أوليفيا ماري مانينغ هي روائية بريطانية حائزة على لقب "رتبة الإمبراطورية"، ولدت في 2 مارس عام 1908، وتوفيت في 23 يوليو عام 1980. تعددت اختصاصات أوليفيا، فبجانب كونها روائية كانت أيضاً شاعرة، وكاتبة، وناقدة. وقد تضمنت رواياتها الخيالية والواقعية تفاصيل من رحلاتها ومغامراتها الخاصة في إنجلترا وأيرلندا وأوروبا والشرق الأوسط. غالباً ما كانت مانينغ تكتب مذكراتها من خلال تجاربها الشخصية، وتظل كتبها خير دليل على مقدرتها الإبداعية في الكتابة. ويرجع سبب انتشار كتبها على نطاق واسع إلى تمتع مانينغ بحس فني مرهف وتصويرها الحي للأماكن. قضت مانينغ طفولتها متنقلة بين بورتسموث وأيرلندا، وكان لذلك كبير الأثر في إعطائها ما وصفته "بالطبع الأنجلو-أيرلندي الذي ينتمي إلى لا مكان." والتحقت بمدرسة الفنون ثم انتقلت إلى لندن حيث نُشرت لها أول رواية واقعية بعنوان "الرياح تتغير" وقد كان ذلك في عام 1937. وفي أغسطس عام 1939 تزوجت من ريجنالد دونالد سميث المدعو "ريجي"، وكان محاضراً في المجلس الثقافي البريطاني الواقع في بوخارست عاصمة رومانيا، ثم انتقل بعد ذلك إلى فروعه الأخرى في كلٍ من اليونان، ومصر، وفلسطين وذلك حينما اجتاح النازيون أوروبا الشرقية. كانت تجارب أوليفيا هي الأساس الذي اعتمدت عليه في إنتاج أشهر أعمالها مثل رواياتها الست التي تألفت من ثلاثية البلقان وثلاثية المشرق العربي. وقد عرفت جميعها باسم "ثروات الحرب". وقد تباينت أراء النقاد في الحكم على كفاءة أعمالها، غير أن أنتوني برجس وصف تلك الرواية التي نشرت في الفترة مابين 1960 و1980 بأنها "أروع تسجيل خيالي للحرب أنتجه كاتب بريطاني." عادت مانينغ إلى لندن بعد انتهاء الحرب، وعاشت هناك حتى وفاتها. وخلال هذه الفترة كتبت العديد من الأشعار، والقصص القصيرة، والقصص الواقعية، والروايات، وكتبت أيضًا مسرحيات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وبعض الآراء النقدية. أما فيما يتعلق بعلاقتها مع زوجها، فقد حدث بينهما بعض المشكلات إلا أنهما لم يتطرقا إلى فكرة الطلاق. ولم تكن علاقة مانينغ وطيدة بالكُتاب من أمثال ستيفي سميث، وإيريس مردوخ، حيث كانت تشعر بالغيرة إزاء نجاحاتهما التي تفوق نجاحاتها. ولعل اللقب الذي أطلق عليها "أوليفيا المتبرمة" يعكس قلقها الدائم إزاء أقرانها من الكُتاب. وعلى الرغم من هذا فلم يتوانَ زوجها عن أداء دوره كمشجع وداعم رئيسي لزوجته مؤمنًا بأن موهبتها هذه سوف يُعترف بها عاجلّا أم آجلًا. ولكن حدث ما كانت تخشاه، فقد سطع نجم أوليفيا بعد وفاتها عام 1980، وذلك بعدما تم بث النسخة المعدلة لسلسلتها "ثروات الحرب" في عام 1987. لم تسترعِ كتب مانينغ اهتماماً كبيراً من النقاد - تماماً كما حدث أثناء حياتها - بل انقسمت آراؤهم إزاء كتاباتها لا سيما ما يتعلق بوصفها وتصويرها للثقافات الأخرى. وكانت مقلة في أعمالها عن الأمور التي تتعلق بالمساواة بين الجنسين. وكان من الصعب تصنيف أعمالها ضمن الأدب النسوي. وعلى الرغم من ذلك، فقد أشادت دراسة حديثة بأهمية مانينغ كإمرأه لها العديد من المؤلفات في قصص الحرب الخيالية وقليل فيما يخص الإمبراطورية البريطانية. وتناولت بالنقد العديد من المواضيع فشمل نقدها الحرب، والتمييز العنصري، والاستعمار، والإمبريالية. هذا بجانب مواضيع التشرد، والاغتراب الجسدي والوجداني. السنوات الأولى. ولدت أوليفيا مانينغ في نورث إند، بورتسموث في 2 مارس عام 1908. وتدرج والدها أوليفر مانينغ في الرتب فأصبح قائداً ملازماً بعدما كان ضابط بحرية، وذلك على الرغم من قلة حظه في تلقي تعليم نظامي. وعندما كان عمره 45 عامًا، وأثناء زيارته لميناء بلفاست، التقى بأوليفيا مورو ابنة جامع الضرائب التي كانت تصغره بأربعة عشر عامًا، ولم يكد يمر شهر واحد على تلك المقابلة حتى كانا متزوجين، حيث تم عقد قرانهما في الكنيسة المشيخية الواقعة في بلدتها بانجور، مقاطعة داون وذلك في ديسمبر من عام 1904. أحبت مانينغ والدها الوسيم ذا الشخصية المرحة مُحب النساء الذي طالما أسعد الآخرين بغنائه لجلبرت وسيليفان، وإلقائه أشعارًا كان قد حفظها أثناء رحلاته الطويلة في عرض البحر، وعلى النقيض فقد كانت أمها ذات شخصية مسيطرة ومستبدة، بل وكان "عقلها متحجراً تماماً كالحديد"، وكثيراً ما كانت النزاعات تدب بين الزوجين. أما علاقة مانينغ بوالدتها فقد بدأت بالتوتر منذ ولادة أخيها أوليفر في عام 1913، فنظراً لضعف بنية أخيها ومرضه في كثير من الأحيان، كانت أمه توليه كثيراً من الاهتمام؛ وقد أثار هذا استياء مانينغ بل ودفعها للقيام بعديد من المحاولات الصبيانية لإيذائه، وقد أثرت هذه الطفولة غير السعيدة وغير الآمنة على شخصيتها ومن ثم على أعمالها. تلقت مانينغ تعليمًا خاصًا في مدرسة منزلية صغيرة وذلك قبل انتقالها إلى شمال أيرلندا في عام 1916، وكانت هذه أطول فترة قضتها مانينغ في مكانٍ محدد أثناء عمل أبيها في البحر. وفي بانجور التحقت مانينغ بعدد من المدارس فذهبت لمدرسة بانجور المشيخية، ثم قضت فترة في مدرسة ليندون الداخلية في بورتسموث لتنتقل بعد ذلك إلى مدرسة بورتسموث الثانوية البريطانية. كأنها بذلك تؤكد ما ذكرته"الطبع الأنجلو-أيرلندي الذي ينتمي إلى حيث لا مكان." وصفها زملاؤها بأنها ذات شخصية خجولة وسريعة الغضب، وكثيرًا ما كانت مانينغ تسرد القصص الطوال لتتفاخر بعائلتها مما أدى إلى نفور زميلاتها منها. وبتشجيع من والدها اهتمت مانينغ بالقراءة والكتابة بشكلٍ كبير وخاصة قراءة روايات هنري رايدر هاجرد، لكن أمها ثبطت همتها وصادرت كل ما رأته غير مناسب لها كفتاة وذلك عندما رأتها ذات يوم تقرأ الملحق الأدبي لصحيفة التايمز فوبختها قائلة "إن الشبان لا يفضلون النساء اللاتي يقرأن مثل هذه الجرائد"، وأنه يجب عليها أن تهتم باكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل كالطباعة. أجبرت الظروف المادية مانينغ ترك المدرسة في سن السادسة عشرة، وامتهنت الطباعة على الآلة الكاتبة، بالإضافة إلى قضائها معظم وقتها كمبتدئة في صالون للتجميل. ولكونها فنانة موهوبة، فقد كانت تحضر دروس مسائية في مدرسة بورتسموث المحلية للفنون ووصفها زميل لها بأنها ذات شخصية مثقفة ومتحفظة. وفي مارس عام 1928تم اختيار لوحتها لتعُرض في معرض ساوث سي، ومُنحت فرصة أن تكون هي المرأة الوحيدة التي يتم عرض أعمالها. لقد ولدت مانينغ لتكون فنانة وواصلت أيضا اهتمامها بالأدب حتى بلغت سن العشرين وعندها قررت أن تكون كاتبة، وقد ساعدها حسها الفني المرهف كثيرًا في وصف المناظر الطبيعية بشكل خلاب. بداية حياتها المهنية. أول عمل تم نشره لمانينغ كان عبارة عن سلسلةٍ مكونة من ثلاث روايات بوليسية :" وردة من الياقوت" (بالإنجليزية :Rose of Rubies)، و"هنا جريمة القتل " (بالإنجليزية :Here is Murder)، و"الجعران الأسود" (بالإنجليزية :The Black Scarab). وقد تم نشرهم في جريدة أخبار بورتسموث بداية من عام 1929 تحت اسمها المستعار "يعقوب مورو". لم تنسب مانينغ هذه الأعمال لها حتى الستينيات، وأبقت هذا الأمر سرًا أخفته حتى عن زوجها، لكن تواريخ مؤلفاتها دلت على سنها. وفي الفترة مابين 1929و1935 ألفت ما يقرب من 20 قصة قصيرة من بينهم قصة أشباح وكان هذا أول عمل يُنشر لها تحت اسمها الحقيقي، حيث استخدمت الأحرف الأولى من اسمها حتى لا تفصح عن هويتها كامرأة. وقد كتبت أيضًا روايتين أدبيتين ولكن تم منعهما من النشر، وعلى الرغم من ذلك فقد نالت مخطوطتها الثانية إعجاب "إدوارد غارنيت" - المحرر الأدبي في جوناثان كيب - وقد كلْف مساعده "هاميش مايلز" أن يبعث لها بخطاب تشجيع. عَمِلَ مايلز كمستشارًا أدبيًا، وعمل أيضًا كمترجم في أواخر الثلاثينيات من عمره، وهو رجل محترم وذو نفوذ. وقد دعا مانينغ لزيارته حينما تزور لندن. لفد شعرت مانينغ بالكبت في بورتسموث، وشعورها هذا جعلها تبذل جهودها من أجل الانتقال إلى العاصمة، وأصرت مانينغ على الانتقال بعدما تعرفت على مايلز. ونجحت بعد ذلك في الحصول على وظيفةٍ ككاتبة على الآلة الطابعة في متجر بيتر جونز الكبير. وعلى الرغم من معارضة أمها لقرار سفرها إلا أنها انتقلت إلى غرفة متداعية للنوم والمعيشة استأجرتها في تشيلسي. عانت مانينغ من قلة المال والطعام، ومع ذلك فقد قضت ساعات طوال في الكتابة بعد العمل. وكان لمايلز كبير الأثر عليها، فقد شملها برعايته، وأبهرها بكثرة دعواته إلى العشاء، ومناقشاته الأدبية، وكثرة الحديث عن أسراره وعن حياته الشخصية. وكان يمدها بدعم غير اعتيادي، فقد كان رجل متزوج ولديه طفلان. قال لمانينغ :أن زوجته مريضة، ولم تعد قادرة على أن تؤدي واجباتها الزوجية. وبمرور الوقت أصبح هو ومانينغ عشاق. وذكرت مانينغ في وقت لاحق أن "الجنس كان يضفي على حياة كل منهما سحرًا هو المحفز للحياة." وأدى تشابه اسمها مع اسم فنان آخر إلى حصولها على وظيفة مرموقة بمرتٍب جيد في محل للأثاث العتيق، حيث عملت فيه لمدة تزيد عن سنتين، ولم تتوقف عن الكتابة في أوقات فراغها. ووصفت تلك الفترة بأنها "واحدة من أجمل الفترات"في حياتها. وبتشجيٍع من مايلز أنهت كتابة روايتها "الرياح تتغير" (بالإنجليزية :The wind Changes)، التي نُشرت عن طريق جوناثان كيب في أبريل 1937. وقد وقعت أحداث هذه الرواية في دبلن خلال فترة الأزمات في يونيو 1921. ودارت أحداثها حول امرأة كانت مشتتة ما بين وطنيتها وحبها لأيرلندا من جهة، وكونها إنجليزية متعاطفة مع الحزب الجمهوري من جهةٍ أخرى. وقُوبلت هذه الرواية بقبولٍ حسن، وأشاد بها أحد النقاد بقوله"هذه رواية فريدة من نوعها، ولها مستقبل واعد". بعد فترة وجيزة، علم مايلز بإصابته بورمٍ في المخ متعذراً استئصاله، واختفى منذ ذلك الحين من حياةِ مانينغ. ولأن العلاقة بينهما لم يعلم بشأنها أحد، فإنه كان من الصعب عليها أن تحصل على أي معلومات عنه، ولم تستطع بسبب ظروفها المادية زيارته في مستشفى إدنبرة حيث كان يصارع مرض الموت. فقدت مانينغ وظيفتها في بيتر جونز، ولكنها انتقلت إلى وظيفة أخرى ذات دخل جيد في جمعية ميديسي، إلا أنها فُصِلَت من العمل عندما رفضت تنفيذ أوامر رئيسها الذي طلب منها أن تكف عن كتابة الروايات في الليل، حتى توفر طاقتها لعملها أثناء النهار. ثم حصلت بعد ذلك على عمل آخر وهو تأليف روايات جديدة ذات مقومات كفيلة بتحويلها إلى فيلم لشركة مترو غولدوين ماير. وبمرور الوقت جمعت مانينغ مبلغا من المال يكفي لأن تقوم بزيارةٍ إلى إدنبرة، وكان مايلز مريضًا جدًا بحيث لم يستطع رؤيتها إلى أن توفى في ديسمبر عام 1937. لم يكن مايلز معتادًا أن يُقدم أصدقائه من الأدباء إلى بعضهم البعض، ولكن دفعته الظروف مضطرًا أن يُعرف مانينغ إلى الشاعرة ستيفي سميث قبل وفاته. شعر كل منهما بالألفة تجاه الآخر، واستمتعتا باكتشاف شوارع لندن الخلفية معًا، ونظمتا العديد من النزهات إلى المتاحف والسينما، وقامتا بعدة زيارات إلى منزلها الواقع في منطقة بالميرز جرين الذي تشاركها فيه عمتها غريبة الأطوار وفي هذا الصدد، أخبر صديقٌ لهم بأن مانينغ وجدت في بيت سميث" جوًا من الراحةِ والسكينةِ كان كفيلاً بجعل غرفتها الواقعة في أوكلاي تبدو باردة ورثة." التقى الروائي والناقد الأدبي والتر آلين بمانينغ في عام 1937، وتبين له أنها ذات ذكاء حاد، ورائعة تمامًا كنساء لندن. وأضاف أن مانينغ وسميث عبارة عن زوجٍ ماكرٍ من المتكبرين. الزواج ورومانيا. في يوليو 1939 قدّم "والترآلين" مانينغ إلى "ريجينالد دونالد سميث " المدعو"ريجي". وهو رجل ماركسيّ، اجتماعيّ، مفعم بالحيوية، ويتسم بالجاذبية وضخامة البنيان. عَمِلَ أبوه في صناعة الآلات في مدينة مانشستر. وقد تخرج ريجي في جامعة برمنجهام حيث درس على يد الشاعر اليساريّ "لويس مكنيس"مؤسس المجتمع الاشتراكي في برمنجهام. ووفقاً لمنظمة الاستخبارات البريطانية "المكتب الخامس أو المخابرات الحربية"، فإن ريجي قد تم تجنيده كجاسوس شيوعي بواسطة "أنتوني بلانت" وذلك أثناء زيارة له إلى جامعة كامبريدج في عام 1938. وعندما التقى مانينغ كان قد ترك منصبه كمحاضراً في المجلس الثقافي البريطاني الواقع في رومانيا. وقبل مقابلته مانينغ قرأ أعمالها ورأى أن روايتها "الرياح تتغير" (بالإنجليزية :The Wind Changes) تُظهر علامات عبقريتها. وقد وصف مانينغ بأنها ليست جميلة ولكنها جذابة وأنها تتمتع بشعرٍ جميل ويدين وعينين جميلتين ولها بشرة ناعمة بالرغم من طول أنفها. وقع ريجي في حبها منذ النظرة الأولى في أول لقاء بينهما عندما اقترض منها شلنان ونصف، ثم ردهم في اليوم الذي يليه. كان ريجي على يقينٍ بأنهما سوف يتزوجان، ولكن مانينغ لم تكن واثقة تمامًا من علاقتهما، غير أن ريجي سرعان ما انتقل إلى شقتها، وبعد عدة أسابيع تم عقد قرانهما في مكتب التسجيل المدني الواقع في ماريليبون، وذلك في أغسطس من عام 1939. وشَهِدَا على هذا العقد كلٌ من "ستيفي سميث" و"لويس مكنيس". لم يُحضر العريس خاتمًا في الحفل، وهو شيء غير معتاد ولكنه متوقع من ريجي. وبعد مرور أيام قليلة على زواجهما تلقى الزوجان خبراً مفاده أن ريجي تم استدعاؤه مرة أخرى للعمل في بوخارست، فغادرا الزوجان في غضون ساعات من تلقي الخبر. ثم بعد ذلك أرسلت مانينغ إلى "ستيفي سميث"تطلب منها أن تعرف ما الذي حدث لشقتهما بعد مغادرتهما، وتوصيها بأن تهتم بكتبها أثناء سفرها. وكان الزوجان قد سافرا بالقطار إلى بوخارست، ووصلا في الثالث من سبتمبر عام1939. وهو اليوم الذي أعلنت فيه بريطانيا الحرب على ألمانيا. وفي الفترة مابين الحربين العالميتين استعانت رومانيا بفرنسا حتى تكفل لها أمنها ضد مطامع ألمانيا الإقليمية. بيد أن تأثير معاهدة ميونخ عام 1938، ومعاهدة عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي عام 1939، وسقوط فرنسا عام 1940 قد أسفروا عن زيادة نفوذ ألمانيا وسيطرتها على البلاد. وشملت مطالبها أن تتخلى رومانيا عن أراضيها ومواردها. وقد تزامن وقت وجود الزوجين في بوخارست مع صعود القوة الفاشية والشمولية، واتخذت رومانيا موقفًا محايدًا ظاهريًا. بينما هددت قوى خارجية أثناء الحرب أن يُقاد الآلاف من اللاجئين إلى داخل حدودها. قامت سميث أولًا باستئجار الشقة، ثم انتقلت إليها لاحقًا هي والدبلوماسيّ " آدم واتسون"الذي كان يعمل مع البعثة البريطانية. من عَرِفَ مانينغ في ذلك الوقت كان يصفها بأنها فتاة خجولة، وبسيطة، ولديها خبرة قليلة فيما يتعلق بالثقافات الأخرى. وكان شعورها تجاه رومانيا عبارة عن مزيج من الانبهار والخوف. وقد راق لها مجتمع القهوة اللامع المليء بالإشاعات والثرثرة، ولكنها نفرت من الفلاحين والعدوانيين لأنهم غالبا ما يكونوا مشوهين ومتسولين. وقد جُسِدَت تجاربها في رومانيا في أول مجلدين لها :"الثروة الهائلة" (بالإنجليزية :The Great Fortune) و"المدينة الفاسدة" (بالإنجليزية :The Spoilt City) اللذان جُمِعا تحت عنوان "ثلاثيةالبلقان"(بالإنجليزية :The Balkan Trilogy). واعتبرا من أهم الأعمال الأدبية التي تناولت أحوال رومانيا خلال الحرب. صورت مانينغ بوخارست في رواياتها بأنها على هامش الحضارة الأوروبية، وأنها "عاصمة غريبة، وذات أصل شرقي" وأنها "بدائية، ومليئة بالأخطاء، ووحشية." وبغض النظر عن ثروات سكانها ومراكزهم، فقد كانوا فلاحين. قضت مانينغ وقتها في الكتابة، وكان مشروعها الرئيسي عبارة عن كتاب عن "هنري مورتون ستانلي" وبحثه عن "أمين باشا". وحافظت أيضًا على مراسلاتها الودية مع "ستيفي سميث"التي مُلِئَت بأخبار جماعة بلومزبري ومكائدهم. وقد أخذت على عاتقها مهمة صحافية خطيرة، وهي أن تُجري مقابلة مع رئيس الوزراء الروماني الأسبق"لوليو مانيو"في كلوج،ترانسيلفانيا في الوقت الذي كانت القوة في يد الجيش الألماني. وبعد فترة قصيرة نُقِلَ بواسطة رومانيا إلى المجر وذلك بموجب ما تنص عليه منحة فيينا الثانية في أغسطس عام 1940، التي فُرِضَت من قبل الألمان والإيطاليين. وعلى غرار العديد من تجاربها، فإن هذه المقابلة سوف تُدمج في أعمالها المستقبلية. وهناك أعمال أخرى تضمنت مباغتتها لريجي عن طريق تعميده بالشاي البارد ذلك لأنها خشيت أن يُفرِق الموت بينهما، وأيضًا إنتاج ريجي مسرحية لشكسبير، والتي كان من المفترض أن تأخذ مانينغ فيها دورًا بطوليًا، لكنه أُعطي لغيرها. كان ريجي اجتماعي بحت، وخلال حياته كلها أدت شخصيته الودودة وروحه الفكاهية إلى كسْبِ العديد من الأصدقاءِ والندماء. وعلى النقيض فقد كانت مانينغ كتومة ولا تندمج في التجمعات وتظل بعيدة عن الأنظار. وقد وصفت نفسها بأنها كانت أشبه "بمن يلحق بمعسكرٍ دون الانتماء إليه"وذلك لأنها كانت تتبع ريجي من بارٍ إلى بار، وأحيانًا كثيرة كانت تُفضل الرجوع إلى البيت مبكرًا وحدها. ولكن ظلت مانينغ وفية لريجي أثناء فترة الحرب، إلا أن صديقهما "إيفور بورتر" أراد أن يُخبِرها أن ريجي كان لديه عددًا من العلاقات الغرامية. إن تلك الحرب الوشيكة، وظهور الفاشية، والحرس الحديدي في رومانيا قد أربك مانينغ وجعلها تعيش في خوف. وتنازُل الملك "كارول" عن العرش، وتقدم الألمان في سبتمبر 1940 قد صعّدَ ذلك من مخاوفها وجعلها تسأل ريجي باستمرار"ولكن إلى أين سيذهب اليهود؟" وقبل دخول قوات الجيش الألمانية إلى رومانيا في 7 من أكتوبر وذلك بناء على دعوةٍ من الدكتاتور الجديد "يون أنتونيسكو"،هربت مانينغ إلى اليونان وتبعها ريجي بعد أسبوع واحد من سفرها. اليونان ومصر. وقعت مانينغ ضحيةً للقلق طُوال حياتها حتى أنها كادت أن تُصاب بجنون العظمة، وكان لديها سبب وجيه للقلق بشأن ريجي الذي سافر من رومانيا إلى اليونان على خطوط لوفتهانزا الجوية الألمانية، وذلك أن طائرات هذه الشركة أحيانًا ما كانت تُغير مسارها لتهبط في دول المحور إلا أنه وصل سالمًا، وأحضر معه حقيبة ظهر وحقيبة أخرى مليئة بالكتب، ولم يحضر معه ملابس للعمل. أطلق ريجي العنان لحياته الاجتماعية الصاخبة، أما زوجته فلم تندمج كثيرًا مع الجالية، وعوضًا عن ذلك فقد وجهت جُلّ اهتمامها إلى كتاباتها. وقد كانت تلك فترة سعيدة بالنسبة لمانينغ حيث قالت أن"رومانيا هي الغربة، لكن اليونان هي الموطن." كان لمانينغ عددًا من المعجبين مثل "تيرينس سبنسر" المحاضر في المجلس الثقافي البريطاني الذي رافقها في تلك الفترة بينما كان ريجي مشغولًا بأنشطة أخرى. وقد ظهر بعد ذلك كشخصية "تشارلز أردن" في الكتاب الثالث من سلسلة"ثلاثية البلقان" (بالإنجليزية :The Balkan Trilogy) وهو بعنوان "الأصدقاء والأبطال" (بالإنجليزية :Friends and Heroes). ثم دخلت اليونان في حربٍ ضد دول المحور بعد فترة وجيزة من وصولهما. على الرغم من النجاحات المبكرة ضد غزو القوات الإيطالية، إلا أنه في أبريل عام 1941 كانت الدولة مهددة بخطر غزو الألمان. وقد أوردت ذِكرْ هذه الحادثة في قصيدتها التي كتبتها في وقتٍ لاحق بعنوان "الرعب من الهزيمة" (بالإنجليزية :horror and terror of defeat )الذي اعترى كثيرًا من أحبتها. وقد أوصى المجلس البريطاني موظفيه بإخلاء المكان، وعلى إثرِه فإن مانينغ وريجي في يوم 18 أبريل غادروا من ميناء بيرايوس وانتقلوا إلى مصر بواسطة الإريبس وكانت تلك هي آخر سفينة مدنّية تُغادر اليونان. وخلال تلك الأيام الثلاثة العصيبة التي قضاها المسافرون في طريقهم إلى الإسكندرية عاشوا على البرتقال والنبيذ. كانت عائلة سميث على متن السفينة ومعهم الروائي "روبرت ليدل"، والشاعر الويلزيّ "هارولد إدواردز" وزوجاتهما. حيث تشاركت عائلة سميث حجرة ضيقة مع عائلة إدوارد. وكانت السيدة إدوارد قد جلبت معها صندوق مليء بالقبعات الباريسية الباهظة الذي أبقته مانينغ في الممر خارج الحجرة، والذي حرصت السيدة إدواردز على إعادته مرة أخرى أينما وُضِع. وحتى نهاية الرحلة لم تكونا على وفاق، لكن مانينغ كانت صاحبة الكلمة الأخيرة وقد ظهر ذلك عندما فتحت السيدة إدواردز صندوقها في وقتٍ لاحق، ووجدت أن مانينغ قد سحقت قبعاتها باستخدام المبولة. وبعد وصولهم الإسكندرية التهم اللاجئين وجباتهم المُقدمة إليهم من الجيش البريطاني شاكرين تعاونهم، ووجدوا أن الصليب المعقوف كان يُحلق فوق الأكروبوليس. كان انطباع مانينغ الأوليّ الذي كونته عن مصر عبارة عن مزيج من القذارة والتزييف. "لقد عشنا لأسابيع في دولةٍ رجعية." ثم سافرا بالقطار إلى القاهرة وهناك جددا اتصالهما بآدم واتسون الذي أصبح سكرتير ثان في السفارة البريطانية. وقد دعاهما بالبقاء في شقته الواقعة في جاردن سيتي حيث أنها تحت إشراف السفارة. رغم أن مصر عُرفت اسميًا بأنها دولة مستقلة، إلا أنها في الواقع كانت تقع تحت سيطرة البريطانيين منذ أواخر القرن التاسع عشر. وتزامنًا مع وقت اندلاع الحرب، ووفقًا لبنود المعاهدة البريطانية المصرية لعام 1936، فإن البلد كانت تحت الاحتلال البريطانيّ الصارم. وقد كان جليًا أثناء هذه المرحلة من الحرب أن الألمان يجتاحون الصحراء دون توقف قاصدين مصر، وكانت القاهرة آنذاك تعج بالشائعات والإنذارات. كانت مانينغ مذعورة وخائفة مما يحدث، ودومًا قلقةً من أن تمرض وبالفعل لم تكن في أغلب الأحيان على ما يُرام. ولاهتمام ريجي بها فقد أشار عليها أنه من الأفضل لها أن تعود إلى إنجلترا، لكن ردها جاء حاسمًا "أينما سنذهب سوف نذهب معًا، وإن عُدنا للوطن سوف نعود معًا، أنا لا أريد أن تُفرِقَ الحرب بيننا. نهاية القصة." كان لأبيها كبير الأثر في أن تُصبح مانينغ مؤمنة بالإمبراطورية البريطانية والمنافع التي جلبتها للعالم. حيث أن مانينغ بريطانية وطنية واثقة من نجاح الحلفاء في نهاية المطاف. لكنها واجهة حقيقة أن الاحتلال البريطاني لم يكن قط ذو شعبية في مصر. وسرعان ما اكتشف ريجي الاتحاد الأنجلو- مصري في الزمالك وهو المكان الذي اعتاد أن يشرب فيه ويتحدث في السياسة والشعر وكعادته كان رجلٌ محبوبًا. وقال لورانس داريل أن ريجي دائمًا ما كان مُحاط بعددٍ من الأصدقاء سيئيّ السمعة. وكانت مانينغ أقل شعبية منه ووصفها داريل بأن أنفها يُشبه "منقار الكوندور المعقوف"، وأن طبيعتها النقدية كانت تزعج كثير ممن عرفها. تزايد غضب مانينغ لأن المجلس الثقافي البريطاني لم يجد على الفور وظيفة لريجي الذي تعتبره واحدًا من أبرع معلميهم. وقد انتقمت لريجي بكتابتها مقطع شعري بذيء عن ممثل المجلس المُحلل المالي المُعتَمَدْ "دونداس" الذي خُلِدَ باسم "كولن جريسي" عديم الفائدة في روايتها "ثروات الحرب". غالبًا ما كانت مانينغ تستوحي شخصياتها من أناسٍ حقيقيين من أرض الواقع إلا أنها لم تكن تذكر كل تفاصيل حياتهم بدقة. ولم يسلم من سخريتها الأستاذ المحاضر في المجلس الثقافي البريطاني اللورد "بينك روز" الذي كان قليل الاعتماد على اللورد "دنساني"، والذي أُرْسِل َ ليحتل كرسي بيرون للغة الإنجليزية في جامعة أثينا عام 1940. استاءت مانينغ من أن أيمي سمارت زوجة والتر سمارت وعددًا من الفنانين، والشعراء، والكُتّاب -الذين اعتادوا دعمهم في القاهرة- لم يولوها وزوجها كثيرًا من الاهتمام وقد انتقمت منهم لاحقًا بطريقةٍ مشابهة. في شهر أكتوبر من عام 1941 عُرِضَ على ريجي أن يصبح محاضرًا في جامعة الفاروق في الإسكندرية. لذلك انتقل الزوجان من القاهرة إلى الإسكندرية واشتركا مع زميلهما الأستاذ "روبرت ليدل " في الشقة ذاتها، وكان الألمان في ذلك الوقت يقصفون المدينة باستمرار. وقد أرعبتها تلك الغارات ومن ثم أصبحت تًصر على ليدل وزوجها أن ينزلوا ثلاثتهم إلى ملجأ الغارات الجوية متى ما دوت سفارات الإنذار. تلقت مانينغ بعد ذلك أخبارًا صادمة عن موت أخيها أوليفر في حادث تحطم طائرة فور وصولها إلى الإسكندرية، ونتج عن ذلك إصابتها باضطراب عاطفي جعلها تمتنع عن كتابة الروايات لعدة سنوات. لم تتحمل مانينغ تلك الغارات الجوية ولذلك عادت بسرعة إلى القاهرة. وفي شتاء عام 1941 عملت كصحفية منتدبة في بعثة الولايات المتحدة، وعملت في أوقات فراغها على تأليف روايتها"الضيوف في الزواج" (بالإنجليزية :Guests at the Marriage)، وكتابة النموذج الأولي لروايتها "ثلاثية البلقان" (بالإنجليزية :The Balkan Trilogy)هذا بالإضافة إلى القصص القصيرة والشعر التي أرسلت بعضًا منها إلى ستيفي سميث على أمل أن يتم نشر بعضها. على مر السنين كانت ستيفي تفكر باستمرار في مانينغ التي هجرت صداقتهما حتى تتزوج ريجي. وخلال هذه الفترة أصبحت غِيرَة مانينغ واضحة وجلية وذلك أنها في عام 1942 كتبت قصيدة بعنوان "جريمة قتل" (بالإنجليزية :Murder) حيث صورت فيها رجل يقف بجوار قبرٍ ويعترف"لقد جَلبَتْ يداي ريجي سميث إلى هذا المرقد المختنق \حسنًا لقد حصلت على روحه، حسنًا أنا لا أخاف الموتى." لم تذكر مانينغ اسم زوجها صراحًة في رواياتها، وعوضًا عن ذلك أشارت إليه باسم "فيلمر سميث" إلا أن هذا الأمر أثار غضبها فيما بعد عندما تم كشفه. وفي مصر ساهمت مانينغ في مجلتين أدبيتين في الشرق الأوسط وهما: "شعراء الصحراء" (بالإنجليزية :Desert Poets)، و"مشاهد واقعية" (بالإنجليزية :Personal Landscapes) اللتين تأسستا بواسطة "برنارد سبنسر"، و"لورانس دوريل"، و"روبن فيدن". وقد سعى هذا الأخير إلى اكتشاف تلك المشاهد الواقعية من خلال تجارب الكتاب في المنفى خلال الحرب. وقد حافظ المؤسسون من أمثال مانينغ على ارتباطهم القوي مع اليونان بدلا من الارتباط الفني والفكري مع مصر. وقد كتبت مانينغ أثناء تذكرها رحيلها من اليونان قائلة"لقد واجهنا البحر\ وعلمنا أننا حتى يوم عودتنا سنكون\منفيين من بلدٍ ليست بلدنا." حرصت مانينغ وزوجها خلال فترة وجودهما في مصر وفلسطين على أن يُحافظا على صلتهما الوثيقة مع الكُتاب اليونانيين اللاجئين. وقد شمل ذلك ترجمة وتحرير أعمال "جيورجيوس سفريس "و"إيلي باباديميتريو". وقد نقلت لنا انطباعاتها عن حال الشعر في القاهرة في ما نشرته بعنوان "شعراء في المنفى" (بالإنجليزية :Poets in Exile) في مجلة "الأفق" (بالإنجليزية :Horizon) ل"سيريل كونولي. ودافعت مانينغ عن الكُتاب من ادعاءات نقاد لندن الأدبيين لأنهم قالوا أن هؤلاء الكُتاب منقطعين عن التطور، وأن أعمالهم قد تم تعزيزها فقط من خلال اتصالهم بالثقافات الأخرى، واللغات، والكُتاب. ولكن تم انتقاد ما فعلته بشدة من قبل أشخاص بارزين من أمثال دوريل الذي اعترض على شعر سبنسر معللا ذلك بأنه يدفع من أجل أن يُمدح شعره. في عام 1942 تم تعيين ريجي مُراقبًا لتصميم وإعداد برامج بالإنجليزية، والعربية في هيئة الإذاعة الفلسطينية في القدس. وكان من المفترض أن يبدأ هذا العمل في الخريف، ولكن في أوائل شهر يوليو تقدمت القوات الألمانية سريعًا في مصر لذلك أقنع مانينغ أن تمضي قدمًا إلى القدس حتى "تمهد الطريق". فلسطين. كان من المفترض أن يقضي الزوجان ثلاث سنوات في القدس، وبعد وصولهما تواصلت مانينغ مع البريد الفلسطيني من أجل الحصول على وظيفة، وبالفعل سرعان ما عُينت كناقدة. أما في الفترة ما بين 1943 و1944 فقد عُينت كمساعدة صحافية في مكتب المعلومات العامة في القدس، ثم انتقلت إلى مكتب المجلس الثقافي البريطاني هناك حيث شغلت ذات المنصب. وواصلت مانينغ العمل على كتابها عن ستانلي وأمين باشا، واستغلت سائقي الجيش الذين كانوا على استعداد أن يقلوا المواطنين بأن زارت كلاً من فلسطين، والبتراء، ودمشق وجمعت المعلومات الأساسية من أجل أعمالها المستقبلية. في عام 1944 حملت مانينغ وشَعَرَ الزوجان بسعادةٍ غامرة. وأصبحت في تلك الفترة أكثر هدوءًا، وأقل نقدًا للآخرين حتى مع أمها التي لطالما كانت علاقتها بها سيئة. وعلى غير العادة شعرت مانينغ بالراحة وأصبحت تخرج للتنزه وترسم حتى أنها أصبحت تحب الحياكة. ولكن في الشهر السابع مات الجنين داخل رحمها، وكما جرت العادة في ذلك الوقت فقد كان لزامًا عليها أن تنتظر لمدة شهرين - مرّا بصعوبةٍ بالغة - حتى تلد وليدها المتوفي. وخلال تلك الفترة كانت تردد بحزن "أنا أشبه بمقبرةٍ متحركة." وبأسىً شديد أصيبت مانينغ بجنون العظمة. ودائمًا كانت خائفة من أن ريجي سوف يتم اغتياله، لكن ريجي كان متأكد من أنها تعاني من انهيارٍعصبي. وفي أكتوبر 1949 رافقها إلى قبرص لقضاء عطلة لمدة شهر، وعند عودتهما إلى فلسطين كانت لا تزال مريضة. لاحظ الشاعر لويس لولر استياء تلك "المرأة الغريبة صعبة المراس"، وسلوك زوجها "الصبور" على الرغم من أن مانينغ كانت تناديه باسمه الأخير طوال هذه الفترة. لقد ترك موت جنينها في نفسها أثرًا لم تتعافَ منه طوال حياتها، وقلما كانت تتحدث أو تكتب عن هذا الأمر، ولم يكن باستطاعتها أن تنجب مزيًدا من الأطفال. لذلك عملت بعد ذلك على توجيه مشاعر الأمومة لديها إلى الحيوانات خاصة القطط. أصيبت مانينغ بالزُحارالأميبي خلال تلك الفترة التي قضتها في الشرق الأوسط، مما أدى إلى دخولها أكثر من مرة مستشفيات في كلٍ من القاهرة وفلسطين. وعندما انتهت الحرب في أوروبا في مايو 1945 قرر الزوجان بسبب حالتها الصحية أنها يجب عليها أن تعود إلى إنجلترا، وبالفعل سافرا معا إلى السويس ثم أبحرت وحدها إلى بلدها. فترة ما بعد الحرب في إنجلترا. قضت مانينغ فترة قصيرة مع والديها الشاعرين بالأسى، ثم انتقلت بعد ذلك إلى شقتها الواقعة في لندن، وكانت بورتسموث آنذاك تتعرض لقصفٍ شديد. وصل ريجي خلال صيف عام 1945 ثم وجد وظيفة له في قسم المختارات في هيئة الإذاعة البريطانية. وفي عام 1947 ضبط المكتب الخامس ريجي باعتباره جاسوس شيوعي ووُضع تحت المراقبة. ووفقًا لسجلاته فإن ريجي كان يعمل من أجل زيادة النفوذ السوفييتي في رومانيا والشرق الأوسط طوال فترة الحرب. لم تكن مانينغ تشارك زوجها في معتقداته السياسية، ولكنها كانت على علمٍ تام بأن هاتفه مُراقَبْ، ولذلك كانت تخشى عليه من أن دعمه المتفاني للشيوعية هذا سوف يؤدي إلى فصله من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". إلا أنه سرعان ما نُقِلَ بعد ذلك من قسم المختارات إلى قسم الدراما لأنه بعيد إلى حدٍ ما عن السياسة. وتوقفت تلك المُراقبة عندما استقال ريجي من الحزب الشيوعيّ وذلك عَقِبَ الثورة المجرية عام 1956. عَمِلت مانينغ أيضًا لدى هيئة الإذاعة البريطانية، حيث أنها كانت تكتب سيناريوهات من روايات كل من جورج إليوت، وأرنولد بينيت، وآدا ليفيرسون. وأكملت كتابها عن ستانلي وأمين باشا الذي أطلقت عليه اسم "رحلة استكشافية لا تُنسى في المملكة المتحدة" (بالإنجليزية :The Remarkable Expedition in the UK)، وكتابها "الإنقاذ المُمانع في الولايات المتحدة" (بالإنجليزية :The Reluctant Rescue in the US) الذي نُشر في 1947، ثم أُعيد إصدارهما في وقتٍ لاحق عام 1985. وعلى الرغم من أن هذا الكتاب نُقِدَ نقدًا بناءً، إلى أنه لا يزال نسبيًا غير معروف. وفي عام 1948 قامت دار النشر "هينمان" بنشر كتابها "النضوج" (بالإنجليزية :Growing Up)الذي يضم عددًا من القصص القصيرة. وحملت إحدى هذه القصص عنوانًا يشير إلى علاقتها مع "هاميش مايلز". وتم الاتفاق على أن يستمر التعاقد مع دار النشر حتى عام 1974. تنقل الزوجان بين عددٍ من الشقق المستأجرة، إلا أنهما في عام 1951 استقرا في منزٍل في شارع جونزوود، وكانا يؤجران شققًا للنزلاء من الباطن كما فعلا مع كلاً من الممثلين :"جوليان ميتشل"، و"توني ريتشاردسون". كانت مانينغ تتعاطى كمية وافرة من شراب الجن مخلوط مع مياه غازية حتى تُخفي خجلها، وكان من الممكن أن تُصبح عضو بارع على الساحة الأدبية في لندن، كما كانت في بداية مشوارها حيث أنها كانت تختلق أمورًا فيها تَبَجُّح مثلا عندما ادعت وجود علاقة أسرية بين "ماري بيلوك لوندس" و" أنتوني برجس " الذي عرض عليها الزواج في صباح اليوم التالي من موت زوجته. وقد ظهر عدم استقرارها أيضًا في أمورٍ أخرى مثل قلقها الشديد بشأن الماديات، وانشغالها بالطرق التي منها ستجني وتجمع الأموال. بعد الحرب لم يكن مانينغ وريجي على حدٍ سواء مخلصان لبعضهما، فمثلًا في الحفلات كان ريجي معتادًا أن يسأل النساء إن كانوا راغبين في لقاءات خارج نطاق الزواج. في حين أن مانينغ ادعت وجود علاقات غرامية بينها وبين كلٍ من "ويليام جيرهاردي"، و"هنري جرين". وسعيت أيضًا وراء المستأجر "توني ريتشاردسون" إلا أن سعيها كان غير متبادل. ولفترة طويلة كان عشيقها هو طبيبها "جيري سلاتري". وقد صُدِمَ ريجي عندما علم بأمر هذه العلاقة، وأحس أنه يجب أن يخذُل زوجته إلا أنه وبعد فترة صعبة تأقلم مع الأمر، وسرعان ما أصبح هو وجيري صديقين مقربين. وبشكلٍ أو بآخر فإن ممارسة مانينغ الفاحشة قد سهّل على ريجي تبرير علاقاته المتكررة، ومن بينهم علاقته الطويلة مع "ديانا روبنسون" التي كانت ستصبح زوجته الثانية. لم تُعِرْ مانينغ خيانة ريجي لها كثيراً من الاهتمام، ودائمًا ما كانت ترد وتقول "أنت تعلم ما الذي يُحبه ريجي". لكن الزوجان لم يعتزما الطلاق أبدًا مؤمنين بأن الزواج هو ارتباط مدى الحياة. أول رواية نُشرت لمانينغ بعد الحرب في عام 1949 كانت بعنوان " فنان وسط المفقودين " (بالإنجليزية : Artist Among the Missing) وفيها استحضرت ذكريات الحياة في الشرق الأوسط، وتلقت أراء نقدية متباينة. عملت مانينغ أيضًا على كتاب سفر أيرلندي بعنوان " شاطئ الأحلام " (بالإنجليزية :The Dreaming shore) الذي صور نشأتها الأنجلو أيرلندية، ولكنه كان بمثابة "عبء ثقيل" عليها لأنه تَطَلَبَ عددٍ من الرحلات المكلفة إلى أيرلندا. وجاء تميز هذا الكتاب بسبب نقله لتطلع مانينغ بأنه سيأتي ذلك اليوم الذي ستكون فيه أيرلندا موحدة. واصلت مانينغ العمل على عددٍ من المؤلفات من بينهم :" مدرسة الحب " (بالإنجليزية : A School for Love) الذي نُشِرَ عام 1951. ودارت قصته حول نشأة ولد في فلسطين أثناء الحرب العالمية الثانية. ولأن مانينغ تثق في رأي زوجها الأدبي كثيرا، ولأنه دائم الدعم والمساندة لها، فقد قال عندما نُشِرَ هذا الكتاب مفتخرًا: "أوليفيا عزيزتي هي ما تستطيع أن تُطْلِق عليها المؤلفة المُعْتَمَدة." وعمومًا فقد لاقت هذه الرواية قبولًا جيدًا، إلا أنها واجهت احتمالية أن تُرفع دعوى قضائية بتهمة القذف والتشهير من قِبَلْ "كلاريسا جرافيس" وذلك لأنهم زعموا أن "ميس بوهن"- وهي واحدة من الشخصيات في الرواية - تعود إلى أختها "روبرت". أكملت مانينغ كتابها عن طريق عمل تقرير لكلٍ من مجلة "المُعاين"، و"صنداي تايمز"، و"المُراقب" و"اللكمة" هذا بالإضافة إلى مجلاتٍ أخرى، فضلًا عن مساهماتها أحيانًا في جريدة "فلسطين بوست". نُشِرَت روايتها الرابعة "الوجه الآخر " (بالإنجليزية :A different Face) قي عام 1953، ودارت أحداثها في مدينة كئيبة قصدت بها بورتسموث مسقط رأسها، وقد عرضت فيها مُحاولات البطل المتعددة لترك بلدته. لم يتلق هذا الكتاب رُواجَا كبيرًا، وكما هو الحال في كثيرٍ من الأحيان شَعَرَتْ بأنها أُهْمِلًت، وأنها لم تتلق الإشادة التي تستحقها. إن عدم ثقتها بنفسها، وسعيها للكمال جعلها إنسانة صعبة المراس وغضوبة. كانت مانينغ أيضًا على درايةٍ تامة بالكُتاب الشباب الذين تفوقوا عليها مثل المؤلفة"إيريس مردوخ" التي كانت تُشاركها اهتمامها بالأطباق الطائرة، إلا أنهما قد جمعتهما صداقة غير مُستقرة لأن مانينغ كانت تَغَار من نجاحاتها. كانت مانينغ تعلم أنها حاقدة، لكنها لم تستطع أن تُغير من طباعها، ودائمًا ما كانت تنتقد اصحابها من الكُتابِ إلى الآخرين. ورغم كل ذلك إلا أنها أحبت وأشادت "بإفي كومبتون بورنيت" التي تعرفت عليها عام 1945 وكانت تُقدر هذه الصداقة بشكلٍ كبير. كانت مانينغ أيضًا تتذمر من دار النشر هينمان، ومن أن زملاؤها لا يُقدروها. حتى أن أنتوني باول قال أنها "أسوأ مُتذمرة في العالم "، وقال الناشر أنها "مؤلفة ليس من السهل أبدًا التعامل معها"، وأطلق صديق عليها لقب "أوليفيا المتبرمة"وهو اللقب الذي تم تداوله بين الآخرين، والذي بدوره أدى إلى زيادة انزعاجها. في عام 1955 نشرت مانينغ " يمامات كوكب الزهرة " (بالإنجليزية :The Doves of Venus) الذي استمدت محتواها من تجاربها في لندن في الثلاثينيات، وفيها شخصية إيلي بارسون، ونانسي كلاي بول اللذان يدلان على مانينغ وستيفي سميث. كانت إيلي فتاة وحيدة تسعى للهروب من أمها التي تُحبطها دائمًا. وبشكلٍ عام تلقى الكتاب إشادات إيجابية، إلا أن مانينغ لم تكن راضية لعل ذلك يرجع إلى تصويرها في الرواية حيث أن ستيفي سميث علقت تعليقا وصفته مانينغ بأنه "نقدًا خبيثًا". وأصبحت الصديقتين المقربتين بالكاد يتكلمن إلى بعضهن البعض، وذلك على الرغم من الجهود التي بذلتها سميث في مُحاولة توطيد العلاقة مرة أخرى. وأخيرا غفرت مانينغ لها على مضضٍ عندما علمت أنها تُصارع مرض الموت وقالت "حسنًا، إن كانت مريضة بحق، فإننا علينا أن نعف عما سلف." وجهت مانينغ كثيرًا من وقتها واهتمامها للحيوانات، وخاصة القطط السيامي التي أحبتها بشدة. وكانت تهتم بصحة وراحة حيواناتها الأليفة، وتأخذهم عند زيارتها للأصدقاء. وكان معها دائمًا زجاجات الماء الساخن لهم في حال انخفضت درجة الحرارة. وكثيرًا ما غيرت الأطباء البيطريين اللذين تتعامل معهم، وقالت ذات مرة لأحدهم "أنا لا أدفع لك لتقول لي أن حيواني هذا لا يُعاني من شيء." بل واستعانت في بعض الأحيان بمن يُبرئ المرض بالإيمان، والدعوات، والصلوات وليس بالطب. هذا بالإضافة إلى أنها كانت داعمة ملتزمة لمنظمات مكافحة العنف ضد الحيوان. وقد تجلى حبها واهتمامها بالقطط في كتابها " قطط فريدة" (بالإنجليزية :Extraordinary Cats) الذي نُشر عام 1967. في شهر ديسمبر من عام 1956 نشرت مانينغ سلسلة مكونة من اثنتي عشرة مسودة هزلية عن ريجي بعنوان " زوجي صانع عربات " (بالإنجليزية : My Husband Cartwright) وظهرت أول مرة في مجلة اللكمة، ولم تلق رواجًا كبيرًا، وكالعادة شعرت مانينغ بالانزعاج وبخيبة الأمل. قدمت مانينغ زوجها في هذا الكتاب قبل ظهوره في "ثروات الحرب". وفي الكتاب وضعت مانينغ أحداث كوميدية كان من شأنها أن أبرزت شخصية ريجي الاجتماعية واهتمامه بالقضايا المجتمعية. "زوجي صانع العربات محب لزملائه، والمحبين لزملائهم من الرجال من الممكن أن يكونوا مثيرين للسخط[….] عندما كان يُلقي محاضرات في الخارج، كان يستاء من عددٍ من "المشاهد" وخاصة "الغير مجدية" منها الآثار والقبور. قد تفترض أنه لولا وجود مثل هذه الإلهاءات كطبريا مثلًا، ووادي الملوك، وفيلا هادريان، فإن السُياح في الخارج كانوا سيتفرغوا فقط للتخفيف من حدة الفقر". ثلاثية البلقان وأعمال أخرى. عملت مانينغ بشكلٍ أساسي في الفترة ما بين 1956 و1964 على "ثلاثية البلقان" (بالإنجليزية :the Balkan Trilogy)، وهي سلسلة مكونة من ثلاث روايات مستوحاة من تجاربها خلال الحرب العالمية الثانية، وكالعادة فقد تلقت دعمها وتشجيعها من ريجي. وصف كتابها زواج هارييت وغاي برينغل اللذين عاشا وعَمِلا في رومانيا واليونان، ثم ختمت كتابها بهروبهما إلى الإسكندرية وذلك قبل تقدم الألمان. "غاي" هو رجل رائع وصعب الإرضاء في آنٍ واحد، أما "هارييت" فقد كانت امرأة ذات شخصية مغرورة وغير صبورة، وتنتقل من العاطفة المبكرة إلى قبول الاختلاف. وصفت مانينغ كتبها بأنها عبارة عن فصولٍ طويلةٍ لسيرة ذاتية، وأن إصداراتها الأولية كُتِبَت باستخدام ضمير المتكلم، وكان لها أيضًا قصص خيالية جديرة بالملاحظة. في بداية الحرب كانت مانينغ تبلغ من العمر 31 عامًا وريجي 25، أما هارييت برينجل فقد كانت 21 عامًا وزوجها يكبرها بعامٍ واحد. كانت مانينغ تكتب لأن ذلك كان عملها أما إبداعها فقد كان موهبة. تلقى المجلد الأول من ثلاثية البلقان "الثروة الهائلة " آراءً نقدية متباينة، ولكن النقاد أشادوا بالمجلدين الآخرين: "المدينة الفاسدة" و"الأصدقاء والأعداء". وذكر أنطوني برجس أن مانينغ "واحدة من أبرع الروائيات عندنا"، وعقدت مقارنات بينها وبين لورانس دوريل، وغراهام غرين، وايفيلين وو، وأنتوني باول. وتعالت أصوات منتقدي مانينغ، ما أشعل غضبها كالعادة. بعد نشر المجلد الأخير من ثلاثية البلقان عام 1965، عملت مانينغ على مذكرات قطتها ومجموعة من القصص القصيرة منها "بطل رومانسي" و"قصص أخرى" حيث نشرت في عام 1967. ظهرت أيضًا رواية لها بعنوان "غرفة اللعب" (التي نُشرت مثل "فتيات كامبرليا في الولايات المتحدة") في عام 1969. احتوى كتابها عن القصص القصيرة و"غرفة اللعب" على فكرة اهتمت بها مانينغ وهي انجذاب الشخص جنسيًا للأمثال من الجنس نفسه. لم يكن اكتشاف ناجح لحياة واهتمامات المراهقين على الرغم من أن الآراء النقدية عمومًا جاءت مشجعة. وتم اقتراح فكرة أن يُصدر منه فيلم، وبالفعل طلبت "كين أناكين" منها أن تكتب السيناريو. كان الفيلم يحوي مشاهدًا جريئة أكثر بكثير من الكتاب، وتم تجهيزه قبل نفاذ المال. أما النسخة الثانية كان لها سيناريو مختلف تمامًا، وقد طُوِرًت أيضًا ولكن بلا جدوى. قالت مانينغ مُعقبةً على هذا الأمر "لقد انهار كل شيء، لقد أضعت الكثير من الوقت، وهناك أشياء لا تستطيع أن تبذل جهدًا لتفعلها عندما تكون في الستين". قالت ذلك محاوِلةً التعتيم على سنها لأنها في الواقع كانت تبلغ من العمر اثنين وستين عامًا. ثلاثيةالمشرق العربي. طرأ عدد من التغييرات على عائلة مانينغ في السبعينيات، فقد انتقل الزوجان إلى شقة أصغر بعد تقاعد ريجي المبكر من هيئة الإذاعة البريطانية، وتم اختياره عام 1972 ليكون محاضرًا في جامعة ألستر الجديدة في كوليرين. وقد عاش الزوجان بعيدًا لفترةٍ طويلة، كما رفضت مانينغ فكرة الانتقال إلى أيرلندا. دائمًا ما كانت مانينغ تُراقب الحياة عن كثب، وتمتعت بذاكرةٍ فوتوغرافية، حيث قالت لصديقها "كاي ديك" ذات مرة "أنا أكتب بناءً على تجاربي، ليس لدي خيال، ولا أظن أن هناك أي تجربة قد خضتها ولم تُدَون"، وبالرغم من ذلك فإن روايتها "الغابة المطيرة" (بالإنجليزية :The Rain Forest) التي نُشرت في عام 1974 قد أظهرت موهبتها الإبداعية في تجسيدها لجزيرةٍ خيالية وسكانها في المحيط الهندي. وتمثل أبطال الرواية في زوجين بريطانيين ذكر الكتاب تجاربهما الشخصية والمآسي التي عاشاها في مواجهة فترة النهاية العنيفة للحكم البريطاني الاستعماري. صُنِفَ هذا الكتاب بأنه واحدًا من أعمالها الأقل شهرة، وشعرت مانينغ بخيبة أمل أنه لم يُرشح لنيل جائزة بوكر الأدبية. بدأت مانينغ العمل على "الشجرة الخبيثة" (بالإنجليزية :The Danger Tree) التي وصفتها في ذلك الوقت بأنها "الجزء الرابع لثلاثية البلقان" إلا أنها أصبحت الجزء الأول من ثلاثية المشرق العربي، وفيها أكملت قصة البرينجلز في الشرق الأوسط. كان هذا الكتاب بمثابة "صراعًا طويلًا" لمانينغ حتى تنتهي منه وذلك بسبب فقدانها الثقة في مقدرتها على التخيل. وقد ضم الكتاب تجارب الضابط الشاب "سيمون بولديرستون" في حرب الصحراء. بيد أن حياة عائلة برينجلز والظروف المحيطة بهما كانت أكثر أمانًا. كانت مانينغ مفتونة بالعلاقات الأخوية، وتذكرت موت شقيقها، وذكرت في كتابها العلاقة بين سيمون وأخيه هوغو. وشعرت بأنها لا تمتلك القدرة الكافية للكتابة عن الجنود والمشاهد العسكرية. وقد جاءت الآراء النقدية الأولية لتعضض هذا الأمر حيث أنهم وجدوا أن كتاباتها غير مقنعة وغير محتملة الوقوع. إلا أن التقييمات اللاحقة جاءت مقبولة إلى حدٍ كبير. على الرغم من أن بعض أجزاء من الكتاب كانت محض تخيل، إلا أنها وظفت أيضًا أحداث واقعية، ومثال ذلك ما جاء في الفصل الأول من كتاب "الشجرة الخبيثة" وفيه وصفت الموت العرضي لابن السير ديزموند والسيدة هوبر. وفي الواقع قُتل ابن السير والتر والسيدة إيمي البالغ من العمر ثماني سنوات في عام 1943عندما كانوا في نزهة صحراوية وقام الولد بالتقاط عصا صغيرة كانت في الواقع قنبلة. وجاء في الرواية أن الوالدين الشاعرين بالأسى حاولا أن يُطعما الصبي من خلال فُتحة في خده. شعرت مانينغ بالاستياء لفترةٍ طويلةٍ من عدم مقدرة سمارت في أن يضمها هي وزوجها لدائرة معارفه من الفنانين في القاهرة. وقُوبِلَ هذا التصرف بازدراء شديد حتى من قِبَلِ أصدقائها الذين شعروا بالغضب أيضًا من أن السيدة سمارت الهادئة الوفية كان لها صلة قوية بالسيدة هوبر التي لم تكن على وفاق مع مانينغ. على الرغم من أن كلًا من السير والتر وزوجته قد توفيا قبل نشر هذه الرواية، إلا أن ناشر مانينغ تلقى رسالة من محامٍ مكتوبة بالنيابة عن أسرة سمارت وفيها اعتراض على هذا المشهد، وتُطالب بعدم الإشارة بعد ذلك إلى هذا الحدث أو إلى الزوجين في أي أعداد قادمة. إلا أن مانينغ تجاهلت كلا الطلبين. وقد اعتمدت في شخصيتها "أيدن برات" على الممثل، والكاتب، والشاعر"ستيفن هاغارد" الذي تعرفت عليه أثناء وجودها في القدس. وقد قام هاغارد – مثل برات- بعملية انتحارية على متن القطار الواصل بين القاهرة وفلسطين. بالنسبة لهاغارد فقد كان انتحاره هذا عقب نهاية علاقته بامرأة مصرية جميلة، أما برات فكان بعد علاقة حب غير متبادل من نفس الجنس. بعد سنوات كانت مانينغ تشتكي فيها من ناشرها هينمان، انتقلت إلى ويدنفلد ونيكلسون واستمرت معهم حتى نهاية حياتها. كانت "الشجرة الخبيثة" واحدة من نجاحات مانينغ الأساسية المهمة، لكن مانينغ كانت تشعر بالإحباط من أن روايتها لم تُرشح لنيل جائزة بوكر. واختارت جريدة اليوركشاير بوست هذه الرواية على أنها أفضل رواية لهم لعام 1977, وجاء هذا القرار عقب اختيارها عام 1976 لتحصل على وسام الصليب الحديدي من الدرجة الثالثة. استعانت مانينغ بمذكرات المشير مونتغمري التي ساعدتها كثيرًا ووجدت أن تصوير مشاهد الحرب أصبح أسهل بكثير أثناء كتابتها للمجلد الثاني من ثلاثية المشرق العربي بعنوان "المعركة خسارة وفوز". وبعد بداية بطيئة كتبت مانينغ بيقين وسرعة أكبر، وانتهت من كتابها في فترةٍ قياسية وهي سبعة أشهر فقط، ثم نُشرت عام 1978. تتبع الكتاب عائلة برينجلز في الوقت الذي كان فيه رومل والفيلق الأفريقي يتجهون نحو الإسكندرية، وهو المكان الذي كان جاي يُدَرِس فيه. وظلت مصر مكان متميز لتبادل الجنسيات، وبدأ زواج البرينجلز ينحل شيءًا فشيءًا. السنوات الأخيرة. تأثرت مانينغ كثيرًا بموت عشيقها المفاجئ "جيري سلاتري" في عام 1977، حيث ظل صديقها المقرب لأكثر من ربع قرن. كانت سنوات مانينغ الأخيرة صعبة بسبب تدهور صحتها، فقد عانت كثيرًا من التهاب المفاصل الذي أدى إلى استبدالها مفصل الورك في عام 1976، وفي عام 1979 ساءت حالتها الصحية جرّاء إصابتها بالدوسنتاريا الأميبية عندما كانت في الشرق الأوسط. وبدأت مانينغ العمل على الرواية الأخيرة من ثلاثية المشرق العربي "خلاصة الأمور" التي وافقت فيها هارييت على أن تُبحر عائدة إلى بلدها "المملكة المتحدة"، ولكنها عندما علمت أن عليها أن تُودع جاي غيرت رأيها. ووصفت الرواية رحلات هارييت لكلٍ من سوريا، ولبنان، وفلسطين، ووصفت أيضًا معيشة جاي في القاهرة بعدما زعم أنه سيصبح أرمل عندما سمع عن غرق سفينة هارييت، ثم ذكرت إصابة سيمون بولديرستون وتعافيه أثناء معركة العلمين. نُشِرَ كتاب "خلاصة الأمور" بعد موتها في 4 يوليو 1980 إثْرَ إصابتها بجلطة دماغية حادة أثناء زيارتها لأصدقاءٍ لها في جزيرة وايت. وتوفيت في المستشفى في 23 يوليو، وكالعادة تم استدعاء ريجي من أيرلندا لأنه لم يكن موجود أثناء موتها. لم يتحمل "فراقها" لذلك ذهب إلى لندن حتى يُبْقِى نفسه مشغولاً. طالما توقعت مانينغ أن ريجي- دائم التواني- سيتأخر عن جنازتها، وبالفعل كاد أن يتأخر. أما في فترة الحداد اعترى ريجي كثيرًا من التحولات المفاجئة، فكان مُراوحا بين النواح والضحك بشكلٍ هستيري. وتلك هي ردة الفعل ذاتها التي تخيلتها مانينغ لجاي برينغل عندما تلقى خبر وفاة هارييت المزعوم في رواية "خلاصة الأمور". حُرقت مانينغ ودُفن رمادها في بيلينجهام مانور في جزيرة وايت. كانت مانينغ تشتكي كثيرًا من قلة الاعتراف بها ككاتبة، ولم يُجبِرْ خاطرها ما ذكره زوجها وأصدقائها لها بأنه سوف يتم الاعتراف بموهبتها، وستُقرأ أعمالها لمدة سنوات قادمة، وجاء ردها "أنا أريد أن أكون مشهورة الآن، الآن". ولكن اشتهرت مانينغ وتزايد عدد قراءها بشكل كبير بعد وفاتها. وقد ظهر مسلسل تلفزيوني بعنوان "ثروات الحرب" بطولة إيما تومسون، وكينيث براناه وعُرض أخيرا في عام 1987 حيث كان له كبير الأثر في أن يُقدَمْ عملها لجمهورٍ أكبر. أعمالها الفنية. مدى قبول أعمالها. على الرغم من أن أعمال مانينغ كانت نادرا ما تُقرأ، ولم تتلق اهتماما كبيرا من النقاد، إلا أن "ثروات الحرب" اشتهرت بعد وفاتها. واستمر طبع نسخ جديدة لبعض كتبها مثل "ثروات الحرب"، و"مدرسة الحب"، و"يمامات كوكب الزهرة"، و"الغابة المطيرة"، و"بطل رومانسي". وتُرجِمَتْ أيضا بعض من رواياتها - على رأسهم "ثروات الحرب" - إلى الفرنسية، والألمانية، والفنلندية، والسويدية، والدنماركية، والإسبانية، واليونانية، والرومانية، والعبرية. وتماما كما حدث أثناء حياتها فقد تباينت الآراء إزاء أعمالها، فذهب البعض إلى أن كتبها "تُعاب بسبب الانغماس في الملذات، وقلة محاسبتها لنفسها"، وأسلوبها النمطي في النقد، بالإضافة إلى تصوير الجماعات العرقية والدينية بشكل كاريكاتوري ساخر. وأثنى الآخرون قليلا على رواياتها بأنها مقنعة وذات تطلع، وأن تصويرها للشخصيات ممتاز. تناولت رواياتها مواضيع السفر، والمغامرات الطويلة، ورحلات النشدان على الصعيدين الحرفي والمجازي. وتجلت قدرة مانينغ الرائعة في مقدرتها على "استعادة ذكريات الأماكن" وشملت الجوانب المادية، والثقافية، والتاريخية وقد أعجبت الناس بشكلٍ كبير. حيث أثنى الناقد والتر آلين على "رؤيتها للعالم الواقعي بعيني فنان." ثروات الحرب. أفضل أعمال مانينغ كانت عبارة عن ست كتب جُمعوا تحت عنوان"ثروات الحرب"، ووُصفوا بأنهم "أكثر الروايات التي بُخس قدرها في القرن العشرين"، ووُصِفَتْ المؤلفة بأنها "واحدة من بين أبرع كُتّاب الروايات المُسَلْسَلَة في القرن العشرين". كتبت مانينغ " ثلاثية البلقان" أثناء الحرب الباردة التي كانت بعد ستة عشرة عامًا من الفترة المذكورة، والتي دارت أحداثها في كلٍ من رومانيا واليونان، لتصبح واحدة من أهم الأعمال الأدبية في المنطقة خلال فترة الحرب. إلا أنها انتُقِدَتْ بسبب تصويرها للبلقان أثناء فترة الحرب الباردة، وأيضًا بسبب عجزها عن "إخفاء كراهيتها لكل شيء روماني." أما "ثلاثية المشرق العربي" فقد دارت أحداثها في الشرق الأوسط، وتم الإشادة بها بسبب تصويرها الدقيق لتجربة سيمون بولدرستون في حرب الصحراء، وزواج البرينجلز أثناء الأحداث العالمية الهامة. وأُعيد طبع مقتطفات من رواياتها لتُضَم إلى مجموعة من كتابات النساء عن الحرب. وقد زعم "ثيودور شتاينبرغ" أن ثروات الحرب من الممكن أن يُنظَرَ إليها باعتبارها رواية ملحمية، بسبب نظرتها الشاملة، وطاقم التمثيل المتكامل المكون من شخصيات ممتعة أصبحت كنقطة محورية في التاريخ. وكما هو الحال في القصص الملحمية الأخرى فإن كتبها عرضت تداخل الأفكار الشخصية والوطنية. وكان هناك إشارات متكررة إلى سقوط طروادة، شملت إنتاج جاي برينغل لمسرحية شكسبير "ترويلوس وكريسيدا" وفيها مَثَّلَ البريطانيين المنفيين أنفسهم، في حين أن أوروبا ورومانيا مَثَلوا مدينة طروادة المنكوبة. يرى شتاينبرغ أن كتبها تتحدى أيضًا ما اعتادوا عليه بأن الرجل هو من يسرد وقائع الحرب في الرواية الملحمية إلا أنها عرضتها من خلال عيون شخصية نسائية. "وكثيرًا ما تعارضت معتقداتها مع معتقدات الرجال المحيطين بها." وفي المقابل فقد رأى آدم بيتي أن تسلسل هذه الرواية يدل على أنها ملحمة فاشلة. ظهرت نتائج الحرب الباردة التي تهدف إلى قمع التغيير في "إشفاق هارييت الشديد على نفسها بسبب زواجهما"، أما عدم التعرض لموضوع راديكالية الحرب ومصير ضحاياها فقد مُثِلَ عن طريق جاي واندماجه السياسي. أعمالها الأخرى. لم تكن أعمال مانينغ الأخرى أقل أهمية من ثلاثياتها السابقة. فروايتها "الرياح تتغير" دارت أحداثها قبل الحرب في أيرلندا عام 1937 وكان لها السبق من بين أعمالها المستقبلية في "إشاراتها الضمنية لطبيعة العلاقات التي وُجِدَتْ أثناء الحرب". في البداية تم اعتبار أعمالها التي كتبتها في مرحلة ما بعد الحرب، والتي صورتها تارةً داخل بلادها وتارةً خارجها بأنها ليست الخطوة المثلى في توضيح آرائها عن حرب المنفيين وكيفية الكتابة عنهم. وقد تخلل الجمود والاستياء رواياتها وقصصها التي وقعت في كلٍ من إنجلترا وأيرلندا، أما أعمالها الأخيرة التي كتبتها في الخارج فقد أبرزت ما تميزت به من إثارة ومغامرة. دارت أحداث كتاب" فنان بين المفقودين "1949، و"مدرسة الحب "1951 في القدس، وكان ذلك هو أول نجاح لها من حيث المبيعات ومن حيث آراء النقاد أيضًا. بالإضافة إلى أنها كانت بمثابة خطواتها الأولى نحو اكتشافها عدد من الموضوعات كالحرب، والاستعمار، والإمبريالية البريطانية. كان لمانينغ آراء نقدية، ومؤلفات مخصصة للراديو وسيناريوهات، بالإضافة إلى عددٍ من الكتب الواقعية. وقد لاقى كتابها "رحلة استكشافية لا تُنسى"1947 رواجًا كبيرًا، حيث أنه تناول قصة أمين باشا وهنري ستانلي، وتم الإشادة به عندما أعيد إصداره عام1985 بسبب قصته المعبرة وطبعه الفكاهي. تلقى كتاب رحلاتها عن أيرلندا الذي كتبته بعنوان "شاطيء الأحلام"آراء نقدية متباينة حتى من صديقها القديم لويس مكنيس. ولكن فيما بعد أعجبوا بمقتطفات من هذا الكتاب وغيره من مؤلفاتها عن أيرلندا وتم جَمْعُها. أما كتاب مانينغ "القطط الفريدة"1967 فقد تحدثت فيه عن حيواناتها الأليفة وشدة حبها لهم. وجاء تعليق ستيفي سميث في جريدة الصنداي تايمز فيما بعد لتتهم كتاب مانينغ بأنه كان "عاطفي بشكل أكبر من وضعها الحقيقي." وقد نشرت أيضًا مجموعتين من القصص القصيرة : "النضوج"1946 وقد أشيد بها على نحوٍ رائع، و"بطل رومانسي" وقصص أخرى 1967، واحتوت الأخيرة على ثماني قصص حزينة من مجلدها السابق. مواضيعها. الحرب. على عكس قصص النساء التي تناولت موضوع الحرب في تلك الفترة، لم تسرد أعمال مانينغ تفاصيل الحياة في الجبهة الداخلية، وإنما اهتمت قصصها - عن أيرلندا والحرب العالمية الثانية - بأوضاع المحاربين والمدنيين داخل الحدود وخارجها. من وجهة نظر مانينغ : الحروب هي معارك تحدث من أجل فرض السيطرة والاستيلاء على الأراضي." ومن خلال كثرة الصور والخيالات التي أوردتها مانينغ عن الحرب، ذَكّرَتْنَا بأن الحروب القائمة من أجل الحصول على الأرض كانت دائمة." لم تفخر كتب مانينغ بالبطولة البريطانية، ولا ببراءة المدنيين، وإنما ركزت على أسباب ومخاطر الحرب التي تأتي من الداخل مثلما تأتي من الخارج، وأخطر التهديدات التي أتت زملائهم البريطانيين. صورت مانينغ رجال الجيش بأنهم أبعد ما يكون عن الشجاعة، وصورت الترانيم البريطانية الرسمية بشكلٍ هزلي. وسردت وقائع الصراع القائم في "ثروات الحرب" من خلال وجهة نظر امرأة مدنية مُراقِبَة لما يجري، وأوردت في كتبها بعد ذلك رؤية الجندي سيمون بولدستيرون للحرب. تباينت الآراء النقدية التي تلقتها مانينغ إزاء نجاحاتها في تصوير مشاهد الحرب في كتابها "ثروات الحرب". حيث جاءت أولى الآراء من " أودين وو"، و"هيو ماسي" منتقدة أعمالها التي رآها غير واقعية وغير محتملة الوقوع. لكن النقاد فيما بعد وصفوا تصويرها للحرب بأنه حيوي، ومحرك للمشاعر، ومقنع إلى حدٍ كبير. كانت كتبها بمثابة إدانة للحرب وأهوالها. وفي عام 1954 علق ويليام جيرهاردي على "فنان وسط المفقودين" قائلًا "أنها حرب رُصِدَت من خلال مجال ضيق جدًا لدرجة أن العدسة أشعلت كل شيء حتى الورقة." اهتمت مانينغ كثيرًا بموضوع استمرارية الحياة، وذلك لمعاصرتها وقائع الموت والفناء وما لازمهما من ترويع للمدنيين وللحنود أيضًا. ولعل تكرارها للقصص، والأحداث، والوفيات قد أعطى "انطباع بأن حياة الناس قد حوصرت في حربٍ لا نهاية لها" وليس لها نهاية تلوح في الأفق. الاستعمارية والإمبريالية. زوال الإمبراطورية البريطانية هو الموضوع الرئيسي الذي تناولته مانينغ في أعمالها. وقد عارضت كتبها موقف التاريخ الإمبرياليّ والحتميّ، وواجهته بفكرة إمكانية التغيير لأولئك اللذين شُرِدوا بسبب الاستعمار. اتخذت أعمال مانينغ موقفًا قويًا ضد الإمبريالية البريطانية، وانتقدت بشدة كلًا من العنصرية، ومعاداة السامية، والاضطهاد الذين وُجِدوا في نهاية حقبة الاستعمار البريطاني. وكَتَبَ شتاينبرغ "أثبت نظام الإمبريالية البريطاني أنه نظام فاسد، ويهدف لخدمة نفسه فقط، ولا يستحق أن يُحل فحسب وإنما هو بالفعل على حافة الهاوية." معظم الشخصيات البريطانية في روايات مانينغ افترضت شرعية بريطانيا العظمى والإمبريالية، وعاشوا في نضال مع أحوالهم كمستبدين غير مُرحب بهم في بُلدان حُمِلَت مضطرة على أن تُرحب بنفوذ المستعمر. ومن هذا المُنْطَلق فقد هُمِشَت شخصية هارييت ليس فقط لكونها مغتربة، وإنما أيضًا لأنها امرأة، وفي الحالتين عاشت كظالمة ومظلومة. في حين أن شخصيات أخرى مثل جاي، والأمير ياكيموف، وصوفي سَعَوَا لفرض أشكال مختلفة من القوة والسلطة على الآخرين وهو ما عكس- بشكل مصغر - الصراعات الوطنية، وإمبريالية الإمبراطورية البريطانية. طالما كتب فيليس لاسنير بتوسع عن مؤلفات مانينغ من منظور الاستعمارية وما بعد الاستعمارية، حيث أشار أنه حتى الشخصيات العاطفية ليس لهم عذرا في تواطئهم كمستعمرين. وجاءت ردود البرينجلز مؤكدة " أن العلاقات بينهم كمستعمرين منفيين وبين المُستَعْمَر سيئة." وعلى الرغم من إشارتها للمصريين بشكلٍ بسيط ومباشر في "ثلاثية المشرق العربي"، إلا أنهم أكدوا الذاتية لبلادهم. في كتابها "فنان وسط المفقودين" 1949، صورت مانينغ التوترات العرقية التي نشأت عندما اختلطت الإمبريالية بتعدد الثقافات، تمامًا كما قيّمت المأزق السياسي في رواياتها الأخرى عن الحرب، حيث صورت بريطانيا وهي تسعى لهزيمة العنصرية النازية مع إصرارها على الاستغلال الاستعماريّ البريطانيّ. أما "مدرسة الحب"1951 فهي حكاية تتعلق بصبي يتيم ورحلة تحرره من الوهم في مدينة عربية. وقد جُسِدَت اليهودية، والقمعية، وصور من الاستعمارية في شخصية ميس بوهن الباردة، المُعَادية للسامية، التي تتظاهر بالورع. لم تكتفِ مانينغ بمناقشة هذه المواضيع في رواياتها الرئيسية التي دارت أحداثها في أوروبا والشرق الأوسط، وإنما ناقشتها أيضًا في رواياتها الأيرلندية مثل "الرياح تتغير"1937، والثماني قصص القصيرة التي كتبت معظمهن في بداية مشوارها المهني. وعكست أعمال مانينغ وجهة نظرها المعروفة بشأن سلوكيات الاستعماريين حيث أنها وصفت الجنوبيين الكاثوليكيين بأنهم وحشيين، وبدائيين ومتمردين، على عكس الشماليين الذين يعيشون حياة جيدة وذات كفاءة. كافحت الشخصيات الرئيسية النازحة - التي لم تكن قيّمها مقبولة - من أجل أن تجد لها مكان ضمن الفئات المجتمعية. واشتهرت مانينغ أيضًا بسبب تركيزها الشديد على الأثر الذي خلفه انتهاء الحكم الاستعماري. وقد أورد كتابها "الغابة المطيرة" 1974 نظرة متشائمة للغاية، حيث أنها هجت فيه القيم البريطانية الوافدة على جزيرة خيالية، وانتقدت أيضًا المتورطين في حركة الاستقلال عن طريق وضع نظرة حقيقية لمستقبل الجزيرة المُتَوَقع بعد فترة الاستقلال. الانزياح والآخرية. كانا التشرد والاغتراب من المواضيع المألوفة في كتب مانينغ. وقد تميزت شخصياتها بانعزالهم عن الآخرين، وبُعدهم الجسديّ والعاطفيّ عن العائلة والمحيط العائلي، وببحثهم الدائم عن مكان للانتماء إليه. لعل أزمة الهوية هذه تعكس شخصية مانينغ كابنة لأمٍ أيرلندية وضابط بحرية بريطاني. وقد قالت مانينغ في مقابلة معها عام 1969 "أنا حقًا لا أعلم من أنا، لم أشعر قط بانتمائي لأيٍ من المكانين." خلق الصراع الموجود -في روايات مانينغ عن الحرب- قلقًا مضاعفًا، ووحشة عاطفية، وتشرد عاطفيّ ومكانيّ، بالإضافة إلى أن شخصياتها لم تستطع أن تتواصل مع بعضها البعض. لاحظت إيفي باتن في أعمال مانينغ "سيادة جو من الاستجابة النفسية"، وتناولها لموضوعات اللاجئين كثيرا. إن أعمالها الأدبية المبكرة التي اهتمت بتناول موضوع التشرد قد عُززت بتجاربها المروعة التي خاضتها كلاجئة أثناء فترة الحرب. ومن خلال سفرياتها رأت مانينغ أن لاجئي الحروب الأخرى قد مروا بمحنٍ أسوأ منها بكثير، مثل من طالب بحق اللجوء من اليهود الذين غادروا رومانيا على متن سفينة الستروما. كان للمنفى منافع ألقى بظلالها على الأدباء اللاجئين كمانينغ، حيث أنها تعاملت مع ثقافات مختلفة، ووصفت الشعر البريطاني في تقييمٍ لها عام 1944بأنه " أضفى طابع الحضارة القديمة العظمى." ورغم ذلك فقد عكست كتاباتها قلقها العميق إزاء واقع معظم اللاجئين حيث أنها صورتهم بأنهم " آخرين ثُبِطَتْ عزائمهم وأهينوا"، لتتحدى بذلك التصور الغربي الكيّس عن الاستقرار والجنسية. صُنفت مانينغ بأنها كاتبة مستشرقة، ودائمًا ما يُؤَكِدْ تصويرهم للثقافات الأخرى حبهم للأشياء الغريبة، وتصويرهم للمشاهد الأجنبية المتميزة. ظهرت هذه الخصال جلية في رواياتها التي وقعت أحداثها في رومانيا، وفيها لاحظ العلماء وصفها رومانيا بأنها بلد غريب "آخر". ورومانيا هي إرث الإمبراطورية العثمانية التي تحدها حدود أوروبا المتحضرة، وحدود الشرق الغير متحضرة. وقد أدى تصورها السلبي عن رومانيا " الآخر" تصوير سكانها كأنهم أطفال ويعيشون حياة منحلة، والنساء فاسقات وسلبيات، وبيئتهم فاسدة، ووحشية، وجامحة. وعلى النقيض فقد جاء تصويرها لليونان وأوروبا الغربية إيجابي حيث صورتهم في كتبها الأخرى بأنهم مركز الحياة المنظمة والحضارية. وبرغم الإبقاء على البناء الاستعماري الغريب في الأدب الغربي، فإن "الآخرية" قد ألفت بشكل كبير من خلال شخصيات عُرفت بتأثيرها الأكبر على البلد، ولها صلة بالثقافة الغربية. وقد أدى تصويرها لرومانيا إلى أن قُيدت "ثروات الحرب" لكونها كتابات مثيرة للفتنة كُتِبَتْ في ظل الحكومة الشيوعية الرومانية. النوع الاجتماعي والنسوية. ليس من السهل تصنيف كتب مانينغ ضمن قائمة الأعمال النسوية. حيث أنها لم تتعاطف مع الحركة النسوية عندما كانت تدعم حقوق المرأة وخاصة حقها في المساواة في الأجور الأدبية، وكتبت أنهن "يَعْرِضْنَ أنفسهن، ولا يستطع أحد القول بأنهن جميلات، حيث أن معظمهن لديهن أوجه تُشبه العصيدة." استُخْدِمَتْ كلمة "نسائي" في كتب مانينغ بشكل فيه استخفاف، وجنحت إلى ارتباط الأنثى برضاها الذاتي، وحماقتها، ودهاءها، وخداعها. أما وفاء النساء فقط ظهر بوضوح في الأدوار التقليدية للزوجة والأم، وحيز اهتمامها الشخصي. لاحظت اليزابيث بوين أن مانينغ "كانت أشبه بالرجل أثناء خوضها لتجاربها" مما أثر على كتاباتها المتعلقة بالنساء والحرب. ولم تُظْهِر مانينغ نفسها على أنها امرأة كاتبة، وإنما ككاتب عُرف بالصدفة المحضة أنه امرأة. وفي بداية مشوارها المهني قامت بإخفاء هويتها كامرأة عن طريق استخدام اسم مستعار والأحرف الأولى من كل اسم. وقد وجدت مانينغ أنه من الأسهل خلق شخصيات ذكورية. وعمومًا فإن رواياتها نزعت إلى تقليص الاختلافات بين الجنسين، حيث أنها كتبت عن الناس عامة أكثر من كتابتها عن النساء على وجه الخصوص. فمثلًا خاضت هارييت برينجل عدة تجارب من اكتشافها لذاتها، وشعرت بالتمكين كفرد بشكل أفضل من تضامنها النسوي مع بنات جنسها. ودار كتاب مانينغ "يمامات كوكب الزهرة" 1960 حول صداقة مانينغ مع ستيفي سميث، وأظهرت الشخصيات النسائية "غضب الخمسينيات الذي غالبًا ما ارتبط...بالشبان". وقد علقت "تريجلون" على كتب مانينغ الأولية لأنها كانت تقترب بشكلٍ عام من موضوع الجنس، وغالبًا ما كانت تبدأ الشخصيات النسائية بهذا الأمر. لكن نهجها هذا أصبح أكثر صراحًة في مجلداتها اللاحقة مع تصويراتها المبطنة عن الجنس، والشهوانية، والإحباط الجنسي في "ثروات الحرب". إن عالم النفس اليونغي "ريتشارد سوج" قد فسر تصرفات الشخصيات النسائية في أعمال مانينغ بأنهن يعاقبن أنفسهن بسبب تخطيهن المعيار المُتعارف عليه في المجتمع بخصوص النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى مشاعرهن الشهوانية. وفي المقابل افترضت تريجلون أن هذه الأعمال عكست حزن مانينغ المستمر بسبب ابنها الذي وُلِدَ ميتًا. الوئام المدني هو عبارة عن مشروع اصلاحي اقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد توليه الحكم في 13 يوليو سنة 1999 يشمل العديد من المواد وذلك بغية النهوض بالبلاد من حالة اللاأمن التي كانت آنذاك وإقامة مصالحة وطنية شاملة تمحو آثار عشرية سوداء التي مرت على الجزائر. اسباب اصدار القانون. خلال أكثر من عشر سنوات كانت عسيرة على الشعب الجزائري دخلت الجزائر في دوامة من العنف والفوضى، وتخريب وتدمير للمنشآت العمومية من تنفيذ الجماعات الإرهابية. دام هذا الوضع المؤسف تقريبا عشر سنوات تداول خلاله على السلطة عدد من الرؤساءوهم كل من محمد بوضياف علي كافي الذي لم تدم مدة حكمه فترة طويلة وصولا إلى اليامين زروال، عملوا كلهم على إخماد نار الفتنة وذلك بإدخال بعض الإصلاحات الاقتصادية قصد تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وبالتالي ضمان السلم والأمن والاستقرارلكن اغلب المحاولات باءت بالفشل لعدم توفر قاعدة صحيحة لهذه الإصلاحات وبناء استراتيجة متينة للحوار مع الجماعات الارهابية والنهوض بالبلاد من هذه الدوامة التي اتت على الأخضر واليابس . وفي سنة 1999اانتخب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا رابعا خلال هذه الفترة المؤلمة، وضع الشعب الجزائري كل الآمال فيه ليجد مخرجا سلميا لهذه الأزمة وقد حاول سيادة الرئيس منذ وصوله إلى سدة الحكم إيجاد حلول فعالة لإعادة السلم والامن للبلاد وكان هذا من أبرز الوعود التي قالها للشعب عند انتخابه وبعد فترة وجيزة من توليه الحكم اصدر بوتفليقة قنون الوئام المدني. طريقة التصويت عليه. أصدر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة القانون المتعلق بالوئام المدني بالصيغة التي صوت عليها مجلس الأمة. وصادق المجلس القضائي الشعبي الوطني من قبل على قانون الوئام المدني بـ 288 صوتا مؤيدا بينما امتنع 16 عضوا عن التصويت ولم يتم تسجيل أي صوت معارض للمشروع. من جهته، صادق مجلس الأمة على مشروع القانون حول الوئام المدني بـ 131 صوتا مؤيدا بينما امتنع 5 أعضاء عن التصويت ولم يتم تسجيل أي صوت معارض للمشروع. و بالتالي، عزز البرلمان بتصويته على مشروع القانون بالأغلبية الساحقة مبادرة الرئيس الرامية إلى إقرار الوئام المدني . و لجأ رئيس الجمهورية وفقا لالتزامه سابقا إلى تنظيم استفتاء شعبي من أجل تعزيز سيادة الشعب وإبعاد أي حجة باطلة من شأنها المساس بمصداقية البرلمان بغرفتيه. وفي يوم 16 سبتمبر 1999، "تمت المصادقة على مشروع القانون حول الوئام المدني عقب تنظيم استفتاء أسفرت نتائجه على تصويت الشعب "بنعم" بنسبة 6ر98 بالمائة. مواد القانون. الفصل الأوّل. أحكام عامّــة. المادّة الأولى : يندرج هذا القانون في إطار الغاية السامية المتمثلة في استعادة الوئام المدني، ويهدف إلى تأسيس تدابير خاصة بغية توفير حلول ملائمة للأشخاص المورطين والمتورطين في أعمال إرهاب أو تخريب، الّذين يعبّرون عن إرادتهم في التوقف، بكل وعي عن نشاطاتهم الإجرامية، بإعطائهم الفرصة لتجسيد هذا الطموح، على نهج إعادة الإدماج المدني في المجتمع. وللاستفادة من أحكام هذا القانون يجب على الأشخاص المذكورين في الفقرة أعلاه إشعار السلطات المختصّة بتوقفهم عن كلّ نشاط إرهابي والحضور أمامها. المادّة 2 : يستفيد الأشخاص المذكورون في المادّة الأولى أعلاه، وفقا للشّروط التي حدّدها هذا القانون، وحسب الحالة، من أحد التدابير الآتية : - الإعفاء من المتابعات، - الوضع رهن الإرجاء، - تخفيف العقوبات. الفصل الثاني. الإعفاء من المتابعات. المادّة 3 : لا يتابع قضائيّا من سبق أن انتمى إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات داخل الوطن أو خارجه، ولم يرتكب أو يشارك في أيّة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادّة 87 مكرّر من قانون العقوبات، أدّت إلى قتل شخص أو سبّبت له عجزا دائما أو اغتصابا أولم يستعمل متفجّرات في أماكن عموميّة أو أماكن يتردّد عليها الجمهور، والّذي يكون قد أشعر في أجل ستّة (6) أشهر ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، السلطات المختصّة بتوقفه عن كلّ نشاط إرهابي أو تخريبي وحضر تلقائيا أمام هذه السلطات المختصّة. المادّة 4 : ضمن نفس الشّروط المنصوص عليها في المادّة 3 أعلاه، لن يتابع الشخص الذي كان حائزا أسلحة أو متفجّرات أو وسائل مادية أخرى وسلّمها تلقائيّا إلى السّلطات المختصّة. المادّة 5 : بغضّ النظر عن جميع الأحكام المخالفة لأحكام هذا القانون يحرم المستفيدون من أحكام المادّتين الثالثة (3) والرابعة (4) أعلاه في كل الحالات من الحقوق المنصوص عليها في المادّة الثامنة (8) البند الثاني (2) من قانون العقوبات وذلك لمدّة عشر (10) سنوات ابتداء من تاريخ قرار الإعفاء من المتابعات. الفصل الثالث. الوضع رهن الإرجاء. المادّة 6 : يتمثّل الوضع رهن الإرجاء في التّأجيل المؤقّت للمتابعات خلال فترة معيّنة بغرض التأكّد من الاستقامة الكاملة للشخص الخاضع لها. المادّة 7 : يستفيد من تدبير الإرجاء وفقا للمدد والشّروط المحدّدة فيما يأتي، الأشخاص الّذين سبق أن انتموا إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات، والّذين، في أجل ستّة (6) أشهر ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، أشعروا السلطات المختصّة بتوقفهم عن كل نشاط إرهابي أو تخريبي وحضروا تلقائيّا أمامها فرديّا أو جماعيّا. يستثنى من الاستفادة من أحكام هذه المادّة، الأشخاص الّذين ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب جرائم أدّت إلى قتل شخص، أو تقتيل جماعي أو اعتداءات بالمتفجّرات في أماكن عمومية أو أماكن يتردّد عليها الجمهور أو اغتصاب. المادّة 8 : بغضّ النّظر عن أحكام المادّة السابعة (7) أعلاه، يمكن أن يستفيد من الوضع رهن الإرجاء من سبق أن انتموا إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات والّذين لم يرتكبوا التقتيل الجماعي ولم يستعملوا المتفجّرات في الأماكن العموميّة أو الأماكن الّتي يتردّد عليها الجمهور، والّذين أشعروا جماعيّا وتلقائيّا في أجل ثلاثة (3) أشهر، ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، السلطات المختصّة بتوقّفهم عن كلّ نشاط إرهابي أو تخريبي وحضروا أمام هذه السلطات، والّذين يكون قد سمح لهم بالمشاركة، تحت سلطة الدّولة، في محاربة الإرهاب. يجب على الأشخاص الّذين انتموا إلى إحدى المنظمات المذكورة في الفقرة أعلاه القيام بتصريح، يشهدون على صدقه، بالأسلحة، والمتفجّرات والذخيرة والوسائل المادية الموجودة في حوزتهم وتسليمها إلى السلطات التي حضروا أمامها. يجب أن يشمل هذا التّصريح زيادة على ذلك الأعمال الّتي ارتكبوها أو الّتي شاركوا في ارتكابها. توضّح كيفيات تطبيق هذه المادّة، عند الحاجة، عن طريق التنظيم. المادّة 9 : يترتّب على انقضاء الإرجاء الممنوح تطبيقا للمادّة الثامنة (8) من هذا القانون تحريك الدعوى العمومية، مع الاستفادة من أحكام المادّة الثامنة والعشرين (28) من هذا القانون. المادّة 10 : إذا تمّ، خلال تأجيل المتابعات، التأكّد من وقائع غير مصرّح بها ضدّ شخص أو عدّة أشخاص خاضعين للإرجاء، يلغى فورا تأجيل المتابعات الجزائية ويتمّ حينئذ تحريك الدعوى العمومية وفقا لقواعد القانون العام. المادّة 11 : بغضّ النظر عن كلّ الأحكام المخالفة ينجر عن الوضع رهن الإرجـاء بقوّة القانون الحرمان من الحقوق المنصوص عليها في المادّة الثامنة (8) البند الثاني (2) من قانون العقوبات. يجوز للجنة الإرجاء المذكورة في المادّة الرابعة عشرة (14) من هذا القانون إرفاق قرارها بتدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادّتين الثامنة (8) والتاسعة (9) من قانون العقوبات والمادّة 125 مكرّر 1 من قانون الإجراءات الجزائية. يجوز للجنة الإرجاء، خلال مدّة الإرجاء، واعتبارا لسلوك المعني بالأمر، التّخفيف الكليّ أو الجزئيّ للتدابير المتّخذة. تنفذ التدابير المتّخذة وفقا للاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتلغى بنفس الأشكال. يسجّل قرار الوضع رهن الإرجاء والتدابير المرافقة، بناء على الرّأي الصّادر عن لجنة الإرجاء، في صحيفة السوابـق القضائيــة للشّخــص المعــني، لكنّـه لا يسجّل في البطاقة رقم 3. يتمّ، بقوّة القانون، حذف الإشارة المسجّلة في صحيفة السوابق القضائيّة عند انقضاء الإرجاء. المادة 12 : يقرّر الوضع رهن الإرجاء لفترة أدناها ثلاث (3) سنوات وأقصاها عشر (10) سنوات. المادة 13 : دون المساس بالأحكام الأخرى لهذا القانون، يخضع الأفراد المؤهلون لنظام الإرجاء والذين يسمح لهم بخدمة الدّولة في محاربة الإرهاب والتّخريب لفترة إرجاء أقصاها خمس (5) سنوات، ولا يخضعون للتدابير المنصوص عليها في المادة الثامنة (8) البند الأوّل (1) من قانون العقوبات. المادة 14 : يمكن أن تؤسّس في النطاق الإقليميّ لكلّ ولاية لجنة إرجاء تكلّف بما يأتي : - اتّخاذ القرار بشأن الوضع رهن الإرجاء، - اتّخاذ التدابير التي يخضع لها الشّخص الموضوع رهن الإرجاء، - إثبات إلغاء الإرجاء، والنّطق به، - اقتراح أيّ تدبير على السلطات المختصة لمراقبة الوضع رهن الإرجاء، - إثبات انقضاء الإرجاء وتسليم الشّهادة المثبتة له، - تعيين مندوب الإرجاء. المادة 15 : تتشكّل لجنة الإرجاء من : - النائب العام المختص إقليميا، رئيسا، - ممثّل عن وزير الدّفاع الوطني، - ممثّل عن وزير الداخلية، - قائد مجموعة الدّرك الوطني للولاية، - رئيس الأمن الولائي، - نقيب المحامين أو ممثّله المؤهّل. المادة 16 : تحدّد، عند الحاجة، كيفيات إخطار لجنة الإرجاء وقواعد سيرها عن طريق التّنظيم. يجب ضمان الحقّ في الدّفاع واحترامه خلال كلّ مراحل الإجراءات الخاصة بالإرجاء. المادة 17: تتولّى تنفيذ التدابير المقرّرة في إطار الإرجــاء وكــذا متابعــة ومــراقبة احترامها سلطات الـشّـرطـة القـضائيّة المــذكــورة فـي الــمــادة 15 (من الفقرات 2 إلى 7) من قانون الإجراءات الجزائيّة وذلك تحت إدارة النّائب العام. تحدّد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التّنظيم. المادة 18: في حالة تهرّب شخص خاضع للإرجاء من أحد التدابير المفروضة عليه، أمكن لجنة الإرجاء المخطرة أن تعلن إلغاء الإرجاء. يجوز في هذه الحالة تحريك الدعوى العمومية وفقا للقانون العام بالنسبة إلى الوقائع التي برّرت تأجيل المتابعات، وعند الاقتضاء، بالنسبة إلى الوقائع التي أدّت إلى إلغاء الوضع رهن الإرجاء. لا تسري مدّة تقادم الدعوى العمومية إلاّ ابتداء من يوم اتّخاذ قرار إلغاء الإرجاء. المادّة 19 : لا يتمّ اتّخاذ قرار إلغاء الإرجاء إلاّ بعد أن يكون المعني بالأمر قد مكّن من أن يقدّم أمام لجنة الإرجاء كلّ تفسير ممكن حول الوقائع المبرّرة لتنفيذ عمليّة الإلغاء. يمكن المعني بالأمر أن يستعين بأيّ محام يختاره. المادّة 20 : يمكن الشخص الذي تمّ إلغاء وضعه رهن الإرجاء أن يقدّم طعنا ولائيّا لدى لجنة الإرجاء الموسّعة إلى رئيس محكمة مقرّ الولاية، في أجل عشرة (10) أيام، ابتداء من النطق بالإلغاء أو اليوم الذي يفترض فيه علمه بالإلغاء. يترتّب على الطّعن تعليق تنفيذ قرار الإلغاء. يمكن أن يرفق قرار الإلغاء بكل تدبير يضمن امتثال المعني بالأمر خلال مدّة الطعن. المادّة 21 : تبتّ لجنة الإرجاء الموسّعة في الطّعــن فـي أجــل عشرة (10) أيــام، ابتــداء مــن تـاريخ إخطارها. المادّة 22 : يمكن رفع حالة الإرجاء مسبقا بناء على قرار من لجنة الإرجاء عندما يتميّز الشّخص الخاضع للإرجاء بسلوك استثنائي في خدمة البلاد، أو يكون قد قدّم براهين كافية على استقامته. يجوز أن يكون الرفع المسبق للإرجاء مشروطا، غير أن مدّة الرفع المشروط لا يمكن أن تتجاوز سنة واحدة، يصبح الرفع نهائيا بعد انقضاء هذه المدّة. المادّة 23 : ينتهي مفعول الوضع رهن الإرجاء في كل الحالات، بانتهاء المدّة المحدّدة له. المادّة 24 : تثبت لجنة الإرجاء انقضاء الوضع رهن الإرجاء، بناء على تقرير مندوب الإرجاء، ويتجـسد ذلـك عــن طريق شهــادة يسلمها رئيس اللجنة. المادّة 25 : يترتّب على انقضاء الإرجاء التقادم النهائي للدعوى العمومية بالنسبة إلى الأفعال التي بررته، دون المساس بأحكام المادّتين التاسعة (9) والثامنة والعشرين (28) من هذا القانون. المادّة 26 : تسري آجال تقادم المتابعة بالنسبة إلى الأفعال المكتشفة بعد انقضاء الوضع رهن الإرجاء طبقا لقواعد القانون العام، ابتداء من يوم انقضاء الوضع رهن الإرجاء. الفصل الرابع. تخفيف العقوبات. المادّة 27 : يستفيد الأشخاص، الّذين سبق أن انتموا إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات والّذين أشعروا، في أجل ثلاثة (3) أشهر، ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، السلطات المختصّة بتوقفهم عن كل نشاط إرهابي أو تخريبي وحضروا تلقائيّا أمامها، والذين لم يسمح لهم بالاستفادة من نظام الإرجاء ولم يرتكبوا التقتيل الجماعي ولم يستعملوا متفجرات في أماكن عمومية أو أماكن يتردد عليها الجمهور، من تخفيف العقوبات وفقا للشروط الآتية : - السجن لمدّة أقصاها اثنتا عشرة (12) سنة عندما يكون الحدّ الأقصى للعقوبة التي ينصّ عليها القانون الحكم بالإعدام أو بالسجن المؤبّد، - السجن لمدّة أقصاها سبع (7) سنوات عندما يتجاوز الحدّ الأقصى للعقوبة التي ينصّ عليها القانون عشر (10) سنوات ويقل عن عشرين (20) سنة، - الحبس لمدّة أقصاها ثلاث (3) سنوات عندما يساوي الحدّ الأقصى للعقوبة التي ينصّ عليها القانون عشر (10) سنوات، يخفّف الحدّ الأقصى للعقوبة في كل الحالات الأخرى بالنصف. المادّة 28 : يستفيد الأشخاص الّذين سبق أن انتموا إلى إحدى المنظّمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات، والّذين يكونون قد قبلوا للوضع رهن الإرجاء، من تخفيف العقوبات وفقا للشروط الآتية : - السجن لمدّة أقصاها ثماني (8) سنوات عندما يكون الحدّ الأقصى للعقوبة التي ينصّ عليها القانون الحكم بالإعدام أو السّجن المؤبّد، - الحبس لمدّة أقصاها خمس (5) سنوات عندما يتجاوز الحدّ الأقصى للعقوبة التي ينصّ عليها القانون عشر (10) سنوات ويقلّ عن عشرين (20) سنة، - الحبس لمدّة أقصاها سنتان (2) في كل الحالات الأخرى. المادّة 29 : في كلّ الحالات الأخرى، يستفيد الأشخاص، الّذين سبق أن انتموا إلى إحدى المنظمات المذكورة في المادّة 87 مكرّر 3 من قانون العقوبات، والّذين أشعروا، في أجل ستّة (6) أشهر، السلطات المختصّة بتوقفهم عن كلّ نشاط إرهابي أو تخريبي وحضروا تلقائيّا أمامها، ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون، من تخفيف العقوبة وفقا للمقاييس الآتية : - السجن لمدة خمس عشرة (15) إلى عشرين (20) سنة عندما تكون العقوبة التي ينصّ عليها القانون الحكم بالإعدام، - السّجن من عشرة (10) سنوات إلى خمس عشر (15) سنة عندما تكون العقوبة التي ينصّ عليها القانون السّجن المؤبّد، يخفّف الحدّ الأقصى للعقوبة في كلّ الحالات الأخرى بالنصف. الفصل الخامس. الإجراءات. المادّة 30 : يمكن الأشخاص المذكورين في المادّة الأولى من هذا القانون الحضور تلقائيّا أمام السلطات القضائية أو الإدارية المؤهلة، المدنية أو العسكرية، مرفوقين، عند الحاجة، بوكيلهم و/أو محاميهم. المادّة 31 : يجوز للنائب العام، حال إخطاره، أن يصدر فورا قرارا بالإحالة على الإقامة المؤقتة للمعني أو المعنيين بالأمر في أماكن يتمّ تحديدها عن طريق التنظيم ويأمر بأيّة تحقيقات ضرورية تتعلّق بالأشخاص. المادّة 32 : يكون قرار الإقامة المؤقتة الذي يتّخذه النائب العام نافذا، بغض النظر عن كل حكم مخالف. المادّة 33 : يعرض النائب العام الملف على لجنة الإرجاء خلال أقرب اجتماع ممكن وموات. المادّة 34 : يبلّغ قرار لجنة الإرجاء إلى السلطات والهيئات المكلفة بتنفيذه وإلى المعني بالأمر، ويكون نافذا فورا. المادّة 35 : تحدّد كيفيات تطبيق هذا الفصل، عند الضرورة، عن طريق التنظيم. الفصل السادس. أحكام خاصة. المادّة 36 : يستفيد من أحكام هذا القانون الأشخاص المذكورون في المادة الثالثة (3) أعلاه، المتهمون المسجونون أو غير المسجونين عند تاريخ صدوره. المادّة 37 : يستفيد الأشخاص المذكورون في المادّة الثالثة (3) أعلاه، المسجونون المحكوم عليهم، عند تاريخ صدور هذا القانون، من الإفراج المشروط الفوري لبقية عقوبتهم، بغض النظر عن كل حكم مخالف. المادّة 38 : يجوز للأشخاص الذين حضروا تلقائيا أمام السلطات المختصّة وأشعروها بتوقفهم عن كل نشاط إرهابي أو تخريبي قبل تاريخ صدور هذا القانون، والذين هم متهمون محكوم عليهم سواء كانوا مسجونين أو غير مسجونين، أن يستفيدوا، إذا توفرت فيهم شروط الاستفادة من الوضع رهن الإرجاء، إمّا من الإفراج وإمّا من تأجيل تنفيذ العقوبة، حسب الحالة، بغض النظر عن كل حكم مخالف، ويكونون خاضعين لنظام الإرجاء. وخلال الإرجاء، يجوز تحويل التأجيل المؤقت لتنفيذ العقوبة إلى إفراج مشروط لفترة لا تتجاوز باقي العقوبة، وفي كلّ الأحوال، لا تتجاوز مدّة الإرجاء. المادّة 39 : بغضّ النظر عن جميع الأحكام المخالفة، يحرم المستفيدون من أحكام المواد 36، 37 و38 أعلاه، في كل الحالات، من الحقوق المنصوص عليها في المادّة الثامنة (8) البند الثاني (2) من قانون العقوبات لمدّة عشر (10) سنوات ابتداء من تاريخ القابلية للاستفادة من التدابير المنصوص عليها في هذا القانون. المادّة 40 : في حالة تحريك. الدعوى العمومية، يجوز لضحايا الأفعال المنصوص عليها في المادّة 87 مكرر من قانون العقوبات أو ذوي حقوقهم، أن يتأسّسوا كطرف مدني وأن يطالبوا بتعويض عن الضّرر الذي لحق بهم. تقدّر التعويضات التي يمكن أن تمنحها في هذه الحالة الجهات القضائية، بعد خصم مبالغ التعويضات التي يمكن أن تكون قد منحت من جهة أخرى، طبقا للتشريع الساري المفعول. ويكون الدفع على عاتق الدولة التي تحتفظ بدعوى الرجوع ضدّ المدين، لكي تسترجع عند الاقتضاء، المبالغ التي دفعتها. تحدّد كيفيات تطبيق هذه المادّة عن طريق التنظيم. المادّة 41 : لا تطبــق الأحــكام المذكورة أعلاه - إلاّ عند الاقتضاء - على الأشخاص المنتمين إلى المنظمات التي قرّرت بصفة تلقائية وإرادية محضة إنهاء أعمال العنف ووضعت نفسها تحت تصرّف الدّولة كليّا. المادّة 42 : تلغى أحكام الأمر رقم 95-12 المؤرّخ في 25 رمضان عام 1415 الموافق 25 فبراير سنة 1995 والمتضمّن تدابير الرحمة. المادّة 43 : ينشر هذا القانون في الجريدة الرّسميّة للجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّـة الشّعبيّة. نجاح نسبي للقانون واللجوء إلى قانون المصالحة الوطنية. عند وصول الرئيس عبد الغزيز بوتفليقه إلى الرئاسة سعى باتجاه إخراج الجزائر من الازمه السياسية والامنيه والحد من ظاهرة العنف والتخلص من عبئ المسؤولية التي اثقلت كاهل المؤسسة العسكرية فعمد لحساب تعزيز دور الرئاسة واصدر قانون الوئام المدني الذي حل محل قانون الرحمة الذي كان قد أطلقه زروال الأمر الذي ساعد في التخفيف من مستوى العنف مع تسليم المسلحين لسلاحهم لاسيما العسكري للجبهه الإسلامية للإنقاذ بزعامة مدني مرزاق كما وجه الاتهامات للمؤسسه العسكرية التي تسببت في اندلاع العنف بعد توقيفها المسار الانتخابي الا انه في ذات الوقت لم يستطع خلال مدة رئاسته الأولى المساس بتوازنات الجيش أو تجاوز الخطوط المرسومه له اما في مدة رئاسته الثانية فعمل إلى تعزيز صلاحياته الرئاسيه مستغلاً توجهات دوليه تدعو إلى ضرورة تجنب دخول الجيش الحياة السياسية الا ان إخفاق قانون الوئام المدني في معالجة الازمه جذريا كان بسبب الإخفاق في توفير المناخ السياسي الملائم ويذكر جداعي (عضو في جبهة القوى الاشتراكية) ان قانون الوئام قد شهد اقبالاً من قبل المسلحين على القاء سلاحهم إلى أن بعضهم سرعان ما عاد إلى حمل السلاح وذلك بسبب تشابك التداخلات المحلية والاقليميه من ناحيه والاوضاع الاقتصادية البائسه وبطئ في تطبيق اجراءات العفو وعدم استفاده التائبين لحقوقهم المدنية وعدم ادماجهم في المجتمع من ناحية أخرى. واقدم الرئيس بوتفليقه إلى إعلان ميثاق السلم والمصالحة الذي عده بمثابه الخطوة الثانية بالغاء المتابعات القضائية في حق كل الافراد الذي سلموا السلاح وطرح هذا المشروع في استفتاء شعبي في 29 / ايلول / 2005 وكانت نسبه المشاركة قد وصلت 80% بينما فاق عدد المصوتين بنحو 97% وهكذا يؤكد بان الشعب الجزائري صار تواقاً إلى نبذ العنف، الا ان جبهة الإنقاذ رفضت هذا الميثاق ورأى قادتها انهم قد حملو اوزار العنف وكانهم هم المتسببون الوحيدون في الازمه هذا الرفض حال دون انهاء العنف بصوره نهائية الا انه بدأ ينحسر تدريجياً يُعد قصر الأمير في موناكو هو المقر الرسمي لأمير موناكو. تم بناءه في عام 1191 على أنه جمهورية جنوة. وقد تعرضت للقصف والحصار على يد العديد من القوى الخارجية وذلك على مدى تاريخها الدراماتيكي الطويل. في نهاية القرن الثالث عشر، أصبحت معقل وموطن أسرة جريمالدي- أول من قاموا باحتلالها في عام 1297. حكم الجريمالدي المنطقة في البداية كمجلس لوردات إقطاعي وبحلول القرن السابع عشر كأمراء ذو سيادة ولكنهم كانوا يستمدون قوتهم من معاهداتهم المُخزية مع جيرانهم الأكبر والأكثر منهم قوة. في ذلك الحين، قام ملوك أوروبيون آخرون ببناء قصور باروكية، وفاخرة، وتتبع عمارة عصر النهضة، ونمى الوعي السياسي المشترك الذي طالب بتحصين ملوك قصر موناكو. جعل هذا المطلب الغريب من نوعه- في مثل تلك الحقبة المتأخرة من التاريخ- قصر موناكو أحد القصور النادرة في أوروبا. وبالرغم من هذا، عندما تم تخفيف تحصيناته في أواخر القرن الثامن عشر، قام الفرنسيون باحتلاله وتجريده من كنوزه وبدأ في اضمحلاله. وفي أثناء ذلك، كان الجريمالدي قد تم نفيهم لأكثر من عشرين عامُا. يُعد مكوث الجريمالدي في قصرهم أمرًا غريبًا- وذلك على عكس الأُسر الأوروبية الأخرى الحاكمة. فقد أدى عدم توافر القصور البديلة ونقص الأرض إلى استخدامهم نفس المقر لأكثر من سبعة قرون. مما أدى إلى انعكاس ثرواتهم وسياستهم بشكل مباشر على تطوير القصر. واستطاع الستيوارت، والبوربون، والهابسبورغ تشييد العديد من القصور الجديدة، وذلك على عكس الجريمالدين، حيث يُعد تشييد برج جديد أو جناح أو إعادة بناء أجزاء من قصر، هو أفضل ما حققوه عندما امتلكوا الثروة الطائلة والرغبة في التغيير. بالتالي، فإن قصر الأمير لا يعكس فقط تاريخ موناكو، بل أيضًا تاريخ الأسرة التي احتفلت في عام 1997 بمرور سبعمائة عام على الحكم من نفس القصر. في أثناء القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، أصبح القصر ومالكيه رموزًا للبريق الضئيل الذي يصعب ملاحظته والتدهور المرتبطين بمنطقة مونت كارلو والريفيرا الفرنسية. ثم باتت البهجة والاتصال بالمسرح حقيقة عندما أصبحت النجمة السينمائية الأمريكية غريس كيلي سيدة القصر عام 1956. وفي القرن الحادي والعشرين، لازال القصر مقر أمير موناكو الحالي وهو ألبير الثاني. القصر الأميري. يُعد القصر مزيج من الأنظمة المعمارية. تُعبّر أصوله العريقة عن عدم التناظر. لذلك، عند تقيم هذا المعمار؛ يجب ملاحظة أجنحة المبنى وقواعده بشكل مُنفصل. تظهر الواجهة الرئيسية كشُرفة قصر على نمط عصر النهضة في فترات مختلفة من ذلك العصر، وتبدو الأجنحة مترابطة بواسطة الطابق الأرضي الريفي المشترك. فاق هذا المعمار المرتبط بعصر النهضة القلاع التي سبقته، كالبروج التي تم إنشائها على غرار الواجهات الكلاسيكية المختلفة. تم بالفعل إعادة تشيد هذه البروج، التي يكتمل العديد منها بزينة الشرفة والكوة التي تستخدم لإطلاق النار، في أثناء القرن التاسع عشر. أما بالنسبة للجزء الخلفي من القصر؛ فتحتفظ التحصينات العتيقة من العصور الوسطى ببريقها مع مرور الزمن. فقد تم تحقيق أعظم انسجام معماري وذلك من خلال محكمة الشرف التي تم بناءها حول القصر؛ حيث يوجد مستويين من الممرات المفتوحة المحتوية على التصوير جصي التي تظهر بمثابة الشرفة الاحتفالية لظهور الأمير بالإضافة إلى كونها المدخل الرئيسي للقصر والممر الذي يربط بين غُرف الدولة في القصر. أكثر ما يلفت انتباهنا في هذه الغرف الكثيرة هي الغُرف الأميرية. تم إنشاء هذه الغرف منذ القرن السادس عشر وفيما بعد، وتطورت لتصبح على نظام فرساي أثناء القرن الثامن عشر. وفي القرن التاسع عشر وأثناء القرن العشرين، انتشرت الغرف الأميرية على طراز القرن الثامن عشر على نطاق واسع والذي هو سائد في هذه الأيام. تم تصميم ممر احتفالي ومُنظم يؤدي إلى غرفة الأمير. يبدأ ممر الموكب بحدوة حصان خارجية تبدو على شكل سلم يعبر من محمكة الشرف إلى صالة عرض مفتوحة تُعرف بصالة عرض هرقل. يدخل الضيوف من هذا الممر إالى صالة عرض المرآة؛ وهي عبارة عن صالة كبيرة تُشبه قصر فيرساي الذي يقع في مدينة فيرساي. تُؤدي صالة العرض تلك إالى غرفة الضباط، وهي أُولى غُرف الدولة، فيها يقوم ضباط المحمكة بتحية الضيوف قبل الاستماع للأمير في غرفة عرشه. يستمر الممر المُنتظم من صالة الضباط إلى الغرفة الزرقاء؛ هي غرفة رسم ضخمة تزينها بعض الزركشة الزرقاء بالإضافة إلى صور أسرة الجريمالدي، كما أنها تحتوي أيضًا على الثريات المصنوعة من زجاج المورانو. تليها غُرفة العرش وهي أكبر غُرف الدولة. قام أورازيو دو فيراري بإقامة سقفها وجدرانها مُصورًا خضوع الإسكندر الأكبر. وُفقًا للطراز الإمبراطوري، يوجد العرش على منصة تحت مظلة حمراء من الحرير يعلوهها تاج من الذهب. أمّا بالنسبة للأرضيات فقد تم بناءها من رُخام كارارا. منذ القرن السادس عشر، تُعقد جميع احتفالات الدولة في هذه الغرفة. تُعد الغُرفة الحمراء أحد الغُرف الأخرى في الدولة. سُميت بهذا الاسم بسبب تغطية جدرانها بالزركشة الحمراء، وهي عبارة عن غُرفة رسم ضخمة تحتوي على رسومات لجان بروجل وتشارلز لوبرن. وعلى غرار العديد من القصور، تحتوي الغُرفة على أثاث من النُظم الفرنسية المُنمقة طبقًا للقرن الثامن عشر. تؤدي الغُرفة الحمراء إلى غُرفة يورك- التي تم فرشها لتصبح غُرفة نوم بالدولة. قام جريجوريو دي فيراري بتزينها بالرسوم الإيضاحية الجصية عن الفصول الأربعة. أمّا الغُرفة التالية فهي الغُرفة الصفراء (أحيانًا تُعرف بغُرفة نوم لويس الخامس عشر) وهي غُرفة نوم أخرى بالدولة. تُعد غُرفة مزارين أكثر الغُرف لفتًا للانتباه في الجناح. فقد قام الحرفين، اللذين استدعاهم جول مازاران إلى فرنسا، بتبطين غرفة الرسم تلك بالذهب الإيطالي بالإضافة إالى تزينها بزخرفة متعددة الألوان. يرتبط مزارين بالجريمالدي عن طربق الزواج. تُعلق اللوحة الفنية لمزارين فوق الموقدة. على الرغم من أجواء الهيمنة الداخلية والخارجية للقصر في القرن الثامن عشر، فلم يكن القصر نفسه على ذات الشاكلة. ولحق به العديد من التغيرات في مظهره نتيجة للتطورات الضخمة التي بدأت منذ القرن الثاني عشر. من أهم مظاهر هذه التغيرات إعادة التأثيث التي حدثت في القرنين التاسع عشر والعشرين. قلعة جريمالدي. يسبق تاريخ موناكو احتلال الرومان ب122 عام قبل الميلاد. يضمن لها مينائها الطبيعي الضخم نسبة ثابتة من الزوار القادمون من المدن اللبنانية؛ الجبيل، وصور، وصيدا. وأتى مؤخرًا الفينيقيون إالى البلاد من أجل التجارة بالحرير، والزيت، والتوابل مع المواطنين. قدّم الفينيقيون آلهتهم ملقرت أو (ملك المدينة كما هو معروف في الحضارة الفينيقية)، والذي عُرف فيما بعد عند الرومان باسم هرقل مونيكوس، إلى تلك المنطقة من البحر المتوسط. وبعد هذا الاله، عاد الرومان باسم هرقل مونيكوس، إلى تلك المنطقة من البحر المتوسط. وبعد هذا الاله، أعاد الرومان تسمية منطقة بورتو هرقل مونوكو لتطور فيما بعد وتُصبح موناكو وهو الاسم الحالي لها. تم إنشاء مقر أمير موناكو على صخرة موناكو كحصن في عام 1191 وذلك عندما تم الاستيلاء على الميناء، الذي يرتبط اليوم بمدينة مونت كارلو، من جمهورية جنوة. أعطى الإمبراطور هنري الرابع الميناء والمنطقة المجاورة له إلى مواطنين جنوة بشرط حماية الساحل من القرصنة. علاوة على ذلك، فقد تم التنازل عن المنطقة إلى مالكين جدد عن طريق مجلس بيلي ودير سانت دي بونس. في عام 1215 بدأ العمل في الحصن الجديد الذي يشمل أربعة أبراج مرتبطة معًا بواسطة أسوار محمية عن طريق حائط ساتر. شكّل هذا جوهر القصر الحالي. تمتعت جنوة بأهمية سياسية في أوروبا في القرن الثاني عشر. شغل العديد من مواطنين جنوة التجارة، و طالما كان لثروتهم دور هام كمصرفين على شعوب الدول الأًخرى. مع ذلك، فقد انقسمت جنوة بعد الصدع الناجم عن تحدي الإمبراطور فريدريك الثاني لقوة البابا إنوسنت الرابع. وتشكّل حزبين متعارضين؛ الغويلفيون الذين أيدوا البابا، والغيبلينيون الذين كان ولائهم للإمبراطور. انضم للغويلفيين أحد الأسر الأرستوقراطية في جنوة وهي الجريمالدي. تصارع الحزبين خلال القرن الثالث عشر. في نهاية القرن، انتصر الغيبلينيين وقاموا بنفي معارضيهم، بما فيهم الجريمالدي، خارج جنوة. ويُعرف الجريمالدي المستقرين حاليًا في المنطقة بالريفييرا الفرنسية. مازالت تُعرف العديد من القلاع في تلك المنطقة بشاتو جريمالديٍ. ويدل ذلك على الحضور القوي للفروع المختلفة من الأسرة في الجوار. تروي الأسطورة أنه في يناير عام 1297 تخفّى فرانسيس جريمالدي في زي راهب باحثًا عن مأوى له في القلعة. وليتمكن من الدخول قتل الحارس، عندئذ ظهر رجاله واستولوا على القلعة. مُنذ ذلك الحين، أصبحت القلعة معقل الجريمالدي. تم إحياء ذكرى هذا الحدث بواسطة صُنع تمثال لفرانسيس جريمالدي في حرم القصر وبداخل منزل الجريمالدي حيث صُور وهو حاملًا لسيفه في زي الراهب. حكم شارلز الأول من عام 1331 إلى عام 1357 . والجدير بالذكر أنه ابن راينر الأول، ابن عم فرانسيس جريمالدي. قام شارلز بتوسيعات ملحوظة في القلعة وذلك بإضافة مبنيين كبيرين إليها؛ أحدهما يقع مُقابلًا للأسوار الشرقية، والأخر يطل على البحر. أدى هذا إالى تغير مظهر القلعة؛ فأصبحت تبدو وكأنها منزل مُحصن أكثر من كونها قلعة. ظلت التحصينات هامة جدًا؛ ففي خلال العقود الثلاثة التالية كانت القلعة تُفقد وتُسترد بالتناوب بين الجريمالدي وجنوة. في عام 1341 استولى الجريمالدي على منتون وروكبرن مما أدى إلى تعزيز نفوذهم وقوتهم في المنطقة. ومن ثم لم يكتفوا بتعزيز دفاعات الميناء بل امتدت تأميناتهم لقلعتهم على روشير. أصبح معقل الجريمالدي الآن قاعدة قوية استطاعت الأسرة منها أن تحكم مساحة كبيرة من الأرض بالرغم من كونها غير مُحصنة. على مدار المئة عام التالية دافع الجريمالدي عن أرضهم ضد الهجوم الذي تعرضوا له من قبل الدول الأخرى والتي تشمل جنوة، وبيزا، والبندقية، ونابولي، وفرنسا، وأسبانيا، وألمانيا، وإنجلترا، وبروفنس. تعرضت القلعة كثيرًا للقصف والتدمير وكانت دائمًا ما تُرمم. بدأ الجريمالدي تدريجيًا بعقد تحالف مع فرنسا ما أدى إلى تقوية موقفهم. وللمحافظة على أمنهم، أدرك لوردات الجريمالدي في موناكو ضرورة الجمع بين امتلاكهم لمنزل يعكس قوتهم وهيبتهم بالإضافة إلى الدفاع عن أرضهم. طوال القرن الخامس عشر، واصل كلًا من القلعة وروشيه في التوسع وزيادة قدرة الدفاع حتى أصبحت حامية لاستيعاب 400 جندي. بدأ التحول البطئ من كونه منزل مُحصن إلى كونه قصر في هذا العصر. وكانت البداية مع مبنى لامبيرتو جريمالدي، لورد موناكو الذي حكم في الفترة من 1458 إلى 1494 وكان حاكمًا بارعًا استطاع التعامل ببراعة ودبلوماسية مع الحروب، وأتى بعده ابنه جين الثاني. شهدت هذه الفترة توسع في الجانب الشرقي من القلعة في الجناح المكون من ثلاث طوابق، والتي تتم حمايتها بواسطة الجدران الغليظة العالية التي ترتبط بالجدران ذات الزاوية المُحصنة؛ سانت ماري(M)، في المنتصف (K)، في الجنوب(H). يشمل هذا الجناح الجديد الضخم الغرفة الرئيسة للقصر وهي رواق الدولة و(التي تُعرف اليوم بغرفة الحارس). في تلك الغرفة، يقوم الأمراء بأعمالهم الرسمية وفيها تُعقد الجلسات. تم تصميم غرف أكثر فخامة والتي تحتوي على الشرفات والبلكونات لتناسب الأستخدامات الخاصة لأسرة الجريمالدي. في عام 1505 لقى جين الثاني مصرعه على يد أخوه لوسين. التطور من القلعة إلى القصر. لوسين الأول (1505-1523). خلف جين الثاني شقيقه لوسين الأول. لم يسُد السلام لفترة طويلة في موناكو؛ ففي عام 1506 في ديسمبر حاصر أربعة عشر ألفًا من قوات جنوة موناكو وقلعتها، ودافع حوالي ألف وخمسمائة من مواطنين موناكو والمرتزقة عن روشيه واستمر ذلك لمدة خمسة أشهر حتى استطاعوا تحقيق النصر في شهر مارس في عام 1507. أدى ذلك إلى قيام لوسين الأول بعقد مُعاهدة دبلوماسية بين فرنسا وأسبانيا للحفاظ على الاستقلال المزعوم للدولة الصغرى التي كانت في حقيقة الأمر تخضع لأسبانيا. بدأ لوسين على الفور بإصلاح ويلات الحرب فقام بتحصين القصر الذي قد تم تدميره بواسطة القصف العنيف. قام لوسين بإضافة جناح ضخم (من H إلى C)، والذي يضم اليوم شقق الدولة، إلى الجناح الرئيسي. والجدير بالذكر أن الأمير لامبيرت هو من قام ببناء هذا الجناح وتم توسيعه في عهد جين الثاني. أونوريه الأول (1523-1581). أثناء حكم أونوريه الأول استمرت عملية التحول الداخلي للقلعة إلى قصر. في بداية عهد أونوريه، أوضحت اتفاقية ترودسيلاس وضع موناكو كمنطقة محمية من قبل أسبانيا وتم تأكيد ذلك فيما بعد في عهد الإمبراطور الرماني المُقدس شارلز الخامس. أمد هذا الأمن للورد موناكو ليسمح له بالتركيز على الجانب الأكثر راجة من مقر اقامته بدلاً من الرغبة المستمرة في الدفاع عنه. تم إعادة بناء الفناء؛ وقام المهندس المعماري دومينيك جالو بتصميم ممرين يمتدا بين النقطتين (H) و (C). تقع الممرات مواجهة للجناح الذي كان قد قام لوسين الأول ببناءه، ويحتوي كلا الممرين على اثنا عشر قوسًا يُزينها الدرابزين المصنوع من الرخام الأبيض في الجزء العلوي. تُعرف الممرات العلوية اليوم (بدهليز هرقل) وسُميت بهذا الاسم بسبب الرسوم التي قام أورازيو دي فيراري بنقشها على السقوف والتي تُصور أعمال هرقل وذلك في وقت سابق من حُكم أونوريه الثاني. تمد هذه الممرات والطرقات غرف الدولة في الجزء الجنوبي بعدد من الأروقة ويُعرف هذا الجزء في الوقت الحالي باسم أجنحة غُرف الدولة. على الجانب الآخر من الفناء، تم تشييد جناح جديد وتولى الفنان الجنويّ لوكا كامبياسي مسئولية نقش اللوحات الجصية على جدرانه الخارجية. ساد اعتقاد أنه تم بناء صالات العرض (B) والتي تمتد إلى الجزء الشمالي وتطُل على الميناء في ذلك الوقت. في عام 1529 تم إقامة توسيعات ضخمة في القصر بهدف ترفيه الإمبراطور كارلوس الخامس عندما مكث أربعة ليالي فيه، وكان ذلك في أثناء رحلته إلى بولونيا لحضور حفل تتويجه من قبل البابا كليمنت السابع. بالرغم من أن هذه الفترة كانت مُثمرة معماريًا، إلا أن أونوريه الأول لم يتمكن من إعادة بناء القلعة بأسلوب راقي يتبع نظام القصور في عصر النهضة. بالرغم من الحماية الأسبانية، ظلت هناك مخاوف قائمة من هجوم فرنسا وظل الدفاع هو الأولوية الرئيسة لأونوريه. وبوضع ذلك في الحُسبان، أضاف خاصيتين جديدتين هما: برج كل القديسين (F)، وحصن سرافالي (G). كان برج القديسين نصف دائري ويحمي نهاية النتوء الصخري. تكتمل بمنصات البندقية والمدفع، كما أنها ترتيط با الكهوف التي صنعها الإنسان في الصخور نفسها. تربطه الممرات تحت الأرضية بحصن سرافالي الذي كان في جوهره عبارة برج من ثلاث طوابق يمتلئ بالمدافع والبندقيات. تم نصب بئر تحت الفناء؛ يوفر هذا البئر مياه تكفي ألف جندي محاصرين لمدة عشرين شهر، وله سقف ضخم مُحدب يتم دعمه بواسطة تسعة أعمدة. ظلت موناكو ضعيفة سياسيًا لقرن آخر، كما تأخرت أعمال البناء في الفترة من عام 1581 إلى عام 1604 وكان ذلك في أثناء ولاية الأمير شارل الثاني والأمير هرقل. أونوريه الثاني (1597-1662). ازداد ضعف موناكو في عام 1506 عندما نصب الأسبانيون حامية لهم هناك. في عام 1633، أطلق الملك الأسباني رسميًا لقب (الأمير الهادئ) على أونوريه الثاني، وبالتالي تم الاعتراف بموناكو كإمارة لأول مرة في تاريخها. بالرغم من كون القوات الأسبانية مُحتلة في الوقت الراهن، إلا أن هذا الاعتراف كان أكثر من مجرد لفتة لجعل أونوريه سعيدًا. كان أونوريه الثاني مُحبًا لكل ماهو متعلق بفرنسا. أكمل تعليمه في ميلان، وتثقف في الصالونات الفكرية في باريس. لذلك امتلك انتماءات قوية لفرنسا سياسيًا وثقافيًا، كما أنه ثار ضد الوجود الأسباني في موناكو. عندما أدرك حاجة موناكو للحماية بمساعدة قوة أخرى، كانت فرنسا هي الاختيار المُفضل له. في عام 1641، تلقى دعمًا هائلًا من فرنسا وهاجم الحامية الأسبانية وطرد الأسبانيين وأعلن (الحرية المجيدة لموناكو). اعتمدت الحرية المذكورة آنفًا اعتمادًا كبيراً على فرنسا. دخلت موناكو الآن فترة يتوجب فيها على فرنسا حمايتها واستمرت تلك الفترة حتى عام 1814. وكنتيجة لهذا الحدث؛ يُعد اليوم أونوريه الثاني بطل موناكو. كان أونوريه الثاني ذو تعليمًا عاليًا ونصيرًا للفنون. بعد أن اطمأن أونوريه على عرشه، بدأ بتجميع أعمال تيتيان، وآلبرخت دورر، ورفائيل، وبيتر بول روبنس، وميكيلانجيلو الذين أسسوا مجموعة الأعمال الفنية التي احتواها قصر موناكو في طور تحوله البطئ من قلعة إلى قصر. وعلى مدار ثلاثين عامًا تالية، قام أونوريه بتطويره إلى قصر يُناسب الأمير. قام أونوريه بتفويض المهندس المعماري جاك كاتون ليقوم بتوسيع القصر بالإضافة إلى تغير مظهره المُحصن القاتم. تم إصباغ الواجهة الرئيسة للقصر، التي توجد في طليعته وتطل على الساحة، بالزينة الزخرفية. تم تلميع الجزء الممتد من المقطع العلوي (B) إلى يمين المدخل. أما داخل القصر، فتم إعادة تنظيم جناح غُرف الدولة، بالإضافة إلى إنشاء شقق دولة مُنظمة. تم إهداء كنيسة صغيرة جديدة تُزينها قبة (تم بناءها على شكل حرف D) على يوحنا المعمدان. ساعد هذا العمل الجديد في التخفيف من حدة حصن سيرافالي البغيض المتواجد في الفناء، وأدى إلى خلق مناخ أهدأ لقصر عصر النهضة. إدارة البلاد من الخارج والثورة (1662-1815). في أواخر القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، بات واضحًا للجميع أن موناكو أصبحت دول مُستقلة رسميًا، ولكن في حقيقة الأمر كانت إقليم في فرنسا. قضى حُكامها جُل وقتهم في المحكمة الفرنسية. وكانت طريقة إدارة البلاد من الخارج هي الطريقة السائدة في ذلك الوقت في الطبقة الأرستقراطية الفرنسية. كان إغواء قصر فيرساي أعظم من بلدهم. خلف أونوريه الثاني حفيده الأمير لويس الأول. كان الأمير الجديد ذو شخصية هادئة وقضى معظم وقته مع زوجته في المحكمة الفرنسية، حيث استمتع بميزته التي لم يمتلكها غيره وهي جمعه بين كونه رئيس أجنبي لدولة ونبيل من فرنسا. أُعجب الأمير بقصور الملك الفرنسي، الذي وظّف المهندس المعماري جين دو كاركاو ليقوم ببعض التعديلات بقصر فونتينبلو، واستخدم لويس الأول هذا القصر كمصدر إلهام للتحسينات التي ستطرأ على قصره بموناكو. لذلك كان مسئولًا عن اثنين من أكثر مميزات القصر أبرزها: المدخل؛ وهو عبارة عن قوس ضخم من الباروكية يعلوه قوصرة يحمل أسلحة للجريمالدي. أكثر ما يلفت انتباهنا هنا هو الدرج الذي يوجد على شكل حدوة حصان مزدوجة على غرار تلك الموجودة في قصر فونتينبلو. يُعتقد أن الدرجات الثلاثين التي تكون السلم منحوتة من كتلة واحدة من رخام كارارا. قام المهندس أنتوني جريجو بتصميم كلا من العتبة للمدخل الجديد والدرج المُصمم على هيئة حدوة حصان. والجدير بالذكر أن جريجو هو مهندس من كومو. أشار الأمير إلى ما أساء حياته الخاصة، فقد ساءت سُمعة لويس الأول بسبب الإسراف. ففي أثناء زيارته لإنجلترا عام 1677 حاول التقليل من حنق تشارلز الثاني ملك إنجلترا وذلك بإغداق الهدايا الثمينة على خليلته هورتينس مانشيني. أصبح الإنجليز والأمير لويس فيما بعد أعداء سياسين وذلك عندما شارك لويس في الحروب الإنجليزية الهولندية ضد الإنجليز وكان قائد فرسان موناكو في المعركة في الإقليم الفلامندي ومنطقة فرانش كونته. واكتسب لويس بسبب هذه الأحداث شُكر لويس الرابع عشرالذي عينه سفير الكرسي الرسولي وكلّفه بتأمين الخلافة الأسبانية. وتسببت تكاليف دعم موقعه في المحكمة البابوية بأن يبيع مُعظم أعمال جده أونوريه الثاني الفنية وقام بتجريد القصر الذي كان قد طوره من قبل في وقت لاحق على نحو مُذهل. تُوفي لويس قبل تأمين العرش الأسباني لفرنسا، الحدث الذي حصل منه الجريمالدي على مكافآت ضخمة. بدلًا من ذلك، هوت أوروبا في الحال إلى حالة من الفوضى كما لو كانت بدأت حرب الخلافة الأسبانية. في عام 1701، خلف الأمير أنتوني لويس الأول وكانت موناكو حينئذ مُفلسة تقريبًا، على الرغم من أنه لم يزد من زخرفة الغرفة الملكية. على سقف الغرفة، صوّر جريجوريو دي فيراري وألكسندر هافندر شخصية مشهورة مُحاطة بشكل هلالي يوضح الفصول الأربعة. كان زواج أنتوني من ماريا لورين زواجًا تعيسًا وأنجبا ابنتين فقط. اقتصر دستور موناكو العرش على أفراد أسرة الجريمالدي فقط، لذلك رغب أنتوني أن يزوج ابنته الأميرة لويز هيبوليت إلى ابن عمها من أسرة الجريمالدي. تزوجت لويز هيبوليت من جاك دي جوين ماتينون، وهو رجل نبيل، وثري من نورماندي. في عام 1731 خلفت لويز أبيها في سيادة موناكو، ولكنها تُوفيت بعد بضعة أشهر. أكد ملك فرنسا على خضوع موناكو لدولة فرنسا مُتجاهلا احتجاجات الفروع الأخرى من أسرة جريمالدي، كما أنه أطاح بدستور موناكو ووافق على خلافة جاك دي جوين باسم الأمير جاك الأول. تكلّف جاك الأول اسم وسلطة الجريمالدي، ولكن الأرستقراطية الفرنسية عاملت الأمير الجديد بشكل سيء وهو الأمر الذي جعله يتخلى عن صفوفهم ويقضي معظم وقته خارج موناكو. تُوفي في عام 1751 وخلفه ابن الأميرة لويز هيبوليت الأمير أونوريه الثالث. تزوج أونوريه الثالث من كاثرين برينول في عام 1757، ثُم طلقها فيما بعد. المثير للاهتمام أن أونوريه الثالث كان على علاقة عاطفية بوالدة زوجته المستقبلية. وبعد طلاقها، تزوجت ماريا برينول من لويس جوزيف دي بوربون، أمير دي كوندي وعضوًا من الذين أسقطوا البيت الملكي الفرنسي، وكان ذلك عام 1798. من المفارقات، استعاد الجريمالدي ثرواتهم عندما تزوج أحفاد كلا من هورتينس مانشيني ولويس الأول؛ فقد تزوجت لويز داماونت مزارين من ابن أونوريه الثالث ووريثه، أونوريه الرابع في المستقبل. كان هذا الزواج الذي حدث في عام 1776 مُفيدًا للغاية للجريمالدي؛ حيث أن جدة لويز هورتينس مانشيني كانت وريثة جول مازاران. لذلك، حصلت أسرة موناكو الحاكمة على كل العقارات الموروثة عن جول مازاران بما فيهم دوقية ريثيل وإمارة شاتو بورسين. كان أونوريه الثالث جنديًا، وقاتل في فونتينوي وريكورت. كان سعيدًا لمغادرة موناكو ليتم حُكمها بواسطة الآخرين أبرزهم المعلم السابق. كانت إحدى زيارات أنوريه الثالث النادرة للقصر في عام 1767 حيث أجبر المرض إدوارد، دوق يورك، ليهبط في موناكو. تم تخصيص غرفة نوم الدولة للدوق المريض حيث تُوفي فيها على الفور. منذ ذلك التاريخ، عُرفت تلك الغرفة بغرفة يورك. على الرغم من تعرضه للاحتلال المستمر، أصبح القصر «مكانًا رائعًا» مرة أخرى بحلول العقد الأخير من القرن الثامن عشر. مع ذلك، كانت الثورة على وشك الحدوث، وفي أواخر عام 1780 قدم أونوريه الثالث تنازلات لشعبه الذي قد تشرب الأفكار الثورية من جيرانه الفرنسيين. كانت هذه مجرد بداية لمشكلات الجريمالدي. في عام 1793، استولى قادة الثورة الفرنسية على موناكو. تم اعتقال الأمير في فرنسا كما تم مُصادرة ممتلكاته وعقاراته، بما في ذلك القصر، إلى فرنسا. قام أتباع الأمير بسلب القصر، وقامت الحكومة الفرنسية ببيع ما تبقى من أثاث وأعمال فنية في مزاد علني. وانهالت العديد من التغيرات على كلا من الدولة والقصر. تم تغير اسم موناكو إلى فورت هرقل وأصبحت كانتون لفرنسا، في حين أصبح القصر مستشفى عسكري وملجأ. وفي باريس، تم إعدام شقيقة زوجة الأمير وتُدعى فرانسواز تيريز دي تشويسيول ستانفيل (عام 1766-1794) وكانت إحدى أخر من أُعدموا بالمقصلة في عهد الإرهاب. تُوفي أونوريه الثالث، من دون أن يستعيد عرشه، في عام 1795 في باريس حيث قضى مُعظم حياته. القرن التاسع عشر. استعادة القصر. خلف أونوريه الثالث ابنه أونوريه الرابع (1758-1819) وساهم زواجه من لويز دي ماونت مزاران بشكل كبير في استعادة ثروات الجريمالدي. تم استنفاد العديد من هذه الثروة بسبب مصاعب الثروة. وفي السابع عشر من يونيو في عام 1814، استعاد أونوريه الرابع إمارة موناكو طبقًا لمعاهدة باريس. تم إهمال بنية القصر كُليًا في السنوات التي تم فيها نفي الجريمالدي خارج موناكو. وكانت حالة يُرثى لها؛ حيث تم هدم جزء من الجناح الشرقي بجانب الجناح الخاص بإستحمام أونوريه الثاني، الذي يشمل اليوم متحف نابليون والمبنى الذي يحتوي على سجلات القصر. ترميم القصر. تُوفي أونوريه الرابع بعد فترة قصيرة من استعادة عرشه، وبدأت الإعادة الهيكلية للقصر في حكم أونوريه الخامس وأكملها بعد وفاته في عام 1841 أخوه الأمير فلوريستان. بالرغم من ذلك، ففي حكم فلوريستان، عانت موناكو مرة أخرى من التوترات السياسية الناجمة عن المشاكل المالية. نتج هذا بسبب اعتبارها محمية من سردينيا؛ الدولة التي قامت فرنسا بالتنازل عنها بعد نهاية الحروب النابليونية. كان فلوريستان غريب الأطوار (فقد كان ممثلًا بارعًا)، ترك إدارة موناكو لزوجته ماريا كارولين جيلبرت دي لاميتز. بالرغم من محاولاتها للحكم، تمرد الشعب مرة أخرى. وفي محاولة لتخفيف حدة الوضع المتأزم، تنازل فلوريستان عن السلطة لابنه تشارلز ولكن أتى ذلك متأخرًا جدًا لاسترضاء شعب موناكو. انفصلتا مينتون وروكبرن عن موناكو تاركين دولة الجريمالدي الصغيرة تتقلص بشكل واضح لتصبح أصغر بكثير من مونت كارلو. تُوفي فلوريستان في عام 1856 وتولى ابنه تشارلز حُكم ما تبقى من موناكو، وخلفه تشارلز الثالث. في عام 1861، أصبحتا مينتون وروكبرن جزء من فرنسا بشكل رسمي مما أدى إلى تقليص حجم موناكو بنسبة 80% وكانت تلك بمثابة الضربة لها. في خلال حُكم تشارلز الثالث، كرّس جُل وقته لإعادة ترميم القصر؛ العمل الذي كان قد بدأه عمه، أونوريه الخامس، في وقت لاحق. أعاد بناء برج سانت ماري، ورمّم الكنيسة الصغيرة بشكل كامل، وأضاف هيكلًا جديدًا، جعل السقف يبدو مُحدبًا ورُسم عليه بعض اللوحات الجصية. أما بالنسبة للخارج، فقد قام كلًا من جاكوب فورشيل وديشلير بتصوير الأعمال البطولية المُختلفة للجريمالدي. تحولت غرفة الحارس، القاعة الكبرى السابقة للقلعة (التي تُعرف الآن باسم قاعة الدولة)، بواسطة ديكورات عصرالنهضة الجديدة وإضافة المدخنة الأثرية الضخمة. قام تشارلز الثالث بمحاولات جادة للعثور على مجموعة من الفنون الجميلة والأثاث التي قد نُهبت، وبيعت، وتبعثرت أثناء الثورة.الأعمال الفنية الجيدة التي تُزين القصر لا تقتصر فقط على صور العائلة؛ مثل صورة لوسين الأول التي رسمها دي بردز، وصورة أونوريه الثاني التي رسمها فيليب دي شامبان، وصورة أنتوني الأول التي رسمها هياسنت ريجواد، وصورة لويز هيبوليت التي رسمها فان لو، ولكن تشمل أعمال فنية أُخرى كدرس موسيقى تيتيان. كان تشارلز الثالث مسئول عن قصرآخر في مونت كارلو، القصر الذي كانت له مهمة تمويل الترميم، والذي يساهم في إدارة اقتصاد بلاده المُتعثر. كان هذا القصر الجديد كازنو الإمبراطورية الثانية لتشارلز جارنيه، وقد تم الانتهاء منه كُليًا في عام 1878. تم افتتاح أول كازينو في موناكو في العقد السابق. أصبحت موناكو مُكتفية ذاتيًا من خلال ذلك الكازينو. انهيار سلطة الجريمالدي. في عام 1889 عند وفاة تشارلز الثالث، كانت موناكو ومونت كارلو وجهان لعملة واحدة، واكتسبتا سُمعة سيئة بسبب القمار؛ حيث تم اعتبارهما ساحة مُنحطة وغير نزيهه للأغنياء. جذب هذا المكان العديد من الدوق الكبار الروسين، ومن مختلف الأماكن، وكانوا عادة ما يرتادوا على ذلك المكان مع عشيقاتهم؛ مما أدى إلى تهكم العديد من الناس بما فيهم الملكة فيكتوريا على تلك البلدة الصغيرة. ومنذ أن أصبحت موناكو بهذا السوء من عام 1882، رفضت الملكة فيكتوريا إجراء أي حوارات اجتماعية من القصر وذلك عندما زارت الريفيرا الفرنسية لأول مرة. وصف الكاتب المُعاصر سابين بارينج جود أخلاق موناكو في ذلك الحين بأنها «بالوعة أوروبا الأخلاقية». اعتاد الحكام المتعاقبين على موناكو أن يعيشوا خارج القصر وزيارته من حين لآخر. خلف ألبيرت الأول تشارلز الثالث في عام 1889. تزوج ألبرت ابنة أرستقراطي اسكتلندي. أنجب الزوجان ابنًا واحدًا، لويس، وذلك قبل أن ينفصلا في عام 1880. وفي سياق آخر، كان ألبرت عالمًا بارعًا. فقد قام بتأسيس معهد لعلوم المحيطات في عام 1906. وكداعي للسلام، أسس المعهد الدولي للسلام في موناكو. بذلت آليس هين، زوجة ألبرت الثانية، جهودًا عظيمة لتحويل مونت كارلو إلى مركز ثقافي؛ وذلك بإنشاء كلا من البالية والأوبرا في المدينة. كما أنها سعت جديًا لتحويل الكازينو إلى منزل للنقاهة للفقراء ليستجموا فيه في فصول الطقس الحارة. ولكن انفصل الزوجان قبل أن تضع خطتها للعمل. في عام 1910، تم اقتحام القصر أثناء ثورة موناكو. ثم أعلن الأمير نهاية الحكم المُطلق وذلك بإصدار دستور بالتعاون مع البرلمان المُنتخب في العام التالي. في عام 1922، تولى لويس الثاني الحكم خلفًا لأبيه ألبرت. وُلد لويس الثاني في ألمانيا، حيث كانا والدته وزوجها، فكان لا يعرف موناكو جيدًا حتى أصبح صبي ذو أحد عشر عامًا. كانت علاقته بوالده غير ودية. خدم لويس في الجيش الفرنسي. في أثناء غُربته، التقى بعشيقته ماري جوليت لوفيت وأنجب منها ابنة، شارلوت لويز جوليت، في الجزائر في عام 1898. كأمير موناكو، قضى لويس الثاني جُل وقته خارج القصر، فقد فضل أن يعيش عند أسرة لومارشيز بالقرب من باريس. في عام 1911، أصدر لويس قانون لإعطاء ابنته شرعية تُمكنها من وراثة العرش من بعده، وذلك لمنع انحدارها من العرق الألماني البغيض الذي تتصل به من جانب الأسرة. تم الطعن في القانون وتتطور الأمر ليصبح ما هو معروف باسم أزمة الخلافة في موناكو. وأخيرًا في عام 1919، اعتمد الأمير رسميًا ابنته غير الشرعية شارلوت، التي تُعرف باسم الأميرة شارلوت دو موناكو، لتصبح دوقة فالينتنيوس. جمع لويس الثاني القطع الأثرية المُتعلقة بنابليون الأول في متحف نابليون في القصر وجعله مفتوح لعامة الشعب. خلال الحرب العالمية الثانية، حاول لويس الحفاظ على موناكو كدولة مُحايدة، بالرغم من تعاطفه مع فرنسا الفيشية. أدى ذلك إلى خلافه مع حفيده رينيه، نجل ابنته ووريث عرشه، الذي أيد وبقوة قوات التحالف ضد النازيين. بعد تحرير موناكو من قبل قوات التحالف، لم يفعل الأمير لويس، البالغ من العمر 75 عامًا، شيئًا يُذكر لإنقاذ إمارته مما أدى إلى انهيارها. بحلول عام 1946، كان قد قضى مُعظم حياته في فرنسا، وفي 27 يوليو من ذات العام تزوج للمرة الأولى. وقد عاش هو وزوجته في عقارهم في فرنسا وذلك في خلال سنوات حُكمه الأخيرة التي قضاها بعيدًا عن موناكو. تُوفي الأمير لويس في عام 1949 وتولى الحُكم من بعده حفيده الأمير رينيه. رينيه الثالث. يُعد الأمير رينيه الثالث مسئولاً عن كلاً من استعادة ثروة موناكو، وتغير سُمعتها، بالإضافة إلى الإشراف على ترميم القصر. بمجرد أن اعتلى الأمير رينيه الثالث عرشه في عام 1949، بدأ على الفور برنامجًا لتجديد وترميم القصر. تم استعادة العديد من اللوحات الجصية التي كانت بالخارج ووضعها في الفناء، كما أنه تم إعادة بناء الجزء الجنوبي، الذي تم تدميره في أعقاب الثوة الفرنسية. وتوجد الغرف الخاصة للأسرة الحاكمة في ذلك الجزء من القصر، كما يوجد أيضًا متحف نابيلون والأرشيف. تُزين اللوحات الجصية الرواق المفتوح الذي يُعرف باسم جاليري هرقل كما أطلق عليه رينيه الثالث، الذي قام باستيراد أعمال لبير فرانسيسكو مازوشيلي والتي تُصور أبطال الخرافات والأساطير. بالإضافة إلى العديد من الغُرف التي تم إعادة تزينها وزخرفتها. قد تم ترميم العديد من الأرضيات المصنوعة من الرخام في غُرف الدولة وتم تزينها بتصميمات إنتارزيا التي تحتوي على حرف (R) مزدوجًا للدلالة على اسم الأمير رينيه الثالث. قام رينيه الثالث بمشاركة زوجته السابقة غريس كيلي بترميم القصر، ليس هذا فقط فمنذ عام 1970 جعله أيضًا المقر الرئيسي للأعمال الضخمة والمزدهرة، الأمر الذي شجع الصناعات الخفيفة في موناكو بهدف التقليل من اعتماد موناكو على القمار كمصدر للدخل. شمل هذا استصلاح الأراضي، وتطوير الشواطئ الجديدة، وبناء المساكن الفخمة شاهقة الارتفاع. أدى ازدهار موناكو إلى التحاقها بالأمم المتحدة في عام 1993 بقيادة الأمير ألبرت، وريث رينيه، بصفته رئيسًا لوفد مونكو. تُوفيت الأميرة غريس في عام 1982 قبل زوجها بسبب حادث سيارة. تُوفي رينيه الثالث في عام 2005 تاركًا قصره ودولته في حال أقوى وأكثر استقرارًا من الناحية المادية والهيكلية مما كانت عليه منذ قرون. القصر في القرن الحادي والعشرين. يُعد القصر اليوم موطنًا للأمير ألبير الثاني، ابن الأمير رينيه وخليفته في حُكم البلاد. تفتح غرف الدولة أبوابها للجمهور خلال فترة الصيف. ومنذ عام 1960، تم إعداد فناء القصر لإقامة الحفلات في الهواء الطلق والتي تُحيها أوركسترا فيلهارمونيك التي تنتمي لمونت كارلو (التي تُعرف سابقًا باسم أوركسترا الأوبرا الوطنية). يُعد القصرأكثر من مجرد كونه مكان لجذب السياح ومتحف، فقد ظل مقرًا لحاكم موناكو ومركزًا لتنفيذ الأعمال الكاملة، وقد أكد على ذلك الحراس في أثناء مهمات عملهم اليومي. قام أمراء موناكو المستقلين، على الرغم من تقيدهم بالدستور، بإدارة شئون البلاد وأعمالها ليل نهار. تشمل موناكو مساحة قدرها 197 هيكتار (497 فدان) في الوقت الحالي منهم 40 هيكتار (99 فدان) تم استخراجهم من البحر واستصلاحهم منذ عام 1980. أما بالنسبة للأحداث الهامة في موناكو، مثل حفلات الزفاف وحفلات أعياد الميلاد لدى الجريمالدي، يتم فتح فناء القصر ودعوة مواطنين موناكو للحضور ويقوم الأمير بإلقاء كلمة من جاليري هرقل الذي يطل على الفناء. كا يُستخدم أيضًا الفناء لاستضافة حفل الكريسماس السنوي للأطفال. ولا يزال القصر يلعب دورًا محوريًا في حياة الأمير ورعاياه من خلال مثل هذه الأحداث، كما كان منذ أكثر من سبعمائة عام. سميحة يانكه (بالتركية: Semiha Yankı)، مغنيّة بوب ومذيعة وممثلة تركية. عُرفت من خلال مسابقة الأغنية الأوروبية عام 1975 بأغنيتها "دقيقة واحدة معك" (بالتركية: Seninle Bir Dakika). الإسليح جنس نباتي يتبع الفصيلة الصليبية ويضم ما بين عشرة أنواع وعشرين نوعا ينمو بعضها في الوطن العربي. الإسليح العربي أو السلّيم أو الزملوق أو المليح أو فجل الجبل نوع نباتي يتبع جنس الإسليح من الفصيلة الصليبية. البيئة والانتشار. موطنه بلاد الشام والجزيرة العربية. الوصف النباتي. الإسليح العربي عشب حولي متفرع يصل طوله إلى أكثر من نصف متر، وينمو في التربة الرملية، وله ازهار بنفسجية اللون طبية الرائحة تظهر في الربيع،و ليس هو الخزامي كما يبدو لمن لا يجيد التفريق بين أنواع الأعشاب، وقد عرف العرب الأوائل أن الماشية التي ترعى الإسليح يكثر لبنها، لكن إذا أكثرت منه سلحت، أي رق برازها، ففي لسان العرب جاء ان (الإسليح بقلة من أحرار البقول تنبت في الشتاء تسلح الإبل إذا استكثرت منها ؛ وقيل هي عشبة تشبه الجرجير تنبت في حقوف الرمل ؛ وقيل هو نبات سهلي ينبت ظاهرا وله ورقة دقيقة لطيفة وسنفة محشوة حبا كحب الخشخاش). ولهذا العشب أسماء محلية في المملكة العربية السعودية منها السليم والسليح وأيضا الزملوق، على أن الزملوق اسم يطلق على عدة أنواع من النباتات. الإسليح البحري نوع نباتي يتبع جنس الإسليح من الفصيلة الصليبية. البيئة والانتشار. موطنه بلاد الشام ومصر والمغرب العربي وتركيا والقوقاز ومعظم مناطق أوروبا من اليونان والبلقان إلى إسبانيا والبرتغال وشمالاً من إيرلندا وبريطانيا إلى فنلندا وروسيا. ماري آننغ (21 أيار/مايو 1799 - 9 آذار/مارس 1847 )، هي إحاثية بريطانية تعمل على جمع الحفريات والتجارة بها. تُعرف آننغ عالميًا باكتشافاتها المهمة في الطبقات الأحفورية الجوراسية في الجروف على طول القناة الإنكليزية في بلدة لايم ريجيس في مقاطعة دورست في جنوب غرب إنكلترا. ساهمت النتائج التي توصلت إليها في تغييرات مهمة في التفكير العلمي حول حياة ما قبل التاريخ وتاريخ الأرض. بحثت آننغ عن حفريات في جروف بلولايز بالمنطقة، وخصوصًا خلال أشهر الشتاء عندما كشفت الانزلاقات الأرضية عن حفريات جديدة كان لابد من جمعها بسرعة قبل أن تضيع في البحر. ماتت آننغ في عام 1833 خلال انزلاق أرضي. شملت اكتشافاتها أول هيكل عظمي للإكتيوصور الذي حُدد بشكل صحيح، والعثور على أول اثنين من الهياكل العظمية المكتملة للبلصورات، وأول هيكل عظمي للتيروصور الذي يقع خارج ألمانيا، وأحافير أسماك مهمة. لعبت ملاحظاتها دورًا رئيسيًا في اكتشاف أن الكوبروليت المعروف باسم أحجار بيزور في ذلك الوقت كان عبارة عن فضلات متحجرة. كما اكتشفت أن أحافير بيلمينيت تحتوي على أكياس حبر متحجرة مثل تلك الموجودة في رأسيات الأرجل الحديثة. عندما رسم الجيولوجي هنري دي لا بيشال دورست القديمة، كان أول تمثيل مصور على نطاق واسع لمشهد من حياة ما قبل التاريخ المستمد من عمليات إعادة البناء الأحفوري، واستند إلى حد كبير على الحفريات التي عثرت عليها آننغ، وباع مطبوعات منها لصالحها. لم يكن لآننغ مشاركة كاملة في المجتمع العلمي لبريطانيا في القرن التاسع عشر حيث كان معظمهم من الأنجليكيين. تعرضت آننغ للكثير من المصاعب المادية حيث كانت أسرتها فقيرة، وكان والدها صانع أثاث توفي عندما كانت هي في الحادية عشر من عمرها. أصبحت آننغ معروفة في الأوساط الجيولوجية في بريطانيا وأوروبا وأمريكا، وناقشها العديد من العلماء حول قضايا التشريح وكذلك حول جمع الحفريات. لم تكن آننغ مؤهلة للانضمام إلى الجمعية الجيولوجية في لندن على الرغم من براعتها في مجالها، ولم تحصل دائمًا على التقدير الكامل لمساهماتها العلمية، ويعود ذلك إلى أنها امرأة. كتبت آننغ في رسالة: "لقد استغلني العالم بشكلٍ قبيح، وأخشى أن يكون هذا الأمر قد جعلني أشك بالجميع من حولي". نُشرت لها خلال حياتها مقالة علمية واحدة في مجلة التاريخ الطبيعي في عام 1839. أثارت قصة حياة آننغ غير العادية العديد من الكتّاب والقرّاء في عام 1847. كتبت إحدى الكاتبات عنها في مجلة "All the Year Round"، وحرر المقالة تشارلز ديكنز في عام 1865 قائلاً " نجحت ابنة النجار في شق طريق شهرتها، وهي تستحق الفوز بها". أدرجت الجمعية الملكية آننغ في قائمة النساء العشرة البريطانيات الأكثر تأثيرًا في تاريخ العلوم وذلك في عام 2010 بعد 163 سنة من وفاتها. السيرة الذاتية والمهنية. الطفولة. ولدت ماري بلايم ريجس، دورست، إنجلترا، لنجار بارع يدعى ريتشارد آننغ. إلا أن والدها، سعيا لتحسين دخله، كان يذهب للتنقيب عن الحفريات في الطبقات المتحفرة بجرف المدينة الساحلي ليبيعها للسائحين. تزوج ريتشارد آننغ من ميري مور الشهيرة بمولي، في الثامن من أغسطس لعام 1793. عاش الزوجان معاً ببلاندفورد، إلا أنهما، بعد ذلك، انتقلا للعيش بمنزل على جسر مدينة لايم. انضم الزوجان لكنيسة خارجة عن الكنيسة الأنجليكية، تقع في شارع كوم، حيث سمي أتباعها بالمستقلين الأحرار قبل أن يطلقوا على أنفسهم اسم الأبرشانيين. وفي هذا الصدد كتبت شيلي إملينغ أن عائلة ماري كانت تقطن في منزل قريب جداً من البحر، حيث أن العواصف البحرية التي كانت تكشف عن الحفريات، ذاتها، كانت تفيض داخل البيت مضطرة العائلة للتسلل للخارج عبر نوافذ غرف النوم العلوية، خشية الغرق. هذا النصب التذكاري معلق على ما يعتقد أنه كان المنزل الذي شهد مولد ماري ومتجرها الأول، إلا أن هذا المنزل قد تحول الآن إلى متحف لايم ريجس المحلي. رزق ريتشارد آننغ وميري مور بعشرة أطفال. الطفلة الأولى كانت تدعى ماري، وقد ولدت في عام 1794 ثم تلتها بنت أخرى توفت سريعاً جداً. بعد ذلك ولد جوزف في عام 1796 تلاه ولد آخر، إلا أن هذا الطفل مات رضيعاً. وفي العام نفسه، 1796، توفت الابنة الكبرى ماري، التي كانت في الرابعة من عمرها، حيث أمسكت النار بثيابها عندما كانت تضيف إليها براضة الخشب. وقد نشرت تلك الحادثة في عدد مجلة باث كرونيكال الصادر في السابع والعشرين من ديسمبر لعام 1798، حيث جاء فيه أن "طفلة لنجار يدعى السيد ر. آننغ يعيش في لايم ريجس، تبلغ من العمر أربع سنوات، تركت بمفردها في غرفة بها براضة خشب...حيث أمسكت النار بثيابها...ولم تنتبه لها أمها، الأمر الذي جعلها تصاب بحروق بالغة أودت بحياتها" والجدير بالذكر أن ميري مور أنجبت طفلة بعد تلك الحادثة بخمسة أشهر فقط، حيث أطلق عليها ماري نسبة لأختها التي قضت قبل أشهر. وبعد ذلك أنجب أطفال آخرون، إلا أن جميعهم ماتوا قبل أن يتموا عامهم الثاني، ولم يعش سوى ماري وجوزف حتى مرحلة الشباب. وعلى الرغم من ذلك، فلم يكن معدل وفايات الأطفال المرتفع في عائلة ماري أمر غير مألوف، ففي بدايات القرن التاسع عشر كان نصف الأطفال في بريطانيا يموتون قبل سن الخامسة. وبالنظر للظروف المعيشية الصعبة بلايم ريجس، في بدايات القرن التاسع عشر، فإن موت الأطفال جراء الإصابة بالجدري والحصبة كان أمر مألوف تماما. في التاسع عشر من أغسطس لعام 1800، أي عندما كانت ماري تبلغ من العمر 15 شهرا فقط، وقعت حادثة جذبت أنظار الجميع إليها. فقد وقفت ماري تحت شجرة دردار ضخمة مع إحدى الجارات التي تدع إليزابيث هسكنغ، وسيدتين أخرتين لمشاهدة عرض فروسية كانت تقدمه مجموعة من الخيالة. إلا أن تلك الشجرة وقعت إثر صاعقة برقية وقتلت النسوة الثلاث في الحال. وسرعان ما نقل شهود العيان الطفلة إلى منزلها، حيث تم إنعاشها بحمام ساخن. وبعد تلك الحادثة قال الطبيب الذي فحص ماري أن نجاتها كانت معجزة إلاهية. وقالت عائلتها أن ماري كانت تبدو مجرد طفل سقيم ممراض، قبل تلك الحادثة، ولكنها الآن أصبحت زهرة متفتحة. وكذلك ظل الناس لسنوات طوال يربطون بين ذكاء ماري وحيويتها وحب الاستطلاع لديها وبين تلك الحادثة. تلقت ماري قدر قليل جدا من التعليم. فقد كانت تحضر مدارس الآحاد بالكنيسة الأبرشانية، حيث تعلمت القراءة والكتابة. وقد كانت تلك الكنائس، على عكس الكنائس الأنجليكية، تؤكد على أهمية التعليم بالنسبة للفقراء. ولعل من أهم ما درسته ماري في تلك المدرسة هي المجلة الدينية التي كانت تصدر عن الكنيسة. حيث كتب فيها الأب جيمس ويتن، القس المسؤول عن العائلة، مقالين; أحدهما يؤكد أن الله خلق الأرض في ستة أيام، والآخر يدعوا أتباع كنيسته لدراسة العلم الجديد; علم الجيولوجيا. عمل العائلة بجمع الحفريات. في نهاية القرن الثامن عشر، وبالتحديد بعد عام 1792، حيث اندلعت حروب الثورة الفرنسية، أصبح معظم البر الأوروبي خطر على أبناء طبقة الأشراف البريطانية، وبالتالي ازدهرت سواحل لايمريجس وأصبحت منتجعا سياحي للأغنياء والطبقة الوسطى على حد سواء. اتجه سكان المنطقة المحليون، حتى قبل أن تولد ماري، لبيع ما أسموه ب"الكوريوز/ curios" للسائحين. فقد كانوا يعتقدون أن لتلك الحفريات فوائد طبية وأخرى سحرية خارقة. كان السكان المحليون يطلقوا بعض الأسماء البراقة على تلك الحفريات; فتراهم يسمون الأمونيت ب"سنايك-ستونز/ snake-stones" والبلمنايت ب"أصابع الشيطان/ ديفلز فنجرز/ devil's fingers"، أما العواميد الفقرية فكانوا يطلقوا عليها اسم "فيرتبيريز/ verteberries". في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، كان جمع الحفريات هواية شائعة بين الناس، إلا أنه تحول بالتدريج، بسبب تطور الفكر العلمي، من كونه مجرد تسلية إلى علم يؤثر في كلاً من علم الأحياء وعلم الجيولوجيا. كان التكوين الجيولوجي لجروف البلولايز الساحلية، المحيط بلايم ريجس، المصدر الرئيس لاستخراج الحفريات ببريطانيا. فقد كان يتكون من طبقات رسوبية متراصة من الطفل والطين والحجر الجيري، تجمعت خلال العصر الجوراسي (منذ 195: 210 مليون سنة). ويلاحظ أن تلك الجروف الساحلية كانت خطرة للغاية، خاصة خلال أشهر الشتاء، حيث تحدث الانزلاقات الأرضية. والغريب في الأمر، أن أشهر الشتاء الخطرة تلك كانت تشهد إقبالا كبير من جامعي الحفريات، نظرا لكون هذا الهبوط الأرضي يميط اللثام عن الكثير من الحفريات. كان ريتشارد آننغ دائما ما يأخذ ماري وجوزف في رحلات الاستكشاف التي كان يقوم بها لجمع الحفريات. فقد كانت العائلة، سعياً لتحسين دخلها، تعرض تلك الحفريات على مائدة تنصب أمام منزلها، ومن ثم تبيعها للسائحين. كانت تلك الفترة عصيبة على محدودي الدخل والفقراء في المجتمع الإنجليزي بسبب ما خلفته حروب الثورة الفرنسية، ومن بعدها الحروب النابوليونية من نقص في الغذاء وارتفاع في الأسعار. فقد زاد ثمن القمح ثلاث أضعاف ما كان عليه في الفترة من 1792 إلى 1812، بينما بقيت رواتب الطبقة العاملة، تقريبا، على ما هي عليه من تدني. وفي دورست، أدى نقص الغذاء إلى تدهور الوضع السياسي واندلاع أعمال الشغب. حتى أن ريتشارد آننغ، نفسه، قام بتنظيم تظاهرة احتجاجا على نقص الغذاء. أضف إلى ذلك الإقصاء الذي كانت تعاني منه الأسرة لكونها منشقة عن الكنيسة الإنجليزية. فطبقا للقانون الإنجليزي، آنذاك، كان يحرم على غير أتباع الكنيسة الإنجليزية، الالتحاق بالجامعات أو بالجيش أو حتى تولي بعض الأعمال. وقد زاد الطين بلة، بعد وفاة ريتشارد آننغ، في نوفمبر لعام 1810 عن عمر يناهز الرابعة والأربعين، متأثرا بالسل، المرض الذي داهمه بعد أن وقع من أعلى جرف; فقد ترك الأسرة، بلا أي مدخرات، تتحمل ديون طائلة، الأمر الذي اضطرها للتقدم للحصول على معونة الفقراء، مع الاستمرار في بيع الحفريات على مائدة نصبت داخل موقف الخيول بخان المدينة. وبالرغم من أن كل القصص تسلط الضوء على عبقرية ماري في جمع الحفريات، فقد كتب دينيس دين أن ميري مور وجوزف آننغ كانا يعتبران داهية في مجال جمع الحفريات. وأن الأبوان قد باعا الكثير من الحفريات المهمة قبل وفاة ريتشارد آننغ. كانت أولى اكتشافات جوزف وماري الشهيرة، جمجمة إكتيوصور يبلغ طولها أربع أقدام، عثر عليها جوزف في عام 1811، وباقي الهيكل العظمي الذي عثرت عليه ماري بعد ذلك بعدة أشهر. وقد قام هنري هوست هنلي، لورد كولواي، الواقعة بالقرب من لايم ريجس، بشراء الهيكل العظمي من العائلة مقابل £23. والذي بدوره قام ببيعه لجامع الحفريات الشهير (ويليام بولوك)، الذي قام بعرضه في لندن حيث جذب إليه الأنظار. ففي حين أن معظم سكان إنجلترا كانوا لا يزالون يصدقون قصة الخلق في سفر التكوين; والتي تقضي بأن عمر الأرض لا يتجاوز بضع آلاف من السنين، جاء هذا الهيكل العظمي ليطرح الكثير من التساؤلات حول تاريخ الأرض والكائنات الحية. بعد ذلك طرح الهيكل للبيع بمزاد باعتباره هيكل عظمي لتمساح متحفر، واشتراه تشارلز كونيغ، مدير المتحف البريطاني ب45 جنيه و5 شلنات، واختار له اسم "إكتيوصور". أدارت الأم (ميري) عمل العائلة بجمع الحفريات بعد وفاة زوجها ريتشارد، إلا أنه ليست هناك أية معلومات حول الحفريات التي جمعتها بنفسها. والشيء الوحيد الذي وصلنا من كتاباتها، هو خطاب بعثته للمتحف البريطاني في عام 1881، تطلب منه دفع مستحقات العائلة نظير النموذج الذي اشتراه منها. أما عن جوزف، فقد كان مشغولا بتعلم حرفة التنجيد، ولكنه ظل يعمل بجمع الحفريات حتى عام 1825. ومنذ ذلك العام، بدأت ماري تدير عمل العائلة بنفسها. مزاد بيرتش. في عام 1820 شعر المقدم توماس جيمس بيرتش\ بولفل; جامع الحفريات الشهير، وأحد زبائن العائلة الذي يعيش بلينكونشير، بالضيق تجاه حالة الفقر التي وصلت لها عائلة آننغ. فبعد عدة سنوات بلا أي اكتشافات مميزة، وصلت حالة العائلة المادية لمستوى متدن للغاية، اضطرت معه لبيع أثاث المنزل لتسديد الإجار، الأمر الذي جعل توماس يقرر إقامة مزاد لصالح العائلة يبيع فيه ما اشتراه منها من حفريات، فكتب في الخامس من مارس لعام 1820 لعالم الحفريات غيديون مانتل يقول أن هذا المزاد "لصالح أم فقيرة تعيش مع ابنها وبنتها بلايم، ولكن تلك المرأة وأبناءها، قد وجدوا معظم الحفريات المهمة التي شاركت في تطور البحث العلمي...ربما لن استطيع الاحتفاظ بالمنتلكات النادرة التي أوشك على بيعها، ولكن ما يجعلني أقبل على إقامة هذا المزاد أني أعلم أن عائده سيذهب لأناس يستحقونه بحق". وبالفعل أقيم المزاد لمدة ثلاث أيام ببولوكس، لندن، وحضره مشترون من باريس وفيينا، حيث جمع المزاد £400 أي ما يعادل £26000 في عام 2010. وبالرغم من أننا لا نعرف ما وصل العائلة من هذا المبلغ، فإن هذا المزاد ساعد العائلة على تحسين وضعها المادي، كما أكسبها شهرة كبيرة في الأوساط الجيولوجية. متجر الحفريات وزيادة الخبرة بالمهنة الخطرة. اعتمدت ماري في البداية على بيع الحفريات اللافقارية كقواقع الأمونيت والبلمنايت المنتشرة، حيث كانت تبيعها مقابل شلنات قليلة، على خلاف الفقاريات، كالإكتيوصورات ، التي كانت أكثر ندرة وأغلى ثمنا. وقد كان جمع الحفريات عملاً شتوياً غاية في الخطورة، كما ذكرت مجلة بريستول ميرور في مقالها عن ماري عام 1823: وقد ظهرت مخاطر عمل ماري جلية، في عام 1833 عندما استطاعت أن تنفد بأعجوبة من أحد تلك الانهيارات التي دفنت رفيقها الوفي (الكلب تراي). حيث كتبت ماري في خطاب لصديقتها تشارلوت ميرتشسون في نوفمبر من نفس العام: "ربما تسخرين مني إذا ما قلت أن موت كلبي الوفي قد أثر بي كثيرا، ولكن الجرف الذي قتله سقط في لحظة خاطفة أمام عيني بالقرب من قدمي...فقد كان يفصلني عن المصير نفسه دقيقة واحدة فقط." بدأت شهرة ماري تزداد مع كل اكتشاف تقوم به; ففي العاشر من ديسمبر لعام 1823 عثرت على هيكل عظمي كامل بلصور، وفي عام 1828 عثرت على أول زواحف طائرة في بريطانيا تيروصور والذي عرض بالمتحف البريطاني بوصفه تنين طائر، أما في العام 1829 فقد عثرت على هيكل سمكة سكوالوراجا Squaloraja. وبالرغم من أن ماري تلقت قدر قليل جدا من التعليم، فقد كانت تحرص على قراءة كل ما تصل إليه أيديها من الأدب العلمي والأبحاث المنسوخة والتي كانت تستعيرها من أصدقائها. حيث قال عنها عالم الحفريات كريستوفر مغالن أنه فحص نسخة ماري للبحث الذي أصدره عالم الجيولوجيا ويليام كونيبير في عام 1824، حيث وجد عدة صفحات من الشرح التقني المفصل بقلم ماري، بيد أن هذا الشرح كان متسق مع البحث الأصلي بصورة جعلت من الصعب معرفة ما كتبته ماري من ما كتبه ويليام نفسه. لم تكتفِ ماري بجمع الحفريات فقط، فقد كانت تقوم بتشريح بعض الحيوانات المعاصرة كالأسماك والحبار سعياً لفهم أعمق لتكوين الحيوانات المتحفرة. وقد تحدثت عنها السيدة هيريت سلفستر، أرملة قاضي لندن السابق، في مذكراتها عندما زارت لايم في عام 1824 قائلة: في عام 1826 أي عندما كانت ماري في السابعة والعشرين من عمرها، استطاعت أخيرا أن تدخر مبلغ لشراء منزل ومتجر ذو واجهة زجاجية أطلقت عليه اسم (متجر آل آننغ للحفريات) أو (Anning's Fossil Depot). وقد لقى هذا المتجر اهتمام كبير على الصعيدين الأمريكي والبريطاني; فقد كتبت عنه صحيفة لايم المحلية أنه متجر جميل يعرض هيكل إكتيوصور في حالة جيدة. بينما زارته العديد من الشخصيات المعروفة مثل عالم الجيولوجيا الشهير جورج فازرستونهو الذي وصف ماري بأنها فتاة ماهرة ولطيفة. وقد اشترى جورج الكثير من الحفريات للأكاديمية العلمية الناشئة بنيويورك. وفي عام1844، زار الملك فريدريك أغسطس الثاني، ملك مملكة ساكسونيا ماري في متجرها حيث اشترى منها هيكل إكتيوصور ليضيفه إلى مقتنياته في مجموعة التاريخ الطبيعي الكبيرة. وقد كتب كارل غاستف كارس، طبيب الملك ومساعده في مذكراته: وعندما طلب منها كارس أن تكتب اسمها وعنوانها، قرأت اسمها "ماري آننز"، وقالت "أنا معروفة في أوروبا كلها." بمرور الوقت، أصبحت ماري أكثر ثقة بعلمها ومعرفتها. والدليل على ذلك أنها راسلت مجلة ناتشورال هيستوري في عام 1839 لتدحض مزاعم أحد المحررين الذي أدعى أن (قرش هايبوس)، المكتشف مؤخراً، الذي عاش منذ ملايين السنين قبل التاريخ ينحدر من سلالة أخرى غير تلك التي ينحدر منها أسماك القرش الأخرى، ذات الأسنان المستقيمة والمعقوفة، التي اكتشفتها ماري منذ سنوات. فقد كان هذا الاقتباس الذي نشر من خطاب ماري الإسهام العلمي المكتوب الوحيد الذي نشر وهي في قيد الحياة. إلا أن هناك خطابات شخصية نشرت لماري أثناء حياتها، كخطاباتها إلى فرنسيس أغسطا بل. تفاعل ماري مع الوسط العلمي. كانت ماري، بوصفها امرأة فقيرة من الطبقة العاملة، غريبة عن الأوساط العلمية. ففي ذلك الوقت لم يكن للنساء، ولا حتى الفقراء من الرجال من مَن لم يكن لديهم ملكية خاصة، الحق في الإدلاء بأصواتهم، أو تقلد المناصب الحكومية، أو حتى الالتحاق بالجامعات. وبالنسبة للنساء من الطبقة العاملة، كانت الوظائف المتاحة تتمثل في أعمال الزراعة والأعمال المنزلية والعمل بالمصانع الجديدة. ولم تكن الجمعية الجيولوجية، الناشئة، ذات الدور المؤثر في تشكيل الوعي العلمي بمعزل عن مثل هذا الإقصاء. فقد منعت النساء من الاشتراك فيها، أو حتى حضور جلساتها باعتبارهم ضيوف. ومن ناحية أخرى، كانت ماري تستاء من الكثير من زبائنها المهتمين بالحفريات; فبالرغم من أنها كانت تفوقهم علماً، فإن، زبونها، عالم الجيولوجيا الثري، كان هو دائما من يضع وصفاً علمياً للحفريات التي تكتشفها ماري، دون أدنى إشارة لدور ماري في اكتشافه. وفي الصدد نفسه تقول آنا بني، الصبية التي صاحبت ماري في الكثير من رحلات جمع الحفريات: "لقد استغلت ماري بشدة... فبينما كانت تلك الصفوة المتعلمة تعتمد على كل ما تتوصل إليه ماري من تفصيلات ضرورية لنشر نتائجهم النهاءية، كانت ماري لا تحصل على أية امتيازات نظير تلك الاكتشافات." وكذلك كتب تورانس أن الظلم والتجاهل الذين تعرضت لهما ماري كانا جزءا من منظومة أكبر من التجاهل الذي تعرضت له الإسهامات العلمية المقدمة من الطبقة العاملة في أوائل القرن التاسع عشر. فغالباً ما كان الحجار، أو عامل الطرق، أو عامل البناء يجمع الحفريات ثم يبيعها لجامع الحفريات الثري، فإذا كانت المستحاثات التي اكتشفت ذات قيمة علمية، فإن الأخير كان يحصل على كل الامتيازات والتقدير. كان الكثير من علماء الجيولوجيا يزورون ماري، ليس فقط من أجل شراء الحفريات، ولكن أيضاً للخروج معها في رحلات جمع الحفريات، وكذلك لمناقشة أمور التشريح. فعلى سبيل المثال: كانت ماري وهنري ديلابيك أصدقاء، أثناء مرحلة المراهقة وبعدها، حين أصبح هنري أحد أبرز علماء الجيولوجيا في المملكة. فقد كان هنري، وماري، وأحياناً جوزف آننج، يذهبوا معاً في رحلات جمع الحفريات. أما ويليام بكلاند، أستاذ الجيولوجيا بجامعة أوكسفورد فكان يقضي إجازات عيد الميلاد بلايمريجس، حيث شُهِد، وماري، يجمعان الحفريات. ويبدو أن بكلاند قد استفاد كثيرا من الإثباتات العلمية التي توصلت إليها ماري; فقد أثبت أن البازهر المخروطي، الذي أسماه بالكوبراليت، ما هو إلا روث أكتيوصور أو بليزوصور متحفر. وفي عام 1839 قام كلاً من ويليام بكلاند، وريتشارد أوين، وكونيبير بزيارة لايم، حيث ذهبوا جميعا في رحلة لجمع الحفريات، بصحبة ماري. وكذلك ساعدت ماري جامع الحفريات توماس هوكنز في جمع هياكل الإكتيوصور من ساحل لايم ريجس في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، بيد أنها لاحظت ميل هوكنز لتحسين الهياكل المتحفرة، فقالت عنه: "لقد كان يضع الأشياء تبقاً لتصوره هو، وليس على الصورة التي وجدت عليها...". ونتيجة لذلك، أثيرت فضيحة كبرى حول العظام التي يضيفها هوكنز إلى هياكل الإكتيوصور، كي تبدو مكتملة، قبل أن يبيعها لمتحف التاريخ الطبيعي بالمتحف البريطاني، دون علم المثمنون بتلك الإضافات. وفي عام 1834 قام عالم الحفريات السوسري، لويس أغاسيز بزيارة ماري لجمع ودراسة حفريات الأسماك، حيث أعجب بمهارتها، هي وصديقتها إليزابيث فيلبوت، حيث شكرهما في كتابه دراسة في الأسماك المتحفرة (Studies of Fossil Fish). كما كتب عنهما في مذكراته: "لقد استطاعت الآنسة فيلبوت وماري آننغ أن ترياني سلالات عديدة من أسماك القرش". وكذلك قام رودريك موركيسون، ضمن عمله الميداني بجنوب غرب إنجلترا، بزيارة لايم، حيث ترك زوجته شارلوت هناك، لعدة أسابيع، كي تتعلم أمور جمع الحفريات من ماري. وفي تلك الفترة أصبحت ماري وشارلوت صديقتين، حيث استفادت ماري من صداقتها بشارلوت التي عرفتها على شبكة واسعة من الزبائن بأوروبا. حتى غيديون مانتل، مكتشف الديناصور إغوانادون، قام بزيارة ماري بمتجرها. إلى جانب تلك الزيارات، كان العديد من العلماء يكاتبون ماري ويسألون آراءهم. ومن هؤلاء تشارلز لايل الذي كتب يسألها عن رأيها في التأثير الذي يحدثه البحر في الجروف الساحلية بلايم. في حين راسلها آدم سيدجويك، أستاذ الجيولوجيا بجامعة كامبريدج، الذي درس لعديد من العلماء من أبرزهم تشارلز داروين. العثرات المالية وتغيير الكنيسة. هذه هي الطباعة الحجرية، التي صورها جورج يوهان شارف، من رسمة هنري ديلابك الأصلية، دوريا أنتيكوير بالألوان الماءية. في عام 1830، تعرضت ماري لأزمة مالية، بسبب قلة الطلب للحفريات، نتيجة للحالة الاقتصادية السيءة التي كانت تمر بها البلاد، إلى جانب الفترات الزمنية الطويلة التي كانت تفصل بين اكتشافات ماري الكبرى. وقد حاول هنري ديلابك، صديق ماري المقرب، مساعدتها، فكلف جورج شارف بعمل طباعة حجرية لرسمته دوريا أنتيكوير، التي تعتمد على الحفريات التي وجدتها ماري في تصوير الحياة بدورست في عصور ما قبل التاريخ. ثم باع ديلابك نسخ عديدة من تلك الطباعة الحجرية لزملائه من الجيولوجيين وغيرهم من الأثرياء، حيث تبرع بالعائد لصالح ماري. وفي ديسمبر من نفس العام، اكتشفت ماري، أخيراً، هيكل عظمي لنوع جديد من البليزوصورات وباعته مقابل £200. وفي خلال تلك الفترة، تحولت ماري من الكنيسة الأبرشانية، حيث عُمدت ماري ونشطت هي وعائلتها، إلى الكنيسة الأنجليكية. وقد جاء هذا التحول تزامناً مع التراجع الملحوظ الذي شهدته أعداد المنتمين للكنيسة الأبرشانية في عام 1828، بعد سفر الجيولوجي والقس جون غليد، صاحب الجماهرية الكبيرة، إلى أمريكا لتدشين حملة ضد العبودية هناك، واستخلاف القس إبينيزر سمث، صاحب الشعبية الأقل، مكانه. وكذلك تحولت ماري عن الكنيسة الناشئة بعد تأثر المكانة الاجتماعية لتلك الأخيرة نتيجة لتحول الكثير من النبلاء من زبائن ماري، مثل بكلاند، وكونيبير، وسدجوك، عن الكنيسة. وبالرغم من ذلك التحول، فقد بقيت ماري، بوصفها مسيحية متدينة، تخدم كنيستها الجديدة كما كانت تخدم كنيستها القديمة. وفي عام 1835 تعرضت ماري لضائقة مالية أخرى، بعدما فقدت معظم مدخراتها (حوالي £300) في صفقة غير موفقة. حيث اختلفت المصادر حول ما حدث بالضبط; فتقول ديبرا كادبوري أن ماري قد استثمرت أموالها مع شخص محتال سرقها، بينما تقول شيلي إملنغ أنه ليس من المؤكد إذا ما كان هذا الرجل محتالاً بالفعل، أو أنه لم يكن محتالاً ولكنه مات فجأة قبل أن يرد لماري أموالها. بيد أن حالة ماري المادية قد تأثرت كثيرا بعد تلك الحادثة، حتى أن ويليام بكلاند، صديق ماري القديم، تقدم بطلب لكلاً من الحكومة البريطانية والجمعية البريطانية لتقدم العلوم لمنح ماري معاش سنوي نظير إسهاماتها الكثيرة في علم الجيولوجيا. ويذكر أن ذلك المعاش البسيط (£25) قد ساعد على تأمين وضع ماري المالي، بعض الشيء. المرض والوفاة. توفيت ماري في التاسع من مارس لعام 1847، عن عمر يناهز السابعة والأربعين، بعد صراع مع سرطان الثدي. حيث تضاءل عملها تدريجياً، خلال السنوات الأخيرة من حياتها، بسبب ظروف مرضها. وبسبب ظروف مرضها تلك شاع بين سكان لايم أن ماري لديها مشكلة بسبب كثرة شرب الخمور، نظراً لكثرة تناولها لجرعات كبيرة من صبغة الأفيون، باعتبارها مسكن قوي للآلام التي كانت تعانيها. وفي عام 1846، بعدما تبين للجمعية الجيولوجية أن ماري تعاني من السرطان، قام أعضاء الجمعية بجمع تبرعات لمساعدة ماري في نفقاتها، كما قامت إدارة متحف بلدة دورست، الناشئ، بتعيين ماري عضو شرف فيه. دفنت ماري في كنيسة القرية، كنيسة سانت مايكل، في الخامس عشر من مارس. وبعد وفاتها بأربع سنوات، شارك أعضاء من الجمعية الجيولوجية في بناء نافذة زجاجية تذكارية، تخليداً لاسم ماري آننغ بكنيسة سانت مايكل. وفي عام 1851 افتتحت النافذة التي تصور أعمال الرحمة الست: إطعام الجائع وسقي العطشان، وإكرام الغريب، وكساء العريان، وزيارة المريض، وافتقاد السجين، حيث كتب عليها بالنص: "هذه النافذة تخليدا لذكرى ماري آننغ، ابنة هذه القرية، التي قضت نحبها في التاسع من مارس لعام 1847،، شيده قس القرية وبعض أعضاء الجمعية الجيولوجية، تقديراً لإحسان قلبها واستقامة حياتها، وعرفاناً لدورها في إثراء علم الجيولوجيا." وبعد وفاتها كتب هنري ديلابك، رئيس الجمعية الجيولوجية، إطراء لماري، ألقاه على الجمعية الجيولوجية ونشره في مجلتها الفصلية. ويعتبر هذا المدح الأول من نوعه الذي يقدم لامرأة، من الجمعية التي لم تكن تعترف بعضوية النساء، أصلاً، حتى عام 1904. ويبدأ الإطراء قائلاً: "لا استطيع أن أختم الحديث عن من افتقدناهم بسبب الموت بدون أن أذكر هذه الشخصية، التي لم تكن مسجلة في الجمعية، لأنها كانت تسعى لكسب قوطها، بيد أن تلك الشخصية قد أسهمت كثيراً بمهراتها وأبحاثها في معرفتنا بالزواحف البحرية التي عاشت بمحاذات ساحل لايم... " وفي عام 1865، كتب تشارلز ديكنز مقالاً عن حياة ماري في مجلته الأدبية على مدار العام (All the Year Round)، تحدث فيه عن الصعبات التي تخطتها ماري، خصوصاً تلك التي واجهتها مع أهل مدينتها الذين كانوا يتبنون الكثير من الأفكار العلمية المغلوطة. حيث ختمه بقوله: " لقد صنعت ابنة النجار البسيط لها اسم وشهرة عظيمين، وهي بالفعل تستحقهما." وفي عام 2010، أي بعد وفاتها ب163 سنة، أدرجت الجمعية الملكية البريطانية اسمها في قائمة أكثر عشر نساء أسهمن في تاريخ العلم. السيرة الذاتية والمهنية. الطفولة. ولدت ماري بلايم ريجس، دورست، إنجلترا، لنجار بارع يدعى ريتشارد آننغ. إلا أن والدها، سعيا لتحسين دخله، كان يذهب للتنقيب عن الحفريات في الطبقات المتحفرة بجرف المدينة الساحلي ليبيعها للسائحين. تزوج ريتشارد آننغ من ميري مور الشهيرة بمولي، في الثامن من أغسطس لعام 1793. عاش الزوجان معاً ببلاندفورد، إلا أنهما، بعد ذلك، انتقلا للعيش بمنزل على جسر مدينة لايم. انضم الزوجان لكنيسة خارجة عن الكنيسة الأنجليكية، تقع في شارع كوم، حيث سمي أتباعها بالمستقلين الأحرار قبل أن يطلقوا على أنفسهم اسم الأبرشانيين. وفي هذا الصدد كتبت شيلي إملينغ أن عائلة ماري كانت تقطن في منزل قريب جداً من البحر، حيث أن العواصف البحرية التي كانت تكشف عن الحفريات، ذاتها، كانت تفيض داخل البيت مضطرة العائلة للتسلل للخارج عبر نوافذ غرف النوم العلوية، خشية الغرق. هذا النصب التذكاري معلق على ما يعتقد أنه كان المنزل الذي شهد مولد ماري ومتجرها الأول، إلا أن هذا المنزل قد تحول الآن إلى متحف لايم ريجس المحلي. رزق ريتشارد آننغ وميري مور بعشرة أطفال. الطفلة الأولى كانت تدعى ماري، وقد ولدت في عام 1794 ثم تلتها بنت أخرى توفت سريعاً جداً. بعد ذلك ولد جوزف في عام 1796 تلاه ولد آخر، إلا أن هذا الطفل مات رضيعاً. وفي العام نفسه، 1796، توفت الابنة الكبرى ماري، التي كانت في الرابعة من عمرها، حيث أمسكت النار بثيابها عندما كانت تضيف إليها براضة الخشب. وقد نشرت تلك الحادثة في عدد مجلة باث كرونيكال الصادر في السابع والعشرين من ديسمبر لعام 1798، حيث جاء فيه أن "طفلة لنجار يدعى السيد ر. آننغ يعيش في لايم ريجس، تبلغ من العمر أربع سنوات، تركت بمفردها في غرفة بها براضة خشب...حيث أمسكت النار بثيابها...ولم تنتبه لها أمها، الأمر الذي جعلها تصاب بحروق بالغة أودت بحياتها" والجدير بالذكر أن ميري مور أنجبت طفلة بعد تلك الحادثة بخمسة أشهر فقط، حيث أطلق عليها ماري نسبة لأختها التي قضت قبل أشهر. وبعد ذلك أنجب أطفال آخرون، إلا أن جميعهم ماتوا قبل أن يتموا عامهم الثاني، ولم يعش سوى ماري وجوزف حتى مرحلة الشباب. وعلى الرغم من ذلك، فلم يكن معدل وفايات الأطفال المرتفع في عائلة ماري أمر غير مألوف، ففي بدايات القرن التاسع عشر كان نصف الأطفال في بريطانيا يموتون قبل سن الخامسة. وبالنظر للظروف المعيشية الصعبة بلايم ريجس، في بدايات القرن التاسع عشر، فإن موت الأطفال جراء الإصابة بالجدري والحصبة كان أمر مألوف تماما. في التاسع عشر من أغسطس لعام 1800، أي عندما كانت ماري تبلغ من العمر 15 شهرا فقط، حدثت حادثة جذبت أنظار الجميع إليها. فقد وقفت ماري تحت شجرة دردار ضخمة مع إحدى الجارات التي تدع إليزابيث هسكنغ، وسيدتين أخرتين لمشاهدة عرض فروسية كانت تقدمه مجموعة من الخيالة . إلا أن تلك الشجرة وقعت إثر صاعقة برقية وقتلت النسوة الثلاث في الحال. وسرعان ما نقل شهود العيان الطفلة إلى منزلها، حيث تم إنعاشها بحمام ساخن. وبعد تلك الحادثة قال الطبيب الذي فحص ماري أن نجاتها كانت معجزة إلاهية. وقالت عائلتها أن ماري كانت تبدو مجرد طفل سقيم ممراض ، قبل تلك الحادثة، ولكنها الآن أصبحت زهرة متفتحة. وكذلك ظل الناس لسنوات طوال يربطون بين ذكاء ماري وحيويتها وحب الاستطلاع لديها وبين تلك الحادثة. تلقت ماري قدر قليل جدا من التعليم. فقد كانت تحضر مدارس الآحاد بالكنيسة الأبرشانية، حيث تعلمت القراءة والكتابة. وقد كانت تلك الكنائس، على عكس الكنائس الأنجليكية، تؤكد على أهمية التعليم بالنسبة للفقراء. ولعل من أهم ما درسته ماري في تلك المدرسة هي المجلة الدينية التي كانت تصدر عن الكنيسة. حيث كتب فيها الأب جيمس ويتن، القس المسؤول عن العائلة، مقالين; أحدهما يؤكد أن الله خلق الأرض في ستة أيام، والآخر يدعوا أتباع كنيسته لدراسة العلم الجديد; علم الجيولوجيا. عمل العائلة بجمع الحفريات. في نهاية القرن الثامن عشر، وبالتحديد بعد عام 1792، حيث اندلعت حروب الثورة الفرنسية، أصبح معظم البر الأوروبي خطر على أبناء طبقة الأشراف البريطانية، وبالتالي ازدهرت سواحل لايمريجس وأصبحت منتجعا سياحي للأغنياء والطبقة الوسطى على حد سواء. اتجه سكان المنطقة المحليون، حتى قبل أن تولد ماري، لبيع ما أسموه ب"الكوريوز/ curios" للسائحين. فقد كانوا يعتقدون أن لتلك الحفريات فوائد طبية وأخرى سحرية خارقة. كان السكان المحليون يطلقوا بعض الأسماء البراقة على تلك الحفريات; فتراهم يسمون الأمونيت ب"سنايك-ستونز/ snake-stones" والبلمنايت ب"أصابع الشيطان/ ديفلز فنجرز/ devil's fingers"، أما العواميد الفقرية فكانوا يطلقوا عليها اسم "فيرتبيريز/ verteberries". في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، كان جمع الحفريات هواية شائعة بين الناس، إلا أنه تحول بالتدريج، بسبب تطور الفكر العلمي، من كونه مجرد تسلية إلى علم يؤثر في كلاً من علم الأحياء وعلم الجيولوجيا. كان التكوين الجيولوجي لجروف البلولايز الساحلية، المحيط بلايم ريجس، المصدر الرئيس لاستخراج الحفريات ببريطانيا. فقد كان يتكون من طبقات رسوبية متراصة من الطفل والطين والحجر الجيري، تجمعت خلال العصر الجوراسي (منذ 195: 210 مليون سنة). ويلاحظ أن تلك الجروف الساحلية كانت خطرة للغاية، خاصة خلال أشهر الشتاء، حيث يحدث الهبوط الأرضي. والغريب في الأمر، أن أشهر الشتاء الخطرة تلك كانت تشهد إقبالا كبير من جامعي الحفريات، نظرا لكون هذا الهبوط الأرضي يميط اللثام عن الكثير من الحفريات. كان ريتشارد آننغ دائما ما يأخذ ماري وجوزف في رحلات الاستكشاف التي كان يقوم بها لجمع الحفريات. فقد كانت العائلة، سعياً لتحسين دخلها، تعرض تلك الحفريات على مائدة تنصب أمام منزلها، ومن ثم تبيعها للسائحين. كانت تلك الفترة عصيبة على محدودي الدخل والفقراء في المجتمع الإنجليزي بسبب ما خلفته حروب الثورة الفرنسية، ومن بعدها الحروب النابوليونية من نقص في الغذاء وارتفاع في الأسعار. فقد زاد ثمن القمح ثلاث أضعاف ما كان عليه في الفترة من 1792 إلى 1812، بينما بقيت رواتب الطبقة العاملة، تقريبا، على ما هي عليه من تدني. وفي دورست، أدى نقص الغذاء إلى تدهور الوضع السياسي واندلاع أعمال الشغب. حتى أن ريتشارد آننغ، نفسه، قام بتنظيم تظاهرة احتجاجا على نقص الغذاء. أضف إلى ذلك الإقصاء الذي كانت تعاني منه الأسرة لكونها منشقة عن الكنيسة الإنجليزية. فطبقا للقانون الإنجليزي، آنذاك، كان يحرم على غير أتباع الكنيسة الإنجليزية، الالتحاق بالجامعات أو بالجيش أو حتى تولي بعض الأعمال. وقد زاد الطين بلة، بعد وفاة ريتشارد آننغ، في نوفمبر لعام 1810 عن عمر يناهز الرابعة والأربعين، متأثرا بالسل، المرض الذي داهمه بعد أن وقع من أعلى جرف; فقد ترك الأسرة، بلا أي مدخرات، تتحمل ديون طائلة، الأمر الذي اضطرها للتقدم للحصول على معونة الفقراء، مع الاستمرار في بيع الحفريات على مائدة نصبت داخل موقف الخيول بخان المدينة. وبالرغم من أن كل القصص تسلط الضوء على عبقرية ماري في جمع الحفريات، فقد كتب دينيس دين أن ميري مور وجوزف آننغ كانا يعتبران داهية في مجال جمع الحفريات. وأن الأبوان قد باعا الكثير من الحفريات المهمة قبل وفاة ريتشارد آننغ. كانت أولى اكتشافات جوزف وماري الشهيرة، جمجمة إكتيوصور يبلغ طولها أربع أقدام، عثر عليها جوزف في عام 1811، وباقي الهيكل العظمي الذي عثرت عليه ماري بعد ذلك بعدة أشهر. وقد قام هنري هوست هنلي، لورد كولواي، الواقعة بالقرب من لايم ريجس، بشراء الهيكل العظمي من العائلة مقابل £23. والذي بدوره قام ببيعه لجامع الحفريات الشهير (ويليام بولوك)، الذي قام بعرضه في لندن حيث جذب إليه الأنظار. ففي حين أن معظم سكان إنجلترا كانوا لا يزالون يصدقون قصة الخلق في سفر التكوين; والتي تقضي بأن عمر الأرض لا يتجاوز بضع آلاف من السنين، جاء هذا الهيكل العظمي ليطرح الكثير من التساؤلات حول تاريخ الأرض والكائنات الحية. بعد ذلك طرح الهيكل للبيع بمزاد باعتباره هيكل عظمي لتمساح متحفر، واشتراه تشارلز كونيغ ، مدير المتحف البريطاني ب45 جنيه و5 شلنات، واختار له اسم "إكتيوصور". أدارت الأم (ميري) عمل العائلة بجمع الحفريات بعد وفاة زوجها ريتشارد، إلا أنه ليست هناك أية معلومات حول الحفريات التي جمعتها بنفسها. والشيء الوحيد الذي وصلنا من كتاباتها، هو خطاب بعثته للمتحف البريطاني في عام 1881، تطلب منه دفع مستحقات العائلة نظير النموذج الذي اشتراه منها. أما عن جوزف، فقد كان مشغولا بتعلم حرفة التنجيد، ولكنه ظل يعمل بجمع الحفريات حتى عام 1825. ومنذ ذلك العام، بدأت ماري تدير عمل العائلة بنفسها. مزاد بيرتش. في عام 1820 شعر المقدم توماس جيمس بيرتش\ بولفل; جامع الحفريات الشهير، وأحد زبائن العائلة الذي يعيش بلينكونشير، بالضيق تجاه حالة الفقر التي وصلت لها عائلة آننغ. فبعد عدة سنوات بلا أي اكتشافات مميزة، وصلت حالة العائلة المادية لمستوى متدن للغاية، اضطرت معه لبيع أثاث المنزل لتسديد الإجار، الأمر الذي جعل توماس يقرر إقامة مزاد لصالح العائلة يبيع فيه ما اشتراه منها من حفريات، فكتب في الخامس من مارس لعام 1820 لعالم الحفريات غيديون مانتل يقول أن هذا المزاد "لصالح أم فقيرة تعيش مع ابنها وبنتها بلايم، ولكن تلك المرأة وأبناءها، قد وجدوا معظم الحفريات المهمة التي شاركت في تطور البحث العلمي...ربما لا استطيع اقتناء ما أوشك على بيعه، ولكن ما يجعلني أقبل على إقامة هذا المزاد أني أعلم أن عائده سيذهب لأناس يستحقونه بحق". وبالفعل أقيم المزاد لمدة ثلاث أيام ببولوكس، لندن، وحضره مشترون من باريس وفيينا، حيث جمع المزاد £400 أي ما يعادل £26000 في عام 2010. وبالرغم من أننا لا نعرف ما وصل العائلة من هذا المبلغ، فإن هذا المزاد ساعد العائلة على تحسين وضعها المادي، كما أكسبها شهرة كبيرة في الأوساط الجيولوجية. متجر الحفريات وزيادة الخبرة بالمهنة الخطرة. اعتمدت ماري في البداية على بيع الحفريات اللافقارية كقواقع الأمونيت والبلمنايت المنتشرة، حيث كانت تبيعها مقابل شلنات قليلة، على خلاف الفقاريات، كالإكتيوصور ، التي كانت أكثر ندرة وأغلى ثمنا. وقد كان جمع الحفريات عملاً شتوياً غاية في الخطورة، كما ذكرت مجلة بريستول ميرور في مقالها عن ماري عام 1823: وقد ظهرت مخاطر عمل ماري جلية، في عام 1833 عندما استطاعت أن تنفد بأعجوبة من أحد تلك الانهيارات التي دفنت رفيقها الوفي (كلبها تراي). حيث كتبت ماري في خطاب لصديقتها تشارلوت ميرتشسون في نوفمبر من نفس العام: "ربما تسخري مني إذا ما قلت أن موت كلبي الوفي قد أثر بي كثيرا، ولكن الجرف الذي قتله سقط في لحظة خاطفة أمام عيني بالقرب من قدمي...فقد كان يفصلني عن المصير نفسه دقيقة واحدة فقط." بدأت شهرة ماري تزداد مع كل اكتشاف تقوم به; ففي العاشر من ديسمبر لعام 1823 عثرت على هيكل عظمي كامل بلصور، وفي عام 1828 عثرت على أول زواحف طائرة في بريطانيا تيروصور والذي عرض بالمتحف البريطاني بوصفه تنين طائر، أما في العام 1829 فقد عثرت على هيكل سمكة سكوالوراجا Squaloraja. وبالرغم من أن ماري تلقت قدر قليل جدا من التعليم، فقد كانت تحرص على قراءة كل ما تصل إليه أيديها من الأدب العلمي والأبحاث المنسوخة والتي كانت تستعيرها من أصدقائها. حيث قال عنها عالم الحفريات كريستوفر مغالن أنه فحص نسخة ماري للبحث الذي أصدره عالم الجيولوجيا ويليام كونيبير في عام 1824، حيث وجد عدة صفحات من الشرح التقني المفصل بقلم ماري، بيد أن هذا الشرح كان متسق مع البحث الأصلي بصورة جعلت من الصعب معرفة ما كتبته ماري من ما كتبه ويليام نفسه. لم تكتفِ ماري بجمع الحفريات فقط، فقد كانت تقوم بتشريح بعض الحيوانات المعاصرة كالأسماك والحبار سعياً لفهم أعمق لتكوين الحيوانات المتحفرة. وقد تحدثت عنها السيدة هيريت سلفستر، أرملة قاضي لندن السابق، في مذكراتها عندما زارت لايم في عام 1824 قائلة: في عام 1826 أي عندما كانت ماري في السابعة والعشرين من عمرها، استطاعت أخيرا أن تدخر مبلغ لشراء منزل ومتجر ذو واجهة زجاجية أطلقت عليه اسم (متجر آل آننغ للحفريات) أو (Anning's Fossil Depot). وقد لقى هذا المتجر اهتمام كبير على الصعيدين الأمريكي والبريطاني; فقد كتبت عنه صحيفة لايم المحلية أنه متجر جميل يعرض هيكل إكتيوصور في حالة جيدة. بينما زارته العديد من الشخصيات المعروفة مثل عالم الجيولوجيا الشهير جورج فازرستونهو الذي وصف ماري على أنها فتاة ماهرة ولطيفة. وقد اشترى جورج الكثير من الحفريات للأكاديمية العلمية الناشئة بنيويورك. وفي عام1844، زار الملك فريدريك أغسطس الثاني، ملك مملكة ساكسونيا ماري في متجرها حيث اشترى منها هيكل إكتيوصور ليضيفه إلى مقتنياته في مجموعة التاريخ الطبيعي الكبيرة. وقد كتب كارل غاستف كارس، طبيب الملك ومساعده في مذكراته: وعندما طلب منها كارس أن تكتب اسمها وعنوانها، قرأت اسمها "ماري آننز"، وقالت "أنا معروفة في أوروبا كلها." بمرور الوقت، أصبحت ماري أكثر ثقة بعلمها ومعرفتها. والدليل على ذلك أنها راسلت مجلة ناتشورال هيستوري في عام 1839 لتدحض مزاعم أحد المحررين الذي أدعى أن (قرش هايبوس)، المكتشف مؤخراً، الذي عاش منذ ملايين السنين قبل التاريخ ينحدر من سلالة أخرى غير تلك التي ينحدر منها أسماك القرش الأخرى، ذات الأسنان المستقيمة والمعقوفة، التي اكتشفتها ماري منذ سنوات. فقد كان هذا الاقتباس الذي نشر من خطاب ماري الإسهام العلمي المكتوب الوحيد الذي نشر وهي في قيد الحياة. إلا أن هناك خطابات شخصية نشرت لماري أثناء حياتها، كخطاباتها إلى فرنسيس أغسطا بل. تفاعل ماري مع الوسط العلمي. كانت ماري، بوصفها امرأة فقيرة من الطبقة العاملة، غريبة عن الأوساط العلمية. ففي ذلك الوقت لم يكن للنساء، ولا حتى الفقراء من الرجال من مَن لم يكن لديهم ملكية خاصة، الحق في الإدلاء بأصواتهم، أو تقلد المناصب الحكومية، أو حتى الالتحاق بالجامعات. وبالنسبة للنساء من الطبقة العاملة، كانت الوظائف المتاحة تتمثل في أعمال الزراعة والأعمال المنزلية والعمل بالمصانع الجديدة. ولم تكن الجمعية الجيولوجية، الناشئة، ذات الدور المؤثر في تشكيل الوعي العلمي بمعزل عن مثل هذا الإقصاء. فقد منعت النساء من الاشتراك فيها، أو حتى حضور جلساتها باعتبارهم ضيوف. ومن ناحية أخرى، كانت ماري تستاء من الكثير من زبائنها المهتمين بالحفريات; فبالرغم من أنها كانت تفوقهم علماً، فإن، زبونها، عالم الجيولوجيا الثري، كان هو دائما من يضع وصفاً علمياً للحفريات التي تكتشفها ماري، دون أدنى إشارة لدور ماري في اكتشافه. وفي الصدد نفسه تقول آنا بني، الصبية التي صاحبت ماري في الكثير من رحلات جمع الحفريات: "لقد استغلت ماري بشدة... فبينما كانت تلك الصفوة المتعلمة تعتمد على كل ما تتوصل إليه ماري من تفصيلات ضرورية لنشر نتائجهم النهاءية، كانت ماري لا تحصل على أية امتيازات نظير تلك الاكتشافات." وكذلك كتب تورانس أن الظلم والتجاهل الذين تعرضت لهما ماري كانا جزءا من منظومة أكبر من التجاهل الذي تعرضت له الإسهامات العلمية المقدمة من الطبقة العاملة في أوائل القرن التاسع عشر. فغالباً ما كان الحجار، أو عامل الطرق، أو عامل البناء يجمع الحفريات ثم يبيعها لجامع الحفريات الثري، فإذا كانت المستحاثات التي اكتشفت ذات قيمة علمية، فإن الأخير كان يحصل على كل الامتيازات والتقدير. كان الكثير من علماء الجيولوجيا يزورون ماري، ليس فقط من أجل شراء الحفريات، ولكن أيضاً للخروج معها في رحلات جمع الحفريات، وكذلك لمناقشة أمور التشريح. فعلى سبيل المثال: كانت ماري وهنري ديلابيك أصدقاء، أثناء مرحلة المراهقة وبعدها، حين أصبح هنري أحد أبرز علماء الجيولوجيا في المملكة. فقد كان هنري، وماري، وأحياناً جوزف آننج، يذهبوا معاً في رحلات جمع الحفريات. أما ويليام بكلاند، أستاذ الجيولوجيا بجامعة أوكسفورد فكان يقضي إجازات عيد الميلاد بلايمريجس، حيث شُهِد، وماري، يجمعان الحفريات. ويبدو أن بكلاند قد استفاد كثيرا من الإثباتات العلمية التي توصلت إليها ماري; فقد أثبت أن البازهر المخروطي، الذي أسماه بالكوبراليت، ما هو إلا روث أكتيوصور أو بليزوصور متحفر. وفي عام 1839 قام كلاً من ويليام بكلاند، وريتشارد أوين، وكونيبير بزيارة لايم، حيث ذهبوا جميعا في رحلة لجمع الحفريات، بصحبة ماري. وكذلك ساعدت ماري جامع الحفريات توماس هوكنز في جمع هياكل الإكتيوصور من ساحل لايم ريجس في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، بيد أنها لاحظت ميل هوكنز لتحسين الهياكل المتحفرة، فقالت عنه: "لقد كان يضع الأشياء تبقاً لتصوره هو، وليس على الصورة التي وجدت عليها...". ونتيجة لذلك، أثيرت فضيحة كبرى حول العظام التي يضيفها هوكنز إلى هياكل الإكتيوصور، كي تبدو مكتملة، قبل أن يبيعها لمتحف التاريخ الطبيعي بالمتحف البريطاني، دون علم المثمنون بتلك الإضافات. وفي عام 1834 قام عالم الحفريات السوسري، لويس أغاسيز بزيارة ماري لجمع ودراسة حفريات الأسماك، حيث أعجب بمهارتها، هي وصديقتها إليزابيث فيلبوت، حيث شكرهما في كتابه دراسة في الأسماك المتحفرة (Studies of Fossil Fish). كما كتب عنهما في مذكراته: "لقد استطاعت الآنسة فيلبوت وماري آننغ أن ترياني سلالات عديدة من أسماك القرش". وكذلك قام رودريك موركيسون، ضمن عمله الميداني بجنوب غرب إنجلترا، بزيارة لايم، حيث ترك زوجته شارلوت هناك، لعدة أسابيع، كي تتعلم أمور جمع الحفريات من ماري. وفي تلك الفترة أصبحت ماري وشارلوت صديقتين، حيث استفادت ماري من صداقتها بشارلوت التي عرفتها على شبكة واسعة من الزبائن بأوروبا. حتى غيديون مانتل، مكتشف الديناصور إغوانادون، قام بزيارة ماري بمتجرها. إلى جانب تلك الزيارات، كان العديد من العلماء يكاتبون ماري ويسألون آراءهم. ومن هؤلاء تشارلز لايل الذي كتب يسألها عن رأيها في التأثير الذي يحدثه البحر في الجروف الساحلية بلايم. في حين راسلها آدم سيدجويك، أستاذ الجيولوجيا بجامعة كامبريدج، الذي درس لعديد من العلماء من أبرزهم تشارلز داروين. العثرات المالية وتغيير الكنيسة. هذه هي الطباعة الحجرية، التي صورها جورج يوهان شارف، من رسمة هنري ديلابك الأصلية، دوريا أنتيكوير بالألوان الماءية. في عام 1830، تعرضت ماري لأزمة مالية، بسبب قلة الطلب على الحفريات، نتيجة للحالة الاقتصادية السيءة التي كانت تمر بها البلاد، إلى جانب الفترات الزمنية الطويلة التي كانت تفصل بين اكتشافات ماري الكبرى. وقد حاول هنري ديلابك، صديق ماري المقرب، مساعدتها، فكلف جورج شارف بعمل طباعة حجرية لرسمته دوريا أنتيكوير، التي تعتمد على الحفريات التي وجدتها ماري في تصوير الحياة بدورست في عصور ما قبل التاريخ. ثم باع ديلابك نسخ عديدة من تلك الطباعة الحجرية لزملائه من الجيولوجيين وغيرهم من الأثرياء، حيث تبرع بالعائد لصالح ماري. وفي ديسمبر من نفس العام، اكتشفت ماري، أخيراً، هيكل عظمي لنوع جديد من البليزوصورات وباعته مقابل £200. وفي خلال تلك الفترة، تحولت ماري من الكنيسة الأبرشانية، حيث عُمدت ماري ونشطت هي وعائلتها، إلى الكنيسة الأنجليكية. وقد جاء هذا التحول تزامناً مع التراجع الملحوظ الذي شهدته أعداد المنتمين للكنيسة الأبرشانية في عام 1828، بعد سفر الجيولوجي والقس جون غليد، صاحب الجماهرية الكبيرة، إلى أمريكا لتدشين حملة ضد العبودية هناك، واستخلاف القس إبينيزر سمث، صاحب الشعبية الأقل، مكانه. وكذلك تحولت ماري عن الكنيسة الناشئة بعد تأثر المكانة الاجتماعية لتلك الأخيرة نتيجة لتحول الكثير من النبلاء من زبائن ماري، مثل بكلاند، وكونيبير، وسدجوك، عن الكنيسة. وبالرغم من ذلك التحول، فقد بقيت ماري، بوصفها مسيحية متدينة، تخدم كنيستها الجديدة كما كانت تخدم كنيستها القديمة. وفي عام 1835 تعرضت ماري لضائقة مالية أخرى، بعدما فقدت معظم مدخراتها (حوالي £300) في صفقة غير موفقة. حيث اختلفت المصادر حول ما حدث بالضبط; فتقول ديبرا كادبوري أن ماري قد استثمرت أموالها مع شخص محتال سرقها، بينما تقول شيلي إملنغ أنه ليس من المؤكد إذا ما كان هذا الرجل محتالاً بالفعل، أو أنه لم يكن محتالاً ولكنه مات فجأة قبل أن يرد لماري أموالها. بيد أن حالة ماري المادية قد تأثرت كثيرا بعد تلك الحادثة، حتى أن ويليام بكلاند، صديق ماري القديم، تقدم بطلب لكلاً من الحكومة البريطانية والجمعية البريطانية لتقدم العلوم لمنح ماري معاش سنوي نظير إسهاماتها الكثيرة في علم الجيولوجيا. ويذكر أن ذلك المعاش البسيط (£25) قد ساعد على تأمين وضع ماري المالي، بعض الشيء. المرض والوفاة. توفيت ماري في التاسع من مارس لعام 1847، عن عمر يناهز السابعة والأربعين، بعد صراع مع سرطان الثدي. حيث تضاءل عملها تدريجياً، خلال السنوات الأخيرة من حياتها، بسبب ظروف مرضها. وبسبب ظروف مرضها تلك شاع بين سكان لايم أن ماري لديها مشكلة بسبب كثرة شرب الخمور، نظراً لكثرة تناولها لجرعات كبيرة من صبغة الأفيون، باعتبارها مسكن قوي للآلام التي كانت تعانيها. وفي عام 1846، بعدما تبين للجمعية الجيولوجية أن ماري تعاني من السرطان، قام أعضاء الجمعية بجمع تبرعات لمساعدة ماري في نفقاتها، كما قامت إدارة متحف بلدة دورست، الناشئ، بتعيين ماري عضو شرف فيه. دفنت ماري في كنيسة القرية، كنيسة سانت مايكل، في الخامس عشر من مارس. وبعد وفاتها بأربع سنوات، شارك أعضاء من الجمعية الجيولوجية في بناء نافذة زجاجية تذكارية، تخليداً لاسم ماري آننغ بكنيسة سانت مايكل. وفي عام 1851 افتتحت النافذة التي تصور أعمال الرحمة الست: إطعام الجائع وسقي العطشان، وإكرام الغريب، وكساء العريان، وزيارة المريض، وافتقاد السجين، حيث كتب عليها بالنص: "هذه النافذة تخليدا لذكرى ماري آننغ، ابنة هذه القرية، التي قضت نحبها في التاسع من مارس لعام 1847،، شيده قس القرية وبعض أعضاء الجمعية الجيولوجية، تقديراً لإحسان قلبها واستقامة حياتها، وعرفاناً لدورها في إثراء علم الجيولوجيا." وبعد وفاتها كتب هنري ديلابك، رئيس الجمعية الجيولوجية، إطراء لماري، ألقاه على الجمعية الجيولوجية ونشره في مجلتها الفصلية. ويعتبر هذا المدح الأول من نوعه الذي يقدم لامرأة، من الجمعية التي لم تكن تعترف بعضوية النساء، أصلاً، حتى عام 1904. ويبدأ الإطراء قائلاً: "لا استطيع أن أختم الحديث عن من افتقدناهم بسبب الموت بدون أن أذكر هذه الشخصية، التي لم تكن مسجلة في الجمعية، لأنها كانت تسعى لكسب قوطها، بيد أن تلك الشخصية قد أسهمت كثيراً بمهراتها وأبحاثها في معرفتنا بالزواحف البحرية التي عاشت بمحاذات ساحل لايم... " وفي عام 1865، كتب تشارلز ديكنز مقالاً عن حياة ماري في مجلته الأدبية على مدار العام (All the Year Round)، تحدث فيه عن الصعبات التي تخطتها ماري، خصوصاً تلك التي واجهتها مع أهل مدينتها الذين كانوا يتبنون الكثير من الأفكار العلمية المغلوطة. حيث ختمه بقوله: " لقد صنعت ابنة النجار البسيط لها اسم وشهرة عظيمين، وهي بالفعل تستحقهما." اكتشافات. إكتيوصور. عثرت ماري على أول اكتشافاتها بعد وفاة والدها بوقت قصير، في عام 1811 كما تذكر أغلب المصادر، أو ربما في عام 1810 أو عام 1809 كما ترجح بعض المصادر الأخرى. ففي البداية عثر جوزف آننغ على رأس إكتيوصور يبلغ طولها أربعة أقدام (1.3م)، ولكنه أخفق في وجود باقي الهيكل. لذا طلب من ماري أن تبحث بين جروف لايم ريجس وتشارموث عن بقية الهيكل، حيث وجدت، بعد عمل مضني دام لعدة أشهر، هيكل يبلغ طوله 17 قدم (5.2م)، وقد كان ضخماً لدرجة جعلت العائلة تستأجر عدد من العمال كي يستخرجوه، في نوفمبر من نفس العام. وقد قامت جريدة لايم المحلية، بتغطية هذا الحدث في التاسع من نوفمبر، باعتباره اكتشاف لتمساح متحفر. وبالرغم من أن العديد من بقايا الإكتيوصور اكتشفت بلايم، وبأماكن أخرى، فقد كان الهيكل الذي وجده آل آننغ، أول هيكل إكتيوصور يصل للدوائر العلمية بلندن، عن طريق اللورد الذي اشتراه، ثم باعه لجامع الحفريات ويليام بولوك الذي عرضه بلندن، حيث لقى اهتماماً بالغاً. ففي ذلك الوقت كان معظم الناس يؤمنون بالمعنى الحرفي لقصة الخلق في سفر التكوين، والتي تقضي بأن عمر الأرض لا يتجاوز بضع آلاف السنين، وأن الأنواع لا تتطور أو تنقرض. وكذلك أثار هذا الاكتشاف جدلاً كبيراً في الأوساط العلمية والدينية، حول الحقائق الجديدة التي قد يكشفها علم الجيولوجيا، عن حقب الحياة القديمة وتاريخ الأرض. وقد كتب سير إفيريرد هوم مجموعة من ستة أبحاث، يشرح فيها الاكتشاف الجديد للجمعية الملكية بلندن. حيث لم يذكر في أي منها اسم ماري، بل إنه أرجع، حتى أبسط الأمور من تنظيف الهيكل وتجهيزه، إلى فريق العمل بمتحف بولوك. وقد احتار السيد هوم في تصنيف هذا الكائن; ففي البداية صنفه على أنه أحد أنواع الأسماك، ثم نسبه إلى خلد الماء، وبعد ذلك، في عام 1819 استقر رأيه على أن الكائن الجديد يحمل صفات سمندرات والسحلية، لذا اقترح تسميته با"بورتيوصور". وفي عام 1819 اشترى تشارلز كونيغ، الأمين المساعد بالمتحف البريطاني، الهيكل لمتحف التاريخ الطبيعي، وأطلق عليه الاسم الذي لازمه: "إكتيوصور" (سمكة السحلية). ولا تزال الجمجمة معروضة بمتحف التاريخ الطبيعي، منذ أن نقلت مع محتويات المتحف البريطاني في القرن التاسع عشر، وحتى اليوم،. بيد أن الهيكل قد انفصل عن الجمجمة خلال تلك الفترة، ولا يعرف مكانه حتى الآن. عثرت ماري، بين عامي 1815 و1819، على أحجام مختلفة من حفريات الأكتيوصور شبه المكتملة. وفي عام 1821 اشترك هنري ديلابيك وويليام كونيبير، وهم أعضاء بالجمعية الجيولوجية بلندن، في كتابة بحث تحليلي مفصل، شرحا فيه ما توصلت إليه ماري وغيرها من الإحاثيين. حيث ختماه بقولهما أن الإكتيوصور هو نوع جديد من الزواحف البحرية، لم يكن معروفاً، وأن هذا النوع الجديد ينقسم إلى ثلاث أنواع طبقاً لشكل الأسنان. وفي عام 1820 عثرت ماري على هيكل "إكتيوصور بلاتيكودون"ضخم يبلغ طوله 20 قدم (6م)، وهو ما يعرف الآن بالتمنودونتوصور. بليزوصور. كان ثاني أكبر اكتشافات ماري، هيكل شبه مكتمل لنوع من الزواحف البحرية، لم يكن معروفاً آنذاك، يدعى بليزوصور. وقد أطلق كونيبير على الهيكل الذي عثرت عليه ماري في شتاء 1820-1821، اسم "بليزوصور" نسبة للكلمة الإنجليزية "lizard"، أي سحلية. فقد وجد أن هذا الكائن يشبه السحلية بصورة أكبر من الإكتيوصور. وكذلك تناول كونيبير، هذا الكائن بالشرح المفصل في بحثه عن التركيب التشريحي للإكتيوصور، الذي شارك في تأليفه مع هنري ديلابيك. حيث شكر كونيبير الرجل الذي اشترى الهيكل من ماري، ومنحه فرصة فحصه، بينما لم يذكر الإحاثية التي اكتشفته وأعدته. وقد تم تسمية هذا الأحفوري المتحجر بعد ذلك باسم بليزوصور دوليكوديور (Plesiosaurus dolichodeirus) فهو نموذج من أنواع المزرعة النمطية والذي يعتبر في حد ذاتة نوع من أنواع الجنس. و في عام 1823 اكتشفت ماري هيكل عظمي لبليزوصور آخر كان أكثر اكتمالا من الأول حيث كان يفتقد الجمجمة]]. وعندما قدم كونيبير تحليله الذي شرح فيه تشريح البليزوصور الجديد، الذي اكتشفته آننغ، خلال اجتماع الجمعية الجيولوجية في عام 1824 فقد أخفق للمرة الثانية في ذكر اسم آننغ على الرغم من أنها هي التي جمعت كلا الهياكل العظمية]]، وهي التي رسمت ايضا صورة الهيكل العظمي الثاني التي استخدمها في عرضه خلال الاجتماع]]. وقد قدم كونيبير عرضه في الاجتماع نفسه الذي وصف فيه وليام باكلاند اكتشاف الديناصور ميجالوصور (Megalosaurus)، وقد أثار كلا الاكتشافيين ضجة كبيرة في الأوساط العلمية. وقد جاء عرض كونيبير بعد حسم أحد المسائل الجدالية حول شرعية واحدة من الحفريات التي تم اكتشافها. وقد أثارت حقيقة عنق البليزوصور الطويلة والتي كانت تتكون من 35 فقرة]]، وهو شئ غير مسبوق على الإطلاق]]، شكوك عالِم التشريح الفرنسي الشهير جورج كوفييه عندما استعرض رسومات آنينغ للهيكل العظمي الثاني؛ وبعدها كتب إلى كونيبير مشككاً في هذا الهيكل ومشيراً إلى احتمال كون هذا الاكتشاف الجديد مزيفاً وذلك لاعتقاده بأن هذا الاحفوري ناتج من جمع عظام أنواع مختلفة من الحيوانات]]. لم يكن الاحتيال في هذا الوقت غائباً عن جامعي الحفريات الذين ظهروا في أوائل القرن التاسع عشر]]، وإذا لم يكن هذا الاتهام قد تم نفيه سريعاً لكانت سمعة آنينغ قد تشوهت ولكانت فشلت بعد ذلك في بيع أي حفريات إلى الجيولوجيين الآخرين. وقد ترتب على اتهام كوفييه عقد اجتماع خاص للجمعية الجيولوجية في مطلع عام 1824]]، والذي انتهى إلى الإقرار بشرعية الهيكل العظمي بعد تناول عدة مناقشات؛ وعلى إثر ذلك اعترف كوفييه بخطأه وسرعته في الحكم]]. بعدها اكتشفت آنينغ هيكل بلصور آخر في عام 1830 بيد أنه كان أكثر أهمية واكتمالا مما سبقه. أطلق عليه العالِم وليام بكلاند اسم بليزوصور ماكروسيفالوس (Plesiosaurus macrocephalus) ثم وصفه ريتشارد أوين في أحد أبحاثه عام 1840 ومجدداً ذكر أوين خلال بحثه الرجل الثري الذي كان قد اشترى الأحفوري ليُخضعه للفحص غافلاً كل الغفلة عن ذكر المرأة التي اكتشفته وأعدته للبحث. أسماك متحفرة وتيروصور. ، وقد أثار عرضه في المتحف البريطاني ضجه كبيرة وجدلا واسعا في المنطقة بأكملها. وفي ديسمبر 1829 عثرت ماري أيضا على أحد الأحفوريات لسمكة السكوالوراجا (Squaloraja) والتي استقطبت اهتمام الكثيرين لما فيها من خصائص وسطية جمعت بين أسماك القرش والشفنين]]. اللافقاريات والتتبع الأحفوري. أكسبت اكتشافات آنينغ للأحفوريات الفقارية شهرة كبيرة غير أنها قدمت الكثير من المساهمات الأخرى في علم الحفريات منذ مطالعه الأولى]]. وفي عام 1826 اكتشفت ماري شئ ما بدا وكأنه تجويف يحتوي على حبر جاف داخل أحفوري لسمكة البليمنويد (Belemnite) وقد استعرضت ماري هذا الأحفوري لصديقتها إليزابيث فيلبوت التي استطاعت أن تعيد سيولة الحبر مرة أخرى وتستخدمه في رسم و[[توضيح بعض حفريات الإكتيوصور التي اكتشفتها؛ وما لبث أن استخدم بعض الفنانين المحليين الطريقة ذاتها حيث تم اكتشاف المزيد من التجويفات الحبرية المتحجرة. وذكرت آنينغ وجه الشبه القريب جداً بين التجويفات المتحجرة وبين حويصلات الحبر التي تحملها أسماك السبيدج والحبار الحديثة التي كانت قد قامت بتشريحها لفهم التركيب البنياوى لأسماك الرأسقدميات أو رأسيات القدم]]؛ وقد أدى ذلك إلى أن قام وليام بكلاند بنشر الإستنتاج الذي أوضح بأن أسماك البلمنيت التي تنتمي للعصر الجوراسي كانت تستخدم الحبر في الدفاع عن نفسها كما كانت تفعل الكثير من أسماك الرأسقدميات الأخرى. وقد لاحظت آنينغ أيضا أن الأحافير ذات الشكل الغريب والتي عُرفت لاحقا باسم "أحجار البازهر" كانت توجد أحيانا في منطقة البطن داخل الهياكل العظمية للإكتيوصور. وأشارت آنينغ إلى أنه إذا تم كسر هذة الأحجار فهي في الغالب تحوي حراشف وعظام بعض الأسماك المتحجرة وأحيانا ما تكون عظام إكتيوصور صغير؛ كما اشتبهت آنينغ في أن تكون تلك الأحجار هي في الحقيقة براز متحجر ومن ثم عرضتها على باكلاند في عام 1824. وبعد إجراء المزيد من التحقيقات والمقارنات التي أجراها باكلاند بين هذة الأحجار الأحفورية وحفريات مماثلة وجدت في أماكن أخرى، نشر بكلاند الاستنتاج الذي انتهى إليه في عام 1829 بعد أن صدّق على أنها قطع من البراز المتحجر ومن ثم أطلق عليهم اسم كوبرولايت (coprolites). وعلى عكس ما فعل باكلاند مع ماري عند اكتشافها للهيكل العظمي للبلصور قبل بضع سنوات حينما أغفل عن الاعتراف بفضل آنينغ في اكتشافه، فقد قام باكلاند خلال تقديم إستنتاجه للجمعية الجيولوجية بذكر آنينغ بالاسم كما أشاد بمهارتها ومثابرتها في إيجاد حل لللغز. == تأثير و. وكان جورج كوفييه قد دافع عن واقع الانقراض في أواخر عقد 1790 بناء على تحليله للأحافير الثدييات مثل الماموث]]. ومع ذلك وحتى أوائل عقد 1820 كان يعتقد الكثير من المثقفين علميا أنه كما لم يظهر أنواع جديدة من الحفريات فإن الموجود منها لم ينقرض وذلك إلى حد ما لإعتقادهم المترسخ وشعورهم الدائم بأن مسألة الإنقراض قد توحي ضمنا بأن خلق الله ناقص أو غير مكتمل وذهبوا إلى تفسير غياب بعض الحيوانات، وهو ضرب من الشذوذ، إلى أن هذة الحيوانات لا تزال تعيش في منطقة ما غير مستكشفة من الأرض]]. ولكن جاءت اكتشافات آنينغ للأحفوريات الغريبة والغير مألوفة كالبلصور والتي لا تشبة مطلقاً أي كائن حي معروف لتضرب بهذا المعتقد عرض الحائط]]. برهنت أحفوريات إكتيوصور وبلصور وتيروصور التي إكتشفتها ماري بالإضافة إلى أولى أحافير الديناصور التي اكتشفها كلاً من جديون مانتل ووليام بكلاند خلال نفس الفترة أنه خلال العصور السابقة كانت تسكن الأرض مخلوقات مختلفة وبعيدة كل البعد عن تلك التي نراها اليوم]]؛ كما قدمت دعماً مهماً لاقتراح آخر مثير للجدل أدلى به كوفييه والذي يُشير فيه إلى أنه كان هناك عصر يدعى ب" الحقبة الوسطى]]" أو "عصر الزواحف" حيث كانت الزواحف لا الثدييات تُشكل النسبة السائدة من الحياة الحيوانية]]. وقد إنتشر هذا التعبير بعدما نشر مانتل أحد أبحاثه النقدية عام 1831 بعنوان "عصر الزواحف" والذي يلخص فيه بعض الدلائل على أنه كان هناك عصر جيولوجي طويل إنثالت فيه حشود الزواحف العملاقة كوكب الأرض براً وجواً وبحراً. كما لعبت هذة الاكتشافات دوراً رئيسياً في تطوير نوع جديد من الدراسة التاريخية للأرض من خلال علم الجيولوجيا أثناء عقد 1820 والذي سعى لفهم وعصور ما قبل التاريخ]])، كلوحة الفنان هنري دي لا بيتش الإبداعية ديوريا أنتيكور(Duria Antiquior)، في حمل الناس على الإقرار بإمكانية وجود حياة على سطح الأرض في زمن الماضي البعيد؛ فقد ساعد الوصف الحيّ الذي أعده وليام بكلاند للسلسة الغذائية التي انتشرت خلال العصر الجوراسي المبكر والذي اعتمد فيها على التحليل الذي قدمه عن "[[البراز المتحجر]]" على إلهام دي لا بيتش وبراعته في رسم هذة اللوحة؛ ومن ثم فقد تبيّن أن دراسة "[[البراز المتحجر]]" التي عمل كلاً من آنينغ وباكلاند على تطويرها هي في الواقع أداة قيّمة لفهم النظم الإيكولوجية القديمة. [[ملف:Mary Anning by B. J. Donne.jpg|تصغير|يسار|لوحة تصويرية لماري آننغ نشرت بعد وفاتها، بريشة الفنان بي دي دون عام 1847 وقد اعتمد في رسمها على اللوحة الاصلية 1842 المنشورة على رأس هذا المقال]]. طيلة القرن العشرين وبداية من اهتمام فورد (H. A. Forde) وعمله الذي كتب فيه عن آنينغ بعنوان " بطلة لايم ريجس: قصة ماري آننغ عالمة الجيولوجيا الشهيرة" (1925)، وقد اعتبر العديد من الكتاب حياة آنينغ ملهمة إلى حد كبير؛ حتى وإنها كانت حجر الأساس للتنافر اللفظي أو الطباق الذي استخدمه تيري سوليفان في عام 1908 لكتابة قصيدة " هذي صدفاتِ شرتها" وذلك وفقا لما علق به. بى. جى مكارتني على هنري دي لا بيتش عام (1978): اهتمت تلك الأعمال بالكتابة عن مرحلة طفولتها وانصبت في سردها على مسيرتها المهنية التي بدأتها مبكرا أثناء رحلتها في هذة الحياة]]، كما صُورت الكثير من تلك الأعمال أيضا بطريقة رومانتيكية أكثر من سردها بطريقة تاريخية خالصة؛ وقد ذكرتها العديد من الروايات التاريخية وعلى الأخص رواية " سَيّدَة المُلاَزِم الفِرنسيّ" (1969) التي كتبها جون فاولز الذي انتقد حقيقة أنه لم يقم أيّ عالم بريطاني بتسمية أي قطعة أحفورية على اسمها طوال فترة حياتها. ولكن طبقا لما ذكرته كاتبة سيرة آنينغ الذاتية، شيلي إيملينغ، فإن هذا يتناقض مع ما فعله بعض الجيولوجيين البارزين الذين استغلوا اكتشافاتها، مثل وليام باكلاند ورودريك مورشيسون، ونسبوا إلى أنفسهم العديد من القطع الأحفورية التي اكتشفتها بنفسها. أما الشخص الوحيد الذي قام بتسمية بعض الأحفوريات على اسمها فقد كان عالم الطبيعة السويسري الأمريكي لويس أغاسيز]]. ففي مطلع عقد 1840 سمًى أغاسيز اثنين من أنواع الأسماك المتحفرة على اسم آنينغ وهم " أكروداس آنينغي" (Acrodus anningiae) و"بيلينوستوماس آنينغي" (Belenostomus anningiae) وسمًى آخرا على اسم صديقتها إليزابيث فيلبوت. وكان هذا ردا منه وتعبيرا عن امتنانه لما فعلته معه ماري سابقا عندما قدمت له المساعدة في دراسة عينات الأسماك الأحفورية خلال زيارته لايم ريجيس في عام 1834. وبعد وفاة آنينغ سُميت بعض الأنواع الأخرى على اسمها تكريما لها وكان من بينهم: صدفيات "ثيريلوديا آنينغي" (Cytherelloidea anningi)، ونوعين آخرين، واحد من جنس زواحف الثيرابسيد يسمى " آنينغيا" (Anningia)، والآخر من جنس رخويات ذوات الصدفتين ويسمى " آنينغيلا" وفي عام 2012، فقد سُمي البليزوصور " آنينغاصور" (Anningasaura) على اسمها، وكذلك "إكتيوصور آنينغي" (Ichthyosaurus anningae) في عام 2015]]. في عام 1999, في الذكرى المائتان لمولد ماري آننغ، تم عقد اجتماع دولي حضره عدد كبير من المؤرخين وعلماء الحفريات وجامعي الأحفوريات وغيرهم من المهتمين بحياة آنينغ في لايم ريجيس. وفي 2005, أضاف متحف التاريخ الطبيعي في لندن ماري آننغ جنبا إلى جنب مع بعض العلماء البارزين مثل كارل لينيوس]]، دوروثي باتي، ووليام سميث]]، باعتبارها واحدة من الشخصيات المرموقة التي يستخدمها معرض الصور أثناء حالات العرض. وفي عام 2009, كتبت تريسي شيفالييه رواية تاريخية بعنوان "مخلوقاتٌ بارزة" حيث رسمت كلا من آنينغ وإليزابيث فيلبوت الشخصيات الرئيسية للرواية؛ بالإضافة إلى رواية تاريخية أخرى تناولت حياة آنينغ بعنوان " طُرْفَة" كتبها جوان توماس، ونشرت في مارس 2010]]. وفي نفس الشهر، وكجزء من احتفال الجمعية الملكية بالذكرى السنوية الثلاثمائة والخمسون لها، قامت الجمعية بدعوة لجنة من الخبراء لوضع قائمة تتكون من أسماء عشرة نساء بريطانيات كان لهم الفضل الأعظم والتأثير الأكبر في تاريخ العلم ؛ و[[كان من بين تلك الأسماء في القائمة ماري آننغ. مصادر ومراجع. [[تصنيف:أنجليكانيون إنجليز]] [[تصنيف:إحاثيات]] [[تصنيف:إنجليز في القرن 19]] [[تصنيف:إنجليزيات في القرن 19]] [[تصنيف:جيولوجيات إنجليزيات]] [[تصنيف:جيولوجيون إنجليز]] [[تصنيف:جيولوجيون بريطانيون في القرن 19]] [[تصنيف:عالمات القرن 19]] [[تصنيف:عالمات بريطانيات في القرن 19]] [[تصنيف:مواليد 1799]] [[تصنيف:وفيات 1847]] [[تصنيف:وفيات السرطان في إنجلترا]] [[تصنيف:وفيات بسبب سرطان الثدي]] السيد علي محمد حسن آل إبراهيم (1911 - 1981)، أديب وشاعر ومؤلف لبناني، له كتابات في الأدب والشعر والنقد والتاريخ الإسلامي. ولادته ونشأته. ولد في بلدة أنصار العاملية (في قضاء النبطية) وذلك في العام 1911، وكان جده لوالده قد أسس مدرسة دينية في بلدته وقد تولاها والده بعد وفاة جده. تلقى علومه الأولى في كتاتيب البلدة، وعندما بلغ الرابعة عشرة من عمره سافر إلى النجف وتابع تحصيله فيها وأخذ عن أساتذتها علوم اللغة والبلاغة والبيان والمقدمات. ثم ما لبث أن عاد قبل إكمال دراسته إلى جبل عامل وتابع دراسته على والده في المنطق والأصول والفقه. عمله. عُيّن في بادئ الامر مدرّسا دينيا في إحدى مدارس النبطية الرسمية، وكتب في العرفان مقالات في الأدب والشعر، كما قدّم برنامجا أدبيا في الإذاعة اللبنانية، وبعد فترة من عمله في التدريس تم تعيينه موظفا في المحكمة الجعفرية العليا وذلك عام 1943 ميلادي. نتاجه الادبي والشعري. كتب في العديد من المجلات الأدبية وعلى رأسها العرفان، كما وأصدر جملة من المؤلفات منها: وفاته. توفي في بيروت في العام 1981 ودفن في مسقط رأسه أنصار. وصلات خارجية. ترجمة علي محمد إبراهيم في معجم البابطين سُنَة العراق، هم المواطنون العراقيون الذين ينتمون إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ويُشكّل السنة في العراق إلى جانب الشيعة أحد أهم الطوائف الدينية في هذا البلد. وقد تميزت فترة حكم العرب السنة في العراق بأنهم استطاعوا إنشاء وطن مزدهر وقوي اقتصاديًا خصوصًا في فترة السبعينات من القرن العشرين .. إذ كان العراق في تلك الفترة يمتلك أفضل نظام صحي في الشرق الأوسط وذلك بشهادة كل المنظمات الصحية العالمية إضافة إلى نظام التعليم الإلزامي الذي أوصل نسبة "الأمية" في المجتمع العراقي إلى أدنى مستوياتها آنذاك كما شهدت تلك الفترة انفتاح العراق اقتصاديًا على الاقتصاد العالمي .. وفيما يخص الجانب العسكري .. فقد تمكّن السنة العرب في العراق من تأسيس جيش عراقي عُدَّ خامس أقوى جيش في العالم وذلك في حدود نهاية العام 1988 إلى 1991 قبل بداية حرب الخليج الثانية .. نسبة السنة في العراق. وأما فيما يخص نسبة السنة في العراق، فقد شهدت هذه المسألة إختلافًا واسعًا في وجهات النظر. ولكن وفقًا للحكومة العراقية الشيعية السابقة برئاسة نوري المالكي ووفقًا لبيان وزارة التخطيط العراقية التي يرأسها الوزير الشيعي عن كتلة "الأحرار" علي الشكري عن أعداد السكان في كل محافظة عراقية وكذلك وصول عدد السكان في العراق إلى ما يقارب الـ (34) مليون نسمة حسب تصريحات سيادة الوزير في وسائل الاعلام في شهر نيسان 2013. ووفقًا لتقديرات الوقفين السني والشيعي في كل محافظة عراقية، فإن نسبة العرب السنة في العراق حاليًا "عام 2013" هي لا تقل بأي حال من الأحوال عن 50 - 60 % من عدد السكان الكلي .. تتوزع وفق التقديرات الآتية في هذه المناطق الرئيسية .. وهي تقديرات غير موثوقة بسبب التنازعات الطائفية. إضافة إلى الأقليات الأخرى المتوزعة في كردستان العراق وبقية المحافظات العراقية الجنوبية الأخرى .. وما يميٍز سنة العراق عن سُنّة العالم هو التعايش والتصاهر مع الطوائف الأخرى قبل أن تأتي موجة الطائفية من قبل المليشيا الشيعية وسياسات التهميش من قبل أحزاب موالية لإيران. ومع ذلك مازال غالبية أفراد المكوّن السنّي في العراق في حالة من التعايش السلمي والانسجام مع باقي الطوائف إلا أنهم مازالوا يطالبون بحقوقهم الإنسانية وحقوق المواطنة. فصيل بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة، اسم يطلق على قبيلة، وفي نفس الوقت يطلق على بلدة تقع في محافظة بارق في أقصي الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، في الشمال الشرقي من بارق بحوالي 40 كم. يبلغ إجمالي مساحتها 50 كلم مربع، ويبلغ عدد سكان فصيل ما يزيد عن 8 الف نسمة. النسب. آل فصيل أحد قبائل حميضة الست الرئيسية: وهم بني فصيل بن حميضة بن النعمانبن حميضة بن الحارث بن عوف بن عمرو بن سعد بن ثعلبةَ بن كنانة البارقي بن بارق بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد. عشائر آل فصيل. تنقسم قبيلة آل فصيل إلى شملين أو بطنين : ينقسم «آل جماز» إلى عشيرتين يصل تعدادهم قرابة 4500 نسمة: ينقسم «آل مريف» إلى عشيرتين يصل تعدادهم قرابة 3500 نسمة: الزراعة. تعتبر طبيعة آل فصيل طبيعة زراعية شكل وادي خاط روافد هامة في النشاط السكاني الزراعي، ومنذ مئات السنين كانت تعرف بأراضيها الزراعية الخصبة حيث تزرع الذرة والدخن وتعتبر الزراعة والرعي من مقوماتها الاقتصادية إضافة إلى ما يزرع من الفواكة والخضروات بمختلف أنواعها. قرى آل فصيل. تتكون بلاد فصيل من ثمان وثلاثون قرية تنتشر جميعها على جوانب وادي خاط: في علم المياهيات يعد الماء المقيد طبقة نحيفة بدرجة كبيرة من المياه تحيط بالأسطح المعدنية. تحتوي جزيئات الماء على أقطاب كهربية مما يعني أن هناك شحنة موجبة قوية بإحدى طرفي الجزيء وشحنة أخرى سالبة قوية بالطرف الآخر منه. يتسبب ذلك في ترابط الجزيئات مع بعضها البعض وترتبط بالسطح المشحون مثل معادن التربة. يتمتع الصلصال تحديدًا بقدرة عالية على الارتباط بجزيئات المياه. تتسبب الجاذبية القوية بين هذه الأسطح في طبقة نحيفة جدًا من المياه (سمكة عدد قليل من الجزيئات) للتشكل على السطح المعدني. جزيئات المياه تلك أقل حركة بكثير من باقي جزيئات المياه الموجودة بالتربة ولها تأثيرات كبيرة على المجاوزية النسبية للتربة والتجميد والإذابة. يشير الماء المقيد في أحياء الجزيئات وعلم التغذية إلى كمية المياه الموجودة في أنسجة الجسم التي ترتبط بـالجزيئات الضخمة أو العضيات. وفي علم التغذية، لا يتاح هذا الشكل من المياه، على وجه الخصوص بالنسبة لأنشطة علم الأحياء الدقيقة ولذلك فلن تتسبب في انخفاض الجودة أو زيادة الممراض. الساعة الإستراتيجية لبومان هو نموذج يستخدم في التسويق لتحليل الموقع التنافسي لشركة ما مقارنة بعروض المنافسين. وصاحب هذا النموذج هو كليف بومان (Cliff Bowman) وديفيد فولكنر (David Faulkner) وهذا النموذج جاء تمهيدًا لنموذج بورتر للمجال التنافسي. وفي نموذج بورتر للمجال التنافسي، راعى بومان الميزة التنافسية المرتبطة بميزة في التكلفة أو التميز. وتمثل الساعة الإستراتيجية لبومان ثماني إستراتيجيات في أربع رباعيات يحددها محور السعر والقيمة المضافة المُدرَكة. والشكل النجمي الناتج يذكر بوجه الساعة، ولذا سميت بهذا الاسم. هناك ست إستراتيجيات أساسية: ينبغي أن يكون الطفل المبصر فاهمًا للكلمات الشائعة عند قراءته في المرحلة الأساسية من التعليم وقادرًا على الإجابة عن الأسئلة البسيطة التي تدور حول المادة المقدمة. وينبغي أن يكونوا من الطلاقة بحيث ينهون المادة في إطار زمني محدد. وعلى مدار تعليم الطفل، تنمّى هذه الأساسيات تدريجيًا وتبنى عليها مهارات أعلى في مجال الرياضيات والعلوم والفهم. أما الأطفال الأكفّاء فينقصهم القدرة على الرؤية وإذا ما لم يزودوا بالأدوات الضرورية فستفوتهم الأمور الأساسية من التعليم المبكر والتعليم العالي. الإحصائيات. في عام 1960، بلغت نسبة القادرين على القراءة بطريقة برايل 50 في المائة من أطفال المدارس المصابين بـالعمى في الولايات المتحدة. ووفقًا "للتقرير السنوي"لعام 2007 الصادر عن دار الطباعة الأمريكية، يقدر عدد الأطفال المصابين بالعمى في الولايات المتحدة 57696 طفلاً تقريبًا. ومن بين هؤلاء الأطفال الذين هم في سن المدرسة، يستخدم 10 في المائة فقط طريقة برايل بصورة أساسية في القراءة. وهناك أسباب عدة لقلة استخدام طريقة برايل منها القيود المفروضة على ميزانية المدارس والتقدم التقني واختلاف الآراء الفلسفية حول تعليم الأطفال المصابين بالعمى. والنقطة المحورية التي مرت بها طريقة برايل هي إمرار الكونغرس الأمريكي لها في قانون إعادة التأهيل لعام 1973 الذي قضى بتحويل آلاف الأطفال من المدارس المتخصصة لتعليم المكفوفين إلى المدارس العامة. فأدى هذا إلى قلة التعليم بطريقة برايل منذ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وذلك نظرًا لقلة عدد المدارس العامة التي تطيق تأهيل وتوظيف مدرسين مؤهلين للتدريس بطريقة برايل. وتحسنت معدلات تعلم برايل تحسنًا طفيفًا منذ إقرار القانون، وأسهم في هذا الضغوط التي مارستها جماعات الدعوة والدفاع عن المستهلك حيث أخذت موافقة 27 ولاية على تشريع يطالب بإتاحة فرصة تعلم برايل للأطفال المصابين بالعمى . وفي عامي 1998 و1999 كان هناك ما يقرب من 55200 طفل مصاب بالعمى في الولايات المتحدة استخدم منهم 5500 فقط طريقة برايل في القراءة. التعلم المبكر لطريقة برايل أمر حساس ومهم لمحو أمية الأطفال متحدي الإعاقة البصرية. وأشارت دراسة أجريت في ولاية واشنطن إلى أن الأطفال الذين تعلموا برايل في مراحل سنية مبكرة كان أداؤهم مثل أقرانهم المبصرين، إن لم يكن أفضل، في العديد من المجالات منها المفردات والاستيعاب. وفي دراسة مبدئية للبالغين، حيث تقوي العلاقة ما بين مهارات القراءة والكتابة لدى البالغين وبين توظيفهم، وجد أن 44 في المائة ممن تعلموا القراءة بطريقة برايل من بين الخاضعين للبحث كانوا عاطلين في مقابل 77 في المائة عاطلين ممن تعلموا القراءة بالحروف المطبوعة. وحاليًا، يعمل 90 في المائة من الملمين بطريقة برايل من بين البالغين المكفوفين في الولايات المتحدة البالغ عددهم 85000 تقريبًا. ويعمل 1 من كل 3 ممن لا يستطيعون القراءة بطريقة برايل. وبلغة الأرقام، أثبت التاريخ أن إجادة القراءة بطريقة برايل تسلح الأطفال متحدو الإعاقة البصرية بمجموعة مهارات أساسية تجعلهم على قدم الوثاق مع أقرانهم المبصرين في البيئة المدرسية بل وفي مستقبل أيامهم عندما يهمون بالدخول إلى معترك العمل. تعليم برايل في مدرسة هادلي للمكفوفين (Hadley School for the Blind). تعد مدرسة هادلي للمكفوفين من أكبر وأعرق المدارس المتخصصة في تعليم طريقة برايل فضلاً عن أنها أكبر راعٍ لتعليم المكفوفين ومتحدي الإعاقة البصرية عن بعد. ومنذ نشأة مدرسة هادلي للمكفوفين عام 1920 وهي تضع تعليم برايل على قمة سلم أولوياتها، ولا تزال مقررات برايل صاحبة النصيب الأكبر إلى يومنا هذا. وفي خلال العام المالي 2010، التحق ما يقرب من 3400 طالب إلى فصول تعليم القراءة والكتابة مدرسة هادلي (منهم المبصرون ومنهم المكفوفون). وتعقد مدرسة هادلي حاليًا 14 برنامجًا لتعليم برايل يدرّس فيها 11 معلمًا على درجة عالية من التدريب. وتدرس 9 برامج منها على متعلمي اللمس وتقدم المدرسة أيضًا خمسة برامج للأفراد المبصرين من مثل الأسر والمتخصصين في هذا المجال. وعلى مدار السنوات الماضية، عملت المدرسة على تطوير استخدام برايل من عدة أوجه منها أنها كانت أول من استخدم الناسخ الحراري (Thermoform Duplicator) الذي ينسخ حروف برايل من الورق العادي إلى الورق البرايلي (ورق من البلاستيك المقوّى) وهي من أول من استخدم طباعات برايل عالية السرعة التي تعمل بالحاسوب. وهي مدرسة رائدة في مجال إنتاج كتب برايل فهي تنتج ما لا يقل عن 50000 صفحة برايل كل عام ضمن مشروعها الكبير لنشر كتب برايل. وتقدم المدرسة خدمات كتابة برايل وفقًا لهيئة برايل بأمريكا الشمالية. والناسخون معتمدون من المكتبة الوطنية لخدمات المكفوفين والمعاقين بدنيًا. برنامج منح شهادة برايل من المكتبة الوطنية. تعاقدت المكتبة الوطنية لخدمات المكفوفين والمعاقين بدنيًا (NLS) التابعة لمكتبة الكونغرس (Library of Congress) مع الاتحاد الوطني للمكفوفين (National Federation of the Blind) لمنح شهادة إجادة لنساخ ومدققي برايل المهتمين بالعمل في مجتمعاتهم على إنتاج مواد برايل للمكفوفين. وينسخ متطوعو برايل المعتمدون المواد التي تستخدمها الوزارات الحكومية المعنية بالتعليم الخاص، والمكتبة الوطنية لخدمات المكفوفين والمعاقين بدنيًا، والمكتبات التي توزع الكتب والمجلات عبر برنامج المكتبة الوطنية لخدمات المكفوفين والمعاقين بدنيًا. ويكمل هؤلاء المتطوعون برنامجًا موسعًا حول النسخ بحروف برايل ويعملون على توفير المواد الضرورية للارتقاء بتعليم برايل. وتمنح المكتبة الوطنية لخدمات المكفوفين والمعاقين بدنيًا معلومات وموارد كثيفة حول تعلم برايل، ومن ذلك كتب برايل وبرامج برايل ومواد أخرى تهدف إلى تعزيز ما ينتج بطريقة برايل. ويتجلى النفع العظيم لهذه المعلومات في خدمة أفراد الأسرة والأصدقاء والمتخصصين الراغبين في زيادة معلوماتهم عن تعلم برايل. وعلى الجانب الآخر تُوفر للمعلمين مصادر تساعدهم في تعليم برايل فضلاً عن إفادتها للمهتمين بتعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل. اقرأ (ReadBooks)! لأن برايل تعني الكثير. يوزع برنامج ReadBooks! التابع لـ National Braille Press حقائب مجانية لتعلم برايل في الولايات المتحدة وكندا للأسرة التي بها أطفال مكفوفون من سن الميلاد إلى سن السابعة. يعمل البرنامج على تعريف الأطفال المكفوفين ببرايل منذ نعومة أظفارهم ويشجع الأسر على قراءة كتب برايل / الكتب المطبوعة معهم. ومنذ انطلاقة البرنامج عام 2001، وزع أكثر من 9000 حقيبة تعلم برايل باللغتين الإنجليزية والإسبانية. وتحتوي حقائب ReadBooks! على كتب برايل مطبوعة تناسب المرحلة العمرية، ومدخل لتعليم برايل للآباء المبصرين، وأشياء / ألعاب لمحو أمية اللمس، وألوان شمع للرسم، ودليل للآباء يشرح سبب وطريقة قراءة الكتب مع أطفالهم المكفوفين الصغار. وكتب برايل المطبوعة هي كتب مطبوعة عادية مثل كتاب "اختفاء السيدة نيلسون" (Miss Nelson Is Missing) أو كتاب "كوردوري" (Corduroy) معلق عليها بنص برايل على ورق بلاستيكي شفاف بحيث يقرأ الكتاب بالطريقتين. وتتعاون مطبعة برايل الوطنية مع المعلمين ومتخصصي التدخل المبكر لتحديد الأسر التي تستحق الاستفادة بحقائب الكتب،families can also request their own bags. هناك دليل دامغ على أن معتقدات الآباء وتوجهاتهم نحو القراءة والوقت الذي يقضيه الآباء مع أبنائهم في القراءة يؤثر كثيرًا على تطور مهارات القراءة لدى الأبناء. ويساعد الآباء في رفع مستوى استعداد أبنائهم إذا ما وفروا لهم في المنزل بيئة غنية بكتب برايل. نقاط للصغار (Dots for Tots). يهدف برنامج نقاط للصغار إلى جذب وتقوية حواس الأطفال المعاقين بصريًا. وهذا الأمر مهم لتهيئتهم للقراءة واستمتاعهم بالتعلم. يوفر هذا البرنامج المجاني كتبًا وأدوات للارتقاء بالتعلم بين الأطفال المكفوفين في مرحلة ما قبل المدرسة وأوائل المرحلة الابتدائية. وتعد النقاط من العوامل المهمة في هذا البرنامج ومثلها مثل متطلبات تعلم الأبجدية بالنسبة للأطفال المبصرين. ويساعد البرنامج أيضًا في جذب اهتمام الطفل المكفوف بالقدر نفسه الذي يفعله كتاب مصور بالنسبة للأطفال المبصرين. Tويعمل البرنامج أيضًا على تجهيز المدارس والمعلمين بالأدوات الضرورية لضمان تعليم المكفوفين بنفس جودة تعليم المبصرين. ويساعد البرنامج في إزالة العقبات التعليمية وتقليل المخاوف التي قد تواجه الأطفال بسبب إعاقتهم. ويزود هذا البرنامج الأطفال المتحدي الإعاقة البصرية بالكتب المطبوعة بطريقة برايل. وبذلك يتمكن الأطفال من متابعة قراءة كتب الأطفال مثل باقي زملائهم في المكتبات أو البيت أو المدرسة. يوفر برنامج النقاط للصغار مجموعة كتب كاملة منها كتاب أطفال ببرايل وشريط لقصة وصفية متخصصة بمؤثرات صوتية ومجموعة من الألعاب ثلاثية الأبعاد التي تتيح للأطفال إمكانية فهم أهمية تخيل القصص بمساعدة إصابعهم. الربط بين النقاط. تقدم المؤسسة الأمريكية للمكفوفين (American Foundation for the Blind) للآباء مصادر الربط بين النقاط للنهوض بالتعليم المبكر لبرايل. ويوفر هذا البرنامج ملفًا به حقائق عن برايل وقائمة مصادر ومعلومات للآباء عن برايل وأسماء المؤسسات التي تشجع تعليم طريقة برايل ومصادر بأسماء كتب ومجلات بطريقة برايل ومواد معدلة لتناسب المعوقين ومعلومات أخرى تهدف إلى النهوض بتطوير محو أمية برايل. الوصول الفوري لبرايل (Instant Access to Braille). يقدم برنامج الوصول الفوري لبرايل للأطفال المكفوفين ومتحدي الإعاقة البصرية سبل الوصول إلى مواد تعليمية بطريقة برايل لدعم جهود محو أمية برايل في فصول التعليم العام، وهذا البرنامج مدعوم من مكتب برامج التعليم الخاص التابع لـوزارة التعليم الأمريكية CFDA 84.00327A. ويقدم هذا البرنامج خدمات تدوين الملاحظات النقالة بطريقة برايل للطلاب لتدريبهم بجانب مساعدة المعلمين والآباء ومديري المدرسة في التغلب على كل ما يعوق التدريس للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان تلقي الطلاب لفرص تعليم مكافئة مثل تلك التي يحظى بها الأطفال المبصرون. وإلى جانب هذا يساعد البرنامج بكل ما يستطيع في تحويل المواد التعليمية المطبوعة إلى شكل إلكتروني لئلا يحرم منها الطلاب متحدو الإعاقة في البيئة التعليمية. ويهدف برنامج الوصول الفوري إلى مد يد العون للطلاب من الصف الثالث الابتدائي وحتى الصف الأول الثانوي ممن يدرسون مناهج ولاية نيويورك ويركز البرنامج بصورة أساسية على المواد الدراسية المرتبطة بـالدراسات الاجتماعية. ولا تدفع أي رسوم مقابل أجهزة تدوين الملاحظات أو مشغلات الأقراص أو الطابعات أو إعداد الجهاز. والبرنامج هو مشروع لمدة عام قائم على المدرسة ويمكن تعديل المدة لمنح الطالب جميع المزايا التي تفيده وتثري العملية التعليمية. تحدي برايل (Braille Challenge). تحدي برايل هي منافسة سنوية مقسمة إلى مرحلتين هدفها تحفيز الطلاب المكفوفين على صقل مهارات برايل. يعمل البرنامج على محاكاة مسابقة التهجئة التي تقام للأطفال المبصرين في أهميتها وأهدافها التعليمية. ويتنافس الأطفال في هذه المسابقة على النسخ والقراء ببرايل بواسطة جهاز بيركنز بريلر (Perkins Brailler). ويقيم الأطفال في هذه المنافسة على أساس سرعتهم ودقتهم واستيعابهم أثناء القراءة والقدرة على تفسير رموز الخرائط والرسوم البيانية والتهجئة. بدأت مسابقة تحدي برايل على نطاق محلي عام 2000 برعاية مؤسسة برايل، وأقيمت المسابقة لتشجيع ودعم مهارات برايل لدى الأطفال. وفي عام 2003 بدأت مؤسسة برايل بمشاركة مؤسسات أخرى وشكلت لجنة استشارية لـإتاحة تحدي برايل لجميع الأطفال في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا. وفي هذا العام قدم 200 طالب من ولايات مختلفة وأربعة طلاب من مقاطعات كندية للمشاركة في الفعاليات الإقليمية، ليتأهل 55 للنهائي في لوس أنجلوس للمنافسة على لقب تحدي برايل لعام 2003. ثم تضاعفت أعداد المشاركين في المسابقة بعد عام 2003. وفي عام 2005 تلقت المؤسسة 775 طلبًا من 40 ولاية وست مقاطعات كندية للمشاركة في المنافسات الأولية.وفي عام 2006 استضافت الفعاليات الإقليمية 31 وكالة ومدرسة لتقديم الخدمات للمكفوفين وضعاف البصر من أماكن شتى في الولايات المتحدة وكندا. وشارك ما يزيد عن 500 طالب على المستوى الإقليمي في عام 2009 ليصعد أعلى 12 طالبًا من كل مجموعة من المجموعات العمرية الخمس للتنافس على مستوى القطر في الدور النهائي المقام في مؤسسة برايل في لوس أنجلوس. الماء الفرعي يمثل: في علم الأحياء، يُعتبر فحص الحمض النووي المُتفرع هو فحص تضخم دلالي (مقارنة بفحص التضخم المستهدف) الذي يُستخدم للكشف عن جزيئات الحمض النووي. ومن القاعدة، يبدأ فحص الحمض النووي المُتفرع بطبق أو مادة صلبة أخرى داعمة (على سبيل المثال، مقياس عمق بلاستيكي). حيث تُنثر على الطبق جزيئات الحمض النووي الصغيرة أحادية الجديلة (أو السلاسل) التي "تبرز" في الهواء. وسنطلق على هذه الجزيئات جزيئات الحمض النووي لـ"مسبار الالتقاط". وفيما يلي، يتم إضافة جزيء حمض نووي "باسط". ويحتوي كل "باسط" على مجالين، الأول هو الذي يُهجن جزيء الحمض النووي الملتقط والآخر "يتعلق" في الهواء. علمًا بأن هناك جزءين للغرض من الباسط. الأول، هو أنه يؤدي إلى زيادة المساحة السطحية المتاحة لجزيئات الحمض النووي المستهدفة للربط، والثاني، هو أنه يسمح للفحص بأن يكون سهل التكيف للكشف عن مجموعة متنوعة من جزيئات الحمض النووي المستهدف. ويمكن إضافة العينة، بمجرد أن تكون جزئيات الالتقاط والباسط في موضعها الصحيح وقد تم تهجينها. حيث سترتبط الجزيئات المستهدفة في العينة بالجزيء الباسط. ولذلك يوجد لدينا قاعدة متخللة بمسابير التقاط مهجنة بمسابير الباسط، والمهجنة بالتالي بالجزيئات المستهدفة. وعند هذه النقطة، يحدث التضخم الدلالي. حيث يتم إضافة جزيء الحمض النووي الخاص ب"باسط التوسيم" الذي يحتوي على مجالين (مشابهين للباسط الأول). وكذلك يقوم باسط التوسيم بتهجين الجزيء المستهدف وجزيء "المضخم المسبق". حيث يحتوي المضخم المسبق بدوره على مجالين. الأول، أنه يرتبط بباسط التوسيم والثاني، أنه يرتبط مع جزيء المضخم. ومن أمثلة جزيء المضخم سلسلة قليل النُّوكليوتيد المرتبطة بإنزيم الفوسفاتاز القلوية. بيانيًا، يوجد لدينا قاعدة -> مسبار التقاط -> باسط -> مستهدف -> label باسط -> مضخم مسبق -> مضخم يمكن استخدام الفحص لكشف وتحديد أنواع عديدة من الحمض الريبي النووي المستهدف أو الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين. ففي هذا الفحص، يتم مزج الحمض النووي المتفرع بعينة لفحصها. ويتم الكشف باستخدام طريقة غير مشعة ولا تتطلب مضخم مسبق للحمض النووي للكشف عنه. ويعتمد الفحص بشكل كامل على التهجين. وتُستخدم الإنزيمات لبيان مستوى التهجين ولكن لا يتم استخدامها للتلاعب في الأحماض النووية. وبالتالي، يمكن الكشف عن الكميات الصغيرة من الحمض النووي وتحديد كميتها دون تدخل المنتسخة العكسية (في حالة الحمض الريبي النووي) و/أو تفاعل البوليميراز المتسلسل. ويمكن إجراء الفحص كـ "فحص عالي الإنتاجية" على عكس طريقة التبقيع الشمالي الكمي أو الفحص الوقائي للحمض الريبي النووي، والذي يكون كثيف العمالة وبالتالي يصعب أداؤه في عدد كبير من العينات. وتعتبر التقنية الرئيسية الأخرى للإنتاجية العالية المستخدمة في القياس الكمي لجزيئات الحمض الريبي النووي المحددة هي تفاعل البوليميراز المتسلسل اللحظي، بعد النسخ العكسي لـ الحمض الريبي النووي إلى الدنا المتمم. وهناك العديد من الجزيئات القصيرة المختلفة من الحمض النووي أحادي الجديلة (قليل النوكليوتيد) يُستخدم في فحص الحمض النووي المُتفرع. يرتبط الالتقاط وباسط الالتقاط قليل النوكليوتيد بالحمض النووي المستهدف ويثبته على دعامة صلبة. ومن ثم يقوم التوسيم قليل النوكليوتيد والحمض النووي المُتفرع بالكشف عن الحمض النووي المستهدف الثابت. ويؤدي ثبات المستهدف على الدعامة الصلبة إلى أن يكون الغسل الشامل أسهل، والذي يقلل من النتائج الإيجابية غير الصحيحة. وبعد ربط الهدف بالدعامة الصلبة، يمكن الكشف عنه من خلال الحمض النووي المُتفرع المقترن بإنزيم (على سبيل المثال، الفوسفاتاز القلوية). ويرتبط الحمض النووي المُتفرع كذلك بعينة الحمض النووي عن طريق التهجين المحدد في المناطق التي لا يوجد بها هجين الالتقاط. حيث يسمح تشعب الحمض النووي بالتزيين الكثيف جدًا للحمض النووي مع الإنزيم، الذي يعتبر مهمًا للغاية للحساسية العالية للفحص. ويقوم الإنزيم بتحفيز رد فعل القوام الذي ينتج الضوء (المكتشف في مقياس الضوء). وتزداد كمية الضوء المنبعثة تبعًا لكمية الحامض النووي المحددة الموجودة في العينة. يختلف تصميم الحمض النووي المُتفرع وطريقة تهجينه مع الحمض النووي المراد فحصه بين الأجيال المختلفة لفحص الحمض النووي المُتفرع. وبصرف النظر عن الحقيقة التي تنص على أن مادة البدء لا يتم تضخيمها مسبقًا، يمكن أن تكشف فحوصات الحمض النووي المُتفرع عن أقل من 100 نسخة من فيروس العوز المناعي البشري - الحمض الريبي النووي في كل مليلتر من الدم. إدارة محتوى الماركة (بالانجليزية Brand content management واختصارها BCM) هو مفهوم يحدد العملية القياسية التي يمكن أن تستخدمها مؤسسة ما لإنشاء وتخزين وتوزيع المواد والمعلومات المرتبطة بعمليات تسويق ماركة ما. وكذلك تشارك مؤسسات مثل إي تي أند تي وكوكاكولا وستاربكس وأبِّل وشركة هارلي-ديفيدسون في التطوير والتوزيع التسويقي لأفكارها التسويقية. حيث ابتكرت كل من هذه المؤسسات عملية للتخزين والتحكم في صورة ماركتها وأفكارها التسويقية. وتحتوي الإعلانات التسويقية المرتبطة بالماركة على معلومات حول حقوق التأليف والنشر والعلامة التجارية. وتنتج هذه المؤسسات مئات الآلاف من القطع التسويقية (المحتوى) سنويًا، وهناك بعض الأمثلة على هذه الأصول ومنها التصوير الفوتوغرافي لنمط الحياة والكتيبات والأدب والشعارات. بينما تطور المؤسسات التسويقية تلك الأصول بهدف التوزيع الجماعي من خلال العديد من القنوات والقطاعات. ومن الممكن أن تتحول هذه الأصول إلى فيروسي أو تلفزيوني أو مطبوع أو مصور أو رقمي / إلكتروني أو إذاعي. وتستخدم هذه الأنواع من المؤسسات بصفة عامة تطبيق إدارة علاقات العملاء (CRM) الذي يتيح مستوى تحكم أكبر للمؤسسات على التطوير الإبداعي والتوزيع والاستيفاء وإدارة كل جوانب محتوى الماركة ذات الصلة. وهذه هي الطريقة التي استُخدم بها مصطلح "إدارة محتوى الماركة" في البداية، حيث ابتكرت تطبيقات (إدارة علاقات العملاء) التي تدعم التطوير التسويقي، ابتكرت بنية تعتمد على البرامج بحيث تدعم معالجة وتخزين المحتوى ذي الصلة بالماركة. وكذلك ابتكرت شركات البرمجيات أداة لإدارة تسويق المؤسسات بحيث تدعم هذه المؤسسات في تطوير وإدارة محتوى الماركة. الجغرافيا الثقافية أو جغرافية حضارية ، إحدى أفرع الجغرافيا البشرية. هي دراسة للمنتجات الثقافية والأعراف واختلافاتها وعلاقاتها بالنسبة للمناطق والأماكن. حيث تركز على وصف وتحليل طرق اختلاف اللغة، والدين، والاقتصاد، والحكومات والظواهر الثقافية الأخرى أو بقائها ثابتة من مكان إلى آخر، وعلى شرح كيفية تعامل البشر حسب المكان. مجالات الدراسة. إن مجالات دراسة الجغرافيا الثقافية واسعة جدًا. ومن بين العديد من الموضوعات المطبقة في مجال الدراسة: معلومات تاريخية. بالرغم من أن الآثار الأولى للدراسة على دول وثقافات مختلفة على الأرض يمكن أن تعود إلى علماء الجغرافيا القدامى مثل بطليموس (Ptolemy) أو سترابو (Strabo)، إلا أن الجغرافيا الثقافية كدراسة أكاديمية ظهرت في البداية كبديل لنظريات الحتمية الجغرافية في بداية القرن العشرين، والتي تؤمن أن الشعوب والمجتمعات تحكمها البيئة الطبيعية التي يعيشون بها. وبدلاً من دراسة المناطق المحددة مسبقًا اعتمادًا على التصنيفات البيئية، أصبحت الجغرافيا الثقافية تهتم بـ المشهد الثقافي. وقد تزعم ذلك كارل أورتوين سوير (Carl O. Sauer) (الملقب بأب الجغرافية الثقافية) بجامعة كاليفورنيا، بركلي. ونتيجة لذلك، هيمنت الجغرافيا الثقافية طويلاً على الكتّاب الولايات المتحدة. عرّف سوير المشهد الثقافي بأنه الوحدة المحددة للدراسة الجغرافية. فقد رأى أن الثقافات والمجتمعات لا تنشأ فقط من داخل المحيط الخاص بها، ولكن تتشكل تبعًا لها أيضًا. وهذا التفاعل بين المشهد "الطبيعي" والإنسان يخلق "المشهد الثقافي". كان عمل سوير البحث النوعي ووصفيًا، وتم تجاوزه في الثلاثينيات من خلال الجغرافيا الإقليمية لـريتشارد هارتشورن (Richard Hartshorne) وبعدها من خلال الثورة الكمية. ولقد تم تهميش الجغرافيا الثقافية بشكل عام، بالرغم من أن بعض الكتّاب مثل ديفيد لوينثال (David Lowenthal) استمروا في العمل على مفهوم المشهد الثقافي. في السبعينيات، تسبب انتقاد فلسفة الوضعية في الجغرافيا في أن ينظر علماء الجغرافيا لما وراء الجغرافيا الكمية من أجل أفكارها. وكانت إحدى هذه المجالات المعاد تقييمها هي الجغرافيا الثقافية أيضًا. ومع ذلك، كما هو الحال في العديد من الأفرع الجغرافيّة، تبقى الجغرافيا الثقافية بعد الوضعية تلعب دورًا هامًا. "الجغرافيا الثقافية الجديدة". ظهرت منذ الثمانينيات جغرافيا ثقافية جديدة تستخدم مجموعة مختلفة من التقاليد النظرية، من بينها النماذج الاقتصادية السياسية الماركسية، ونظرية الأنثوية، ونظرية ما بعد الاستعمار، وما بعد البنيوية والتحليل النفسي. مع استخدام نظريات ميشيل فوكو (Michel Foucault) والأدائية في الأوساط الأكاديمية الغربية، والمزيد من التأثيرات المتنوعة لـ ما بعد الاستعمار، كان هناك جهدا منسقًا التفكيكية الثقافية لإظهار علاقات القوة المختلفة. وكانت إحدى مجالات الاهتمام الخاصة هي سياسة الهوية وبناء الهوية. تشمل بعض أمثلة مجالات الدراسة ما يلي: لقد حوّل بعض المنخرطين في الجغرافيا الثقافية الجديدة اهتمامهم إلى انتقاد بعض من أفكارها، حيث يرون أن رؤيتها الخاصة بالهوية والمكان ثابتة. ولقد جاءت انتقاداتهم بعد انتقادات فوكو من قِبل أصحاب نظرية "ما بعد البنيوية" الآخرين مثل ميشيل دي كارت (Michel de Certeau) وجيل ديليوز (Gilles Deleuze). في هذا المجال، سيطرت أبحاث نظرية التجريدية والحِراك السكاني. وقد حاول آخرون إعادة ضم هذه الانتقادات إلى الجغرافيا الثقافية الجديدة. تشير إدارة الأصول المميزة إلى تنفيذ تعديلات على الماركة وإدارة دورة حياة الأصول المميزة. وتشتمل فئة الأصول المميزة على الإدارة الرقمية لتنفيذ الماركة. الخلفية. لقد برز التمييز كأولوية إدارية مهمة للغاية في العِقد الماضي نتيجة الإدراك المتزايد بأن الماركات تُعد أحد الأصول الأكثر قيمة التي تمتلكها الشركات. وتُعد الماركة ببساطة أكثر من كونها اسمًا وتجسيدًا ماديًا لهذا الاسم في الأدوات المكتبية والملابس والمصانع والمعدات. فالماركة تمثل مغزى ومعنى لجميع أصحاب المصلحة وتعكس مجموعة من القيم والوعود حتى أنها تمثل هوية مستقلة. وتعمل معظم الشركات التي تتمتع بأكبر الزيادات في قيمة الماركات الخاصة بها، تعمل كماركات مستقلة في جميع أنحاء العالم. علمًا بأن هدف العديد من الشركات اليوم يتمثل في خلق الانسجام والتأثير، على حدٍ سواء واللذين يسهل إدارتهما كثيرًا في ظل مفهوم الماركة العالمية - الهوية المستقلة في جميع أنحاء العالم. ويُعد هذا هو النهج الأكثر فعالية، حيث يمكن استخدام نفس الإستراتيجية على مستوى العالم. علاوةً على ذلك، أضاف كل من التسويق العالمي والمنافسة المتزايدة ضغطًا على أساليب إدارة الماركة. وتكتظ الأسواق التجارية حاليًا بمئات الماركات التي تسعى لجذب انتباه المستهلكين. أهمية إعادة التمييز. أضافت تأثيرات التسويق العالمي والمنافسة المتزايدة ضغطًا على أساليب إدارة الماركة. وتكتظ الأسواق التجارية حاليًا بمئات الماركات التي تسعى غالبًا لجذب انتباه المستهلكين. سرقة العلامة التجارية عبارة عن نشاط يستحوذ من خلاله شخص ما على الهوية الإلكترونية لكيان آخر أو يستولي عليها بغرض الحصول على سهم العلامة التجارية لشخص أو شركة ما. يجمع المصطلح بين مفهومين هما "العلامة التجارية" و"السرقة" واستخدم منذ عام 2007 على الأقل عندما ظهر في إحدى مقالات مجلة "بلومبرج بيزنس ويك".article. وغالبًا ما ترتبط هذه الوسيلة باستخدام هويات الأفراد والشركات في وسائل الإعلام الاجتماعية أو مواقع ويب 2.0. وعلى الرغم من تشابهه مع احتلال الفضاء الإلكتروني أو تزوير الهوية أو التصيد من حيث طبيعته وأساليبه المحتملة، عادة ما تتم سرقة العلامة التجارية خاصة للسياسيين أو المشاهير أو الشركات وكثير منها ما يتم بطريقة غير مباشرة بطبيعتها. قد يحاول سارق العلامة التجارية استخدام سمعة الهدف الخاص به لأسباب أنانية أو يسعى لتدمير سمعة الهدف وذلك لأغراض خبيثة أو سياسية أو انتخابية. قد لا تكون هذه الأسباب مالية مباشرة، ولكن قد تشتمل الآثار المترتبة على حامل العلامة التجارية الأصلي على خسائر مالية عادة - على سبيل المثال، قد تتسبب الدعاية السلبية في إنهاء صفقة رعاية أحد المشاهير، أو صفقة رعاية شركة ما، مما قد يؤدي إلى خسارة في المبيعات أو تقليل سعر السهم. كيفية تجنب سرقة العلامة التجارية. قد تشتمل عملية تجنب سرقة العلامة التجارية على التالي: على الرغم من ذلك، فقد تؤدي الإجراءات التي تتخذ ضد سارقي العلامات التجارية وداعميهم إلى لفت الانتباه إلى المشكلة (تأثير سترايسند). على سبيل المثال، بعد حملة كيت كات لغرينبيس، رفعت نستله الفيديو من موقع يوتيوب، وسرعان ما أعادت غرينبيس نشره على موقع مشاركة الفيديوهات فيميو وسلطت الضوء على محاولة الرقابة استخدام موقع تويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي. وأثارت محاولات نستله في تقييد نشاط المستخدم على صفحة المعجبين على الفيس بوك معجبين إضافيين، أثارت جدلاً واسعًا. براندويك (Brandweek) كانت إصدارًا تجاريًا تسويقيًا أمريكيًا أسبوعيًا. وقد نُشرت لأول مرة في عام 1986 في الأسبوع التسويقي ل"أدويك"' ، حيث غير الإصدار اسمه في عام 1992 بعد أن واجه تهديدًا قانونيًا من مجلة أسبوع التسويق البريطانية. وتقوم مجلة براندويك بتغطية عالم التسويق بداية من الحملات الإعلانية ذات الميزانيات الكبيرة وحتى الحملات المتواضعة لأصغر الشركات. ويُعد هذا الإصدار جزءًا من مجموعة المجلات التي تصدرها مجموعة أدويكميديا المملوكة لـ شركة نيلسن. حيث تُصدر 46 إصدارًا سنويًا بالإضافة إلى مجلة Brandweek.com ومجموعة من النشرات الإخبارية عبر البريد الإلكتروني التي تركز على المتسوقين والتسويق الرقمي والإسباني والتسويق الأخضر. والتي أُدمجت كلها في مجلة "أدويك" في عام 2011. وتشتمل الأبواب الرئيسية لبراندويك على باب سوبربراندز ومسوق العام. وفي يناير عام 2009 أطلقت مدونتها براندفريك، والتي ألقت نظرة غير متحفظة على عالم التسويق والتصنيف. المراجع. ؛مراجع خاصة