخاصمين أو جرعة دواء كما يتصورها البعض، بل هي رؤية واقعية تعالج التركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد في المجالات كافة، وتؤسس للتقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني المنشود، وتثبيت مبادئ النظام السياسي الجديد.