محمود أحمدي نِجَاد هو أستاذ جامعي وسياسي إيراني، أصبح عمدةً لبلدية طهران ثم رئيسًا لجمهورية إيران الإسلامية، وهو الرئيس السادس للجمهورية الإيرانية. تولى مهام رئاسة الجمهورية منذ 3 أغسطس 2005 بعد تغلبه على منافسه هاشمي رفسنجاني في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وأعيد انتخابه في 12 يونيو 2009 على حساب منافسه مير حسين موسوي، وظلَّ رئيسًا حتى 15 يونيو 2013 بعد عقد الانتخابات الجديدة. انضم أحمدي نجاد الأستاذ الجامعي المنتمي للطبقة الفقيرة إلى مكتب تعزيز الوحدة بعد الثورة الإسلامية، ثم عُين كحاكم إقليم، لكنه أقيل بعد انتخاب محمد خاتمي رئيسًا لإيران، فعاد إلى التدريس. عينه مجلس بلدية طهران رئيساً للبلدية في عام 2003، وهو ما مثّل انعطافًا نحو التيار الديني المتشدد على عكس الاتجاهات الإصلاحية للرؤساء المعتدلين السابقين. كانت حملته الانتخابية الرئاسية عام 2005، بدعم من تحالف بناة إيران الإسلامي، ووعد فيها بأن أموال النفط ستكون للفقراء، ورفع شعار "هذا ممكن، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك". أصبح رئيسًا بعد حصوله على 62% من الأصوات الانتخابية في الثالث من أغسطس 2005 أحمدي نجاد شخصية مثيرة للجدل محليًا ودوليًا. وقد انتقد محليا بسبب الأزمة الاقتصادية والاستخفاف بحقوق الإنسان. وفي عام 2007، أطلق مشروعًا للحد من استهلاك الوقود في البلاد، وخفض أسعار الفائدة المصرفية. دعم نجاد برنامج إيران للطاقة النووية. وتعرض خلال انتخابات عام 2009 الرئاسية، لاحتجاجات داخلية كبيرة، ووجهت له انتقادات دولية كبيرة. كما شككت أحزاب المعارضة الرئيسية في شرعية رئاسته. ومن جهة أخرى، أجبر مرشح أحمدي نجاد لمنصب النائب الأول للرئيس، اسفاندير رحيم مشائي، على الاستقالة، وهو ما أحرج أحمدي نجاد. أدى أحمدي نجاد اليمين الدستورية لولاية ثانية في 5 آب/أغسطس 2009. تعرضت الناشطات في مجال حقوق المرأة للاضطهاد، بعد مطالبتهن البرلمان بتطبيق "مشروع قانون حماية الأسرة" قبل صدوره. كما تعرض نجاد للحرج، بعد إدانة وزير داخليته بالحصول على درجة دكتوراة مزورة. أحمدي نجاد من أشد المعارضين لسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنه عزز العلاقات بين إيران وروسيا وفنزويلا وسوريا ودول الخليج العربي. خلال فترة ولايته، كانت إيران واحدة من كبار مانحي المعونة إلى أفغانستان. أكد أحمدي نجاد مرارًا على أن البرنامج النووي الإيراني معد للأغراض السلمية، وليس لتطوير الأسلحة النووية. وتحت قيادته، رفضت إيران نداءات مجلس الأمن الدولي لإنهاء تخصيب اليورانيوم داخل إيران. وأعلن أحمدي نجاد أن العقوبات الغربية لإيران بسبب تخصيب اليورانيوم "غير قانونية" وقال أن إيران ستواصل التزامها بتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة برنامجها النووي، على الرغم من أن إيران لم تفعل ذلك. يُعرف أحمدي نجاد بتعليقاته المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، لذا فهو دائمًا عرضة للانتقاد من جهات عديدة. وقد دعا إلى حل دولة إسرائيل، كما دعى إلى إجراء انتخابات حرة في فلسطين. وأعرب عن اعتقاده بأن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى صوت قوي في المنطقة مستقبلاً. دعى أحمدي نجاد في واحد من أكثر التصريحات المثيرة للجدل، وفقاً لترجمة إذاعة جمهورية إيران الإسلامية الأولى، إلى "محو المستعمر من الخريطة". على الرغم من أن الترجمة التحريرية والشفوية عليها خلاف. اعتبرت مجلة تايم أحمدي نجاد من بين المائة شخصية الأكثر تأثيرًا في العالم لعام 2006. حياته. ولد محمود أحمدي نجاد في قرية آرادان بالقرب من غرمسار، هو الطفل الرابع من بين سبعة أطفال لوالد يعمل حدادًا وبقالاً وحلاقًا ومعلم للقرآن. وقد غير الأب اسمه في سن الرابعة من "سابورجان"، عندما انتقلت العائلة إلى طهران. في عام 1976، اجتاز محمود أحمدي نجاد مسابقات القبول في الجامعات الإيرانية الوطنية. وقيل أنه حاز على المرتبة ال 132 من بين 400,000 مشارك في تلك السنة، وسرعان ما التحق بجامعة إيران للعلوم والتقنية كطالب بكلية الهندسة المدنية. حصل على دكتوراة في هندسة النقل والتخطيط من نفس الجامعة في عام 1997، عندما كان حاكمًا لمحافظة أردبيل في شمال غرب أيران. يعتبره أنصاره، "رجلاً بسيطًا" يحيا حياة "متواضعة". وبعدما أصبح رئيسًا، أراد الاستمرار في سكنى منزل الأسرة المتواضع في طهران، إلا أن مستشاريه الأمنيين أجبروه على الرحيل. طوى أحمدي نجاد السجادة الفارسية العتيقة الموجودة بقصر الرئاسة، وبعث بها إلى متحف السجاد، واستخدم بدلاً منها سجادًا ذا تكلفة منخفضة. ويقال أنه رفض مقعد كبار الشخصيات بطائرة الرئاسة، واستبدله بمقعد طائرة شحن بدلاً من ذلك. وعند وصوله لمقعد الرئاسة، عقد أحمدي نجاد أول اجتماع لحكومته في ضريح الإمام الرضا في مشهد، وهو عمل ينظر إليه على أنه "متدين". أحمدي نجاد متزوج وله ابنان وابنة. المهن الإدارية والأكاديمية. بعض التفاصيل عن حياة الرئيس الإيراني خلال الثمانينيات غير معروفة، إلا أنه من المؤكد أنه شغل العديد من الوظائف الإدارية في محافظة أذربيجان الغربية. تذكر العديد من التقارير، أنه أثناء قيام الحرب العراقية الإيرانية انضم أحمدي نجاد للحرس الثوري الإيراني، وخدم في جهاز المخابرات والأمن العام، لكن مستشاره مجتبى سمارة هاشمي قال "أنه لم يكن يوما عضوا أو مسؤولا بالحرس الثوري الإيراني"، حيث كان أقرب ما يكون بمتطوع باسيج. حصل الرئيس الإيراني على درجة ماجستير العلوم من جامعته في عام 1986. وعمل بها كمحاضر في عام 1989، وفي عام 1997 حصل على درجة الدكتوراه في الهندسة المدنية وتخطيط النقل المروري. حصار السفارة. بعد فترة قصيرة من انتخابه رئيسًا، زعمت بعض وسائل الإعلام الغربية بأن أحمدي نجاد كان بين الطلاب الذين اقتحموا السفارة الأميركية في طهران، مما أثار أزمة الرهائن، وهو ما أنكرته الحكومة الإيرانية. بداية عمله السياسي. بعد الثورة الإيرانية الإسلامية، أصبح أحمدي نجاد عضوًا في مكتب تعزيز الوحدة، وهي منظمة وضعت لمنع الطلاب من التعاطف أو التحالف مع مجاهدي خلق. كانت أولى مناصبه السياسية، تعيينه كحاكم لمقاطعتي ماكو وخوي في محافظة أذربيجان الغربية خلال الثمانينيات. ثم أصبح مستشارًا للحاكم العام لمحافظة كردستان لمدة عامين. وخلال دراسته للدكتوراه في طهران، عين حاكمًا عامًا لمحافظة أردبيل في عام 1993، حتى استبعده محمد خاتمي في عام 1997، فعاد أحمدي نجاد بعد ذلك إلى التدريس. عمدة طهران. في عام 2003، كانت نسبة المحافظين من تحالف بناة إيران الإسلامية في مجلس مدينة طهران 12% فقط. ومع ذلك، عين المجلس أحمدي نجاد المحافظ رئيسًا لبلدية طهران. عندما أصبح رئيسًا للبلدية، قام أحمدي نجاد بعكس جميع التغييرات التي أجراها رؤساء البلديات المعتدلون والإصلاحيون السابقون. فقد وضع أسسًا دينية للأنشطة بالمراكز الثقافية التي تأسست لديهم، وفصل استعمال المصعد للرجال والنساء في المكاتب العامة، واقترح أن يتم دفن الأشخاص الذين قتلوا في الحرب العراقية الإيرانية بالميادين الكبرى في طهران. كما عمل على تحسين نظام المرور، وركّز على الأعمال الخيرية، مثل توزيع الحساء المجاني على الفقراء. و بعد انتخابه للرئاسة تم قبول استقالة أحمدي نجاد من رئاسة بلدية طهران في 28 حزيران/يونيو 2005. بعد العمل سنتين كعمدة. الرئاسة. حملة 2005. لم يكن أحمدي نجاد معروفًا على نطاق واسع عندما دخل حملة الانتخابات الرئاسية. بالرغم من كونه عضوًا في الجمعية الإسلامية للمهندسين، ولكن الدعم السياسي الرئيسي له كان من تحالف بناة إيران الإسلامية ("ائتلاف ابداجران الإسلامي" أو "المطورين"). كانت تصريحات أحمدي نجاد متباينة حول خططه الرئاسية، ربما لجذب كلا من التيارات الدينية والطبقات الفقيرة. فكانت حملته تحت شعار : "أنه أمر ممكن، نستطيع أن نفعلها". حظى نجاد بشعبية كبيرة في هذه الحملة. فقد أشار إلى حياته المتواضعة وأبرز ذلك، حيث قارن نفسه بمحمد علي رجائي، الرئيس الثاني لإيران. وأعلن نجاد أنه يعتزم إقامة "حكومة مثالية لشعوب العالم" في إيران. التزم نجاد في عمله السياسى بمبادئ إسلامية وثورية، وكان من أهدافه "وضع دخل النفط على طاولة الشعب"، أي أنه سيتم توزيع أرباح النفط في إيران على الفقراء. كان أحمدي نجاد هو المرشح الوحيد للرئاسة الذي أبدى اعتراضه على العلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة. وقال لإذاعة جمهورية إيران الإسلامية، أن الأمم المتحدة "تأخذ جانب معادٍ للعالم الإسلامي". وأعلن أنه يعارض حق الفيتو للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي قائلاً : "إنه ليس من العدل، أن يصبح من حق عدد قليل من الدول الجلوس واستخدام حق النقض على الموافقات العالمية. وأن كان لابد من استمرار هذه الميزة، فلابد أن يتمتع العالم الإسلامي الذي يضم ما يقرب من 1.5 بليار مسلم بنفس هذه الامتياز". كما دافع عن البرنامج النووي الإيراني، واتهم ما وصفها بـ "بعض القوى المتغطرسة" بمحاولة الحد من التنمية الصناعية والتكنولوجية في إيران في هذا المجال، وغيره من المجالات. في الجولة الثانية من الحملة، قال : "نحن لم نشارك في الثورة لنتغير بتغير الحكومة... وهذه الثورة تسعى للوصول إلى جميع حكومات العالم ". وتحدث عن برنامج موسع لاستخدام التجارة في تحسين العلاقات الخارجية، ودعا إلى مزيد من العلاقات مع الدول المجاورة لإيران وإلغاء استخدام التأشيرات للتنقل بين دول المنطقة، قائلاً أنه "لابد أن يستطيع الناس زيارة أي مكان يرغبون فيه بحرية. لابد أن يتمتع الناس بالحرية أثناء الحج والرحلات". ووصف أحمدي نجاد آية الله محمد تقي مصباح يزدي، وهو من كبار رجال الدين في قم بأنه معلمه الروحي والعقائدي. أسس مصباح مدرسة حاغانى الفكرية في إيران، وأيد هو وفريقه بقوة نجاد في حملته في الانتخابات الرئاسية لعام 2005. انتخابات عام 2005 الرئاسية. حصل أحمدي نجاد على 62% من الأصوات في انتخابات الإعادة التي جرت أمام أكبر هاشمي رفسنجاني. وقلده المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الرئاسة في 3 أغسطس 2005. فقبّل أحمدي نجاد يد خامنئي خلال الاحتفال لإظهار ولائه. تعيينات مجلس الوزراء لعام 2005. يتوجب على الرئيس الإيراني أن يحصل على تأييد مجلس الشورى الإيراني لاختيار للوزراء. قدم أحمدي نجاد قائمة مبدئية بالأسماء، كان أبرزها منوشهر متكي لحقيبة الخارجية وغلام حسين محسني آجه أي لحقيبة الاستخبارات في جلسة خاصة في 5 أغسطس، والقائمة النهائية في 14 أغسطس. وافق المجلس على مجلس الوزراء في 24 أغسطس. وقد تعهد الوزراء على أن يعقدوا عدة اجتماعات خارج طهران، وعقدوا أول لقاء بينهم في 25 أغسطس في مدينة مشهد، في وجود أربعة مقاعد فارغة للمرشحين الذين لم يتم التوافق عليهم. مجالس 2006 وانتخاب مجلس الخبراء. خسر فريق أحمدي نجاد انتخابات مجلس المدينة لعام 2006، بينما حصل مرشده الروحى محمد تقي مصباح يزدي على المرتبة السادسة في مجلس خبراء المدينة. في أول انتخابات محلية أقيمت منذ تولى أحمدي نجاد الرئاسة، فشل حلفائه في الفوز بانتخابات الإعادة لمجلس الخبراء والمجالس المحلية. وأشارت النتائج إلى تأييد الناخبين بنسبة حوالي 60 ٪، للتحول نحو سياسات أكثر اعتدالاً. ووفقًا لافتتاحية صحيفة كورجوزاران اليومية المستقلة "أظهرت النتائج أن الناخبين تعلموا الدرس من الماضي، واستنتجوا أنه ينبغي عليهم دعم الشخصيات المعتدلة". وقال محلل سياسي إيراني "هذه النتائج ضربة لقائمة أحمدي نجاد ومصباح يزدي". الانتخابات الرئاسية في 2009. في 23 أغسطس 2008، أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي أنه "يرى أحمدي نجاد رئيسا في السنوات الخمس المقبلة"، وفسر هذا التعليق على أنه إشارة لدعم إعادة انتخاب أحمدي نجاد. 39,165,191 هو عدد الأصوات التي شاركت في الانتخابات التي جرت في 12 يونيو 2009، وفقًا لما أعلنه مقر الانتخابات في إيران. وفاز أحمدي نجاد بـ 62.63 ٪ من الأصوات، فيما جاء في المركز الثاني مير حسين موسوي بـ 33.75 ٪ من الأصوات. حظيت هذه الانتخابات باهتمام شعبي لم يسبق له مثيل في إيران. الاحتجاجات على الانتخابات الإيرانية عام 2009. ظلت نتائج الانتخابات محل خلاف بين كل من موسوى وأحمدي نجاد وأنصار كل منهما، الذين يعتقدون في حدوث تزوير في الانتخابات. وافق المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي رسميًا على نتائج الانتخابات في 3 أغسطس 2009، ليؤدى أحمدي نجاد اليمين الدستورية لولاية ثانية في 5 أغسطس 2009. تجنب عدد من الشخصيات السياسية الإيرانية حضور الحفل، أمثال الرئيسان السابقان محمد خاتمي وأكبر هاشمي رفسنجاني، الذي يشغل حاليًا رئيس لجنة مجمع تشخيص مصلحة النظام، إلى جانب زعيم المعارضة مير حسين موسوي. طالبت جماعات المعارضة المحتجين على المواقع الإلكترونية الإصلاحية، بتسيير المظاهرات في الشوارع في يوم تنصيبه رئيسًا. وفي يوم التنصيب، واجه المئات من رجال شرطة مكافحة الشغب المظاهرات الاحتجاجية التي اجتمعت خارج مبنى البرلمان. وبعد أدائه لليمين الدستورية، أعلن على الهواء في التلفزيون الإيراني، أنه "مسؤول عن حماية العقيدة، ونظام الثورة الإسلامية والدستور". أعلن كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أنهم لن يرسلوا رسائل التهنئة المعتادة. تعيينات مجلس الوزراء 2009. أعلن أحمدي نجاد تعيينات وزارية جديدة في ولايته الثانية، فقد عيّن اسفنديار رحيم مشائي نائبًا أول للرئيس لفترة وجيزة، ولكنه قوبل بالمعارضة من جانب عدد من أعضاء المجلس، ومن قبل وزير الاستخبارات غلام حسين محسني آجه أي. انصاع مشائي للأوامر، وقدم استقالته. ثم عين أحمدي نجاد مشائي رئيسًا للأركان، وقام بفصل محسني آجه أي. يوم 26 يوليو 2009، واجهت حكومة أحمدي نجاد مشكلة قانونية بعد إقالته لأربعة وزراء، حيث تنص المادة 136 من دستور إيران على أنه إذا تم تغيير أكثر من نصف أعضاء مجلس الوزراء، فإنه لا يجوز أن يجتمع أو أن يعمل قبل موافقة المجلس على الأعضاء الجدد. أعلن نائب رئيس المجلس أن أي اجتماع أو قرار لمجلس الوزراء لن يكون قانونيًا لحين الحصول على الموافقة الجديدة. وفي 4 سبتمبر 2009، وافق المجلس على 18 مرشح من أصل 21 مرشح، ليتضمن المجلس سيدة للمرة الأولى كوزيرة. وهي مرضية وحيد دستجردي. سياساته الداخلية. السياسة الاقتصادية. خلال سنوات رئاسته الأربع الأولى، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لإيران، وانخفض معدل التضخم والبطالة نتيجة لإتخاذ نجاد لأسلوب إدارة اقتصادي أفضل وإنهاء أنماط الإنفاق والاقتراض التي انتهجتها الإدارات السابقة. قام أحمدي نجاد بزيادة الإنفاق بنسبة 25%، وزاد من الدعم للغذاء والبنزين. كما أنه في البداية رفض الزيادة التدريجية في أسعار البنزين، وقال أنه بعد الانتهاء من التحضيرات اللازمة، مثل تطوير وسائل النقل العام، ستقوم الحكومة بتحرير أسعار البنزين بعد خمس سنوات. وتم تخفض معدلات الفائدة بموجب مرسوم رئاسي إلى ما دون معدل التضخم. وتسببت محاولاته لتنمية الاقتصاد في زيادة أسعار العقارات ببعض المدن، لتصبح ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل عهد أحمدي نجاد، بسبب سعي بعض الإيرانيين لاستثمار الفائض النقدي وتأمين ظروفهم المعيشية، وهو ما أضر بفقراء الإيرانيين، مما أضر بشعبية نجاد. ألغى نجاد مؤسسة الإدارة والتخطيط، وهي هيئة حكومية مكلفة برسم إستراتيجية الاقتصاد والميزانية طويلة المدى، وتم الاستغناء عن الإداريين ذوي الخبرة العاملين بها. في يونيو 2006، أرسل 50 من خبراء الاقتصاد الإيرانيين خطاب إلى أحمدي نجاد، ينتقدون فيه تدخله لتثبيت أسعار السلع والاسمنت والخدمات الحكومية، وأمره بموجب مرسوم صادر عن المجلس الأعلى لنقابة العمال ووزارة العمل الذي اقترح زيادة رواتب العمال بنسبة 40%. رد أحمدي نجاد علنًا على الرسالة بلهجة شديدة، واستنكر الاتهامات. طالب أحمدي نجاد بتنازلات معقولة فيما يتعلق بالرأسمالية والاشتراكية الغربية، فقد تسببت الصراعات السياسية الإيرانية الحالية مع الولايات المتحدة في زيادة خوف البنك المركزي من هروب رؤوس الأموال بسبب العقوبات المفروضة على إيران. هذه العوامل حالت دون تحسين البنية التحتية وتدفق رؤوس الأموال، على الرغم من الإمكانات الاقتصادية العالية. 3.5% من بين الذين لم يصوتوا لصالحه في الانتخابات الأولى، قالوا أنهم سوف يصوتوا له في الانتخابات المقبلة. محمد خوشيريه، وهو عضو في البرلمان الإيراني شارك في الحملة الانتخابية لأحمدي نجاد، قال أن حكومته "كانت قوية على مستوى الشعارات الشعبية، ولكنها ضعيفة على مستوى الإنجاز." قام الرئيس أحمدي نجاد بتغيير كل وزراء المجموعة الاقتصادية، بما في ذلك النفط والصناعة والاقتصاد، منذ توليه السلطة في عام 2005. في مقابلة مع وكالة أنباء فارس في أبريل 2008، انتقد داود دانش جعفري، الذي تولى منصب وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس أحمدي نجاد، السياسة الاقتصادية لأحمدي نجاد : "خلال فترة عملي، لم يكن هناك استفادة من التجارب السابقة أو من ذوي الخبرة، ولم يكن هناك أي خطط للمستقبل. القضايا الهامشية التي لم يكن لها أهمية للأمة أٌعطيت الأولوية. معظم المفاهيم الاقتصادية العلمية مثل تأثير السيولة على التضخم كانت مثار تساؤلات." وردًا على هذه الانتقادات، اتهم أحمدي نجاد وزيره بأنه "رجل غير عادل"، وأعلن أن حل المشكلة الاقتصادية في إيران هو "الثقافة الاستشهادية". وفي مايو 2008، أعلن وزير النفط الإيراني أن الحكومة أنفقت بطريقة غير مشروعة ملياري دولار لاستيراد البترول في عام 2007. حيث أعلن في البرلمان الإيراني، أنها كانت أوامر الرئيس. بالرغم من أن عائدات النفط في حكومة أحمدى نجاد بلغت 275 ألف مليار ريال، وهو أعلى معدل في تاريخ إيران، إلا أن حكومته حققت أيضًا أعلى نسبة عجز في الميزانية في تاريخ الثورة الإيرانية. وخلال فترة رئاسته، أطلق أحمدي نجاد خطته لتقليل استخدام الطاقة للحد من استهلاك الوقود في البلاد، كما خفض نسبة الفائدة، مما زاد من التسهيلات المصرفية في البنوك الحكومية والخاصة. وقد أصدر توجيهاته بأن منظمة الإدارة والتخطيط ينبغي أن تتبع الحكومة. تنظيم الأسرة والسياسة السكانية. في أكتوبر 2006، عارض الرئيس الإيراني تشجيع العائلات على تحديد النسل لطفلين فقط، مشيرًا إلى أن إيران قادرة على تحمل أكثر من 50 مليون نسمة علاوة على الـ 70 مليون الحاليين. حينئذ اتهم نجاد بسوء التقدير، فقد كان إعلانه في الوقت الذي كانت فيه إيران تكافح ارتفاع التضخم وتزايد البطالة حتى بلغت نحو 11%. كانت دعوة أحمدى نجاد للإيرانيين لزيادة معدل المواليد، تجديدًا لدعوة آية الله روح الله الخميني التي طرحها في عام 1979، والتي أدت لزيادة سكان إيران بنسبة 16% في 7 سنوات، والتي تسببت في الأزمة الاقتصادية الناجمة. في عام 2008، أرسلت الحكومة "مشروع قانون حماية الأسرة" إلى البرلمان الإيراني. انتقد نشطاء حقوق المرأة مشروع القانون لنزعه بعض حقوق المرأة، مثل اشتراط حصول الزوج على موافقة زوجته قبل أن يأتي بزوجة أخرى إلى الأسرة. الإسكان. كانت أول التشريعات التي صدرت عن حكومته، هو تخصيص 12 تريليون ريال (1.3 مليار دولار) ميزانية لصندوق سمي "بصندوق رضا لمساعدة المحتاجين"، حيث سمي باسم إمام الشيعة علي الرضا. وأعلنت حكومة أحمدي نجاد أن هذا الصندوق سوف يستفيد من عائد النفط في مساعدة الشباب للحصول على فرص عمل، وتحمل تكاليف الزواج، ومساعدتهم في شراء مساكنهم. كما سعى الصندوق أيضًا للحصول على التبرعات الخيرية، بالتعاون مع مجالس الأمناء في 30 محافظة إيرانية. وكان هذا التشريع ردًا على ارتفاع تكاليف السكن في المدن، وهو ما أدى إلى ارتفاع متوسط سن الزواج في إيران (حاليًا حوالى 25 عامًا للنساء و28 عامًا للرجال). في عام 2006، رفض البرلمان الإيراني مشروع الصندوق، ورغم ذلك أمر أحمدي نجاد المجلس الإداري بتنفيذ الخطة. حقوق الإنسان. انتقدت العديد من منظمات حقوق الإنسان والحكومات الغربية، سياسة أحمدي نجاد في مجال حقوق الإنسان. ووفقًا لتقرير صادر عن رابطة حماية حقوق الإنسان : "منذ تولى الرئيس أحمدي نجاد السلطة، ومعاملة المعتقلون قد ازدادت سوءً في سجن إيفين، وكذلك في مراكز الاعتقال السرية التابعة للسلطة القضائية ووزارة الاستخبارات والحرس الثوري الإسلامي". وأضافت أيضًا رابطة حماية حقوق الإنسان "إن احترام حقوق الإنسان الأساسية في إيران، وخاصة حرية التعبير وتكوين الأحزاب قد تدهورت في عام 2006. فالحكومة تقوم بشكل روتيني بتعذيب المنشقين المعتقلين، وتسيء معاملتهم. بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة". وقالت أيضًا : "إن مصدر انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، يأتي من السلطة القضائية، والمسؤول عنها الإمام علي خامنئي، والأعضاء الذين عينهم أحمدي نجاد مباشرة ". كانت ردود أفعال المعارضة متفاوتة. فقد كتبت رابطة حماية حقوق الإنسان "شهدت حكومة أحمدي نجاد، تحول واضح عن السياسة التي اتبعت في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، حيث أنها لم تستوعب أي احتجاجات سلمية أو تجمعات". في ديسمبر 2006، طلب أحمدي نجاد من المسؤولين عدم اعتراض الطلبة الذين خرجوا في مظاهرة احتجاجية خلال خطاب له بجامعة أميرقابير للتكنولوجيا بطهران، بالرغم من الشكاوي بوجود حملة على المعارضة في الجامعات منذ تولى نجاد الحكم. في أبريل 2007، قامت شرطة طهران التي تخضع لإشراف خامنئي، بشن حملة ضد النساء اللاتي يرتدين "حجاب غير شرعي". مما أثار بعض الانتقادات من قبل المقربين من أحمدي نجاد. الجامعات. في عام 2006، أشيع أن الحكومة الإيرانية أجبرت العديد من العلماء وأساتذة الجامعات على الاستقالة أو التقاعد، وهو ما أطلق عليه " الثورة الثقافية الثانية ". قامت تلك السياسة على استبدال العلماء كبار السن بآخرين أصغر سنًا. بعض أساتذة الجامعة تلقوا خطابات تقاعدهم بدون سابق إنذار. وفي نوفمبر 2006، اضطر 53 أستاذ جامعي في جامعة العلوم والتكنولوجيا بإيران إلى التقاعد. في عام 2006، حددت حكومة أحمدي نجاد 50% حصة للطلبة الذكور و50 ٪ للطالبات في امتحان القبول بالجامعات في كل من كلية الطب وطب الأسنان والصيدلة. كان الهدف من تلك الخطة الحد من تزايد أعداد الطالبات في الجامعات. وردًا على الانتقادات، أعلن وزير الصحة والتعليم الطبي الإيراني كامران باقري لنكراني أنه ليس هناك ما يكفي من المرافق مثل المساكن للطالبات. كما قال مسعود صالحي رئيس جامعة زاهدان، أن وجود المرأة يولد بعض المشاكل وخاصةً في وسائل النقل. كما أعلن إبراهيم ميكانيكى رئيس جامعة بابول للعلوم الطبية، أن زيادة وجود المرأة سيجعل من الصعب توزيع التسهيلات بطريقة مناسبة. وأدلى باغير لاريجاني رئيس جامعة طهران للعلوم الطبية بتصريحات مماثلة لذلك. وفقًا لموقع روز أن هذه التصريحات ليس لها أساس قانوني، وإنما هي مجرد تدعيم للأسرة والدين. احتجاجات الطلاب في ديسمبر 2006. في 11 ديسمبر 2006، قاطع بعض الطلاب خطاب أحمدي نجاد الذي ألقاه بجامعة اميرقبير للتكنولوجيا (طهران للفنون التطبيقية) في طهران. واستنادًا إلى وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية، أشعل الطلاب النار في صور أحمدي نجاد وألقوا بالألعاب النارية. كما هتف المتظاهرون "الموت للدكتاتور". كانت هذه أول أكبر مظاهرة احتجاجية شعبية منذ انتخاب أحمدي نجاد. في بيان نشر على موقع الطلاب على الإنترنت، أعلن الطلاب أنهم تظاهروا احتجاجًا على تزايد الضغط السياسي في عهد أحمدي نجاد، واتهموه بالفساد وسوء الإدارة والتحيز. وأضاف البيان أن "الطلاب قالوا أنه على الرغم من الدعاية الكبيرة للرئيس، إلا أنه لم يتمكن من خداع الأوساط الأكاديمية". وأفادوا أيضًا أن بعض الطلاب سجلوا غضبهم إزاء المؤتمر الدولي لاستعراض الرؤية العالمية للهولوكوست. وردًا على هتافات الطلاب، قال الرئيس : "لقد عملنا على التصدي للديكتاتورية، حتى أن أحدًا لن يجرؤ على إقامة ديكتاتورية في الألفية حتى باسم الحرية. ونظرًا لما عانته الأمة الإيرانية من قبل عملاء الديكتاتورية في الولايات المتحدة وبريطانيا، لن يسمح أحد بظهور أي ديكتاتور". ورغم ما ذكر من أن المتظاهرين قاموا بكسر كاميرات التليفزيون، وألقوا قنابل يدوية الصنع على أحمدي نجاد، إلا أن الرئيس طلب من المسؤولين عدم مساءلة أو عقاب المحتجين. وعلى موقعه، علق أحمدي نجاد تعقيبًا على الحادث بأنه "شعر بالفرح" بسبب الحرية التي يتمتع بها الناس بعد الثورة. وفي اليوم السابق للخطاب، تظاهر ألف طالب احتجاجًا للتنديد بزيادة الضغط على الجماعات الإصلاحية في الجامعة. قبل ذلك بأسبوع، تظاهر أكثر من ألفي طالب للاحتجاج في جامعة طهران في العيد السنوي للطلاب، وقال متحدثون منهم "أنه منذ انتخاب أحمدي نجاد، وهناك حملات على المعارضة في الجامعات". البرنامج النووي. أحمدي نجاد من أكبر مؤيدي البرنامج النووي الإيراني، وأصر على أن يكون مخصصًا للأغراض السلمية. وقد أكد مرارًا على أن صنع قنبلة نووية ليست من سياسة حكومته. ويقول إن مثل هذه السياسة "غير قانونية ومخالفة لديننا". وأضاف أيضًا في يناير 2006 خلال مؤتمر في طهران أن دولة "الثقافة والحضارة والمنطق" لا تحتاج للسلاح النووي، بينما الدولة التي تريد السلاح النووي هي تلك التي تريد أن تحل جميع المشاكل باستخدام القوة. وفي لقاء لأحمدي نجاد عام 2008، قال أن "الدول التي تسعى للحصول على الأسلحة النووية هي دول متخلفة سياسيًا، وهؤلاء الذين يملكونها ويسعون دائمًا لاقتناء أجيال جديدة من هذه القنابل "أكثر تأخرًا". في أبريل 2006، أعلن أحمدي نجاد أن إيران وصلت في تخصيب اليورانيوم إلى مرحلة مناسبة لإنتاج الوقود النووي. في كلمة له أمام الطلاب والأكاديميين في مشهد، نقل عنه قوله أن ظروف إيران قد تغيرت تمامًا، لأنها قد أصبحت دولة نووية، ويمكن لها أن تتحدث مع الدول الأخرى من هذا المنطلق. وفي 13 أبريل 2006، نشرت وكالة الانباء الإيرانية (IRNA)، نقلاً عن الرئيس الإيراني قوله أن التكنولوجيا النووية السلمية الإيرانية لن تشكل خطرًا على أي طرف من الأطراف، لأننا نريد السلام والاستقرار، ولن نظلم أحد. ولكن في نفس الوقت لن نخضع للظلم. ومع ذلك، كانت هناك انتقادات واسعة لسياسة إيران النووية تحت إدارة أحمدي نجاد من جهات عدة على رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل. شملت الاتهامات سعي إيران للحصول على السلاح النووي وتطوير قدراتها في إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، وأن أحمدي نجاد أصدرت أمرًا لمنع مفتشي الأمم المتحدة من زيارة المنشآت النووية للبلاد بحرية وعدم عرض التصاميم عليهم. بعد نجاح اختبار إطلاق صاروخ بعيد المدى في مايو 2009، أعلن أحمدي نجاد أنه "ببرنامجها النووي، إيران ترسل رسالة للغرب أن جمهورية إيران الإسلامية هي التي تدير العرض". على الرغم من دعم أحمدي نجاد لهذا البرنامج بقوة، إلا أن مكتب الرئيس الإيراني ليس مسؤولاً عن السياسة النووية، لكنها مسؤولية المجلس الأعلى للأمن القومي. ويضم المجلس ممثلين اثنين معينين من قبل المرشد الأعلى، ومسؤولين عسكريين وأعضاء للسلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية في الحكومة، وترفع تقاريره مباشرة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أصدر فتوى ضد الأسلحة النووية في عام 2005. خامنئي عادة ما يمتنع عن الإدلاء بتصريحات عامة، ولكنه انتقد تدخلات أحمدي نجاد فيما يتعلق بالقضية النووية. وفي 23 فبراير 2008، تعهد أحمدي نجاد أن إيران لن تتراجع عن تطوير برنامجها النووي السلمي، وقال أن "التكنولوجيا النووية... هي هذا النوع من التكنولوجيا التي كانت حكرًا على عدد قليل من البلدان". أحمدي نجاد قد ذكر أن هناك ما لا يقل عن 16 استخدامًا سلميًا مختلفًا للتكنولوجيا النووية. انتقادات داخلية. اتهامات بالفساد. تعرض أحمدي نجاد لانتقادات واسعة بسبب مهاجمته "اللصوص" و"المسؤولين الفسادين"، في حين اشتراكه في "المحسوبية والمحاباة السياسية". الكثيرين من المقربين له تم تعيينهم في مواقع ليسوا مؤهلين لها، وقد منح "مليار دولار بلا عقود" للحرس الثوري الإيراني، وهي منظمة يرتبط بها أحمدي ارتباطًا قويًا. الانتقادات الموجهة للتصريحات والقضايا الاجتماعية. في عام 2005، صرح علي خامنئي ردًا على تصريحات أحمدي نجاد حول ما قاله عن أن إسرائيل يجب "محوها من الخريطة"، وقال: "أن الجمهورية الإسلامية لم تهدد أبدًا، ولن تهدد أي بلد". علاوة على ذلك، رفض علي أكبر ولاياتي المستشار الرئيسي للسياسة الخارجية لخامنئي، المشاركة في مؤتمر أحمدي نجاد عن المحرقة. وخلافًا لتصريحات أحمدي نجاد، قال ولايتي أن المحرقة ما هي إلا جريمة إبادة جماعية، وهي واقع تاريخي. في يونيو 2007، تعرض أحمدي نجاد لانتقادات من قبل بعض أعضاء البرلمان الإيراني حول تصريحاته عن المسيحية واليهودية. وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء افتاب، قال نجاد : "في العالم، هناك انحراف عن الطريق الصحيح : المسيحية واليهودية. وأن هناك دولارات تم تخصيصها لنشر هذه الانحرافات، كما توجد أيضًا ادعاءات كاذبة أن هذه الأديان سوف تنقذ البشرية. ولكن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البشرية". بعض أعضاء البرلمان الإيراني انتقدوا هذه التصريحات، لأنها بمثابة وقود لإشعال الفتنة الطائفية. وجه رأفت بايات عضو البرلمان المحافظ اللوم لأحمدي نجاد للتدقيق في المواصفات المطلوبة لحجاب للمرأة، مطالبًا إياه "بأنه لا حاجه لكل هذه الصرامة بشأن هذه المسألة". اتهم أحمدي نجاد بالفجور من قبل أشخاص مقربين من هاشمي رفسنجاني، بعدما قبّل علنًا يد امرأة كانت مدرسته، مع أنها كانت ترتدي قفاز. أدت انتقادات أحمدي نجاد للغرب، إلى محاولات لاستجوابه في البرلمان الإيراني، للرد على بعض الأسئلة. وفي أكتوبر 2008، انتقدت تصريحات أحمدي نجاد عن المحرقة داخل إيران من رجل الدين الطامح للرئاسة مهدي كروبي. تصريحاته عن خطابه في الأمم المتحدة وعن ملاعب كرة القدم. هناك حدثان جلبوا لأحمدي نجاد الانتقادات من بعض المراجع الدينية، كان حول خطابه في الأمم المتحدة، وعن حضور السيدات مباريات كرة القدم. ففي زيارته لجماعة من آيات الله في قم بعد إلقائه لكلمته في عام 2005 أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، ذكر الرئيس الإيراني أنه "شعر بهالة فوق رأسه" خلال كلمته، وأن شيءًا خفيًا قد فتن الحضور من الزعماء الأجانب ووزراء الخارجية والسفراء. كان هذا التصريح مزعجًا لرجال الدين المحافظين، لأن الرجل العادي لا يمكن أن يدعي وجود علاقة خاصة بينه وبين الله أو أي من الأئمة، كما لا يمكن أن يفترض وجود المهدي. وفي بيان آخر له في العام التالي، أعلن نجاد (دون التشاور مع رجال دين) أنه ينبغي أن يسمح للنساء بدخول ملاعب كرة القدم ومشاهدة مباريات الذكور. هذا التصريح "سرعان ما انتقد" من قبل المرجعيات الدينية، أحدهم وهو آية الله العظمى محمد فاضل لانكاراني "رفض لقاء الرئيس أحمدي نجاد لأسابيع" في مطلع عام 2007. الانتقادات من الأحزاب السياسية الأخرى. العديد من الإصلاحيين والمستقلين في الأحزاب السياسية، بما في ذلك بعض الذين قاطعوا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، دعوا إلى تكوين تحالف ضد أحمدي نجاد أطلقوا عليه "التحالف الوطني لمكافحة الفاشية." كما أن بعض الجماعات المنشقة اتهموه بأنه جلاد لا يعرف الرحمة. وصف نجاد الحرس الثوري الإيراني بالاخوة المهربون. أزمة الدستور الإيراني. في عام 2008، نشب نزاع خطير بين الرئيس الإيراني ورئيس البرلمان على ثلاثة قوانين أقرها البرلمان الإيراني، وهي : "الاتفاق على التعاون المدني والجنائي القانوني بين إيران وقيرغيزستان" و"الاتفاق على دعم الاستثمارات المتبادلة بين إيران والكويت"، و"قانون لتسجيل النماذج الصناعية والعلامات التجارية". كان النزاع من الخطورة، بحيث أن الزعيم الإيراني تدخل لفض النزاع. أرسل أحمدي نجاد برسالة إلى رئيس البرلمان غلام علي حداد عادل، استنكر فيها بشدة "الفعل الذي لا يمكن تفسيره" بتجاوز الرئاسة، وتوجيه أوامر لتنفيذ التشريعات في الجريدة الرسمية. اتهم الرئيس أحمدي نجاد رئيس البرلمان الإيراني بانتهاك القانون الدستوري، وطالب بإتخاذ إجراءات قانونية ضد رئيس البرلمان. رد حداد عادل على أحمدي نجاد، واتهمه باستخدام لغة غير لائقة في ملاحظاته ورسائله. دكتوراه علي كوردان. في أغسطس 2008، عين نجاد علي كوردان وزيرًا للداخلية. قوبل تعيين كوردان بمعارضات من قبل البرلمانيين الإيرانيين ووسائل الإعلام والمحللين، بعد أن اتضح أن درجة الدكتوراه الذي ادعى الحصول عليها كانت مزورة، والتي من المفترض أن تكون منحت من جامعة أوكسفورد، ولكن لم يتم العثور على أي سجلات تفيد بحصول علي كوردان على هذه الدرجة من تلك الجامعة. وقيل أيضًا، إنه تم سجنه في عام 1978 بتهم أخلاقية. التزوير في الأوراق الرسمية جريمة يعاقب عليها القانون الإيراني بالسجن سنة إلى ثلاث سنوات، وعند اتهام مسؤلون حكوميون، فإنه يتم توقيع العقوبة القصوى (ثلاث سنوات). في نوفمبر 2008، أعلن الرئيس الإيراني أنه ضد عزل البرلمان الإيراني لعلى كوردان. ورفض حضور البرلمان يوم الإقالة. عزل البرلمان الإيراني علي كوردان من وزارة الداخلية الإيرانية في 4 نوفمبر 2008، بعدما صوّت 188 عضوًا ضد علي كوردان. عزل كوردان دفع بأحمدي نجاد إلى أن يقدم كامل حكومته للبرلمان لإعادة تقييمها، في الوقت الذي يتزعم البرلمان واحدًا من أكبر المعارضين السياسيين الأساسيين له. ويقتضي الدستور في إيران هذه الحالة، أن يتم تغيير أكثر من نصف وزراء الحكومة، ويستبدل أحمدي نجاد تسعة من وزرائه الـ 21. الصدام مع البرلمان. في فبراير 2009، بعد إعلان المكتب الوطني الإيراني لمراجعة الحسابات أن مبلغ 1.058 مليار دولار من فائض العائدات النفطية في (2006-2007)، لم تودعه الحكومة في الخزانة الوطنية، طالب علي لاريجاني المتحدث باسم البرلمان الإيرانى بإجراء المزيد من التحقيقات من أجل التأكد من عودة الأموال المفقودة إلى الخزينة الوطنية في أقرب وقت ممكن. انتقد نجاد المكتب الوطني لمراجعة الحسابات بما وصفه بأنه "لا مبالاة"، قائلاً إن التقرير "يحرض الشعب" ضد الحكومة. ذكر حميد رضا كاتوزيان رئيس لجنة الطاقة في البرلمان : أن الحكومة انفقت 5 مليارات دولار لاستيراد الوقود، وهو ما يزيد على ما حدده البرلمان بنحو ملياري دولار. نقل كاتوزيان عن وزير النفط الإيراني غلام حسين نزاري قوله إن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هو الذي أمر بالزيادة. وفي فبراير 2009، أعلن مركز البحوث البرلمانية، أن إيران تواجه عجزًا في الميزانية يقدر بنحو 44 مليار دولار خلال السنة المالية التي تبدأ في مارس. غرفة الحماية من الكوارث الأرضية. اتهم أحمدي نجاد وعلي أكبر محرابيان وموسى مظلوم بالغش في عام 2005، عندما قاموا بنشر اختراع لفرزان سليمي، بدعوى أنه ملك لهم. كانت فكرة "غرفة الحماية من الكوارث الأرضية"، وهي فكرة لتصميم غرفة محصنة في المنازل في حالة الكوارث، ملك للمهندس والباحث الإيراني فرزان سليمي. في يوليو 2009، أدانت المحكمة العامة في طهران وزير الصناعة علي أكبر محرابيان وموسى مظلوم بتهمة الغش، ولكنها تجاهلت أحمدي نجاد، وفقًا لما نشرته اتيماد ميللي اليومية. ووفقًا لما قالته هيئة الإذاعة البريطانية، أحمدي نجاد كتب اسمه كمؤلف على غلاف الكتاب الذي ذكرت فيه واقعة الاحتيال تلك. سياساته الخارجية. مع الولايات المتحدة. خلال رئاسة أحمدي نجاد، وصل الاحتكاك بين إيران والولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ 30 عامًا تقريبًا. تجمدت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة منذ عام 1980، ولم يكن هناك علاقات دبلوماسية مباشرة حتى مايو 2007. ففي الوقت الذي ربطت الولايات المتحدة فيه تأييدها لاقامة الدولة الفلسطينية، بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن إسرائيل يجب أن تنتقل إلى أوروبا بدلاً من ذلك، مكررًا تصريح معمر القذافي الذي أدلى به في عام 1990. أرسلت الولايات المتحدة إشارات واضحة إلى إيران حول موقفها في حق إسرائيل في الوجود، مما أدي لزيادة التكهنات حول قيادة الولايات المتحدة لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وعلى الرغم من أن إيران نفت تورطها مع العراق، فإن الرئيس بوش حذر من "العواقب"، حيث أرسل رسالة واضحة إلى إيران بأن الولايات المتحدة قد تقوم بعمل عسكري ضدها. اعتبرت إدارة بوش إيران أكثر دول العالم دعمًا للإرهاب. كما كانت إيران على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب الدولي منذ عام 1984، وهو الشيء الذي أنكرته إيران وأحمدي نجاد. في 8 مايو 2006، الرئيس الإيراني بعث رسالة شخصية إلى الرئيس بوش لاقتراح "وسائل جديدة" لإنهاء النزاع النووي الإيراني. وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس ومستشار الأمن القومي ستيفن هادلي استعرضا هذه الرسالة، وقال أنها حيلة تفاوضية ومحاولة لمعالجة المخاوف الأمريكية بشأن برنامج إيران النووي. وبعد أيام قليلة في اجتماع عقد في جاكرتا، قال أحمدي نجاد إن "الرسالة هي دعوة إلى التوحيد والعدالة، وهي الشيء المشترك بين جميع الأنبياء". دعا أحمدي نجاد بوش إلى إجراء مناظرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كان من المقرر عقدها في 19 سبتمبر 2006. كان من المقرر أن يدور النقاش حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم. لكن الدعوة قوبلت بالرفض على الفور من قبل المتحدث الرسمى باسم البيت الأبيض توني سنو الذي قال "لن يكون هناك شيء يمنع الضغائن بين الرئيس وأحمدي نجاد." في نوفمبر 2006، كتب أحمدي نجاد رسالة مفتوحة إلى الشعب الأميركي، يوضح فيها بعض من مخاوفه وما يشغله. وذكر أن ثمت حاجة ملحة إلى أن يكون هناك حوار بسبب أنشطة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط، وما تقوم به الولايات المتحدة من إخفاء الحقائق عن الوقائع الراهنة. أصدر مجلس شيوخ الولايات المتحدة قرارًا محذرًا إيران من دعم الهجمات في العراق. في 26 سبتمبر 2007، أصدر مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة القرار 76-22، واصفًا الذراع العسكرية الإيرانية على أنها منظمة إرهابية. في سبتمبر 2007، زار أحمدي نجاد نيويورك لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقبل ذلك ألقى كلمة في جامعة كولومبيا، حيث حضر رئيس الجامعة لي بولنغر، ووجه عبارات لاذعة للزعيم الإيراني من كل وجه من كونه "ديكتاتور قاس وتافه" إلى كونه "شديد الجهل". تلقى أحمدي نجاد بعض الأسئلة من هيئة التدريس والطلاب بجامعة كولومبيا الذين حضروا الكلمة التي ألقاها، حيث رد على استفسار بشأن المثليون جنسيًا في إيران، قائلا : "ليس لدينا مثل المثليون جنسيا الموجودون في بلدكم. ليس لدينا هذا في بلادنا. ليس لدينا هذه الظاهرة ولا أعرف من قال لكم أننا لدينا أمثال هؤلاء". وادعى مساعد له أنه تم فهمه خطأ وقال أنه "بالمقارنة مع المجتمع الاميركي، ليس لدينا الكثير من المثليون جنسيا". في الكلمة التي ألقاها في أبريل 2008، وصف أحمدي نجاد هجمات 11 سبتمبر 2001 بأنها "حدث مشتبه فيه". فقد سفّه من أمر الهجمات قائلاً إن كل ما حدث كان "انهيار مبنى". وقال أنه لم يتم نشر عدد القتلى أو أسماء الضحايا على الإطلاق، وأن الهجمات استخدمت بعد ذلك كذريعة لغزو أفغانستان والعراق. في أكتوبر 2008، أعرب الرئيس أحمدي نجاد عن سعادته بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وهو ما وصفه بـ "انهيار الليبرالية"، وقال أن الغرب يتجه إلى نقطة النهاية، وأن إيران فخورة بأنها "وضعت حد للاقتصاد الليبرالي". وفي خطاب أحمدي نجاد في سبتمبر 2008 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد أن الإمبراطورية الأمريكية ستتجه قريبًا إلى النهاية دون أن يحدد كيف. وقال "الإمبراطورية الأمريكية في العالم وصلت إلى نهاية الطريق، ويجب على الحكام المقبلين التصرف فقط خلال حدودهم". وفي 6 نوفمبر 2008 (أي بعد يومين من انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008)، هنأ الرئيس محمود أحمدي نجاد الرئيس باراك أوباما، الرئيس المنتخب الجديد للولايات المتحدة، وقال أنه "يرحب بالتغييرات الجذرية والنزيهة في سياسات الولايات المتحدة، وأتمنى أن تنتصر المصلحة العامة والعدالة الحقيقية على المطالب الأنانية التي لا تنتهى للأقليات واغتنام الفرصة لخدمة الناس حتى يتسنى لك أن تذكر مع كل تقدير واحترام". كانت تلك هي أول رسالة تهنئة إلى رئيس منتخب جديد للولايات المتحدة من قبل رئيس إيراني منذ أزمة الرهائن الإيرانيين في 1979. وكذلك في 26 فبراير 2017 بعث أحمدي نجاد برسالة إلى الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب دعاه فيها إلى تغليب مصلحة الشعوب على مصالح الأقلية من الأثرياء وأصحاب القوة والنفوذ. منذ تولى أحمدي نجاد السلطة، أوقفت إيران بيع نفطها بالدولار، وبدلاً من ذلك استخدمت اليورو والعملات الأخرى. مع إسرائيل. في 26 أكتوبر 2005، ألقى أحمدي نجاد كلمة في مؤتمر عقد في طهران بعنوان "العالم بدون صهيونية". وفقًا لترجمة نشرت على نطاق واسع، أنه أعلن أنه يتفق مع بيان أصدره آية الله علي خامنئي أن "نظام الاحتلال" لابد من إزالته، وأشار إلى أنه "وصمة عار على العالم الإسلامي" تحتاج إلى "محوها من صفحات التاريخ ". أدينت تصريحات أحمدي نجاد من قبل الحكومات الغربية العظمى، الاتحاد الأوروبي وروسيا ومجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. وقد أعرب أيضًا قادة مصر وتركيا وفلسطين عن استيائهم من تصريحات أحمدي نجاد. رئيس الوزراء الكندي بول مارتن قال إن "الخطر الذي يهدد وجود إسرائيل، وهذه الدعوة للإبادة الجماعية المقترنة اقترانًا واضحًا بطموح إيران النووي، مسألة لا يمكن أن يتجاهلها العالم." هناك خلاف كبير على ترجمة كلمته. وزير الخارجية الإيراني قال أن أحمدي نجاد قد "أسيء فهمه" : "إنه كان يتحدث عن النظام. نحن لا نعترف بشرعية هذا النظام". قال بعض الخبراء إن العبارة الواردة في السؤال أدق ترجمة لها "يجب أن تمحى من صفحات التاريخ "بدلا من" محوها من الخريطة ". نائب رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز للشؤون الخارجية إيثان برونر، أعاد النظر في الخلاف على الترجمة، ولاحظ أن "كل الترجمات الرسمية" للخطاب، بما فيها وزير الخارجية ومكتب الرئيس، "تشير إلى محو إسرائيل بعيدًا". د. جوشوا تيتلبوم، الأستاذ الإسرائيلي للعلاقات مع الإيباك في خطاب لمركز القدس للشؤون العامة، درس اللغة التي استخدمها الرئيس أحمدي نجاد عند نقده لإسرائيل. حيث استخدم الترجمة الفارسية للدكتور دينيس ماكايون، المدرس السابق للدراسات الإسلامية في المملكة المتحدة، تيتلبوم قال إن "الرئيس الإيراني لم يكن يدعو فقط إلى "تغيير النظام" في القدس، بل إلى التدمير الفعلي لدولة إسرائيل". وأكد إن الرئيس الإيراني يدعو أيضًا إلى الإبادة الجماعية للسكان. وقال تيتلبوم أن في الكلمة التي ألقاها أحمدي نجاد يوم 26 أكتوبر 2005، قال عن إسرائيل ما يلي : "قريبًا سوف يتم محو وصمة العار هذه من ثوب العالم الإسلامي، وهذا أمر يمكن تحقيقه". الدكتور جوان كول وهو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط وجنوب آسيا الحديث في جامعة ميشيغان، قال أن "أحمدي نجاد لم يكن يدعو إلى تدمير إسرائيل، فهو لم يذكر أنه ذاهب إلى محو إسرائيل من على الخريطة لأن هذا التعبير غير موجود في اللغة الفارسية". الدكتور ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفارد، قال "لا أعتقد أنه يحرض على الإبادة الجماعية". ووفقًا لما قاله جودت بهجت، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة إنديانا ببنسلفانيا "أن التصريحات الساخنة التي تدعو لتدمير إسرائيل، تهدف إلى حشد الدوائر الانتخابية المحلية والإقليمية"، وأنه "بعيدًا عن البلاغة، يتفق معظم المحللين على إن الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية لا يحتمل أن يدخلوا في مواجهة عسكرية ضد بعضهما البعض ". في يوليو 2006، قارن أحمدي نجاد أفعال إسرائيل في عام 2006 في الصراع بين إسرائيل ولبنان بما فعله أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، قائلاً أن "مثلما فعل هتلر، فإن النظام الصهيوني يبحث عن ذريعة لبدء الهجمات العسكرية" و"يفعل الآن ما فعله هتلر من قبل". وفي 8أغسطس 2006، قام بمقابلة تلفزيونية مع المراسل مايك والاس لبرنامج 60 دقيقة، حيث انتقد الدعم الأمريكي "للنظام الإسرائيلي القاتل" والأسباب الأخلاقية لاجتياح إسرائيل للبنان. في 2 ديسمبر 2006، التقى أحمدي نجاد مع رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في الدوحة. في ذلك الاجتماع، قال إن إسرائيل "أسست لإقامة دول مستكبرة للسيطرة على المنطقة، وتمكين العدو من اختراق قلب الأراضي الإسلامية"، واصفًا إسرائيل بـ "الخطر"، وقال إنه تم إنشائها لخلق ضغط وفرض سياسات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على المنطقة. وفي 12 ديسمبر 2006 ،ألقى أحمدي نجاد كلمة أمام المؤتمر الدولي لاستعراض الرؤية العالمية للمحرقة، وأدلى ببعض التعليقات حول مستقبل إسرائيل. وقال "إن إسرائيل على وشك التحطم. هذا هو وعد الله، وأمنية جميع دول العالم ". عندما سأل لاري كينغ مراسل سي إن إن أحمدي نجاد "هل إسرائيل ما زالت إسرائيل" من خلال رؤيته للشرق الأوسط، قال أحمدي نجاد أنه " يجب علينا أن نسمح باجراء انتخابات حرة في فلسطين تحت إشراف الأمم المتحدة. حيث يستطيع الشعب الفلسطيني، والفلسطينيين المغتربين أو كل من يعتبر فلسطين أرضه، أن يشارك في انتخابات حرة، وبعد ذلك يحدث ما يحدث" مع روسيا. إتجه أحمدي نجاد إلى تعزيز العلاقات مع روسيا، وافتتح مكتب خصيصاً لهذا الغرض في أكتوبر 2005. وقد تعاون مع فلاديمير بوتين في القضية النووية، وأعرب كل من بوتين وأحمدي نجاد عن رغبتهما في المزيد من التعاون المتبادل حول القضايا التي تخص بحر قزوين. وفي الآونة الأخيرة، سعت إيران إلى التحالف مع موسكو بسبب الجدل الدائر حول برنامج إيران النووي. وفي أواخر ديسمبر 2007، بدأت روسيا تسليم إيران دفعات أكبر من الوقود النووي، باعتبارها وسيلة لإقناع إيران لوقف تخصيب اليورانيوم ذاتيًا. مع فنزويلا. سعى أحمدي نجاد نحو تطوير العلاقات مع غيره من زعماء العالم المعارضين أيضًا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة ونفوذها، مثل هوجو شافيز رئيس فنزويلا. صوتت فنزويلا لصالح البرنامج النووي الإيراني أمام الأمم المتحدة، وكلا الحكومتين سعى إلى زيادة التبادل التجاري بينهما. واعتباراً من عام 2006، أصبحت العلاقات بين الدولتين إستراتيجية أكثر منها اقتصادية؛ رغم أن حجم التبادل التجاري مع فنزويلا لم يكن يضعها ضمن أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران بعد. العلاقات الإقليمية. بعد الثورة الإسلامية مباشرة، أصبحت علاقة إيران مع معظم جيرانها، وخاصة التي بها أقليات الشيعة متوترة للغاية. كان من أولويات أحمدي نجاد في المنطقة، تحسين العلاقات مع معظم الدول المجاورة لإيران من أجل تعزيز مكانة إيران ونفوذها في كلٍ من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الكبير. كانت تركيا دائمًا مهمة في المنطقة، نظرًا لعلاقاتها مع الغرب من خلال حلف شمال الأطلسي وإسرائيل، وإمكانية انضمامها للاتحاد الأوروبي. زار أحمدي نجاد أنقرة لتعزيز العلاقات مع تركيا، مباشرة بعد تقرير المخابرات الذي صدر في عام 2007. توترت العلاقات لفترة قصيرة، بعد أن أعلن الرئيس التركي عبد الله غول أنه يريد القضاء على الخطر النووي من المنطقة، ربما مشيرًا إلى إيران. ومع ذلك، ظلت التجارة مستمرة بين البلدين. وبالرغم من عدم موافقة الولايات المتحدة، فقد تم توقيع اتفاق بمليارات الدولارات لمد خط أنابيب غاز في أواخر عام 2007. أصبحت علاقات إيران مع الدول العربية معقدة، ربما بسبب الثورة الإسلامية، والجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لإقامة جبهة موحدة ضد إيران حول القضية النووية والحرب على الإرهاب. سعى أحمدي نجاد للمصالحة مع الدول العربية من خلال تشجيع التبادل التجاري الثنائي، والمحاولات الإيرانية للدخول في مجلس التعاون الخليجي. وخارج الخليج العربي، سعى الرئيس الإيراني لإعادة العلاقات مع الدول العربية الرئيسية الأخرى، وأبرزها مصر. حتى عام 2007، لم يكن لإيران سفارة في مصر. كانت علاقات سوريا بإيران أكثر وضوحًا للغرب، فكلا البلدين تعرضت للعزلة الدولية والإقليمية، وكلاهما كان له علاقات ودية مع حماس وحزب الله. تفاقمت المخاوف بشأن العلاقات الإيرانية السورية بعد حرب لبنان عام 2006، التي أعلن فيها أحمدي نجاد والرئيس الاسد النصر على إسرائيل. كما حاول أحمدي نجاد بناء علاقات حميمة وأكثر قوة مع كل من أفغانستان وباكستان، وذلك لضمان "الاستقرار الإقليمي". على وجه الخصوص، كان أحمدي نجاد مهتما أكثر بالمحادثات الثنائية بين كل من إيران وأفغانستان وباكستان. ساعدت إدارته في إنشاء "خط أنابيب سلمى" من إيران ليمد كلا من باكستان والهند بالوقود. نظريًا، ساعدت هذه الخطة على توحيد اقتصاد جنوب آسيا، وبالتالي إلى تهدئة التوترات بين باكستان والهند. التقى أحمدي نجاد بوزير خارجية أذربيجان إلمار مامادياروف، لبحث زيادة التعاون بين البلدين. أعرب مامادياروف أيضًا عن رغبته في توسيع الممر الشمالي الجنوبي بين إيران وأذربيجان، والاشتراك في مشاريع تعاونية كبناء محطة كهرباء. وقامت إيران أيضًا بمضاعفة الجهود لإقامة علاقات مع أرمينيا؛ لذلك خلال زيارة أحمدي نجاد في أكتوبر 2007، ركزت المباحثات على تطوير العلاقات في مجال الطاقة بين البلدين. أفغانستان. نظرًا لتشابه الثقافة واللغة بين إيران وأفغانستان، لذلك فإن البلدين مرتبطتان ببعضهما ارتباطًا تاريخيًا، وعلى الرغم من الوجود العسكري للولايات المتحدة في أفغانستان، فإن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي دائمًا ما يقول أنه يريد أن تكون إيران واحدة من أقرب حلفائه. في كامب ديفيد في أغسطس 2007، رفض كرزاي مزاعم الولايات المتحدة بأن إيران تدعم المسلحين الأفغان. وصف كرزاي إيران بأنها "المساعد والحل" و"نصير أفغانستان"، سواءً في "الحرب ضد الإرهاب، ومكافحة المخدرات". وقال أن العلاقات بين أفغانستان وإيران "جيدة جدًا جدًا، وقريبة جدًا جدًا". قناة العربية التلفزيونية، والتي يعتبرها كثير من المصادر الغربية أنها شبكة الوسائل الاعلامية الأكثر حيادية في الشرق الأوسط، قالت "أن إيران الشيعية لها علاقات عرقية ودينية وثيقة مع أفغانستان". العراق. كان أحمدي نجاد أول رئيس إيراني يزور العراق. وخلال زيارة أحمدي نجاد لبغداد في 2 مارس 2008 لبدء جولة تاريخية تستغرق يومين، قال أن "زيارة العراق من دون الدكتاتور صدام حسين لشيء جيد". أثناء عودته متجهًا إلى بلاده بعد زيارته للعراق، تحدث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مرة أخرى عن توطيد العلاقات بين بلاده والعراق، وكرر انتقاداته للولايات المتحدة. إنكاره للهولوكوست وإتهامه بمعاداة السامية. الادعاءات. يوم 14 ديسمبر 2005، قدم أحمدي نجاد العديد من الآراء المثيرة للجدل حول الهولوكوست، كثيرًا ما أشار إليها على أنها "خرافة"، فضلاً عن انتقاده للقوانين الأوروبية التي تعارض إنكار وقوع المحرقة. وفقًا لتقرير من هيئة إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، قال أحمدي نجاد في إشارة إلى الأوروبيين "اليوم، قاموا باختلاق أسطورة أطلقوا عليها المحرقة، وجعلوها فوق الله والدين والأنبياء". كما ترجم الاقتباس على النحو التالي "لقد خلقوا أسطورة اليوم التي اطلقوا عليها مذبحة اليهود، واعتبروها مقدسة فوق الله والأديان والانبياء". في 30 مايو 2006، خلال مقابلة مع مجلة "دير شبيجل"، أصر أحمدي نجاد على أن "هناك رأيان" حول محرقة اليهود. وعندما سئل عما إذا كانت المحرقة أسطورة، فأجاب : "أنا لا أقبل أي شيء على أنه حقيقة، إلا إذا كنت مقتنعًا بذلك". وقال أيضًا : "نحن نرى أنه في حالة وقوع حدث تاريخي يتفق مع الحقيقة، فإن هذه الحقيقة سوف يتم كشفها بوضوح أكبر. بالمزيد من الأبحاث والمناقشات بشأنها". ثم قال منتقدًا إن "معظم" العلماء الذين يعترفون بوجود المحرقة لهم "دوافع سياسية"، كما يلي : في أغسطس 2006، ألقى الرئيس الإيراني من جديد ظلالاً من الشك حول وجود المحرقة، هذه المرة في رسالة إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حيث كتب يقول بأن المحرقة قد تم اختراعها من قبل قوات الحلفاء لإحراج ألمانيا. وخلال الشهر نفسه، في خطاب عام له بُثّ على قناة الأنباء الإيرانية (IRINN)، قال أحمدي نجاد أن الصهيونية قد لا تكون آدمية، قائلا "ليس لها أي حدود، أو معالم، أو محرمات فيما يتعلق بقتل البشر. من هؤلاء الناس؟ من أين أتوا؟ هل هم بشر؟ إنهم مثل الماشية، بل أكثر ضلالة". في 11 ديسمبر 2006، أقيم "المؤتمر الدولي لاستعراض الرؤية العالمية للمحرقة" في إيران. المؤتمر دعى إليه وعقد بناء على طلب من أحمدي نجاد. شجبت وسائل الإعلام الغربية بشكل كبير المؤتمر، ووصفته بأنه "مؤتمر إنكار المحرقة" أو "اجتماع منكري المحرقة". على الرغم من أن إيران أعلنت أن المؤتمر لم يقام لإنكار المحرقة، بينما كان التعليق على المؤتمر أنه يهدف إلى "خلق فرصة للمفكرين الذين لا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية في أوروبا حول المحرقة". في سبتمبر 2007 أمام جامعة كولومبيا، قال الرئيس الإيراني "أنا لا أقول إنها لم تحدث على الإطلاق. هذا ليس هو الحكم الذي أنا هنا من أجل إعلانه، والمحرقة ينبغي أن تطرح للمناقشة والبحث مثل أي حدث تاريخي". وردًا على تصريحات الرئيس الإيراني المثيرة للجدل، اتهم مجلس الشيوخ الأميركي أحمدي نجاد بمعاداة السامية. وفي خطاب أحمدي نجاد في سبتمبر 2008 إمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ركز فيه على ما وصفه بسيطرة الصهيونية على الشؤون المالية الدولية، وهو ما وصفه وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بأنه "عداء سافر للسامية". طرح الرئيس الأميركي باراك أوباما تحديًا مباشرًا لأحمدي نجاد أثناء زيارته لمعسكر بوخنفالد للاعتقالات في يونيو 2009، قائلاً أن أحمدي نجاد "ينبغي أن يقوم بزيارة هذا المعسكر. هذا المكان أكبر توبيخ لمثل هذه الأفكار، والذي يذكرنا بواجبنا إزاء مواجهة هؤلاء الذين يشوهون تاريخنا ويسردون الاكاذيب". الرد على الادعاءات. نفى أحمدي نجاد مزاعم إنكار المحرقة، وقال أن الأمر بحاجه للبحث والتقصي. وقال أحمدي نجاد أنه يحترم اليهود، وأنه "في فلسطين هناك مسلمون ونصارى ويهود يعيشون معًا". وأضاف : "نحن نحب الجميع في العالم اليهود والنصارى والمسلمين وغير المسلمين وغير اليهود وغير النصارى... نحن ضد الاحتلال والعدوان والقتل وتشريد الشعوب. في ما عدا ذلك، لا توجد لدينا مشكلة مع الناس العاديين." وقال أحمدي نجاد حتى أن الطائفة اليهودية في إيران لها عضو برلماني مستقل. قال أحمدي نجاد مجادلاً أن الصهاينة "ليسوا يهود ولا نصارى ولا مسلمين"، وتساءل : "كيف يمكن أن يكون لك دين وتحتل أرض شعب آخر؟". شيراز دوسا الأستاذ في جامعة سانت فرانسيس زافيير، في نوفا سكوشيا في كندا، رد مجادلاً في يونيو 2007 بأن تعرض دوسا للانتقاد في وسائل الإعلام الكندية، من قبل رئيس الجامعة شون رايلي، و105 أستاذًا بالجامعة لحضوره مؤتمر المحرقة في طهران. قال دوسا أنه لم يكن يعرف أن منكري المحرقة سيكونون ضمن الحضور، وأنه "لم ينكر أبدًا المحرقة، ولكنه علق فقط على حجم الدعاية"، وعلى الجامعة أن تحترم الحرية الأكاديمية له للمشاركة. الصّحَافَةُ هي المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والآراء والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور، وغالبا ما تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية أوالثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية وغيرها. الصحافة واللغة العربية. الصحافة هي صناعة الصحفي لمقالات تهتم بجميع الأحداث التي تدور في مجتمعنا، والصحافيون هم القوم الذين ينتسبون إليها ويتطلعون عليها، ويعملون بها. أول من استعمل لفظ الصحافة، بمعناها الحالي، كان الشيخ نجيب الحداد، منشئ جريدة "لسان العرب"، في الإسكندرية، وحفيد الشيخ ناصيف اليازجي، وإليه يرجع الفضل في هذا المصطلح "صحافة"، ثم قلده سائر الصحفيين، بعد ذلك. استخدم العرب والأوروبيون عديدا من المصطلحات لوصف الصحافة، بأشكالها المختلفة. فعند دخول الصحافة، لأول مرة، في مطلع القرن التاسع عشر، كان يطلق عليها لفظة "الوقائع"، ومنها جريدة الوقائع المصرية، كما سماها رفاعة الطهطاوي. وسميت كذلك "غازته"، نسبة إلى قطعة من النقود، كانت تباع بها الصحيفة. كما أطلق عليها الجورنال. وقد استعمل العرب الأقدمون كلمة " صحفي" بمعنى الوراق الذي ينقل في الصحف، وقيل في ذلك عن بعضهم: "فلان من أعلم الناس لولا أنه صحفي" بمعنى أنه ينقل عن الصحف أو الصحائف. وقد عرف بعضهم الصحافة الحديثة بأنها كل نشرة مطبوعة تشتمل على أخبار ومعلومات عامة وتتضمن سير الحوادث والملاحظات والانتقادات التي تعبر عن مشاعر الرأي العام وتباع في مواعيد دورية محددة وتعرض على الجمهور عن طريق الاشتراك والشراء. وقد أطلق العرب لفظ الغازته على الصحف، في أوائل عهدها، تقليدا للأوروبيين؛ حيث يقال إن أول صحيفة، ظهرت في البندقية، عام 1656، كانت تسمى غازته؛ فشملت هذه التسمية فيما بعد كل الصحف بلا استثناء. وعندما أنشأ خليل الخوري، عام 1858، جريدة "حديقة الأخبار" في بيروت أطلق عليها اللفظ الفرنسي "جورنال". وكان الكونت رشيد الدحداح اللبناني، صاحب جريدة "برجيس باريس"، الباريسية، هو أول من اختار لفظ "صحيفة"، وجرى مجراه أكثر أرباب الصحف، في ذلك العهد، وبعده؛ فما كان من أحمد فارس الشدياق اللبناني، صاحب "الجوائب" في القسطنطينية، وهو الذي ناظر الكونت رشيد الدحداح، في بعض المسائل اللغوية، إلا أن عقد العزم على استعمال لفظ "جريدة" (وهي الصحف المكتوبة كما وردت في معاجم اللغة) ومن ذاك الوقت شاع لفظ الجريدة، لدى جميع الصحفيين، بمعناها العصري. وقد استعمل بعضهم، كالقس لويس صابونجي، صاحب "النحلة"، لفظة "النشرة"، بمعنى الجريدة، أو المجلة، وهكذا صنع المراسلون الأمريكيون، أصحاب "النشرة الشهرية"، و"النشرة الأسبوعية"، في بيروت وغيرهم. ومن المسميات، التي أطلقت على الصحافة، "الورقة الخبرية" و"الرسالة الخبرية" وقد استعملتها جريدة المبشر، وأكثر الصحف العربية، في الجزائر ومنها كذلك "أوراق الحوادث"، وهو الاسم الذي أطلقه، للدلالة على صحف الأخبار، نجيب نادر صويا، منشئ مجلة "كوكب العلم"، في القسطنطينية. وهناك، كذلك، اسم "المجلة" وأول من استعمله، في الوطن العربي، كان الشيخ إبراهيم اليازجي، عندما أصدر مجلة الطبيب، عام 1884. ولفظة المجلة أصلها الفعل "جل"، أي علا وسما مقاما، أو وضح وظهر. ومن ثم فإن اسم المجلة يعني إيضاح الحقائق. نشأة الصحافة وتطورها في العصور القديمة. خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وخلق معه غريزة حب الاستطلاع، والبحث والتطلع لمعرفة كل ما هو جديد، في الحياة، من أجل الاطمئنان إلى البيئة، التي يعيش فيها، داخليا وخارجيا. ومنذ وجد الإنسان، وعرف اللغة والكلام، نشأت عنده حاجة لأن يقول للآخرين ما يعمل، وما يفكر فيه؛ ويعرف منهم، كذلك، ما يعملونه، وما يفكرون فيه، لأن طبيعة الإنسان الاجتماعية، تجعله يهتم بما يدور حوله، ولا يستطيع الحياة وحده، فكان لابد من إيجاد وسيلة للتعبير عن آرائه، وآماله وآلامه وحاجاته، إلى غير ذلك. والصحافة، بمعنى نقل الأخبار، قديمة قدم الدنيا وليست النقوش الحجرية في مصر والصين وعند العرب الجاهليين، وغيرهم من الأمم العريقة، إلا ضربا من ضروب الصحافة في العصور القديمة. ولعل أوراق البردي المصرية، من أربعة آلاف عام، كانت نوعا من النشر أو الإعلام أو الصحافة القديمة. وكانت الأخبار، في هذه العصور الأولى، خليطا من الخيال والواقع، تمشيا مع رغبات السامعين، بغية التسلية، الإشادة بالبطولة والقوة، وكان هذا اللون من القصص كثير التداول بين الناس يعمر طويلا، وينتقل من جيل إلى جيل، على صورة القصص الشعبي، الفولكلور. ولو صح ما قاله المؤرخ يوسف فلافيوس أنه كان، للبابليين، مؤرخون مكلفون بتسجيل الحوادث، التي اعتمد عليها نيروز، في القرن الثالث قبل الميلاد، في كتابه "تاريخ الكلدانيين"، لتبين أن الصحافة، كظاهرة اجتماعية قديمة جدا، عرفت في العصور السحيقة. ويقال أن الصحافة بدأت في صورة الأوامر، التي كانت الحكومات توفد بها رسلها مكتوبة، على ورق البردي، إلى كل إقليم. وكان لهؤلاء الرسل محطات معينة يتجهون إليها، بما يحملون من الرسائل، لهم جياد في كل محطة. ومتى وصلت الرسالة إلى حاكم الإقليم، أذاع ما فيها على سكان إقليمه، وقد يلجأ، في بعض الأحيان، إلى إطلاق المنادين ينادون بما فيها. استخدمت الحكومات كذلك النقش على الحجر، وكان لابد لها حينئذ من أحجار عدة، تنقش على كل واحد منها، نسخة من التبليغ، الذي تريده، ثم تبعث بها إلى حيث توضع، في المعابد، التي يكثر تردد الناس عليها. ومن هذه الأحجار، حجر رشيد المشهور، الذي كان وسيلة للوقوف على سر الكتابة المصرية، وقد وجدت من هذا الحجر ـ إلى منتصف القرن العشرين ـ نسختان، إحداهما أخذها الإنجليز، أثناء حملة بونابرت، ووضعوها في المتحف البريطاني، والثانية عثر عليها، بعد ذلك، وهي توجد الآن في المتحف المصري. وكان حجر رشيد مكتوبا بثلاثة خطوط: اليوناني والديموطيقي والهيروغليفي، وهو يعود إلى عهد بطليموس الخامس، في نحو 196 قبل الميلاد. وكان الغرض من كتابته هو إذاعة قرار أصدره المجمع الديني، في مدينة ممفيس، فكان الخط اليوناني لليونانيين، والخط الديموطيقي لعامة الشعب، والخط الهيروغليفي للكهنة، وبذلك يمكن القول أن حجر رشيد كان جريدة واسعة الانتشار. ولا يقتصر الأمر على مصر؛ ففي معرض الصحافة، في كولونيا بألمانيا عام 1928، توجد قطعة من الحجر عثر عليها في جزيرة كريت، ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس ق م، نقش عليها باليونانية القديمة دعوة إلى وليمة. كما عثر على قطعة أخرى من الخشب، في أستراليا، يرجع تاريخها إلى أكثر من ألفي عام، وعليها دعوة إلى وليمة، كذلك، وهذا يشبه ما تنشره الصحف، الآن، من أخبار الزواج، والولائم والدعوة إليها. تعد الرسائل الإخبارية المنسوخة المظهر البدائي، أو الأولي للصحافة، منذ الحضارات الشرقية القديمة، وهناك أوراق مصرية من البردي الفرعوني يرجع تاريخها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، تتضح فيها الحاسة الصحفية لإثارة الميول، عند القراء، وجذب انتباههم. على واجهة معبد هيبس يوجد نقش فيه بنود قانون يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ضمانا لسير العدالة، وإيضاحا لقواعد جباية الأموال، وإنذارا بالعقاب عن الجرائم المتفشية، وأهمها الرشوة، والبلاغ الكاذب. ويؤكد المؤرخ يوسف فلافيوس أنه كان، للبابليين، مؤرخون مكلفون بتسجيل الحوادث، شأنهم في ذلك، شأن الصحفيين في العالم الحديث. ولقد كان لبابل، في العصور القديمة، شهرة منف وطيبة، في مصر الفرعونية. وبلغت أوج مجدها، في عهد الملك حمورابي، عام 2100 ق م الذي تنسب إليه أول صحيفة ظهرت، في العالم، وهي مجموعة حمورابي للقوانين التي عدها علماء تاريخ القانون أول صحيفة لتداول القوانين، مثل صحيفة الوقائع المصرية، وغيرها من الصحف الرسمية، التي تنشر القوانين، واللوائح، والقرارات. وعرفت معظم الحضارات القديمة، كحضارة الصين والإغريق والرومان، الخبر المخطوط، فقد أصدر يوليوس قيصر عقب توليه السلطة، عام 59 ق م، صحيفة مخطوطة اسمها اكتاديورنا actadurina أي "الأحداث اليومية". يكتب فيها أخبار مداولات مجلس الشيوخ، وأخبار الحملات الحربية، وبعض الأخبار الاجتماعية، مثل الزواج والمواليد والفضائح، وأخبار الجرائم والتكهنات. وكان للصحيفة مراسلون، في جميع أنحاء الإمبراطورية، وكانوا غالبا من موظفي الدولة. بدايات الصحافة في أوروبا. وفي أوروبا، في العصور الوسطى، كان البابا يسجل أحداث العام على سبورة بيضاء ويعرضها في داره، حيث يحضر المواطنون للإحاطة بما فيها. وعندما ازداد النفوذ البابوي، أصبح القول الشفهي، والسبورة، غير كافيين؛ فنشأت النشرة العامة، وهي لون من الأوراق العامة، لعلها أصل الجريدة الرسمية الحالية؛ ومن ثم حلت النشرة الدورية، محل الحوليات الكبرى. استمر استخدام الرسائل الإخبارية المنسوخة، طوال العصور الوسطى، لخدمة التجارة، بين المدن الأوروبية المختلفة، وأصبحت مدينة "فيينا" مركزا لهذه الخطابات، وأصبح هناك كتاب، مهنتهم كتابة الأخبار، أو الرسائل الإخبارية، في جميع المدن الكبرى، وفي إنجلترا خاصة، ظهر ما يسمى بالوريقات الإخبارية News Sheets أثناء حرب الثلاثين (1618 ـ 1648). وشكلت الرسائل الإخبارية المنسوخة، أو المخطوطة باليد، المظاهر الأولى للصحافة الأوروبية، خلال القرن الرابع عشر، في إيطاليا ثم في إنجلترا وألمانيا وكان يكتبها تجار الأخبار تلبية لرغبة بعض الشخصيات الغنية، ذات النفوذ الكبير، والمتعطشة إلى معرفة أهم أحداث العالم. وكان لهؤلاء التجار، مكاتب إخبارية جيدة التنظيم، ظلت تعمل لحسابهم، خلال القرن الخامس عشر، وجزء من القرن السادس عشر، وكان يوجد، في مدينة البندقية، مكاتب كثيرة من هذا النوع. وكذلك في سائر العواصم الأوروبية. وكان تاجر الأخبار يستأجر العبيد، الذين يعرفون الكتابة، أو يشتريهم، ويملي عليهم ما جمعه، من أخبار، ليدونوها، ويعدوها للبيع والتوزيع على المشتركين، وخاصة رسائل الأخبار العامة، التي كانت تختلف عن رسائل المعلومات الخاصة الموجهة لكبار رجال السياسة والاقتصاد. كان إخوان فوجرز أشهر تجار الأخبار جميعا، اتخذوا من مدينة اوجزبرج مقرا لهم، إلى جانب مكاتب إخبارية فرعية، في لندن، وباريس وغيرها، من العواصم الأوروبية، ومدنها الكبرى. وكان إخوان فوجرز متخصصين في أعمال المصارف؛ فنشروا، إلى جانب الأخبار السياسية والحزبية، أخبارا تجارية ومالية، ذات قيمة كبيرة للتجار ورجال المال. بعد مرحلة الكتابة على ورق البردي، وغيره، ظهرت الكتابة على الصفحات الخشبية، إلى أن أمكن الطبع منها، باستخدام القوالب الخشبية، أو الطباعة القالبية. وكان للفينيقين بعد اختراع الورق، السبق مرة أخرى في اختراع الطباعة القالبية؛ وذلك بنقش الكتابة على لوح من الخشب، ثم تفريغ ما حول الكتابة، فتبقى الحروف بارزة، يوضع عليها الحبر، لكي يطبع منها العدد المطلوب، من النسخ. وكانت هذه هي الطريقة الشائعة في الصين كذلك، في القرنين الخامس والسادس الميلادي، ثم تطورت بعد أن اخترع بي شينج أول حرف من الفخار، في عهد شينج لي، في أواخر النصف الأول من القرن الحادي عشر. وفي الوقت نفسه، كانت الطبقات الأرستقراطية، في أوروبا، تنفر من هذا النوع، من الطباعة، فتمسكت بالكتب النادرة المنسوخة. توصل الغرب، في القرن الخامس عشر الميلادي، إلى ما اهتدى إليه "بي شينج"، من صنع حروف متفرقة. وتطورت الفكرة الجديدة إلى أن ظهر أول مخترع للحروف المعدنية المنفصلة، في ألمانيا في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، هو يوحنا جوتنبرج، الذي ولد في مدينة مينز الألمانية، عام 1400 ميلادي. لاحظ جوتنبرج أن القراءة والتعلم مقصورين على الأغنياء، من دون الفقراء، بسبب نظام النساخ، الذين ينسخون الكتابات، لقاء أجر كبير لا يقدر عليه إلا الموسرون، ومن ثم فكر جوتنبرج في تكرار النسخ، على نطاق واسع، من خلال اختراع حروف الطباعة المتفرقة والمسبوكة من المعدن، مما أحدث انقلابا فكريا لم يشهده العالم، من قبل؛ إذ بفضل هذا الاختراع، أمكن حفظ تراث الأجيال السابقة، وتمكين الأجيال اللاحقة من الانطلاق، في المعرفة، والعلم، وتطويع الطباعة، لخدمة الإنسان، في جميع أنشطته اليومية. هناك رواية أخرى تقول إن المخترع الحقيقي رجل هولندي، يدعى لوران كوستر، نجح في صنع حروف، من قشور الأشجار، وطبع بها بعض الأشعار، ثم ابتكر حروفا منفصلة، من الرصاص والقصدير، عام 1423. وكان فاوست يعمل عنده، فسرق أدوات الطبع، وهرب بها، إلى امستردام، ثم إلى مينز بألمانيا وهناك تعرف على جوتنبرج، واشتركا معا في نشر هذا الفن. ومن ثم، يكون يوحنا جوتنبرج هو مخترع الطباعة الحقيقي، في رأي أغلب الكتاب، وإن كانوا يسلمون كذلك، بأنه سبقه عدة محاولات، منها محاولة لوران كوستر الهولندي. وقد ثبت أن أول كتاب، طبع بحروف منفصلة، هو الإنجيل، الذي طبع باللغة اللاتينية فيما بين 1452 و1455 ميلادية، بمدينة مينز، ويحمل اسم جوتنبرج. ويذكر المؤرخون أنه، بعد نجاح تلك التجربة، انهالت عليه طلبات الطبع، ثم انتشر استخدام الحروف المنفصلة، في مدن ألمانيا حتى بلغ ما طبع بها، خلال أقل من خمسين عاما، نحو أربعين ألف مطبوع، يبلغ عدد نسخها ما يقرب من عشرين مليونا. بعد نجاح فكرة الطباعة الحديثة، في ألمانيا انتقلت إلى دول أوروبا، في الفترة من عام 1456 إلى 1487 ميلادية، وكانت إيطاليا أولى الدول بعد ألمانيا في هذا المجال، ثم تلتها باقي الدول ثم انتقلت الطباعة إلى تركيا عام 1503، ثم عرفتها روسيا عام 1553، أما الولايات المتحدة فقد عرفتها عام 1836. أمكن، بعد ذلك، طباعة عدد كبير من النسخ، من الخبر الواحد، مما يسر وصول الخبر إلى أكبر، عدد، من القراء، إضافة إلى ما توفره الطباعة، من وقت وجهد. على الرغم من اختراع الطباعة، ظلت الرسائل الإخبارية، المنسوخة باليد، باقية حتى مطلع القرن الثامن عشر، أي بعد اختراع الطباعة، بثلاثة قرون. وكانت هذه الرسائل تسد فراغا كبيرا، لا يمكن أن تسده الصحافة المطبوعة، في ذلك الحين؛ لأن القيود الحكومية، والرقابة الصحفية، وقوانين النشر المختلفة، كانت تنصب على المطبوعات فقط؛ مما جعل لهذه الرسائل الإخبارية المنسوخة أهمية كبرى، وخاصة عندما تكون الحكومة شديدة في رقابتها، أو عندما تصادر المطبوعات، أو تعطلها. كما تقدمت منشورات المناسبات الخبرية المخطوطة، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، وأدى المخبرون، إلى جانب الصحفيين، دورا كبيرا في تأمين الأخبار، وشكلوا، حتى عام 1789، شبكات إخبارية تكمل شبكات الصحافة الخبرية المطبوعة، وغدت الجرائد المخطوطة، والصور، والتقويمات، حتى منتصف القرن التاسع عشر، أدبا شعبيا تتناقله الطبقات الشعبية وكان له تأثير يفوق الخبر المطبوع. ولكن، في نهاية القرن التاسع عشر، انتشار المطابع، ورخص ثمن الصحف الشعبية، وارتفاع توزيع المطبوع منها، إلى اختفاء الخبر المخطوط نهائيا. ساعد، على انتشار النشرات الخبرية المطبوعة، تزايد اهتمام الناس بأخبار المستعمرات، عقب الكشوف الجغرافية، ثم وقوع الحروب التركية والإيطالية، التي اشتركت فيها غالبية دول أوروبا، وظهور حركة مارتن لوثر الدينية، وازدهار عصر النهضة، ثم ما كان من سيطرة الطبقة البورجوازية، على الحياة الأوروبية، وتزايد الحريات. بدأ ظهور الخبر المطبوع، عندما أصدرت بعض دور النشر نشرات مطبوعة، بأرقام مسلسلة، ولكن بشكل غير دوري، ثم ظهرت، بعد ذلك، نشرات إخبارية مطبوعة في شكل أحداث سنوية منتظمة الصدور، متضمنة بعض المعلومات الفلكية. واستمر ذلك، حتى عام 1470، ثم ظهرت نشرات تصدر، كل ستة أشهر، في فرانكفورت عام 1588، أصبحت شهرية، ثم صدرت أسبوعية بصورة منتظمة. كانت هذه النشرات الأسبوعية تصدر، بمقتضى امتياز تمنحه الدولة، أو المدينة، مقابل فرض الرقابة عليها. وكانت تنشر، من دون تعليق على الأخبار الخارجية، وخاصة السياسية والعسكرية منها، وكان محظورا عليها نشر الأخبار الداخلية. وتعد فرنسا أول دولة أصدرت صحيفة رسمية، فعندما تولى ريشليو مقاليد السلطة، أدرك فائدة الصحافة، وأثرها على الرأي العام، ووجد في تيوفراست رينودو الرجل، الذي يمكن الركون إليه، في مثل هذا المجال، وفي عام 1631 أصدر رينودو الجازيت، التي عرفت باسم جازيت دي فرانس، وكانت لا تنشر المقالات، بل أخبارا، من كل لون، الداخلية منها والخارجية، بأسلوب مقتضب، أسوة بالأخبار الموجزة، التي تنشرها بعض الصحف اليومية، في الوقت الحاضر، وحذت معظم دول أوروبا حذو فرنسا فأنشأت صحفا رسمية. وفيما عدا هولندا، وإنجلترا لم تظهر صحافة حرة، في أوروبا، إلا بعد انقضاء قرنين من الزمن؛ ففي إنجلترا ظهرت الصحف، لأول مرة، بين 1641 و1643، ولكنها كانت قصيرة المدى. ولما جاء البرلمان وضع لها نظاما، إلا أن كرومويل، وأسرة ستيوارت، أعادا مرة أخرى، الامتياز والرقابة، فأصبحت الأقاليم المتحدة (هولندا)، هي الملجأ الوحيد للصحافة الحرة، مدة خمسين عاما. وفيما عدا الجازيتات الهولندية، فقد ظلت جميع الصحف خاضعة للرقابة، ولإرادة الملوك والأمراء. أما صحافة الإنجليز، فتمتعت بالحرية، وزالت عنها الرقابة، منذ عام 1695؛ فأصبح للصحافة طابع خاص، وأخذ تأثيرها يتزايد مع الأيام. ظهرت أول صحيفة إنجليزية يومية، عام 1702، وأطلق عليها صاحبها اسم الدايلي كورانت. أما في فرنسا فقد ظهرت الصحيفة اليومية الأولى، عام 1777، باسم جورنال دي باريس. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد ظهرت أول صحيفة عام 1690 في بوسطن وهي صحيفة ذي بابليك أوكورنس The Public Ocurrence. وفي عام 1704 ظهرت صحيفة ذي بوسطن نيوزليتر News Letter. وفي عام 1728 ظهرت صحيفة بنسلفانيا جازيت، التي أصدرها بنيامين فرانكلين، في فيلادلفيا. وفي البداية، كانت الصحف الأمريكية تنقل أكثر مادتها وأخبارها من الصحف الإنجليزية، لكنها بدأت تقلل من ذلك، بعد حرب الاستقلال الأمريكية. وقد لعبت الصحافة الأمريكية دورا كبيرا، في الدعوة إلى حرب الاستقلال الأمريكية عن إنجلترا عام 1776. وقد تمتعت الصحافة الأمريكية، منذ بدايتها، بحرية نسبية دعمها التعديل الدستوري، عام 1791. وساعد إنشاء الخدمات البريدية على رواج الرسائل الإخبارية المنسوخة، ثم الصحف المطبوعة فيما بعد. وكان الغرض، من إنشاء الخدمة البريدية، هو جمع الخطابات والصور، في مكان معين، ونقلها، بسرعة وانتظام، إلى المرسل إليه، لقاء أجر معلوم. وكان انتظام الخدمات البريدية سببا مبكرا، في تطور الصحافة الإخبارية، وسعة انتشارها. وكانت مواعيد صدور الصحف تتفق مع مواعيد توزيع البريد. ويلاحظ أن سبب انتشار الصحف الصادرة، ثلاث مرات أسبوعيا، هو أن الخدمات البريدية كانت توزع، ثلاث مرات أسبوعيا، ولم يكن من الميسور إصدار الصحافة اليومية، لولا تقدم الخدمات البريدية. ومن الطريف أن معظم الصحف كانت تحمل اسم البريد، مثل Flying Post البريد الطائر، وWeekly Messenger البريد الأسبوعي، والـ Evening Post البريد المسائي، وNight Post البريد الليلي، وغيرها. على الرغم من أن نشأة الخدمات البريدية كان نعمة، على الصحافة الإخبارية، إلا أنه يعيب ذلك أن المسؤولين في البريد كانوا يحتكرون الأخبار الخارجية، ويتصرفون فيها كما يشاءون. وكان أصحاب الصحف يدفعون، لمديري البريد، اشتراكات سنوية، نظير الحصول على ترجمة ملخصة للصحف الواردة، من الخارج، كما كان بعض مسؤولي البريد يرتشون، مقابل تفضيل بعض الصحف على غيرها، وإعطائها الأولوية، في تسليم الأخبار، مما جعل جون والتر، رئيس تحرير جريدة التايمز اللندنية، على سبيل المثال، يعين مراسلين لصحيفته، في الخارج، لكي يحبط مؤامرات رجال البريد، غير أن رجال البريد، كانوا يستولون على الرسائل الواردة، من مراسلي التايمز، ويطلعون على ما فيها، وكثيرا ما كانوا يعمدون إلى تأخير وصولها للجريدة. وعندما كشفت صحيفة التايمز ألاعيب رجال البريد، ونشرتها، عام 1807، رفع الأمر إلى القضاء، وحكم على الصحيفة بغرامة قدرها مائتا جنيه تعويضا واعتذارا للبريد! ولما عاودت التايمز هجومها، مرة أخرى، بعد ثلاثة أسابيع، وعرض الأمر على النائب العام، أمر بحفظ التحقيق، وعدم تقديم الصحيفة للمحاكمة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية كان إصدار الصحف مرتبطا بمدير البريد؛ فقد أصدر جون كامبل، مدير البريد في بوسطن صحيفة بوسطن نيوز ليتر، كما أصدر خلفه، وليم بروكر، صحيفة باسم بوسطن جازيت. وتعاقب على إصدار تلك الصحيفة خمسة، من مديري البريد، على التوالي، ابتداء من بروكر. صحافة القرن الثامن عشر. كانت إنجلترا سباقة، في هذا القرن، في نهضة الصحافة، إذ ظهرت فيها أول صحيفة يومية منتظمة، عام 1702، هي جريدة دايلي كورانت. كما كانت الصحافة الأمريكية سباقة إلى الاستعانة بما يدفعه التجار، من مال، ثمنا للإعلانات. وفي عام 1746 أسس فيلدنج جريدة كوفنت جاردن جورنال، وخصص فيها بابا جديدا لنشر وقائع جلسات المحاكم التأديبية. وما زالت صحف لندن، إلى اليوم، تنشر تفاصيل القضايا اليومية، في المحاكم، بصورة تزيد على ما تنشره الجرائد الفرنسية أو غيرها. ثم ظهرت، بعد ذلك، بخمسة عشر عاما، أولى المقالات، التي تناولت شؤون المسرح. وكانت تضم إعلانات بسيطة، عن المسرحيات، مع تحليل لها. أما وقائع جلسات مجلس النواب فبدأ نشرها بشكل منفصل، عام 1728 ـ 1729، في صحيفة بابليك أدفيرتيزر Public advertiser، ولم يظهر النقد بمعناه الصحيح، إلا في عام 1780. وفي عام 1785، أسس جون والتر الثاني جريدة "التايمز" الشهيرة، التي لا تزال تصدر، في لندن، إلى اليوم. ولكن دأبت الحكومة على مناوأتها، مما اضطر صاحبها إلى استخدام سفنه الخاصة، في نقل البريد، وتوزيع الصحيفة، ونقل مراسليه، وبذلك يكون أول من استخدم البخار في خدمة النشر. هوة سحيقة في حرية الصحافة وفي الوقت، الذي تمتعت فيه، الصحافة الإنجليزية، خلال القرن الثامن عشر، بحرية، أقرها البرلمان، ووافق عليها رؤساء الأحزاب. كانت الهوة سحيقة، بين الصحافة الإنجليزية، التي تخلصت من الرقابة، منذ عام 1695، وبين صحافة القارة الأوروبية؛ فبينما وصلت الأولى، بعد نضال مرير، إلى تدعيم استقلالها ودعم حريتها، بقيت الثانية، باستثناء النشرات الإخبارية المطبوعة (الغازينات) خاضعة لأهواء الرقابة، ولنزوات الحكام. كانت الصحافة الفرنسية، مثلا، تعاني من الحجر السياسي، الذي فرضته عليها الحكومة الملكية، كما تعاني من الحجر التجاري، الذي فرضه عليها الاحتكار: احتكار صحيفة جازيت دي فرانس للأخبار السياسية، واحتكار ميركور دو فرانس للأنباء الأوروبية والاجتماعية، واحتكار جورنال دي سافان للأخبار العلمية. وبدأ الشعب الفرنسي عامة، والباريسي خاصة، يتخلص من الوصاية التي فرضت عليه، أيام حكم لويس الرابع عشر، على الرغم من بقاء النظم والقوانين سارية، إلا أن التقاليد والعادات أخذت في التطور، وتطلع الفرنسيون إلى معلومات أكثر نضوجا، ونقدا أكثر جرأة، لذلك لم تعد الصحف الفرنسية تكفي لإرضائهم. وبدأ الأمر بإدخال بعض التعديلات على الاحتكار؛ فسمحت السلطات بتصريحات ضمنية، أو صريحة بتأسيس صحف جديدة، بعد أن تدفع هذه الصحف مبلغا من المال إلى الدورية صاحبة الامتياز، نظير تنازلها عن بعض احتكارها. وحظيت صحف أخرى بحق الطبع خارج فرنسا ثم الدخول إليها، نظير دفع مبلغ من المال إلى خزانة وزارة الخارجية. وتحايل ناشرون، أكثر ذكاء، على القانون والاحتكار، بأن انتهزوا فرصة تساهل الحكومة معهم، وعمدوا إلى تحرير، صحفهم في باريس، على أن ينسبوا نشرها إلى مكان ما، في الخارج. ولكن إذا كان الاحتكار قد تحطم، بهذه الطريقة، فإن الرقابة ظلت على ما هي عليه، من الصرامة والقسوة، على أنه كلما توالت الأيام والسنون، في القرن الثامن عشر، كان الكتاب يزدادون جرأة، وكانت الحكومة تزداد تهاونا وضعفا. وإذا كانت الصحافة الفرنسية لم تستطع أن تلعب الدور الأول في التغيير، بعد أن تهيأت لها الظروف لذلك، بسبب أنفة الفلاسفة والمفكرين من العمل فيها، إلا أنها لعبت دورا كبيرا في القضاء على عيوب العهد القديم في فرنسا خلال القرن الثامن عشر. يرى المؤرخون أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة، التي لم تضطهد الصحافة في ذلك العصر، وهي، وإن كانت أكثر الدول حداثة، إلا أنه توجد فيها أقدم الصحف. وكان أول من أدخل المطبعة، إلى أمريكا، هو توماس جرين. وشهدت بوسطن عام 1704، صحيفة بوسطون نيوزليتر، الأسبوعية، التي أسسها جون كامبل، في ورقة واحدة، من الحجم المتوسط؛ وكان ذلك بداية لطور جديد، في صحافة المستعمرات، فبعد أن كانت الصحافة هواية، بدأت تدخل في طور الاحتراف، وبعد أن كانت معظم الصحف المنتظمة الصدور شهرية، شهدت بوسطن أول صحيفة أسبوعية منتظمة، تنشر في أمريكا كلها. ولقد لعبت صحافة بوسطن الدور الأول، في تاريخ الصحافة، في الولايات المتحدة، وازدهر النشاط الصحفي فيها، حتى قيام الثورة الأمريكية. إلى جانب ذلك، ظهرت الصحافة في المستعمرات الوسطى والجنوبية، وأسهمت الصحافة الأمريكية، في دعم الثورة، حتى تحقق الاستقلال، وتمت الوحدة، ورفع العلم الأمريكي، في واشنطن عام 1776. صحافة القرن التاسع عشر. مع القرن التاسع عشر، تطورت الخدمات الصحفية، وظهر العديد، من المستحدثات التكنولوجية، في مجال الإنتاج، والمعالجة وإرسال المعلومات. ووصل تطور الخدمات الصحفية، في النصف الأول، من القرن التاسع عشر، إلى درجة التفوق على الخدمات الحكومية؛ فوكالة رويترز البريطانية، مثلا، كانت تحصل على المعلومات والأخبار قبل أن تحصل عليها الحكومة. وجريدة جورنال اوف كومورس Journal of Commerce الأمريكية كانت تسبق الحكومة الأمريكية، في معرفة الأنباء، وتنقلها، بين بوسطن ونيويورك عبر مساحة تبلغ 227 ميلا. ولكنها كانت تحتاج إلى عشرين ساعة، من المواصلات، في ذلك الوقت. ومن ناحية أخرى، تفتقت أذهان الصحفيين عن حيل عديدة، للتغلب على عقبات المسافات البعيدة. ففي عام 1837، نظم الصحفي الأمريكي د.اش.كرايج أسرابا من الحمام، يزيد عددها على الخمسمائة، لنقل الرسائل، بين مدن فيلادلفيا، وواشنطن ونيويورك وبوسطن ومن الطريف أنه أعد مهبطا لها، فوق سطح مبنى صحيفة نيويورك صن. ويذكرنا ذلك بالصحف الحديثة، في أوروبا وأمريكا، التي يقام، على أسطح مبانيها، مهابط للطائرات العمودية، التي يستخدمها مندوبو المستقبل في أعمالهم الصحفية. وقد كانت وكالات الأنباء، في أول إنشائها، تستخدم الحمام الزاجل، لنقل أخبارها. ثم جاء اختراع التلغراف، عام 1837، على يد، ف. بي. مورس؛ فكان بمثابة ثورة، في عالم الاتصال، غيرت وجه الفن الصحفي، وجعلت تطور وكالات الأنباء حقيقة مؤكدة. وما لبث كبار الصحفيين أن أدركوا خطورة التلغراف، وأثره على نقل الأخبار. فيقول جيمس جوردون بنيت، في مقال له، عام 1844، بصحيفة نيويورك هيرالد: "إن نقل الأخبار بالتلغراف سوف يوقظ الجماهير كلها، ويجعلها أكثر اهتماما بالمسائل العامة، وسوف يصبح، للمفكرين، والفلاسفة، والمثقفين جماهير أكثر عددا، وأشد إثارة، وأعمق فكرا، من أي وقت مضى". ولم يكد يبدأ استخدام التلغراف، في إنجلترا عام 1845، حتى بدأت الأسلاك تمتد بين سائر المدن. وفي عام 1851 ارتبطت فرنسا بإنجلترا تلغرافيا، عن طريق خط من الأسلاك الممتدة، تحت سطح البحر، بين كيب جرينية ودوفر. وما أن أتى عام 1852، حتى بلغ طول الخطوط التليفونية، في الولايات المتحدة الأمريكية 16735 ميلا. زادت إلى 50 ألف ميل، عام 1860، ووصل إلى 110727 ميلا، عام 1880. وفي عام 1858، ارتبطت أوروبا بأمريكا، عن طريق خط من الأسلاك الممتدة، تحت مياه المحيط الأطلسي، غير أنه انقطع عن العمل بعد الرسالة الرقم 269. ومن الطريف أن أول برقية أذيعت، على هذا الخط كانت رسالة تهنئة، موجهة من الملكة فيكتوريا، إلى الرئيس الأمريكي بوكنان، الذي لم يصدق الأمر، وظن أن المسألة خدعة، ولكنه رد على الملكة عندما أكد له المسؤولون إن الاختراع حقيقة واقعة. وأعيد مد هذا الخط العابر للمحيط الأطلسي، في 28 يوليه 1866، واستخدمته الصحافة، على نطاق واسع. وفي العقد السابع، من القرن الماضي، جرى الاتصال، برا وبحرا، بين بريطانيا والهند واليابان كما امتدت الخطوط، بين أمريكا وجزر الهند الغربية، من جهة، وبينها وبين أمريكا الجنوبية، من جهة أخرى، ولما كانت تكاليف إنشاء هذه الخطوط باهظة للغاية؛ فقد استلزم الأمر تضافر الجهود لإنشاء الاتحادات والوكالات، التي تستطيع أن تغطي تلك المصروفات. وفي عام 1875، اخترع ألكسندر غراهام بيل التليفون؛ فكان بمثابة دفعة قوية، وقفزة رائعة للفن الصحفي، بوجه عام، ولنقل الأخبار، عن طريق الوكالات، بوجه خاص. ومنذ عام 1927، أصبح التليفون عاملا مهما ورئيسيا، لنقل الأخبار، عبر المسافات الطويلة، عن طريق دوائر تربط القارات سلكيا ولاسلكيا. وأصبحت المدن البعيدة تتصل، ببعضها البعض، في دقائق معدودات، بعد أن كان يستغرق شهورا وسنوات. وخاصة بعد أن امتدت خطوط المواصلات عبر المحيط الهادي. يعد اختراع الراديو أخطر ثورة، في تاريخ الاتصال، بين القارات، انعكس ذلك، بشكل واضح، على الوكالات. ويرجع اختراع الراديو إلى ماركوني، الذي تمكن، في عام 1896، من استخدام هذه الوسيلة اللاسلكية للاتصال، لأول مرة، في التاريخ، وتلاه آخرون، في تطوير استخدامه، مثل فيسبندن، الذي أرسل، عام 1906، رسائل لاسلكية مختصرة، إلى السفن، في البحار، مصحوبة ببعض القطع الموسيقية مع التهنئة بحلول عيد الميلاد. واستخدم التليفون اللاسلكي، في أول الأمر، بطريقة بدائية جدا، إلا أنه أخذ، في التطور، حتى أصبح حقيقة واقعة، عمليا، مع بداية عام 1900، عندما صنع جهاز إرسال تليفوني لاسلكي، وبنيت أول محطة إذاعة، قرب نيويورك ليلة عيد الميلاد، عام 1906، استمع إليها عدد كبير خلال أجهزة استقبال. ولقد كان لهذه المحاولة أهميتها، على الرغم من أن الموسيقى كانت غير واضحة، عند استقبالها، لدرجة يستحيل معها تمييز الآلات الموسيقية المستخدمة، عن بعضها، أو الآلات الموسيقية، عن صوت المغني، في الأغنية المذاعة. كان اختراع صمام الراديو هو الخطوة التالية المهمة، في تطوير أجهزة الإرسال اللاسلكية، وتلي ذلك قيام دي فورست باستخدام برج إيفل، في مارس 1908، للإرسال الإذاعي. وقد جذبت محاولاته التالية أنظار الجماهير، حتى عام 1917، عندما اشتركت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى. وشارك دي فورست، وآخرون، في تطوير الإذاعة الصوتية وتحسينها، منهم أمير موناكو، الذي كان يبث إذاعته، من يخته، عام 1913، إلا أن هذه الإذاعات كانت ضعيفة الالتقاط في بداية الأمر. وكان نشوب الحرب العالمية الأولى سببا في تعطيل تقدم الإذاعة، إلى حد كبير؛ فقد سيطرت الحكومات على جميع المحطات اللاسلكية، كما منعت محطات الهواء، واقتصر البث على الأخبار العسكرية. تاريخ الصحافة. أول الصحف التي صدرت في أوروبا هي "السجل اليومي للأخبار" وقد أصدرها الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر عقب توليه السلطة في كانون الثاني \ يناير من عام 58 ق م وكثيرا ما سماها بعض الكتاب اللاتينيين "سجل أخبار الشعب" لأنها كانت في خدمة الشعب، حيث كانت تنشر في أول عهدها الكثير من أخبار جلسات مجلس الشيوخ. لكنها ما تلبث أن أخذت تتناول أخبارا متنوعة وأصبحت تشبع رغبات الجمهور في مختلف الميادين كالأخبار القضائية وأخبار الحروب ومتنوعات اجتماعية كثيرة. وكان مراسلو الصحيفة في الخارج يوافونها بأخبارهم في رسائلهم الإخبارية وكانت تنشر بإخراج رديء. اوليات في الصحافة الغربية. أول صحيفة في ألمانيا. أول صحيفة أو نشرة أخبارية ظهرت في أوروبا سنة 1470 في مدينة كولن الألمانية. أول صحيفة في فرنسا. جريدة "لاغازيت" لصاحبها تيوفراست رينودو كانت أول صحيفة تصدر في فرنسا، وذلك في 30 أيار \ مايو 1630 وقد جعلها في خدمة بلاط الملك لويس الرابع عشر. أول صحيفة في بريطانيا. الديلي كورانت هي أولى الصحف اليومية التي ظهرت في إنجلترا عام 1702. أول صحيفة في أمريكا. أول من ادخل المطبعة إلى أمريكا هو توماس غرين.و قد نشأت فيها أول صحيفة في عام 1703 وهي صحيفة "بوسطن نيوزليتر". أول من اهتم بجمع الجرائد. أول من اعتنى بجمع الجرائد في العالم هو البلجيكي أندرواس وروزي وهو أول من كتب عن الصحافة وقد ألف كتاب في 300 صفحة عن تاريخ صحافة بلجيكا في عام 1605 وحتى 1844 م. أما أول تأسيس للمولعين بجمع الصحف فكان في بروكسل في عام 1893 وفي نفس العام أيضا أقيم أول معرض للجرائد في المدينة نفسها. الصحافة العربية. بدأت الصحافة العربية منذ العقد الثاني من القرن التاسع عشر، حينما اصدر الوالي داوود باشا أول جريدة عربية في بغداد اسمها جورنال عراق، باللغتين العربية والتركية، وذلك عام 1816، بعدها ومع حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798, حيث أصدرت في القاهرة صحيفتين باللغة الفرنسية. في عام 1828 أصدر محمد علي باشا صحيفة رسمية باسم جريدة الوقائع المصرية، وفي عام 1867 صدرت في دمشق جريدة سوريا، وعام 1865 صدرت في حلب ب سورية جريدة فرات وبعدها صدرت في حلب كذلك الشهباء، وجريدة الفي عام 1885 أصدر رزق الله حسون في استنبول جريدة عربية أهلية باسم مرآة الأحوال العربية. وفي بداية القرن العشرين كثر عدد الصحف العربية وخصوصا في سورية ومصر، فصدرت المؤيد واللواء والسياسة والبلاغ والجهاد والمقتبس وغيرها. ومن الصحف القديمة والتي لا زالت تصدر في مصر جريدة الأهرام والتي صدرت لأول مرة في عام 1875. حرية الصحافة. حرية الصحافة (أو الصحافة الحرة) هي الضمانة التي تقدمها الحكومة لحرية التعبير وغالبا ما تكون تلك الحرية مكفولة من قبل دستور البلاد للمواطنين. وتمتد لتشمل مؤسسات بث الأخبار وتقاريرها المطبوعة. وتمتد تلك الحرية لتشمل جمع الأخبار والعمليات المتعلقة بالحصول على المعلومات الخبرية بقصد النشر. وفيما يتعلق بالمعلومات عن الحكومة فلا تتدخل الحكومة في حرية الصحافة إلا ما يتعلق بشؤون الأمن القومي. مبادئ أساسية ومعايير. حرية الصحافة بالنسبة للعديد من البلدان تعني ضمنا بأن من حق جميع الأفراد التعبير عن أنفسهم كتابة أو بأي شكل آخر من أشكال التعبير عن الرأي الشخصي أو الإبداع. وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن هذا الحق حرية تبني الآراء من دون أي تدخل والبحث عن وتسلم معلومات أو أفكار مهمة عن طريق أي وسيلة إعلامية بغض النظر عن أية حدود". وعادة ما تكون هذه الفلسفة مقترنة بتشريع يضمن حرية النشر والطباعة إلا حدود تمس الأمن القومي، فالصحافة إعلام وتنوير وليس تضليل وإشاعلا. أما عمق تجسيد هذه القوانين في النظام القضائي من بلد لآخر فهي تصل إلى حد تضمينها في الدستور. غالبا ما تغطى نفس القوانين مفهومي حرية الكلام وحرية الصحافة مايعني بالتالي معالجتها للأفراد ولوسائل الإعلام على نحو متساو. والى جانب هذه المعايير القانونية تستخدم بعض المنظمات غير الحكومية معايير أكثر للحكم على مدى حرية الصحافة في مناطق العالم. فمنظمة صحفيون بلا حدود تأخذ بعين الاعتبار عدد الصحفيين القتلى أو المبعدين أو المهددين ووجود احتكار الدولة للتلفزيون والراديو إلى جانب وجود الرقابة والرقابة الذاتية في وسائل الإعلام والاستقلال العام لوسائل الإعلام وكذلك الصعوبات التي قد يواجهها المراسل الاجنبي. أما منظمة بيت الحرية Freedom House فتدرس البيئة السياسية والاقتصادية الأكثر عمومية لكل بلد لغرض تحديد وجود علاقات إتكالية تحد عند التطبيق من مستوى حرية الصحافة الموجودة نظريا من عدمه. لذا فإن مفهوم استقلال الصحافة يرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم حرية الصحافة. ميثاق الصحفيين يماثل ميثاق الأطباء، يلتزم بالأمانة والخلق الحسن واحترام الذات واحترام المهنة. في بعض البلاد تنظف نقابة الصحفيين نفسها بنفسها وتحذير المخالف بل وإيقافه. الصحافة كسلطة رابعة. يستخدم مفهوم الصحافة كسلطة رابعة لمقارنة الصحافة (وسائل الإعلام عموما) بفروع مونتيسيكيو الثلاثة للحكومة وهي: التشريعية والتنفيذية والقضائية. وقد قال إدموند بروك بهذا الصدد: "ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان، ولكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا". إن تطور الإعلام الغربي كان موازيا لتطور الليبرالية في أوروبا والولايات المتحدة. وقد كتب فرد. س. سايبرت في مقالة بعنوان النظرية الليبرالية لحرية الصحافة: "لفهم المباديء التي تحكم الصحافة في ظل الحكومات الديمقراطية، ينبغي للمرء أن يفهم فلسفة الليبرالية الأساسية والتي تطورت طوال الفترة بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر". لم تكن حرية التعبير حقا تمنحه الدولة بل حقا يتمتع به الفرد وفق القانون الطبيعي. لذا كانت حرية الصحافة جزء لا يتجزء من الحقوق الفردية للإنسان التي تدعمها الآيديولوجيا الليبرالية. إن الفكرة الليبرالية للحرية تتمثل في الحرية السلبية أو بمعنى آخر على أنها الخلاص من الاضطهاد، حرية الفرد في التطور من دون معوقات. وتعتبر هذه الفكرة مضادة لبعض الفلسفات مثل الفلسفة الاشتراكية للصحافة. مكانة حرية الصحافة في أنحاء العالم. تقوم منظمة مراسلون بلا حدود كل عام بنشر تقريرها الذي تصنف فيه بلدان العالم وفق شروط حرية الصحافة. ويستند التقرير على نتائج الاستبيانات المرسلة إلى الصحفيين الإعضاء في منظمات مماثلة لـ "مراسلون بلا حدود" بالإضافة إلى بحوث الباحثين المختصين والقانونيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان. يتضمن الاستبيان أسئلة حول الهجمات المباشرة على الصحفيين ووسائل الإعلام بالإضافة إلى مصادر الضغط الأخرى على حرية الصحافة مثل الضغط على الصحفيين من قبل جماعات غير حكومية. وتولي مراسلون بلا حدود" عناية فائقة بأن يتضمن تقرير التصنيف أو "دليل حرية الصحافة" الحرية الصحفية وأن يبتعد عن تقييم عمل الصحافة في عام 2003 كانت الدول التي تتمتع بصحافة حرة تماما هي فنلندا، آيسلندا، هولندا، النرويج. وفي عام 2004 احتلت إلى جانب الدول المذكورة دول الدنمارك وأيرلندا وسلوفاكيا وسويسرا أعلى قائمة الدول ذات الصحافة الحرة وتلتها نيوزلندا ولاتفيا. أما الدول الأقل في مستوى حرية الصحافة 2006 فقد تقدمتها كوريا الشمالية لتليها كوبا وبورما وتركمانستان وأريتيريا والصين وفيتنام والنيبال والسعودية وإيران. الدول غير الديمقراطية. وفقا لتقارير "مراسلون بلا حدود" فإن ثلث سكان العالم يعيشون في بلدان تنعدم فيها حرية الصحافة. والغالبية تعيش في دول ليس فيها نظام ديمقراطي أو حيث توجد عيوب خطيرة في العملية الديمقراطية. تعتبر حرية الصحافة مفهوما شديد الإشكالية لغالبية أنظمة الحكم غير الديمقراطية، سيما وان التحكم بالوصول إلى المعلومات في العصر الحديث يعتبر أمرا حيويا لبقاء معظم الحكومات غير الديمقراطية ويصاحبها من أنظمة تحكم وجهاز أمني. ولتحقيق هذا الهدف تستخدم معظم المجتمعات غير الديمقراطية وكالات إخبارية تابعة للحكومة لتوفير الدعاية اللازمة للحفاظ على قاعدة دعم سياسي وقمع (وغالبا ما يكون بوحشية شديدة عن طريق استخدام أجهزة الشرطة والجيش ووكالات الاستخبارات) أية محاولات ملحوظة من قبل وسائل الإعلام أو أفراد لتحدى "خط الحزب" الصحيح في القضايا الخلافية. وسيجد الصحافيون العاملون في هذه البلدان على حافة المقبول أنفسهم غالبا هدفا لتهديدات متكررة من قبل عملاء الحكومة. وقد تتراوح هذه المخاطر بين تهديدات بسيطة على مستقبلهم المهني (الطرد من العمل، وضع الصحفي على القائمة السوداء) لتصل إلى التهديد بالقتل والخطف والتعذيب والاغتيال. وقد اعلنت "مراسلون بلا حدود" أن 42 صحفيا قتلوا في عام 2003 أثناء تأديتهم لواجبهم كما أودع في نفس العام 130 صحفيا السجون بسبب نشاطاتهم المهنية. نظرة تاريخية. الثورة الإنجليزية في عام 1688 نتج عنها سيادة البرلمان على التاج وفوق كل شيء حق التطور. كان جون لوك الملهم الرئيس لليبرالية الغربية. لأنه قرر منح بعضا من حقوقه الأساسية في الدولة الطبيعية (الحقوق الطبيعية) للصالح العام، فقد وضع الفرد بعضا من حقوقه في عهدة الحكومة. ودخل الناس عقدا اجتماعيا مع صاحبة السيادة (أو بمعنى آخر الحكومة) تضمن بنودا لحماية هذه الحقوق الفردية نيابة عن الناس حسبما كتبه جون لوك في كتابه اتفاقيتا الحكومة. كان لدى إنكلترا ولغاية العام 1694 نظاما مفصلا لمنح الإجازات. ولم يكن بالإمكان نشر أي منشور بدون رخصة من الحكومة. وقبل خمسين عاما أثناء الحرب الأهلية كتب جون ميلتون كراسه المعنون Areopagitica. وقد انتقد ميلتون في كراسه ذاك نظام الرقابة الذي تفرضه الحكومة وسخر من تلك الفكرة حينما كتب يقول "فيما يمكن للمدينين والجانحين أن يسافروا إلى خارج البلاد من دون وصي، فأن الكتب غير المسيئة لو أرادت أن تمشي خطوات فإنها لا يمكنها ذلك من دون سجان مرئي فوق عناوينها". ورغم أن المقالة تلك لم يكن لها تأثير كبير حينها في وقف ممارسة منح التراخيص الحكومية للمنشورات، إلا أنها ستعد فيما بعد من الأعمدة الرئيسية لحرية الصحافة. حجة ميلتون القوية تمثلت في قوله بأن الفرد قادر على التعامل المنطقي وتمييز الخطأ من الصواب والسيء من الجيد. ولكي يكون من الممكن ممارسة هذا الحق المنطقي ينبغي أن تكون للمرء الحرية الكاملة للإطلاع على آراء في "مواجهة حرة ومفتوحة". وقد نشأت عن كتابات ميلتون مفهوم "السوق المفتوحة للآراء": حينما يتجادل الناس مع بعض فإن الحجج الجيدة هي التي تسود. من أنواع التعبير الذي كان مقيدا في إنكلترا ذلك الذي يحظره قانون التشهير التحريضي والذي جعل من مسألة انتقاد الحكومة جريمة يحاسب عليها القانون. وكان الملك فوق كل الانتقادات وكانت التصريحات التي تنتقد الحكومة محظورة بقانون محكمة Star Camber (وهي محكمة قانونية في القصر الملكي في ويستمنستر بدأت أولى جلساتها عام 1487 وز انتهت أعمالها في 1641 حينما ألغيت المحكمة). لم تكن الحقيقة المجردة دفاعا قويا أمام قانون التشهير التحريضي، لان هدف القانون كان منع ومعاقبة كل انتقاد يوجه إلى الحكومة. تعاطي ستيوارت مل مع إشكالية السلطة في مواجهة الحرية كان ينبع من وجهة نظر القرن التاسع عشر النفعية: أي للفرد حق التعبير عن نفسه طالما أنه لا يؤذي الآخرين. والمجتمع الجيد هو المنجتمع الذي يتمتع فيه أكبر عدد من أفراده بأكبر قدر من السعادة. بتطبيق المباديء العاتمة لحرية الفرد يقول ستيوارت مل بأننا لو أسكتنا رأيا واحدا فإننا نكون بذلك قد أسكتنا حقيقة. ولهذا فإن حرية الفرد في التعبير من هذا المنطلق أمر صحي وفي صالح المجتمع. وفي كتابه (حول الحرية) عبر مل عن تطبيق المباديء العامة لحرية التعبير حين كتب قائلا: " إذا كان البشرية جمعاء متفقين على رأي معين وهناك شخص واحد له رأي مغاير فليس بيد البشرية أي مبرر لإسكات رأي هذا الفرد بالضبط كما أنه ليس من حق ذلك الفرد وليس مبررا له إسكات البشرية جعاء". ألمانيا النازية. دكتاتورية أدولف هتلر قمعت حرية الصحافة بشكل كامل. فلم يكن مسموحا للصحفيين كتابة أي شيء ضد هتلر وإلا كانوا سيخاطرون بالتعرض للسجن وحتى الموت. وكان النازيون هم دائما من يستغل الدعاية في صحفهم ووسائل الإعلام الأخرى. اي بمعنى انه لم تكن هنالك حرية نازية فقط من اجل اعلاناتهم والتشهير للعدو والدفاع عن هتلر رغم قمهة وظلمه لكن هل هناك من كان يغامر بحياته وينتقض هتلر على افعاله؟ الإذاعة. أولى الوسائل الإخبارية التي تنقل الأحداث المحلية والعالمية؛ حيث يمكن للمذيع أن يقطع أي برنامج لإذاعة خبر ما بمجرد وصوله. ويعتمد ملايين الناس على الإذاعة، بالنسبة لنشرات الأخبار المنتظمة، والتنبؤات الجوية وغيرها. الولايات المتحدة الأمريكية. صدرت أول صحيفة في المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية وكانت "السلطة" تصدرها أي بمعنى أنها كانت تصدر بموجب ترخيص من الحكام الاستعماريين. وأول صحيفة دورية صدرت كانت (Boston News- Letter) وكان يصدرها جون كامثبيل، وكانت صحيفة أسبوعية بدأ صدورها عام 1704. وكان الحكام الاستعماريون الأوائل إما مديرو دوائر بريد أو ناشرين حكوميين، ولهذا كان من غير المحتمل أن يتحدوا سياسات الحكومة. أول صحيفة مستقلة صدرت في المستمعرات البريطانية كانت صحيفة (New-England Courant) وكان يصدرها في بوسطن جيمس فرانكلين صدر أول عدد منها عام 1721. بعدها بسنوات قليلة اشترى شقيق فرانكلين الأصغر – بنيامين- صحيفة (Pennsylvania Gazette) التي كانت تصدر في فيلادلفيا والتي أصبحت صحيفة بارزة في العهد الاستعماري. تم خلال تلك الفترة إلغاء نظام التراخيص للصحف فتسنى لها الصدور بحرية ونشر ما تريد من وجهات نظر مخالفة ولكنها كانت خاضعة للعقوبات بموجب قانون التشهير أو حتى قانون التحريض إذا كان ما تنشره من آراء يشكل تهديدا للحكومة. ويعود مفهوم "حرية الصحافة" الذي تم تضمينه في دستور الولايات المتحدة بالأصل إلى قضية محاكمة جون ثيتر زينتر من قبل الحاكم الاستعماري في نيويورك في عام 1735. وقد حصل زيتر على حكم بالبراءة من التهم الموجهة إليه بعد أن دفع محاميه أمام المحلفين (وخلافا للقانون الإنكليزي العريق) بالقول أنه ليس هناك أي تشهير حينما يتم نشر الحقيقة. ولكن حتى بعد هذه القضية الاحتفالية تمسك الحكام الاستعماريون والجمعيات الوطنية بصلاحية مقاضاة وحتى سجن الناشرين الذين ينشرون وجهات نظر مغايرة للحكومة. وخلال الثورة الأمريكية اعترف القادة الثوريون بالصحافة الحرة كعنصر من عناصر الحرية التي سعوا للحفاظ عليها. وقد جاء في إعلان فيرجيينا للحقوق (في 1776) بان: "حرية الصحافة إحدى أهم أسس الحرية ولا أحد يقيدها أبدا سوى الحكومات الاستبدادية". وعلى نفس المنوال ورد في دستور ماساشوسيتس (في عام 1780): " إن حرية الصحافة أمر أساسي لضمان الحرية في الدولة: ولهذا يجب ان لا يتم تقييدها في هذا الكومنولث". وعلى هدى هذين المثالين حرم التعديل الأول على الدستور الأمريكي؛ الكونغرس، من سلطة اختزال حرية الصحافة وكذلك حرية التعبير المرتبطة بها ارتباطا وثيقا. ميثاق الصحفيين. ميثاق الصحفيين يماثل ميثاق الأطباء، يلتزم بالأمانة والخلق الحسن واحترام الذات واحترام المهنة. في بعض البلاد تنظف نقابة الصحفيين نفسها بنفسها وتحذير المخالف بل وإيقافه. من يقوم بالتشهير أو ترويج الأشاعات فمن حق المتضرر رفع دعوى بالمحكمة ضد المحرر الذي يلحق به ضررا، وربما يصبح رئيس التحرير مسؤولا أيضا عن الأخبار الكاذبة، فيكون القضاء هو الملجأ الأخير. الأرقام المصرية هي نظام عد لا يقوم على أساس المراتب بدء استعماله في العصور المصرية القديمة بلغات الهيروغليفية والهيراطيقية منذ حوالي الألف الثالث قبل الميلاد حتى نهاية الألفية الأولى بعد الميلاد. تركيب الأعداد وكتابتها. يتم جمع الرموز لتكوين العدد المطلوب مثلا لكتابة العدد 4622 يكون التالي : الصفر. لم يعرف المصريون القدماء الصفر كعدد مستقل بذاته. الكسور. استطاع قدماء المصريين أن يبتكروا تركيبة للكسور من الأعداد، وهي طريقة تشابه الطريقة الحديثة حيث استعملوا رمز الفم ونطقه (را) ، وكتبوا تحته الرقم المعبر عن الكسر. مثال. هكذا كانوا يكتبون الكسر العددي 1/3 : كما استخدموا لبعض الأعداد القليلة الكثيرة الاستخدام رموزا ً خاصة، مثل النصف 1/2 والثلثين 2/3 والثلاثة أرباع 3/4 : الجمع عند قدماء المصريين. والنتيجة كما في السطر الثالث عبارة عن العدد 2454. سِيبَوَيْه (148 هـ - 180 هـ / 765 - 796م) عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، يُكنى أبو بشر، الملقب سيبويه: إمام النحاة، وأول من بسّط علم النحو. أخذ النحو والأدب عن الخليل بن أحمد الفراهيدي ويونس بن حبيب وأبي الخطاب الأخفش وعيسى بن عمر، وورد بغداد، وناظر بها الكسائي، وتعصبوا عليه، وجعلوا للعرب جعلا حتى وافقوه على خلافه. من آثاره: كتاب سيبويه في النحو. سيرته وحياته. لم تذكر كتب التراجم شيئًا عن مكان أسرته، أو مستواها الثقافي أو الاجتماعي، فكل ما وصل إلينا يومئ إلى أنه كان من أسرة فارسية. وقد أغفلت كتب التراجم السنة التي ولد فيها سيبويه، غير أن بعض الباحثين ذهبوا إلى أنه ولد في سنة 148هـ، وقيل غير ذلك. وُلد سيبويه في قرية البيضاء في بلاد فارس. نشأ سيبويه بالبصرة بعد أن رحلت أسرته من بلاد فارس إليها، وهو مولى بني الحارث بن كعب، وقيل مولى آل الربيع بن زياد، سميّ سيبويه لان أمه كانت ترقصه وتقول له ذلك، ومعنى سيبويه رائحة التفاح، وقيل بل لأنه كان شابًا نظيفًا جميلًا أبيضًا مشربًا بحمرة كأن خدوده لون التفاح وذلك يقال له سيبويه لأن التفاح سيب أو لأنه كان يعتاد شم التفاح أو كان يشم منه رائحته. اتجه إلى دراسة الفقه والحديث حتى خطّأه حَمَّادُ بن سَلَمة البصري، فاتجه إلى تعلم النحو. فقد روي أن سيبويه قصد مجلس حَمَّاد بن سلمة الذي كان يستملي عليه سيبوبه حديثًا جاء فيه قال: «قال صلى الله عليه وسلم: ليس من أصحابي أحد إلا لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدَّرداء»، فقال سيبويه: «ليس أبو الدَّرداء» ـ ظنّه اسم ليس، فصاح به حمَّاد: لحنت يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبت، إنما هو استثناء، فقال سيبويه: لا جَرَم والله لأطلبن علمًا لا تُلَحِّنَنِّي فيه أبدًا. شيوخ سيبويه. من أشهر شيوخه حماد بن سلمة، وبعد قراره الأخير هذا عمد سيبويه إلى إمام العربية وشيخها الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ لينهل ويتعلم منه عن حبٍّ وعزيمة وقوة إرادة، فصار يلازمه كالظلِّ حتى بدا تأثره الكبير بشيخه هذا على طول صفحات كتابه الوحيد وعرضه في روايته عنه، واستشهاداته به. ولم يكتف سيبويه بشيخه الخليل بن أحمد في علوم النحو والعربية، فأخذ العلم عن يونس بن حبيب، وعيسى بن عمر وغيرهم. فتنوعت ثقافته، وتوسعت معرفته بعلم النحو والصرف، وتبوأ مكانة علمية متميزة، ثم رحل إلى بغداد، والتقى بالكسائي شيخ الكوفيين، ووقعت بينهما مناظرة في النحو (المسألة الزُّنبورية) وقد تغلب فيها الكسائي على سيبويه، غير أن سيبويه لم يبق في بغداد بعد هذه المناظرة عاد إلى فارس، ولم يعد إلى البصرة. تلامذة سيبويه. لأن القدر لم يمهله طويلًا حيث تُوُفِّي في ريعان شبابه، فلم يكن لسيبويه تلاميذ كثيرون، وكان من أبرز من تتلمذوا على يديه ونَجَم عنه من أصحابه: أبو الحسن الأخفش، وقُطْرب ويقال: إنه إنما سمِّي قطربًا لأن سيبويه كان يخرج فيراه بالأسحار على بابه، فيقول له: إنما أنت قطرب ليل. والقُطْرب: دويبة لا تزال تدبُّ، ولا تفتر. عُمرُه. قيل إن سيبويه مات وعمره 32 سنة، وقيل فوق الأربعين، وهذا هو رأي ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء، قال المرزباني: مات بشيراز سنة ثمانين ومائة. وذكر الخطيب أن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة ويقال: إنه نيف على الأربعين سنة وهو الصحيح، لأنه قد روى عن عيسى بن عمر، وعيسى بن عمر مات سنة تسع وأربعين ومائة، فمن وفاة عيسى إلى وفاة سيبويه إحدى وثلاثين سنة، وما يكون قد أخذ عنه إلا وهو يعقل، ولا يعقل حتى يكون بالغًا والله أعلم، وقال أحمد بن يحيى ثعلب في أماليه: قدم سيبويه العراق في أيام الرشيد وهو ابن نيف وثلاثين سنة، وتوفي وعمره نيف وأربعون سنة بفارس. الوفاة. توفي في قرية البيضاء بشيراز، وقد اختلف المؤرخون في السنة التي توفي فيها وأرجح الأقوال أنه توفي سنة 180هـ. ثمة خلاف في سبب وفاته، فقيل: إنه مات غماً بالذَّرَب، وهو الدّاء الذي يَعرِضُ للمعدة، فلا تهضم الطعام، ويَفسُدُ فيها ولا تُمْسِكه، يُروى أنه ذَرِبتْ معدته فمات. قيل إنه تمثَّل عند الموت بهذين البيتين: يقال: إنه لما احتضر وضع رأسه في حجر أخيه، فدمعت عين أخيه، فاستفاق فرآه يبكي فقال: وقد رثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب، ورثاه الزمخشري بقوله: قال الأصمعي: قرأت على قبر سيبويه بشيراز هذه الأبيات، وهي لسليمان بن يزيد العدوي: أنطوان-لوران دُ لافوازييه عاش ما بين 26 أغسطس 1743 - 8 مايو 1794م، أحد النبلاء الفرنسيين ذو صيت في تاريخ الكيمياء والتمويل والأحياء والاقتصاد. أول من صاغ قانون حفظ المادة، وتعرّف على الأوكسجين وقام بتسميته (في عام 1778م)، وفنّد نظرية الفلوجستون، وساعد في تشكيل نظام التسمية الكيميائي. وعادةً يشار إلى لافوسيه بأنه أحد آباء الكيمياء الحديثة. حياته. بدأ محاميا ثم نال جائزة لابتكاره نظاما جديدا لانارة الشوارع في باريس، وكان يقضي وقت الفراغ في الأبحاث الكيميائية، حيث يعرف بأبي الكيمياء الحديثة، تم إعدامه بعد قيام الثورة الفرنسية. بتهمة ترطيب تبغ الجيش خلال عمله في لجنة المعايير المترية. ورغم أنه لم يثبت عليه شيء فقد أُعدم. وما زالت العبارة التـي قيلت له في قاعة المحكمة: "الجمهورية ليست بحاجة إلى علماء بل بحاجة إلى عدالة" وصمة في تاريخ القضاء الفرنسي واستخفافاً مشيناً للعبقرية مثيلها نادر في التاريخ. وهو مثل كثير من الناس قد درسوا علوماً أخرى غير التي برزوا فيها فقد درس القانون، وحصل على شهادة علمية فيه، ولكنه لم يعمل بالقانون. التحق بالكثير من الوظائف المدنية، وكان بالغ النشاط في أكاديمية العلوم الملكية، كما أنه عمل في منطقة تحصيل الضرائب، ولذلك عندما قامت الثورة الفرنسية فقد ارتابوا في أمره. وحاكموه ومعه 27 عضواً من هذه المنظمة ومحاكمات الثورة لا تكون دقيقة بقدر ما هي عاجلة، وفي يوم 8 مايو سنة 1794 حوكموا جميعاً وأدينوا، وتقرر إعدامهم شنقاً ولكن زوجة لافوازييه هي التي انقذته. وكانت سيدة بالغة الذكاء وساعدته كثيراً في أبحاثه. وعند محاكمة لافوازييه تقدمت زوجته بطلب العفو عنه ورفض القاضي طلبها قائلاً "إن الثورة لا تحتاج إلى عباقرة" ولكن زميلا له هو جوزيف لاجرانج كان أقرب للحقيقة عندما قال " إن قطع رقبة لافوازييه لا يستغرق دقيقة واحدة، ولكن مائة سنة لا تكفي لتعوضنا عن واحد مثله". ما قبل لافوازييه. عندما ولد لافوازييه في باريس كان علم الكيمياء متخلفاً كثيراً عن علوم الفيزياء والرياضيات والفلك، وعلى الرغم من أن كثيراً من الحقائق الكيميائية قد اهتدى إليها العلماء فإن أحداً منهم لم يفلح في أن يصوغ هذه الحقائق في نظرية شاملة. وكان يعتقد في هذا الوقت خطأ أن الهواء عنصر. كما لم يفهم أحد مكونات النار، بل أن الفكرة الشائعة في ذلك الوقت كانت خاطئة جداً، كان يعتقد أيضاً أن كل المواد القابلة للاحتراق تتكون من مادة سميت "الفلوجيستون"، وأن هذه المادة تنطلق أثناء الاحتراق. وفي الفترة بين 1754 و1774 أفلح عدد من الكيميائيين النابهين مثل جوزيف بلاك وجوزيف بريستلي وهنري كافنديش وغيرهم في فصل غازات هامة: كالأكسجين والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون ولما كان هؤلاء العلماء قد سلموا بوجود مادة الفلوجيستون فإنهم لم يدركوا معنى المواد الكيماوية التي اكتشفوها، فكانوا يشيروا مثلاً إلى الأوكسجين على أنه الغاز الذي تجرد من الفلوجيستون ولم يفهم أحد في ذلك الوقت لماذا يزداد احتراق عود من الخشب في غاز الأكسجين أكثر من احتراقه في الغاز العادي. ما بعد لافوازييه. كانت تجارب لافوازييه من النوع الكمي بالدرجة الأولى. قام بتعيين تركيب حامضي "النيتريك والكبريتيك" وكان أول من أنتج "الغاز المائي" Water - Gas واخترع "المغياز" Gasometer (وهو جهاز لقياس كميات الغازات يستعمل عادة في المختبرات).أدخل لافوازييه مصطلحات وأسماء كيميائية جديدة قبلها غيره من الكيميائيين وحلت محل النظام القديم. استطاع لافوازييه وحده أن يضم فتافيت الحقائق الكيميائية التي اكتشفت. ويصنع منها إطاراً متكاملاً. وأول ما فعله هو إنكار ما سماه العلماء بالفلوجيستون، كما أنه الوحيد الذي أكد أن الاحتراق معناه الأتحاد الكيميائي بين الأوكسجين والمادة المشتعلة، كما أن الماء ليس عنصر ولكنه اتحاد كيميائي بين الأكسجين والهيدروجين وكما أن الهواء ليس عنصر وإنما هو أيضاً خليط هما الأوكسجين والنتروجين ، وهذه الحقائق تبدو واضحة تماماً هذه الأيام. ولم تكن واضحة تماماً في عهد لافوازييه ولا الذين سبقوه، بل إن عدد من علماء عصره كالعادة لم يصدقوا ما أتى به لافوازييه بعد أن كشف لهم هذه الحقائق الجديدة، ولكن بعد أن أصدر لافوازييه كتابه الشهير مبادئ الكيمياء سنة 1789، أخذ الجيل الجديد من العلماء يقتنع بوجهة نظره. وبعد أن كشف لافوازييه أن الماء والهواء ليسا من العناصر، فإنه قد كتب قائمة بهذه العناصر الجديدة، وهذه القائمة تضمنت بعض الأخطاء. الحديثة لكل العناصر المعروفة كانت إضافة للعناصر التي اهتدى إليها لافوازييه. ثم إنه أول من اتخذ للعناصر وللمعادلات الكيميائية رموزاً. وبمقتضى هذه الرموز أصبحت الكيمياء عالمية، ويمكن فهمها في كل لغة. ملحوظات أخرى. لافوازييه هو العالم المسئول عن جعل الكيمياء علماً دقيقاً، وذلك بإجراء تجارب شديدة الدقة والوضوح على التفاعلات الكيميائية. ساهم أيضاً بصورة متواضعة في دراسة علم الجيولوجيا وكذلك في علم وظائف الأعضاء. وهو الذي أثبت أن عملية التنفس هي عملية احتراق أيضاً، وبناء على ذلك فإن الكائنات الحية، الحيوان والإنسان، تستمد طاقتها من عملية احتراق بطيئة للمواد العضوية مستخدمة في ذلك الاكسجين الموجود في الهواء الذي نستنشقه. ولهذه الدقة والوضوح والقدرة الهائلة على التنظير استحق لافوازييه أن يوصف بأنه أبو علم الكيمياء. ألساندرو جيسبي أنطونيو أنستازيو فولتا (18 فبراير 1745 - 5 مارس 1827) هو عالم فيزياء إيطالي يرجع له الفضل في اختراع أول بطارية كهربائية، والتي تُعرف بالعمود الفلطائي، وكان قد اخترعها في العام 1799 ورفع تقريرا عن نتائج اختراعه في خطاب من جزئين لرئيس الجمعية الملكية في عام 1800. أثبت فولتا بهذا الاختراع أن الكهرباء يمكن أن تتولد كيميائيًا وهدم النظرية السائدة في وقته أن الكهرباء تتوّلد فقط بواسطة الكائنات الحية. أثار اختراع فولتا قدرًا كبيرًا من الحماس العلمي وأدى إلي قيام آخرين بإجراء تجارب مماثلة أدت في النهاية إلى نشوء ونمو مجال الكيمياء الكهربائية. كما لفت اليساندرو فولتا إعجاب نابليون بونابرت باختراعه، ودعي إلى معهد فرنسا لإثبات وعرض اختراعه أمام أعضاء المعهد. تمتع فولتا بقدر معتبر من الدنو من الإمبراطور طوال حياته وكان قد مُنح العديد من الأوسمة من طرف نابليون. شغل أليساندرو فولتا كرسي رئاسة الفيزياء التجريبية في جامعة بافيا لما يقرب من 40 عاما، وكان يحظى إلى حد بعيد بشعبية جارفة بين طلابه. على الرغم من نجاحه المهني كان فولتا أقرب إلى أن يكون شخصا يميل نحو الحياة المنزلية، وهذا كان أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة من حياته. في هذا الوقت قال انه يميل للعيش منعزلا عن الحياة العامة وأنه يرغب في قضاء وقتا أكثر من أجل عائلته حتى وفاته في نهاية المطاف في عام 1827 بعد سلسلة من الأمراض التي أصابته كان أولها في عام 1823. لُقبت وحدة الجهد الكهربائي بالفولت في نظام الوحدات الدولي تكريما له. حياته وإنجازاته. ولد ألساندرو فولتا في كومو بإيطاليا. تعلم في المدارس العامة هناك. وفي عام 1774 أصبح أستاذاً في الفيزياء بالمدرسة الملكية في كومو. تزوج فولتا من تريزا ابنة لودوفيكو بيرجريني وأنجب ثلاث أبناء وهم جوفاني وزانينو وفلامينيو. قام باختراع جهاز يولد كهرباء ساكنة . ورغم أن هذا الاختراع يعد ترقية كبيرة جداً إلا أن الأستاذ السويدي جون كارل ويلكي قد سبقه إلى شيء من هذا في ماكينة إخترعها عام 1762. بين عام 1776 و1777 درس فولتا كيمياء الغازات واكتشف غاز الميثان عن طريق جمع بعض الغازات من المستنقعات. وقام ببعض التجارب على إشعال غاز الميثان عن طريق الصعق الكهربائي داخل إناء مغلق. كما قام فولتا بدراسة ما يسمى عندنا اليوم بالمكثف حيث درس العلاقة ما بين الجهد الكهربي V والشحنة Q وأثبت أن قيمهم تتناسب تناسباً مباشراً. وهذا هو قانون فولتا لتكثيف الشحنات. وقد وضع وحدة قياس الجهد بعد تلك التجارب وهي الفولت Volt. و في عام 1779 تولى فولتا منصب أستاذ الفيزياء التجريبية بجامعة بافيا. وبعد ١٠ أعوام من توليد العالم الإيطالي لويجي جالفاني لأول تيّار كهربائي -عن طريق الصدفة- بملامسة قطعة من النحاس والحديد لأرجل الضفدعة عام 1786م قام زميله أليساندرو فولتا بتفسير ما حدث في الواقع، وقد أدى ذلك الاكتشاف إلى حدوث ثورة تكنولوجية هائلة، وقد قدّم أليساندرو فولتا اكتشافه في خطاب ألقاه أمام الجمعية الملكية في لندن والذي كان يحضره عالم الأحياء جوزيف بانكس الذي أصبح رئيسًا لتلك الجمعية فيما بعد. خلافه مع لويجي جالفاني. بعد أن قام لويجي جالفاني بتجربة على قدم الضفدعة ولاحظ وجود صعقة كهربائية حركت قدم الضفدعة، قام فولتا بدراسة ما أسماه جالفاني بالكهرباء الحيوية إذ أنه كان مهتماً بدراسة الكهرباء. وقد لاحظ فولتا أن قدم الضفدعة يعتبر موصل للكهرباء وفي نفس الوقت مجس لها. أعاد فولتا نفس التجربة التي قام بها جالفاني ولكنه استبدل قدم الضفدعة بورق مملح إذ أنه يعتبر مجس للكهرباء حسب تجارب سابقة له. وبعد هذه التجربة اكتشف فولتا المتسلسلة الكهروكيمائية والقوة المحركة الكهربائية للخلية الجالفانية باعتبار أن المعدنين المختلفين هما الأقطاب بينهما موصل حيث أن اختلاف المعدنين يولد فرق جهد بينهما. عام 1800 نتيجة للخلاف الذي نشأ بين فولتا وجالفاني -حيث فسر جالفاني نشوء الصاعقة الكهربائية على أنها بسبب جسم الضفدعة وفسره فولتا بأنه بسبب فرق الجهد بين المعدنين- قام فولتا بعمل نموذج بطارية التي أسماها بالكومة الفولتية لإثبات نظريته. وقد استخدم فيها معدن الزنك والفضة. وقام بوضع مجموعة من هذه البطاريات على التوالي. اختراعه للبطارية. إحدى اختراعات فولتا استعمل فيها قارورة ليدن (وهو جهاز يحفظ الطاقة الكهربائية ككهرباء ساكنة اخترعت عام 1745 وهي تشبه فكرة المكثف اليوم) لإرسال تيار كهربائي من كومو إلى مدينة ميلان. وكان خط التوصيل معزول عن الأرض بقطع خشبية. وقد استخدمت هذه الفكرة بعد ذلك في عمل التلغراف للتواصل عن بعد. عندما أعلن فولتا عن اختراعه للبطارية أو ما أسماه بمكدس الفولتية صرح بفضل وليم نيكولسون وتيبريوس كافالو وإبراهام بينيت. إن البطارية التي إخترعها ألساندرو فولتا تعد أول بطارية كيميائية. وتتكون هذه البطارية من قطبين إحداهما زنك والآخر نحاس وبينهما إلكتروليت من حمض الكبريت أو محلول خليط من ماء وملح. وهذا السائل كان في الصورة الكيميائية 2H+ وSO42-. حيث أن الزنك له ترتيب أعلى في المتسلسلة الكهروكيميائية أكثر من النحاس والهيدروجين. فيتفاعل مع الكبريت الموجب وتظهر فقاقيع الهيدروجين على القطب النحاسي فتأخذ بعضاً من إلكتروناتها. وبهذا يصبح الزنك طرف سالب والنحاس طرف موجب. وبهذا يكون لدينا طرفين يصدران تيار كهربائي إذا وصلناهم. ويكون التفاعل الكيميائي في البطارية بهذه الملف: الزنك Zn → Zn2+ + 2e- حمض الكبريتيك 2H+ + 2e- → H2 و النحاس لا يتفاعل ويعتبر قطب في هذا التفاعل. على أي الأحوال فهذه البطارية لها عيوبها. منها أن حمض الكبريتيك هذا خطير. كما أن تأثيرها لن يدوم طويلاً إذ أن فقاعات الهيدروجين تظل موجودة ملتصقة بالزنك. سنواته الأخيرة. نتيجة لمجهوداته قام نابليون بمنحه لقب كونت عام 1810. في عام 1819 تقاعد فولتا وأوقف أبحاثه واستقر بمدينة كومناجو والتي سميت على اسمه بعد ذلك بكومانجو فولتا. ومات يوم 5 مارس عام 1827 ودفن بتلك المدينة. و قد تم عمل تمثال له ووضع على شاطئ بحيرة بمدينة كومو في وسط المدينة كما تم عمل متحف له يضم مخترعاته وأدوات تجاربه. وبجوار بحيرة كومو تقع منظمة تروج للأبحاث العلمية حيث أن فولتا قام بأولى تجاربه في مدينة كومو معتقداته الدينيّة. نشأ فولتا كمسيحي كاثوليكي وحافظ بجميع مراحل حياته على إيمان قوي وحضور بالكنيسة. منشوراته. De vi attractiva ignis electrici (1769) (في القوة الجاذبة للنار الكهربائيّة) تشيزري بورجا أو سيزار بورجيا ( 1475 م - 1507 م ) . مغامر إيطالي . تشيزَري بورجا الملقب بالدوق فالنتينو (روما،13 سبتمبر1475 - فيانا،12 مارس 1507) كوندوتييرو وكاردينال ورئيس أساقفة كاثوليكي إيطالي، اشتهر بأن نيكولو مكيافيلي استوحى من شخصيته صورة "الأمير". يتفق المؤرخون في أنه يمثل تجربة سياسة في غاية الأهمية، بفضل مؤسسة المحاكم التي تمكنت من إعادة النظام إلى منطقة رومانيا، فلانعدام وجود الدولة، كانت رومانيا في حالة من الفوضوية، وكانت القوات الفوضوية هي تلك الأرستقراطية. ضرب دوق فالنتينو رومانيا بقدر كبير من الوحشية ؛ لم يجلب الدوق النظام والاستقرار فحسب، بل أيضاً العدل والمحاكم. بعد نزول لويس الثاني عشر في إيطاليا، يـُذكر الدوق فالنتينو أيضاً في فساد كنيسة أن يطلب رأسها البابا من لويس الثاني عشر نفسه مملكة لابنه. ( كان تشيزري بورجا جندياً مغامراً ، متفاخراً متهوراً ، وابن البابا إسكندر السادس ، وقد فكّر في توحيد كل الدول الإيطالية في اتحاد كونفيدرالي . ولكن جهده كان عبثاً ، لأن الدول نفسها لم تكن راغبة في ذلك . وقد تورط في مختلف أنواع المشاكل بسبب تصرفه العدائي ، وكثيراً ما أنقذ والده حياته . فلما توفي البابا سنة 1503 م خلفه البابا يوليوس الثاني الذي لم يكن متفهماً ومتساهلاً معه . وعلى الرغم من محاولاته توحيد الدول معاً ، اضطر تشيزري بورجا إلى مغادرة إيطاليا كلياً ، وكانت نهايته في حصار نافاريه سنة 1507 م ) . حياته. الثاني من أربعة أبناء للكاردينال رودريغو بورجا وهو البابا إسكندر السادس مستقبلاً (1492-1503) من والدته فانوتسا كاتاني (تشيزري وجوفاني و لوكريسيا وغوفريدي)، وجـّـهـَهُ والده نحو السلك الكنسي الذي بفضله رسخت الأسرة أقدامها. في الواقع إن آل بورجا بلنسيو الأصل، وصلوا إلى روما قبل حوالي ثلاثين عاماً في متتبعين الكاردينال ألفونسو الذي صار البابا باسم كاليستوس الثالث من عام 1455 حتى 1458 طلباً للمناصب والحظ. قام الوالد المنتخب حديثاً لمنصب البابا بتعيينه وهو ما زال صغيراً ولم يتلق أبداً أوامر الكهنوتية أسقفاً لبلنسية بالأبرشية التي كانت له وقبل ذلك لخاله كاليستوس الثالث. لكن تشيزري لم يذهب أبداً لشغل المطرانية، خصوصاً أنه تم تعيينه كاردينالاً بعد عام في 20 سبتمبر 1493، وحاكماً عاماً ومبعوث رسولي في أورفييتو سنة 1495. لم تجتذبه كثيراً حياة رجال الدين فقد كان ميالاً أكثر بكثير للحياة العسكرية، في سنة 1497 (العام الذي يـُقال أن شقيقه جوفاني دوق غانديا العزيز على والده قد قـُتل) طلب من الوالد البابا الحصول على إعفاء من الحياة الكنسية وخلع اللباس الكاردينالي، وتحول في العام التالي إلى فرنسا حاملاً للملك الجديد لويس الثاني عشر الإلغاء البابوي للزواج السابق واللباس الكاردينال للوزير جورج دامبواز. كان ذلك لقاء الزواج من شارلوت دالبير ابنة شقيقه ملك نافارا، وتلاه تنصيبه دوقاً لفالنتينوا. فلـُقـّب "دوق فالنتينو". الاستيلاء على فورلي وإيمولا. شارك في السنوات التالية في حرب دموية بأراضي رومانيا الخاضعة آنذاك لسلطة البابوية، استعمل الدبلوماسية تارة والعنف تارة أخرى لإقصاء العديد من النبلاء المحليين ولإقامة دولة موحدة وقوية. جرت الحملة الأولى على رومانيا 21 نوفمبر 1499 بجيش مكتظ بالجنود المشاة والمرتزقة من مختلف المقاطعات والبلدان، فأخضعت إيمولا في 11 ديسمبر. وفي يناير هزم الدوق فالنتينو كاتيرينا سفورزا حاكمة تلك الأراض، التي تـُحـَصنت لمدة ثلاثة أسابيع في قلعة فورلي على رأس 2،000 رجل. رغم شراسة وصمود المحارب اللذان أبدتهما كاتيرينا تم أسرها وأُخذت فورلي بحصار الغزاة الذين استباحوها بأعمال وحشية لم يسبق لها مثيل. هكذا تمكن الدوق من تنصيب نفسه على المدينة، مستضافاً من النبيل الفورلي لوفو نوماي المستشار السابق لكاتيرينا نفسها. الفتوحات التالية. ثم أطلق تشيزري ممثل ملك فرنسا لويس الثاني عشر حملته الرومانية الثانية على ريميني ورافينا وتشيرفيا وفاينسا وبيزارو، بموافقة رسمية على هذه الخطوة لأن البابا كان قد انقلب على حكام تلك المدن عبر مرسوم، فاتهم بسلبها من السلطة البابوية. استسلمت تشيزينا في 2 أغسطس 1500 ثم تبعتها ريميني وفاينسا حيث أُسقط حكام آل مالاتيستا وآل مانفريدي. في سنة 1502 تتطلع تشيزري للمزيد، وأهدافه هذه المرة دوقيتي كاميرينو وأوربينو طارداً منها آل فارانو وآل مونتيفلترو. صار دوق فالنتينو الآن في غاية القوة، يبغضه حتى بعض أهم كوندوتييريه، الذين حاكوا مؤامرةً ضده بأكتوبر من ذات العام في قلعة فرسان الهيكل في ماجوني قـُرب بيرودجا، وكانت كما قالوا تفادياً لأن "يلتهمهم التنين واحداً تلو الآخر". اكتشفهم تشيزري وتصرف بمكر : تركاً معقله في كاميرينو، تظاهر بالعفو عن المتآمرين بكلمات مطمئنة في حين أنه ينوي للانتقام. في غضون ذلك احتل سينيغاليا التي يحكمها دوقات آل ديلا روفيري، أُقـِيم "عشاء سينيغاليا" مساء يوم 31 ديسمبر : ما بين العناق والمجاملات دعى بورجا المتمردين إلى العشاء في قصر المدينة المستولى عليها للتو. وفي فجر الأول من يناير 1503 هوجم فيتيلوتسي فيتيلي وأوليفيروتو دا فيرمو وقـُتلا. السقوط. بات تشيزري الآن سيد رومانيا بلا منازع، ويفكر في بسط سلطانه على مدن سيينا وبيزا ولوكا التوسكانية، إلا أنه بموت الوالد البابا إسكندر السادس في18 أغسطس سنة 1503 بسن 73 عاماً توقف الدعم للإبن ؛ ليس أكيداً بعد إن كان بسبب حمى الملاريا أو جراء تعرضه للتسمم : وقد مرض تشيزري في نفس الحادثة، وظل لفترة من الزمن عاجزاً عن أخذ التدابير التي يتطلبها الوضع. في عام 1503 استضاف أهل مونتيليوني دورفييتو قواتـِه لمدة 10 أيام طويلة، جالبين الجوع تلك البلدة الصغيرة. دخل دوق فالنتينو في أزمة بوفاة إسكندر السادس : بعد بابوية بيوس الثالث القصيرة، واستلمها من الكاردينال فرانشيسكو بيكولوميني ابن أخ البابا بيوس الثاني، بمكائد الكونكلافي انتصر الكاردينال جوليانو ديلا روفيري، عدو آل بورجا اللدود الذي حصل على تاج البابا وكان قد انتخب في أكتوبر من ذلك العام باسم يوليوس الثاني. يقول مكيافيلي في كتاب الأمير أنه ما كان ينبغي على بورجا السماح بانتخاب عدو له مادامت لديه سلطة. ولكن التاريخ لا يتعامل مع كلمة "لو"، ونزع البابا الجديد المتقشف وقوي الإرادة وغير المعتاد على الطرق الدبلوماسية عن دوق فالنتينو حكومة رومانيا أمراً باعتقاله في كاستل سانتانجلو. النهاية. فر مرة دون جدوى محاولاً اللجوء إلى نابولي لينظم من هناك حملة لإستعادة نفوذه : فقد رَحـَّلـَه البابا إلى أيادي فرناندو الثاني ملك أراغون في إسبانيا، حيث حـُبـِس دوق فالنتينو أولاً في قلعة سنسيليا ثم في حصن لا موتا بمدينة دل كامبو. تمكن من الفرار سنة 1506 بعملية جريئة ولجأ إلى مملكة نافارا الصغيرة. مات وهو يقاتل من أجل صهر خوان الثالث دي ألبرت ملك نافار بحصار فيانا في ليلة الثاني عشر من مارس عام 1507. دفنت جثة دوق فالنتينو في كنيسة فيانا يمين المذبح الرئيسي، ولكن الرفات لم تظل في هذا المكان لوقت طويل، لأن أسقف بامبلونا أراد نبشها ليـُعاد دفنها في أرض مدنسة، وانتهى أمر العظام بتفريقها. تيودور ماكسميليان بلهارس (زيغمارينغن 1825 - القاهرة 1862) طبيب ألماني، ومكتشف طفيل البلهارسيا. ولادته ونشأته. ولد تيودور بلهارس في 23 مارس 1825 في ألمانيا. ودرس الطب في جامعة توبنجن في الفترة من 1845- 1849. في سنة 1850 قابل عميد مدرسة الطب بمصر، فيلهلم جريزنجر الألماني، فأقنعه بالسفر إلى مصركمساعد له، ثم أصبح كبير الأطباء بالعديد من مستشفيات القاهرة. وكذلك ألقى بلهارتس محاضرات في مدرسة الطب بمصر حتى أصبح أستاذًا للتشريح، وطابت له الإقامة في مصر، واتصل بالبيئة المصرية وأتقن اللغة العربية، وتوجه لدراسة الآثار المصرية . قصة اكتشاف البلهارسية. اكتشف بلهارتس أن كثيرا من المصريين مصابون بهذا المرض وأنه يستنزف قواهم من زمن بعيد، ففي 1851 اكتشف دودة من النوع الماص سميت فيما بعد بلهارسية، وقد عثر عليها في الدم والكبد، ويبلغ طول الدودة سنتيمتر واحد. وفاته. في مارس 1862، صاحب تيودور بلهارس الأمير هرتسوج إرنست فون كوبورج-جوثا في زيارته لمصر والحبشة، حيث انتقل إليه مرض التيفوس بالعدوى من إحدى المريضات اللائي كان يعالجهن في الحبشة وتوفي بعدها بأسبوع في القاهرة 1862 وعمره 38 سنة. معهد تيودور بلهارس للأبحاث. تكريماً لدوره الهام في اكتشاف طفيل البلهارسيا والذي يمثل مشكلة صحية كبري في مصر، قامت الحكومة المصرية بإنشاء معهد بحثي متخصص في مجال مكافحة أمراض الكبد المتوطنة والمزمنة ومضاعفاتها وسمي معهد تيودور بلهارس للأبحاث. ويقع المعهد بمنطقة الوراق بمحافظة الجيزة. سبب تسمية بلهارسية. قد سميت بلهارسية نسبة الي العالم بلهارس وقد سمها بهاذا الاسم العالم باخ لتكريم العالم بلهارس لأكتشافة هذا المرض وقد كان سماه تيودور باسم اخر ولكن العالم تيودور بلهارس قد اكتشف ذكر البلهارسيا فقط عند تشريحة لمريض مصاب وكان الديدان توجد في الكبد. الكساد الكبير أو الانهيار الكبير (بالإنجليزية Great Depression) هي أزمة اقتصادية حدثت في عام 1929م ومروراً بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة بأمريكا ويقول المؤرخون أنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمسمى بالثلاثاء الأسود. وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول تقريباً الفقيرة منها والغنية، وانخفضت التجارة العالمية ما بين النصف والثلثين، كما أنخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح. أكثر المتأثرين بالأزمة هي المدن وخاصة المعتمدة على الصناعات الثقيلة كما توقفت أعمال البناء تقريباً في معظم الدول، كما تأثر المزارعون بهبوط أسعار المحاصيل بحوالي 60% من قيمتها. ولقد كانت المناطق المعتمدة على قطاع الصناعات الأساسية كالزراعة والتعدين وقطع الأشجار هي الأكثر تضرراً وذلك لنقص الطلب على المواد الأولية بالإضافة إلى عدم وجود فرص عمل بديلة، وأدت إلى توقف المصانع عن الإنتاج, وتشردت عائلات بكاملها وصارت تنام في أكواخ من الكرتون وتبحث عن قوتها في مخازن الأوساخ والقمامة، وقد سجلت دائرة الصحة في نيويورك أن أكثر من خُمس عدد الأطفال يعاني من سوء التغذية. وكانت أمريكا قد بدأت بازدهار اقتصادي في عقد العشرينات ثم ركود أعقبه الانهيار الكبير عام 1929م، ومن ثم عودة الكساد عام 1932م. وبعد انهيار مصفق وول ستريت كان مايزال التفاؤل سائداً وقال رجل الصناعة الشهير جون روكفيلير:«خلال هذه الأيام يوجد الكثير من المتشائمين ولكن خلال حياتي التي امتدت لثلاثة وتسعين عاماً كانت الأزمات تأتي وتذهب ولكن يجب أن يأتي الازدهار بعدها دائماً». بدأت الأزمة في الزوال في كل الدول في أوقات مختلفة وقد أعدّت الدول برامج مختلفة للنهوض من الأزمة وكانت قد تسببت الأزمة في اضطرابات سياسية دفعتها لتكون إما من دول اليمين أو اليسار ودفعت أيضاً المواطنين اليائسين إلى الديماجوجية - ومن أشهرهم أدولف هتلر - وكانت هذه من أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية كانت الأزمة قد بدأت مع انهيار مفاجئ وكامل للبورصة ومع أن الأسهم في ابريل 1930 بدأت في التعافي والرجوع لمستويات بدايات عام 1929 إلا أنها ظلت بعيدة عن مستويات شهر سبتمبر 1929 بحوالي 30% ومع أن الإنفاق الحكومي زاد خلال النصف الأول لعام 1930 إلا أن إنفاق المستهلكين قل بنسبة 10% وذلك بسبب الخسائر الفادحة بسوق الأسهم بالإضافة إلى موسم جفاف شديد عصف بالأراضي الزراعية الأمريكية في بداية موسم الصيف لعام 1930 وعرف بموسم قصعة الغبار. وفي بدايات عام 1930 كان الأئتمان وفيراً وبمعدل فائدة قليل إلا أن الناس كانت محجمة عن إضافة ديون أخرى بالاستدانة، وفي مايو 1930 كانت مبيعات السيارات قد انخفضت لمستويات منتصف 1928، وبدأت الأسعار في التراجع إلا أن الرواتب ظلت ثابتة ولكنها لم تصمد طويلاً وانخفضت بمنتصف عام 1931، أما المناطق الزراعية فكانت الأكثر تضرراً بهبوط أسعار السلع عامة ومن ناحية أخرى كانت الأزمة في مناطق التعدين ومناطق قطع الأخشاب بسبب البطالة وعدم وجود فرص عمل بديلة. كان انكماش الاقتصاد الأمريكي هو العامل في انكماش اقتصاديات الدول الأخرى وفي محاولات محمومة طبقت بعض الدول سياسات وقائية فبدأت الحكومة الأمريكية عام 1930 بفرض تعرفات جمركية على أكثر من 20,000 صنف مستورد وعرفت باسم تعريفة سموت هاولي وردت بعض الدول بفرض تعرفات انتقامية مما زاد من تفاقم انهيار التجارة العالمية وفي نهاية عام 1930 واصل الانهيار بمعدل ثابت إلى أن وصل إلى القاع في شهر مارس 1933. الأسباب. نتج الكساد عن عجز الدولة في زيادة السيولة المالية بالسوق لمواكبة الطلب المتزايد، بالإضافة لعدم مواكبة الدولة للحاجة الماسة لتخفيض الضرائب الذي كان من شأنهِ أن يحمي السوق من انهيار معدلات الاستثمار، بالتالي انخفضت السيولة المالية في السوق وحدث الكساد. يعود حدوث الأزمات الاقتصادية في الدول الرأسمالية إلى أن النظام الحر يرفض أن تتدخل الدولة للحد من نشاط الأفراد في الميدان الاقتصادي فأصحاب رؤوس الأموال أحرار في كيفية استثمار أموالهم وأصحاب الأعمال أحرار فيما ينتجون كماً ونوعاً. وهذا ما يمكن أن نسميه فقدان المراقبة والتوجيه. وتستتبع الحرية الاقتصادية حرية المنافسة بين منتجي النوع الواحد من السلع. كما أن إدخال الآلة في العملية الاقتصادية من شأنهِ أن يضاعف الإنتاج ويقلل من الحاجة إلى الأيدي العاملة. وبالتالي فإن فائض الإنتاج يحتاج إلى أسواق للتصريف. وعندما تختل العلاقة بين العرض والطلب في ظل انعدام الرقابة تحدث فوضى اقتصادية تكون نتيجتها الحتمية أزمة داخل الدولة الرأسمالية. ومن أسباب الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية عدم استقرار الوضع الاقتصادي وسياسة كثافة الإنتاج لتغطية حاجات الأسواق العالمية خلال الحرب العالمية الأولى بسبب توقف المصانع في بعض الدول الأوروبية بعد تحولها إلى الإنتاج الحربي وعودة الكثير من الدول إلى الإنتاج بعد انتهاء الحرب والاستغناء عن البضائع الأمريكية. لهذه الأسباب تكدست البضائع في الولايات المتحدة وتراكمت الديون وأفلس الكثير من المعامل والمصانع وسرح العمال وانتشرت البطالة وضعفت القوة الشرائية وتفاقمت حينها المشاكل الاجتماعية والأخلاقية. إضافة إلى ذلك أثار تلكؤ الدول الأوروبية في تسديد الديون المتوجبة عليها للولايات المتحدة الأمريكية كثيراً من التكهنات عند المواطن الأمريكي، ففقد المستثمرون الأمريكيون والأجانب الثقة في الخزينة الأمريكية. وانعكس ذلك على بورصة وول ستريت إذ أقدم المساهمون في الشركات الكبرى على طرح أسهمها للبيع بكثافة. وأدى ذلك إلى هبوط أسعار الأسهم بشكل حاد وجر مزيداً من الإفلاس والتسريح والبطالة. المعالجة. بدأ الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة في عام 1933 مع سياسة العهد الجديد التي وضعها الرئيس فرانكلين روزفلت، حيث نصت سياسة العهد الجديد على وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933 وإعادة فتح المصارف السليمة، وإصدار القوانين عامي 1933 و1935 التي تمنع المصارف من التعامل بالأسهم والسندات. وكذلك إنشاء مؤسسات لرعاية ضحايا الأزمة الاقتصادية من العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى إصدار قوانين تحقق الاستقرار في قطاع الزراعة وإصدار قانون الإصلاح الصناعي عام 1933، وتصحيح استخدام الأوراق المالية من خلال إنشاء لجنة تبادل الأوراق المالية عام 1934م. اقتضى البدء بمعالجة الأزمة توافر السيولة المالية لتحريك السوق ولتأمين السيولة لذلك وجب سحب الودائع الأمريكية من المصارف العالمية وخصوصا الأوروبية. هذا الإجراء أسهم في انفراج الأوضاع الاقتصادية الأمريكية إلى حد ما ولكنه أسهم في تدويل الأزمة فانتقلت إلى سائر الدول الرأسمالية في العالم وخصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا وتبنى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت سياسة اقتصادية جديدة تقوم على الدخول في مشاريع كبرى بهدف تشغيل أكبر عدد ممكن من العمال لحل مشكلة البطالة وتم لأجل ذلك إنشاء مكاتب التوظيف والتوسع في المشاريع الإنمائية والاجتماعية. لقد ركزت حملة الانتخــابات الرئاسيـة لسنة 1932 على الأسباب والحلـول الممكنة للخروج من الكساد الكبير. وكان هربرت هوفر، الرئيس الأمريكي الجمهوري في ذلك الوقت سيء الحظ حيث حدثت كارثة الكساد الكبير بعد دخوله البيت الأبيض بحوالي ثمانية أشهر فقط، أما فرانكلين روزفلت المرشح الديموقراطي للبيت الأبيض فقد هاجم الجمهوريين بشدة، وذكر ان هذه الكارثة حدثت بسبب سياسات الجمهوريين خلال العشرينات. وبعد أن اسفرت الانتخابات الرئاسية عن فوز ساحق لروزفلت الديموقراطي على هربرت هوفر الجمهورى، وبذلك استعدت الولايات المتحدة للدخول في مرحلة جديدة من التغيير السياسي والاقتصادي. وفي عام 1933 أعلن الرئيس الجديد روزفلت، عن برنامجهِ الاقتصادي المعروف باسم The New Deal، ومما أثار دهشة المحللين والمراقبين هو السرعة التي نفذت فيها خطة الـ New Deal، والتي عادة تستغرق اجيالاً لتطبيقها. وعندما استلم السلطة كان النظام المصرفى والائتماني في حالة شلل تام، وكانت المصارف مغلقة، فأمر روزفلت بفتح المصارف التي لم تتعرض للإفلاس بشكل تدريجي، واعتمدت الحكومة سياسة معتدلة تجاه تضخم العملة، وتوفير الإغاثة لبعض المدينين، في حين وفرت الحكومة تسهيلات ائتمانية سخية إلى الصناع والمزارعين، وسنت أنظمة مشددة على بيع الأوراق المالية في البورصات. وقد توجهت أول خطوات الإصلاح الاقتصادي نحو العاطلين عن العمل من خلال تشريع سَنَهٌ مجلس الكونغرس وتضمن ايصال المساعدة للشباب العاطلين عن العمل الذين تقع اعمارهم بين 18 و25 سنة، ولقد سمى هذا المشروع بـ Works Progress Administration أو الـ WPA ويهدف المشروع إلى توجيه تلك القوى العاطلة تجاه العمل في المشروعات الحكومية الخاصة بالبنية التحتية وتشييد المبانى والطرق، وقد اشترك حوالى مليوني شاب بهذا البرنامج الذي عمل بهِ في شهر نوفمبر من عام 1933 ووقف عن العمل في عام 1934م. نتائج الأزمة. تركت الأزمة الاقتصادية الكبرى تأثيراً كبيراً في الأنظمة الرأسمالية فقد تحول النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر إلى اقتصاد موجه وخضعت بعض القطاعات الحيوية كشركة إنتاج الفحم الإنجليزية وشركة المترو الفرنسية لنظام التأميم. كما تدخلت الدولة لتوجيه الصناعيين والمزارعين والمستثمرين وتوعيتهم. وأسهمت الأزمة في وصول الأنظمة الدكتاتورية إلى السلطة في بعض البلدان كالنازية في ألمانيا. وأغلقت أسواق كثيرة في وجه التجارة العالمية وتوقف التبادل التجاري واتبعت دول كثيرة سياسة الاكتفاء الذاتي مثل النظامين الفاشي في إيطاليا والنازي في ألمانيا. كما أن انهماك الكثير من الدول في معالجة أزماتها الاقتصادية جعلها تغفل عن خطورة ما يجري على الصعيد العالمي من انتهاك لقرارات المنظمة الدولية وعودة إلى مبدأ التسلح وخرق المعاهدات الدولية ولقد قوت الأزمة بطريقة غير مباشرة النظام الشيوعي الذي لم يتأثر بها بغض النظر عن أزماته الداخلية. هكذا كانت الأزمة الاقتصادية الكبرى نتيجة من نتائج الحرب العالمية الأولى وسبباً من أسباب قيام الحرب العالمية الثانية. التم الأسود طير مائي يعيش في غرب أستراليا، ينتمي إلى عوائل البط، الوز، يزن الطير البالغ 9 كيلو غرام والأوز الأسود من الطيور التي لا تهاجر، يقضي حياته في بيئته التي تواجد فيها. والتم الأسود يعود اسمها إلى لون ريشه. التصنيف. الأوزة سوداء وصفت باسمها علميا باللغة الإنجليزية في عام 1790. وكان سابقا وضعت في جنس monotypic، Chenopis. الاسم الشائع 'سوان' هو مصطلح الحياد بين الجنسين، ولكن 'كوز' بالنسبة للذكور و'القلم' لامرأة تستخدم أيضا، كما هو 'سيغنيت' للشباب. لأسماء الجماعية تشمل 'بنك' (على أرض الواقع) و'إسفين' (في الرحلة). الأوز الأسود يمكن العثور عليها منفردة، أو في المجموعات التي وصل عددها إلى مئات الآلاف. الوصف. التم الأسود في المقام الأول طائر أسود الريش، وفي الريش توجد حلة بيضاء. المنقار لونه أحمر زاهي، مع شريط شاحب وغميض؛ والساقان والقدمان ذات لون أسود. الذكور أكبر قليلاً من الإناث وأطول وأكثر استقامة. الطيور الصغيرة غير الناضجة تكون رمادي مائلة إلى البني الشاحب. يتراوح طول البجعة ما بين 110 و142سم ويزن ما بين 7 إلى 9.3 كلغ، المدى بين جناحيها يتراوح من 1.6 متراً إلى مترين ورقبته هي الأطول بين أنواع الإوز كلها، وتكون منحنية على شكل (S). صوت الإوزة السوداء يشبه صوت بوق موسيقي بعيد المدى، خصوصاً عندما تقاتل وتكون مضطربة. الإوزة السوداء لا تشبه أي طير من طيور أستراليا الأخرى لكن الناس تخلط بينها وبين العقعاق. التوزيع. وتشير التقديرات ان يصل عددها إلى 500.000 فرد على نطاق واسع. النمل الناري هو أحد أنواع النمل اللاسع، تقوم كل مستعمرة ببناء تلة كبيرة في مناطق مفتوحة، تتغذى على النباتات والبذور، تستطيع مهاجمة الحيوانات وقادرة على قتلهم، ولها لسعة قوية مؤلمة للإنسان والعوارض الجانبية للسعة ممكن أن تكون قاتلة للبعض. وقد عرف النمل الناري بخطورته وآذاه للإنسان، وخاصة في أمريكا. تعد النملة النارية أحد أنواع النمل التي تسبب لسعتها ألم وحرقة، توجد 5 أنواع منها في جنوب الولايات المتحدة. تبني بيوتها لارتفاع 60 سم، تتراوح ألوانها ما يبن الأحمر والبني. المظهر الخارجي. مثل باقي الحشرات، يتكون جسم نمل النار من ثلاثة اقسام الرأس، قطعة الصدر، قطعة البطن، وله ثلاثة ازواج من الارجل وزوجين من قرون الاستشعار. ويتميز عن الأنواع الاخرى من النمل برأسه وصدره ذو اللون البني النحاسي ولون بطنه القاتم. النمل العامل من نمل النار يتميز بلونه الأسود الي الأحمر بينما يكون حجمه من 2 : 6 مللم علما بأن عش النمل قد يحتوي عدة احجام متباينة. النمل من نوعية solenopsis spp. يمكن التعرف عليها من خلال الجسم ذو الثلاث قطع، ساق ذو عقدتين، وقرون استشعار من عشر قطع. السلوك. يبني نمل النار أكواما لمستعمراته في المناطق المفتوحة، ويتغذي غالباً علي النباتات الصغيرة، البذور، وأحيانا الصراصير. عادة ما يهاجم نمل النار الحيوانات الصغيرة وبإمكانه قتلها. فبخلاف الأنواع الاخرى من النمل التي تعض ثم تقوم برش حمض على جرح العضة؛ يقوم نمل النار بالإمساك واللسع من بطنه وذلك بحقن مادة قلوية سامة تسمي سولنبوسين، وهي مركب من شعبة الببردين. لسعة النمل الناري مؤلمة للإنسان كما يماثل الشعور باللسع بالنار ولهذا سمي بنمل النار. تأثير اللسعة قد يكون قاتلاً بشكل خاص لمن يعانون من الحساسية. المادة التي يحقنها النمل عبارة عن قاتل للحشرات ومضاد حيوي. وقد توقع الباحثون ان النمل الحاضن من النمل الناري يقوم برش تلك المادة على البيض لحمايته من الميكروبات. عش نمل النار في التربة غالبا ما يكون قريباً من الأماكن الرطبة مثل ضفاف الأنهار، حواف البرك، المروج الخضراء التي تسقى بشكل مستمر وجوانب الطرق السريعة. غالبا لا نستطيع رؤية اعشاشه حيث انها تكون تحت الأشياء مثل الصخور والطوب. وإذا لم يكن هناك غطاء للعش يبني النمل اكواماً على شكل قبة ولكنها توجد فقط في الأماكن المفتوحة مثل الحقول والحدائق، علما بان ارتفاع الاكوام قد يصل إلى 40 سم وقد تصل إلى عمق 1.5 متر. العش قد يحتوي مجموعة من الملكات أو واحدة فقط. وحتى عند وجود ملكة واحدة في العش فقد تصل اعداد المستعمرة إلى عدة آلاف خلال شهر واحد. أفراد المستعمرة. الملكة. هي أكبر افراد المستعمرة حجما ووظيفتها الأساسية التكاثر وتعيش لمدة من 6 :7 سنوات وتنتج حتي 1500 بيضة/يوم الذكور. تتكاثر مع الملكة لإنتاج النسل وعمرها لا يزيد عن 4 ايام العمال. اناث عقيمة ووظيفتها البناء وصيانة العش ورعاية النسل الصغير والدفاع عن العش واطعام النمل الصغير والكبير عرض الأنواع. بالرغم من أن معظم أنواع نمل النار لا يزعج الناس حيث انها غير مهاجمة نظراً لعوامل بيولوجية، الا ان النوع Solenopsis invicta الذي يعرف في الولايات المتحدة بنمل النار الأحمر المستورد (ريفا)، هو نمل مهاجم، ويوجد في عدة أماكن في العالم مثل أستراليا، الفلبين، الصين، تايوان ولكنه يوجد بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد دخل إلى الولايات المتحدة صدفة وذلك على متن سفينة بضائع من أمريكا الشمالية والتي رست في ميناء موبيل بولاية ألاباما في الثلاثينيات من القرن الماضي ولكن الآن يوجد نمل النار في الجنوب والجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية. في الولايات المتحدة رصدت منظمة الغذاء والدواء انفاق أكثر من 5 مليارات دولار سنويا في مكافحة النمل في المناطق المصابة وخسائر حوالي 750 مليون دولار في الزراعة والإنتاج الحيواني والماشية والمحاصيل الميتة بسبب النمل. هناك أكثر من 40 مليون مواطن يعيشون في المناطق المصابة في الجنوب الشرقي للولايات المتحدة. ما بين 30:60% من القاطنين بالمناطق المصابة تعرضوا للسع. منذ سبتمبر 2004 اصيبت تايوان بشكل كبير بالنمل الناري. تبذل الولايات المتحدة الأمريكية وتايوان وأستراليا مجهودًا متصاعدًا لمكافحة النمل والتخلص منه، ولكن لم تظهر نتائج فعالة الا في أستراليا، والتي انفقت 175 مليون دولار أسترالي في برنامج مكافحة مكثف في فبراير 2007 أدى إلى التخلص من 99% من نمل النار من منطقة العدوى الأساسية في جنوب شرق كوينز لاند. الأعراض والإسعافات الاولية. الاعراض. يفرز نمل النار عند اللدغ قلويات مثل البيبريدين (انظر أيضا Solenopsis saevissima)، فينتفخ مكان اللسعة وقد يتورم مسببا التهابا والماً أكبر في بعض الأوقات، وخاصة عندما تلسع الشخص أكثر من نملة. غالبا ما يتحول الورم إلى بثرة بيضاء وقد تصاب بعدوى بكتيرية عند الهرش، أما إذا لم تهرش فانها تختفي في غضون ايام قليلة. تكون البثرات غير مريحة ومؤلمة نوعا ما، ولو أصيب بالعدوى يمكن ان تتحول إلى ندبات. علما بان بعض الأشخاص قد تكون لديهم حساسية للدغة النمل مما قد يؤدي إلى صدمة anaphylaxis مما يتوجب علاجًا فوريًا بمضاد للهيستامين أو مرهم كورتيكوسترويد لتقليل الهرش. الإسعافات الاولية. الإسعافات الأولية للدغات نمل النار تشمل العلاجات الخارجية (الموضعية) والجهازية. يجب على المصابين بلدغة نمل النار والذين يعانون من اعراض خطيرة تهدد الحياة (ورم كامل في الجسم، ضيق تنفس، إحمرار كامل بالجسم، اغماء، رغبة في القيء ، تعرق بكميات كبيرة، فقدان القدرة على النطق) زيارة الطبيب أو المستشفى بسرعة للوقاية من خطر الوفاة. العدو الطبيعي. يعد النوعان Pseudacteon tricuspis و Pseudacteon curvatus من عائلة ذباب ذو سنام ظهري (وهي عائلة للذباب صغير الحجم تشبه ذباب الفاكهة) قاتلة لحشرات نمل النار حيث انها - الذبابة - طبيعيا في نطاق أمريكا الشمالية. هناك حوالي 110 نوع من جنس من نوع Pseudacteon أو كما يسمى قاطع رأس نمل النار، حيث يتكاثر افراد هذين النوعين بوضع البيض في منطقة الصدر لنمل النار. الطور الأول من اليرقات يخرج من البيض ليهاجر إلى رأس النملة ثم يكبر بالتغذي على سائل الهيموليمف والعضلات والجهاز العصبي للنملة، وبعد حوالي اسبوعين يتسبب بسقوط رأس النملة وذلك بإطلاق انزيم يذيب الغشاء الذي يثبت رأس النملة بجسمها. وتتحول إلى حشرة في الطور الانتقالي pupa في قطعة الرأس المنفصلة وتحتاج أسبوعين آخرين قبل أن تنتقل للطور التالي. ذباب Pseudacteon قد وزع بشكل كبير في جنوب الولايات المتحدة في تكساس بداية بمقاطعات ترافيس، برازوس، دالاس، أيضا في موبيل، ألاباما. الأنواع. قائمة بأنواع النمل الناري، مع تاريخ اكتشافها على اليمين: السؤال حول ماهية أكبر مدينة في العالم هو سؤال معقد، ببساطة هناك عدة طرق يمكن أن نحدد بها معني "المدينة"، أحدها هو مفهوم التجمع الحضري أو "منطقة ميتروبوليتان" والتي تعني المنطقة التي تتركز فيها مناطق أو تجمعات صناعية أو أسواق تستقطب العاملة من المناطق المجاورة وتشكل منطقة حضرية كبيرة. الجدول التالي يوضح جميع المناطق أو الأقاليم أو المدن الميتروبوليتان والتي يزيد عدد قاطنيها عن 3 ملايين نسمة والأراضي التي تتبعها. الحرب البونية -أو البونيقية- الأولى (منذ عام 264 حتى عام 241 قبل الميلاد) هي أولى الحروب البونية الثلاث التي اندلعت بين قرطاج وروما، القوتان الرئيسيتان في غرب المتوسط خلال أوائل القرن الثالث قبل الميلاد. استمرت الحرب 23 عامًا، وهي أطول صراع مستمر وأكبر حرب بحرية في تلك الفترة القديمة. تحارب الطرفان لتحقيق السيادة والهيمنة، تحديدًا على جزيرة صقلية الواقعة في البحر المتوسط والمياه المحيطة بها، وفي شمال أفريقيا أيضًا. هُزم القرطاجيون بعدما مُني الطرفان بخسارات مادية وبشرية هائلة. بدأت الحرب عام 264 قبل الميلاد جراء استحواذ الرومان على موطئ قدم لهم في جزيرة صقلية إثر معركة مسيانا (مسينة حاليًا). ثم ضغط الرومان على سرقوسة (أو سيراكوز)، وهي آخر طرف مستقل قوي على الجزيرة، للتحالف معهم وحصار القاعدة الرئيسة للقرطاجيين في أكراغاس. حاول جيش قرطاجي ضخم فك الحصار عام 262 قبل الميلاد، لكنه هُزم شر هزيمة في معركة أكراغاس. بنى الرومان بعدها أسطولًا بحريًا لتحدي قوة قرطاج البحرية، واستخدموا تكتيكات جديدة أوقعت خسائر عديدة بالتحديد خلال معركة خليج إكنوموس، مع إجمالي إجمالي بلغَ حوالي 680 سفينة حربية تحمل ما يصل إلى 290.000 من أفراد الطاقم ومشاة البحرية، تعتبر معركة خليج إكنوموس أكبر معركة بحرية في التاريخ من حيث عدد القوات المُشارِكة. استولى الرومان على قاعدة قرطاجية في كورسيكا، لكنهم لم ينجحوا في الهجوم على سردينيا، ثم خسر الرومان القاعدة التي احتلوها سابقًا في كورسيكا. استغل الرومان ميزة انتصاراتهم البحرية، فشنوا حملة على شمال أفريقيا، وأصبح القرطاجيون محاصرين. هُزم القرطاجيون مجددًا في معركة رأس إكنوموس، وربما كانت تلك أضخم معركة بحرية في التاريخ بناءً على عدد المقاتلين المشاركين فيها. سار الغزو بشكل جيد في البداية، وفي عام 255 قبل الميلاد، دعى القرطاجيون إلى عقد سلام، فكانت الشروط المقترحة قاسية جدًا لدرجة دفعت القرطاجيين إلى استكمال الحرب وهزم الغزاة. أرسل الرومان أسطولًا لإجلاء الناجين منهم، لكن القرطاجيين اعترضوا الأسطول في معركة رأس هيرمايوم على سواحل أفريقيا، فهُزم القرطاجيون هزيمة نكراء. في المقابل، دُمر الأسطول الروماني إثر عاصفة وقعت أثناء عودة الأسطول إلى إيطاليا، فخسر الرومان معظم سفنهم ولقا أكثر من 100 ألف رجل حتفهم. استمرت الحرب لكن لم يستطع أي طرف إحراز تقدم حاسم. هاجم القرطاجيون أكراغاس واستولوا عليها مجددًا عام 255 قبل الميلاد، لكنهم هدموها وهجروها لاعتقادهم أنهم لن يستطيعوا المحافظة عليها. أعاد الرومان بناء أسطولهم بسرعة، فأضافوا 220 سفينة جديدة، واستولوا على بانورموس (باليرمو حاليًا) عام 254 قبل الميلاد. في العام التالي، خسر الرومان 150 سفينة في عاصفة أخرى. في عام 251، حاول القرطاجيون الاستيلاء مجددًا على بانورموس، لكنهم هُزموا في معركة خارج أسوار المدينة. احتل الرومان معظم صقلية ببطء، وفي عام 246 قبل الميلاد، حاصروا أخر حصنين قرطاجيين –في أقصى الغرب. شن الرومان أيضًا هجومًا مفاجئًا على الأسطول القرطاجي، لكنهم هُزموا في معركة دريباناي. أضاف القرطاجيون انتصارًا جديدًا لهم ما أدى إلى خسارة معظم السفن الحربية الرومانية المتبقية في معركة فينتياس. بعد عدة أعوام من التأخر، أعاد الرومان بناء أسطولهم مجددًا عام 243 قبل الميلاد، وحاصروا الحاميات القرطاجية بحرًا بنجاح. جمع القرطاجيون أسطولًا سعيًا لفك الحصار وإنقاذ الحاميات، لكنه دُمر في معركة الجزر العقادية عام 241 قبل الميلاد، فاضطرت القوات القرطاجية المقطوعة في صقلية إلى خوض محادثات السلام. وافق الطرفان على معاهدة. وفقًا لشروط تلك المعاهدة، دفعت قرطاج أتاوات حرب ضخمة وأُلحقت صقلية بالجمهورية الرومانية بصفتها مقاطعة رومانية. لذا أصبحت روما القوة العسكرية الأبرز في غرب المتوسط، ولاحقًا في منطقة البحر المتوسط ككل. كانت الجهود الحثيثة التي بذلتها روما لبناء 1000 سفينة قادس خلال الحرب أساس هيمنة روما البحرية التي امتدت لـ 600 سنة. أشعل انتهاء الحرب شرارة تمرد كبير في الإمبراطورية القرطاجية، لكنه باء بالفشل. أدت المنافسة الاستراتيجية غير المنحلة بين روما وقرطاج إلى اندلاع الحرب البونية الثانية عام 218 قبل الميلاد. المصادر الأولى. يُعتبر المؤرخ بوليبيوس (وُلد نحو العام 200 أو نحو العام 188 قبل الميلاد) المصدر الرئيس تقريبًا لأي جانب من جوانب الحرب البونية الأولى، وهو إغريقي أُرسل رهينةً إلى روما عام 167 قبل الميلاد. تشمل أعماله دليلًا يتمحور حول التكتيكات العسكرية، لكنه يُشتهر اليوم بمؤلفه التواريخ، الذي كُتب في وقتٍ ما بعد العام 146 قبل الميلاد، أو بعد نحو قرن على نهاية الحرب. يُعتبر عمل بوليبيوس موضوعيًا إلى حد كبير ومحايدًا بدرجة كبيرة إذا أخذنا بعين الاعتبار وجهات النظر القرطاجية والرومانية. دُمرت السجلات القرطاجية المكتوبة أثناء تدمير العاصمة قرطاج عام 146، لذا ترتكز شهادة بوليبيوس عن الحرب البونية الأولى إلى عددٍ من المصادر اللاتينية والإغريقية المفقودة اليوم. كان بوليبيوس مؤرخًا تحليليًا، وكان يلتقي ويقابل المشاركين في الأحداث التي يكتب عنها كلما سمحت له الفرصة. يتحدث الكتاب الأول فقط من مؤلفة "التواريخ" –الذي يتألف من 40 كتابًا– عن الحرب البونية الأولى. كانت دقة شهادات بوليبيوس محط جدلٍ على مر السنوات الـ 150 الأخيرة، أما حديثًا، فأُجمع على قبول ذلك الكتاب بناءً على قيمته الاسمية إلى حد كبير، وترتكز تفاصيل المعركة في المصادر الحديثة بشكل شبه كامل على تفسيرات رواية بوليبيوس. اتضح للمؤرخ الحديث آندرو كوري أن «بوليبوس موثوق إلى حد مقبول»، بينما يصفه ديكستر هويوس بـ «المطلع والدؤوب وذو البصيرة التاريخية». توجد سجلات تاريخية أخرى أتت لاحقًا عن الحرب، لكنها مجزأة ومختصرة. يأخذ المؤرخون الحديثون عادة بشهادتي المؤرخين دويدور الصقلي وكاسيوس ديو، لكن الكلاسيكي أدريان غولدزورثي يقول: «يُفضل الأخذ بشهادة بوليبيوس عندما تختلف الوقائع عن أي شهادة أخرى». منذ عام 2010، عُثر على 11 سفينة مدق فضية على يد علماء الآثار في البحر قبالة الساحل الغربي لصقلية، بالإضافة إلى 10 خوذٍ برونزية ومئات الأمفورات. استُرجعت المدقات وسبع خوذٍ وست أمفورات لا تزال سليمة، بالإضافة إلى عدد كبير من الشظايا. يُعتقد أن كل مدقة من المدقات كانت متصلة بسفينة حربية عندما غرقت في قاع البحر. ادعى علماء الآثار أن موقع القطع الأثرية المكتشف لحد الآن يدعم شهادة بوليبيوس المتعلقة بمكان وموقع معركة الجزر العقادية. بناءً على أبعاد المدقات المستعادة، يعتقد علماء الآثار الذين درسوها أنها تعود للسفن ثلاثية المجاديف، على نقيض رواية بوليبيوس التي تقول أن جميع السفن المشتركة في المعركة كانت خماسية المجاديف. على أي حال، يعتقد علماء الآثار أن الكثير من الأمفورات المكتشفة والتي تم التعرف عليها تؤكد دقة الجوانب الأخرى من رواية بوليبيوس. تشمل المصادر الأخرى النقوش ودلائل أثرية أرضية، ودليل تجريبي حُصل عليه جراء إعادة البناء، مثل سفينة أوليمبياس ثلاثية المجاديف. خلفية. كانت الجمهورية الرومانية تتوسع بشكل عنيف في الأراضي الداخلية لإيطاليا الجنوبية قبل قرنٍ من اندلاع الحرب البونية الأولى. احتلت روما شبه الجزيرة الإيطالية جنوب نهر أرنو بحلول العام 272، عندما خضعت المدن الإغريقية في إيطاليا الجنوبية عند انتهاء الحرب البيروسية. خلال تلك الفترة، هيمنت قرطاج، والتي كانت عاصمتها اليوم هي مدينة تونس، على إسبانيا الجنوبية، ومعظم المناطق الساحلية في شمال أفريقيا، وجزر البليار وكورسيكا وسردينيا، والنصف الغربي من صقلية، فأخضعت جميع تلك المناطق ضمن إمبراطورية عسكرية ومالية. بدءًا من عام 480 قبل الميلاد، خاضت قرطاج سلسلة من الحروب غير الحاسمة ضد دول المدن الإغريقية في صقلية، بقيادة سرقوسة (سيراكوز). الحَرب البونيقية الثانية، المَعروفة أيضا باسمْ الحَرب الحنبعلية، ومن قِبل الرومان باسمْ الحَرب ضد حنبعل، هي حَرب استمرت من سنة 218 ق م حتى سنة 201 ق م، ودارَ القِتال فيها في غَرب وشَرق البحر المتوسط. كانت هذهِ الحَرب هي الثانية بين قرطاج والجمهورية الرومانية، مع مُشاركة منَ البربر في الجانب القِرطاجي. كانَ بينَ روما وقرطاج ثلاث صِراعات كُبرى ضدَ بعضهما البعض، سُميت "بالحُروب البونيقية"، لأنَ الرومان أطلقوا على القِرطاجيين اسم البونيقيين نظرا لأصولهم الفينيقية . تَميزت هذهِ الحَرب بانطلاق حنبعل في رحلته الشَهيرة من بلادهِ إلى أوروبا، وعبوره جِبال الألب، ثم تَعزيزه بقوات من قبل حُلفائه الغاليين وانتصاراته الساحِقة على الجيوش الرومانية في مَعرَكة تَريبيا والكمين العملاق في مَعْرَكة بُحًيرة تراسمانِيا . ولمواجهة مهارات حنبعل في ساحة المَعركة استخدمَ الرومان إستراتيجية فابيان، ولكن بسبب السَخط الشَعبي المُتزايد العائد إلى عَدم تحقيق هذه الإستراتيجية لنَصر حاسمْ، لجأ الرومان إلى خوض مَعركة أخرى، وكانت النتيجة انهزامَهم التام في مَعْرَكة كٌانَاي بِحَيث أُبيد الجَيش الروماني باكمله. ونتيجة لذلك خسر الرومان الكثير من حُلفائهم الذين تَحالفوا مع قرطاج، مِما أطال أمدَ الحَرب في إيطاليا لأكثر من عَقد منَ الزمن، تم خِلالها تَدمير أكثر الجيوش الرومانية في ساحَة المَعركة. وعلى الرَغم من النَكسات المُتَكرره ، كانت روما قادرة على تَعويض قواتها الأمر الذي لَم يَستَطع حَنبعل فعله كَونه على ارض العَدو، كذلك كانَ الرومان أكثر مَهارة في حِصار أعدائهم من القِرطاجيين واستعادوا جميع المُدن الكُبرى التي انضمت إلى حَنبَعل ، وهَزموا القُوات التي جاءت لتعزيزه في مَعرَكة مَيتوريوس. وفي الوقت نَفسه في أيبيريا، التي كانت بِمثابة المَصدر الرئيسي لقوات الجَيش القرطاجي، قامت القوات الرومانية بحملة ثانية بقيادة سكيبيو الإفريقي لغزو قرطاجنة الجديدة كان من نَتائجها إنهاء الحكم القرطاجي في أيبيريا بعدَ وقوع مَعرَكة إليبا. كانَت المواجَهة النِهائية في مَعرَكة زامَة في إفريقية بينَ سكيبيو الإفريقي وحنبعل، والتي هزم فيها الأخير وفُرِضت شروط قاسية للسَلام على قرطاج، التي لم تَعُد بعدَ ذلك قوة عظمى في البحر المتوسط، وتحوَلت إلى نظام عميل للرومان. وخلال الفترة التي امتَدت فيها هذه الحرب، اشتعَلت الحَرب المقدونية الأولى في شَرق البحر المتوسط والبحر الأيوني. يُصنف المؤرخون جَميع المَعارك التي وقعت في هذه الحَرب، على أنها من بين أكبر المَعارك من حيث الخسائر البشرية، كما أنها تضمنت عددا من الكمائن الناجحة للجيوش، والتي انتهي بعضها بإبادة شبه كاملة للجنود. خلفية تاريخية. اندلعت الحرب البونيقية الثانية بين قرطاجنة وروما نتيجة الخلاف حول السيطرة على ساغونتو، وهي مدينة ساحلية أسسها اليونانيون في أيبيريا وكانت لها علاقات دبلوماسية مع روما. بعد توتر كبير في المدينة بلغ ذروته باغتيال أنصار قرطاجنة، قاد حنبعل حصارا عليها في عام 219 ق م. طلبت المدينة الدعم والمساندة من الرومان، ولكن النداءات لم تجد آذانا صاغية. بعد حصار طويل وصراع دموي استمر لثمانية أشهر، أصيب فيه حنبعل نفسه بجروح، استطاع القرطاجيون في النهاية، السيطرة على المدينة. ففضل الكثير من الساغونتيين الانتحار بدلا من أن يعدموا على يد القرطاجيين. ذكر تيتوس ليفيوس، أنه قبل الحرب، كانت روما قد عقدت مع صدربعل العادل معاهدة، تنص على أن أيبيريا ينبغي أن تكون الحدود بين كلا الإمبراطوريتين، وأنه ينبغي الحفاظ على حرية الساغونتيين. أرسل الرومان سفيرين إلى قرطاجنة، لمطالبة القرطاجيين بتسليم حنبعل ومعاونوه، مهددين بإعلان روما الحرب على قرطاجنة بحال لم يستجب أهلها إليهم. رفض القرطاجيون تسليم قائدهم ورجاله، فأعلنت روما الحرب على قرطاجنة. الأوضاع في غرب البحر المتوسط (218 ق م. - 213 ق م.). رحلة حنبعل. بلغ تعداد الجيش القرطاجي في أيبيريا، وفقا لبوليبيوس، 90,000 من المشاة، بالإضافة إلى 12,000 فارس مع 37 فيلا حربيا، ويعد هذا الجيش واحد من أكبر جيوش تلك الفترة. غادر حنبعل مع جيشه مدينة قرطاجنة الجديدة في إسبانيا وسار شمالا على طول الساحل في أواخر الربيع من عام 218 ق م، تاركا قيادة القوات القرطاجية في إسبانيا لشقيقه صدربعل. وعند نهر أبرة قسم الجيش إلى ثلاثة أقسام، قاهرأ قبائل تلك المنطقة حتى وصل إلى جبال البرانس في غضون أسابيع، لكنه كان قد تكبد خسائر فادحة. وفي جبال البرانس، ترك كتيبة من القوات الأيبيرية تقدر بأحد عشر ألف جندي، كحامية للمنطقة التي احتلت حديثا. بعد ذلك، دخل حنبعل بلاد الغال مع 50,000 من المشاة و9,000 فارس. واتخذ مسارا لجيشه بعيدا عن الساحل، لتجنب حلفاء الرومان القابعين على طول تلك النواحي من أوروبا الغربية. أبرم حنبل بعض التحالفات في بلاد الغال مع عدد من قبائلها، وبهذا استطاع التنقل عبر بلادهم بأمان واطمئنان، إلا أن إحدى القبائل وهي قبيلة "فولكاي"، إحدى القبائل الغالية الموالية للرومان، قاومته في معركة عبور الرون، لكن دون جدوى، نظرا لقلة عدد رجالها وضخامة الجيش القرطاجي، الذي وصل عدد أفراده في تلك الفترة إلى 38,000 من المشاة و8,000 فارس وضم 37 فيلا حربيا. في غضون ذلك، كان الأسطول الروماني يحمل قوات رومانية لغزو شمال أيبيريا، بقيادة الأخوين غنايوس وبابليوس سكيبيو، الذين كانا يعلمان بأن قوات حنبعل عبرت نهر أبرة، ولكنهما فوجئا بتقدم الجيش القرطاجي إلى نهر الرون. أرسل 300 فارس ليستطلعوا مكان العدو، لكنهم هزموا من قبل قوة قرطاجية مكونة من 500 فارس نوميدي وطاردوهم إلى معسكرهم الرئيسي. وهكذا، عرف الرومان مكان العدو، واستعدوا للمعركة. غير أن حنبعل استطاع تجنب قوات الرومان باتخاذه طريقا غير معروف حتى بلغ جبال الألب في فصل الخريف. وهناك استقبل رسلا من حلفائه الغاليين في إيطاليا، الذين حثوه على أن يأتي لنجدتهم وعرضوا عليه أن يرشدوه عبر جبال الألب. الحملة الرومانية الأولى على أيبيريا. لم تتمكن الحملة الرومانية الأولى على شبه جزيرة أيبيريا من استدراج القوات القرطاجية إلى معركة حاسمة في شبه الجزيرة تلك، فاستطاع القرطاجيون أن يراوغوا الرومان واستمروا في تقدمهم نحو شبه الجزيرة الإيطالية عبر بلاد الغال. قام الرومان بملاحقة القوات القرطاجية في طريقها إلى شمال أيبيريا تحت قيادة سكيبيو الأصلع، في محاولة لحسم الحرب بعيدا عن إيطاليا، بينما عاد القائد الآخر بابليوس سكيبيو، إلى روما محذرا من خطر غزو إيطاليا، خصوصا كون بعض قبائل شمال إيطاليا كانت في حالة تمرد بالفعل، قبل أن يعود ثانية إلى إسبانيا بعد سنة 217 ق م. وعلى الرغم من أن الحكم القرطاجي لم يحظ بترحيب الأيبيريين، إلا أن تقاعس الرومان عن مساعدتهم أثناء حصار ساغونتو جعل الأيبيريين ساخطين على الرومان. أنشأ سكيبيو الأصلع مقر قيادته في "سيسا" وهي من المناطق التي كان حنبعل قد احتلها حديثا آنذاك، والتي تقع في المنطقة الواقعة بين نهر أبرة وجبال البرانس. ومع الوقت حصل على تأييد متزايد بين السكان الأصليين. مما دفع القائد القرطاجي "هانو بن صدربعل العادل"، وهو ابن شقيقة حنبعل، لدخول معركة ضارية ضد الرومان قبل أن تنضم قواته إلى قوات صدربعل شقيق حنبعل، على الرغم من أن عدد قوات الرومان بلغ ضعف عدد قواته. وكانت النتيجة انتصار الرومان في معركة سيسا وأسر هانو نفسه في سنة 218 ق م. شكل التحالف بين أسطولي الرومان والمساليين - وهي قبائل كانت تسكن جنوب بلاد الغال في تلك الفترة - خطرا على القرطاجيين. فعقد صدربعل العزم على هزيمة هذا الأسطول، بالرغم من أن قواته البحرية كان لها تاريخ من الفشل ضد الرومان. فقد خسرت جميع المعارك في السابق عدا معركة واحدة خلال الحرب البونيقية الأولى وأخرى في ليلبايوم عام 218 ق م، على الرغم من التفوق العددي الروماني. لذلك قرر أن يتحرك الجيش والأسطول معا. وصف الأسطول القرطاجي أنه كان غير منظم قبل وقوع المعركة، إلا أن الجيش كان يمثل دعما معنويا عاليا، والملاذ الآمن للأسطول بعد معركة نهر أبرة، التي اشتبكت فيها 40 سفينة قرطاجية وأيبيرية ضد 55 سفينة رومانية، وهزم القرطاجيون وخسروا ثلاثة أرباع أسطولهم وبقيت سفنهم الباقية مع الجيش على الشاطئ. في أعقاب ذلك تراجعت القوات القرطاجية، على الرغم من أن الرومان كانوا لا يزالون محاصرين في المنطقة الواقعة بين نهر أبرة وجبال البرانس. حرم وجود الرومان في تلك المنطقة القرطاجيين من إرسال تعزيزات من أيبيريا لحنبعل أو إلى الغاليين المتمردين في شمال إيطاليا خلال تلك المرحلة الحرجة من الحرب، فتحرك صدربعل بقواته واشتبك مع الرومان في معركة درتوسا في سنة 215 ق م، في محاولة منه لتذليل هذه المشكلة. في هذه المعركة، استغل صدربعل تفوق فرسانه في تطويق العدو من الجانبين بمساعدة قوات مشاته، وكان هذا ذات النهج الذي تم استخدامه بنجاح في معاركهم بإيطاليا. إلا أن الرومان استطاعوا اختراق هذا التطويق من الوسط وفصل كلا الجناحين على حدة، الأمر الذي ألحق خسائر فادحة بالقرطاجيين، ولكن بعد أن ألحقوا خسائر كبيرة في صفوف الرومان أنفسهم. في الوقت الذي كان فيه الرومان يحققون تقدما ضئيلا على القرطاجيين في أيبيريا، استطاع الرومان فتح جبهة قتال جديدة ضد قرطاجنة عن طريق التحالف مع صيفاقس ملك النوميديين الغربيين القوي في شمال أفريقيا. وفي عام 213 ق م. استقبل صيفاقس بعض الضباط الرومان لتدريب جنوده المشاة الذين لم تكن لديهم القدرة بعد على مجابهة أعدائهم القرطاجيين، فاستطاع بهذا الدعم، أن يشن حربا ضد حليف القرطاجيين "غايا" ملك النوميديين الشرقيين. وفي السنة ذاتها غادر صدربعل أيبيريا لقاتل صيفاقس، بعد أن وصلت إليه أخبار تحالفه مع روما واستعداده للهجوم على قرطاجنة. الأوضاع في وسط البحر المتوسط (218 ق م. - 213 ق م.). الحملات والمناوشات البحرية. كانت البحرية القرطاجية في سنة 218 ق م. مشغولة باستكشاف المنطقة البحرية المحيطة بصقلية وتستعد لهجوم مباغت على ليلبايوم في أقصى غرب الجزيرة. وبعد اكتمال الاستعدادات، أغارت 20 سفينة قرطاجية محملة بألف جندي، على الجزر العقادية غرب صقلية بينما هاجمت 8 سفن جزر فولكان، إلا أنها زحلت عن مسارها بسبب تعرضها لعاصفة في مضيق ميسينا، وتمكنت السفن السرقوسية من الاستيلاء على ثلاثة منها دون مقاومة، وعلم السرقوسيون من طواقم تلك السفن بأن أسطولا قرطاجيا سيهاجم ليلبايوم، فأقدم "هيرو الثاني" ملك سرقوسة، على تحذير القائد الروماني "ماركوس أميليوس". نتيجة لذلك أعد الرومان 35 سفينة لاعتراض القرطاجيين وهزموهم في معركة ليلبايوم، والتي كانت أول المعارك البحرية في الحرب. وفي سنة 218 ق م، كان الرومان يعدون حملة في ليلبايوم لمهاجمة إفريقية (تونس حاليا). توقع حنبعل هذه الخطوة وعزز الجيش في إفريقية بإرساله 13,850 جندي مشاة أيبيري و870 راميا من جزر البليار مع 1200 فارس أيبيري. بالإضافة إلى 4,000 أيبيري من علية القوم نقلوا إلى قرطاج لتعزيز دفاعها، وأيضا ليكونوا بمثابة رهائن لضمان ولاء شعبهم. وفي المقابل، أرسل 11,850 جندي مشاة ليبي و300 جندي ليغوري و500 جندي من جزر البليار لأيبيريا لتعزيز الدفاعات ضد الغزو الروماني المتوقع. هزم الأسطول القرطاجي في مواجهتين عنيفتين أمام الرومان، ولكن أيا من الجانبين لم يكن قادرا على الإغارة على سواحل خصمه. كان هناك استثناء وحيد في سنة 217 ق م، عندما حاول أسطول قرطاجي من 70 سفينة الانقضاض على سواحل روما، إلا أنه تم اعتراضه قبالة شواطئ "إتروريا" بأسطول روماني يتألف من 120 سفينة فتراجع دون خوض المعركة. قامت أول حملة قرطاجية إلى سردينيا في 215 ق م، تحت قيادة "صدربعل الأصلع" وتابعه "حمسقورا". وعندما وصلت إلى سردينيا، كان الرومان على علم بنواياهم وعززوا الحامية تحت قيادة تيتوس مانيليوس توركاتيوس بعشرين ألف جندي من المشاة و1,200 فارس. هزمت هذه القوات 15,000 من المشاة القرطاجيين و1,500 فارس قرطاجي، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الفيلة، ومتمردي سردينيا في " معركة كورنوس ". في أعقاب ذلك، واجهت الحملة البحرية القرطاجية ذات السفن الستون 100 سفينة رومانية قادمة من إفريقية وهزموا، ولم تنج منها سوى 7 سفن. وبذلك بقيت سردينيا - إحدى أهم مصدري الحبوب - تحت الاحتلال الروماني. تمرد القبائل الغالية. تلقى الرومان أنباء عن عبور حنبعل نهر أبرة وعن تمرد القبائل الغالية في شمال إيطاليا في الوقت نفسه. وكان هذان الحدثان سببا في تكوين تحالف بين القرطاجيين والقبائل الغالية ضد العدو المشترك: روما. كان الهدف الأول للمتمردين هو المستعمرات الرومانية في بياتشنسا وكريمونا، مما تسبب في تراجع الرومان إلى مدينة مودينا، والتي حاصرها الغاليون بعد ذلك. وعلى الجانب الآخر، تحرك القائد الروماني "مالينوس فولسو" مع فيلقين رومانيين وقوات من حلفائهم، مع 1,600 فارس و20,000 من الجنود المشاة، إلى غاليا كيسالبينا. تعرض هذا الجيش لكمينين على الطريق من قبل الريمينيين، وفقد 1,200 رجل. وعلى الرغم من رفع الحصار عن مودينا، فإن هذا الجيش نفسه وقع تحت حصار على بعد أميال قليلة منها. دفع هذا الحدث مجلس الشيوخ الروماني لإرسال أحد فيالق "سكيبيو" و5,000 من قوات حلفائهم لمساعدة "فولسو". فأصبح سكيبيو في حاجة لزيادة عدد جنوده لملء الفراغ الذي تركته القوات المرتحلة، وبالتالي لم يستطع التقدم نحو أيبيريا حتى شهر سبتمبر من سنة 218 ق م، مما أعطى الوقت الكافي لحنبعل للتقدم من نهر أبرة حتى نهر الرون. بعد نجاح حنبعل في المراوغة كي لا يدخل معركة ضارية عند ضفاف الرون، اتجه لمساعدة حلفائه الغاليين، الذين كانوا يتعرضون لضغط التعزيزات الرومانية. عبر حنبعل جبال الألب، متغلبا على المناخ والتضاريس وكمائن القبائل المحلية، ووصل مع ما لا يقل عن 28,000 جندي من المشاة و6,000 فارس و30 فيلا حربيا إلى "توريني" في إيطاليا. وكان الرومان يتوقعون عبور حنبل لجبال الألب، لكنهم لم يتوقعوا حصول ذلك بهذه السرعة، أي في الحين عندما كان الجنود الرومانيون لا يزالون في ثكناتهم الشتوية. كان عبور حنبعل لجبال الألب إنجازا عظيما لأنه لم يسبق لجيش أن عبرها في فصل الشتاء مع فيلة، كما كان هذا العبور سببا لكي تلغي روما نواياها لغزو إفريقية. كان حلفاء حنبعل من القبائل الغالية قاطنة وادي نهر بو لا يزالون بعيدين. فاضطر الأخير للقتال مع قواته التي تناقص عددها لكي يصل إلى حلفائه وليحث باقي سكان غاليا كيسالبينا على التمرد على الرومان. كان أول أهداف حنبل هو الاستيلاء على مدينة "توريني"، فتقدم القرطاجيون واعترضوا قوات رومانية تحت قيادة بابليوس سكيبيو، الذي سبق أن تجنب حنبعل مواجهته في وقت سابق في وادي الرون، والذي لم يكن يتوقع وصوله المبكر على الجانب الآخر من جبال الألب. ونتيجة لذلك نجح فرسان حنبعل في هزيمة الفرسان الرومان في اشتباك طفيف في معركة تيسينيوس. تعرض "سكيبيو" لجروح خطيرة في المعركة، وتراجع مع قواته عبر نهر "تريبيا"، وعسكر في مدينة بياتشنسا في انتظار التعزيزات. ونتيجة لهزيمة روما في "تيسينيوس"، انضمت كل القبائل الغالية عدا "السينومانيون" إلى القرطاجيين. وسرعان ما أصبحت قبائل الشمال الإيطالي بأكملها بما في ذلك الغاليون والليغورنيون تعزز جيش حنبعل بما لا يقل عن 40,000 من الرجال. قبل وصول الأنباء عن الهزيمة في "تيسينيوس" إلى روما، أمر مجلس الشيوخ القنصل تيبيريوس لونجيوس بالعودة مع جيشه من جزيرة صقلية، حيث كان يستعد لغزو إفريقية للانضمام إلى "سكيبيو" ومواجهة حنبعل. عرقل حنبعل محاولة جيش لونجيوس الانضمام لجيش سكيبيو. إلا أن استيلاء القرطاجيين على مستودع الإمدادات في قرية كلاستيديوم عن طريق خيانة بعض السكان المحليين ألهي القرطاجيين وسمح لجيش لونجيوس بالانضمام لجيش سكيبيو، الذي كان لا يزال يعاني من إصابات خطيرة. سمح حنبعل للرومان بتحقيق بعض الانتصارات البسيطة، مما أغراهم بقتال حنبعل في معركة تريبيا تحت قيادة لونجيوس. تلقت القوات الرومانية الأوامر بخوض المعركة دون حتى حصولهم على وجبة الإفطار في ذلك اليوم بل وعبروا نهرا باردا، مما قلل من قدرة الكثيرين على القتال. علاوة على ذلك، قاد "ماجو برقا" - شقيق حنبعل - كتيبة من الجنود القرطاجيين لمهاجمة الرومان من الخلف. تلقى الرومان خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث لم ينج سوى 20,000 رجل فقط من أصل 40,000، وغادروا غاليا كيسالبينا. وبعد أن ثبت حنبعل مواقعه في شمال إيطاليا بهذا الانتصار، وجد المأوى لقواته في فصل الشتاء بين الغاليين، الذين انضموا بحماس إلى جيشه، مما رفع عدده ليصل إلى 60,000 رجل، لكن بالمقابل انخفضت حماسة جنوده من القرطاجيين الذين شهدوا هذا الأمر. في سنة 217 ق م، عزم مجلس الشيوخ الروماني على إرسال جيوش جديدة ضد حنبعل تحت قيادة القنصلين المنتخبين حديثا: جنايوس جيمينوس وجايوس فلامينيوس نيبوس. كان لفلامينيوس تاريخ من عدم الثقة من زملائه أعضاء مجلس الشيوخ، وخشي من محاولتهم إيجاد ذرائع لتأجيل سفره، فأقدم على مغادرة روما بهدوء لتولي قيادة جيشه في ريميني دون أداء المناسك الدينية الطويلة المطلوبة من القنصل الجديد. وعندما علم مجلس الشيوخ بمغادرته، وافق بالإجماع على استدعائه إلى روما، لكنه تجاهل الأوامر، الأمر الذي سبب استياء واسع النطاق بين الرومان الذين كانوا يخشون من أن عدم احترام فلامينيوس للآلهة سيجلب الكوارث على روما. تقدم حنبعل إلى وسط إيطاليا كما كان متوقعا، وتحرك جيش فلامينيوس من ريميني إلى أريتسو، لتغطية ممرات الألب الجبلية في إتروريا لمحاولة وقف تقدمه. أما سيرفيليوس، الذي كان قد أدى الطقوس المناسبة فقد تحرك جيشه خلف جيش فلامينيوس، إلى ريميني لتغطية الطريق إلى إتروريا على طول ساحل البحر الأدرياتيكي. والقوة الثالثة - التي كانت تضم الناجين من الحملات السابقة - كانت تتمركز في أتروريا تحت قيادة سكيبيو. وبالتالي كان الرومان قد أمنوا جميع الطرق المؤدية إلى روما. في أوائل ربيع سنة 217 ق م، قرر حنبعل أن يتقدم، تاركا حلفاؤه من القبائل الغالية في وادي نهر بو وعبر جبال الألب، وأقدم على تجنب مواقع الرومان واتخذ الطريق الوحيد غير المحمي إلى إتروريا وذلك عند مصب نهر "أرنو". وكان هذا الطريق يمر من خلال المستنقع الضخم الذي حدث نتيجة لفيضان الأنهر في فصل الربيع. سار جيش حنبعل عدة أيام دون العثور على أماكن مناسبة للراحة، فعانى جنوده الأمرين نتيجة الإرهاق وقلة النوم، وأدى ذلك بطبيعة الحال إلى فقدانه لجزء من قواته، بما في ذلك الفيلة القليلة المتبقية. عندما وصل حنبعل إلى إتروريا في ربيع سنة 217 ق م، حاول أن يواجه الجيش الروماني الرئيسي بقيادة فلامينيوس في معركة ضارية عن طريق تخريب المنطقة التي أرسل فلامينيوس لحمايتها. ثم عاد ولجأ إلى حيلة جديدة، فسار بجنوده نحو الجناح الأيسر لجيش عدوه وبذلك قطع الطريق بينه وبين روما. وبتقدمه نحو إتروريا، استفز حنبعل فلامينيوس الذي سعى لملاحقة القرطاجيين دون استطلاع الطريق حتى. وفي مضيق جبلي على شاطئ بحيرة تراسمانيا، صنع حنبعل كمينـا لجيش فلامينيوس. نجح هذا الكمين نجاحا كاملا في معركة بحيرة تراسمانيا، والتي قضى فيها حنبعل على معظم الجيش الروماني وقتل فلامينيوس نفسه، دون أن يتكبد القرطاجيون أي خسائر تذكر. تمكن 6,000 جندي روماني من الهرب، ولكن بعد ذلك استطاع ماهربعل وفرسانه النوميديين القبض عليهم وإجبارهم على الاستسلام. أرسل سكيبيو فرسانه للدعم ولكن ألقي القبض عليهم أيضا وأبيدوا عن بكرة أبيهم. ونتيجة لهذا الانتصار، غنم الجيش القرطاجي المكون من الغاليين والأفارقة والأيبيريين والنوميديين من المعدات العسكرية شيء كثيرًا أكثر مما يمكنهم استخدامه بأنفسهم، فبيع الفائض إلى التجار المصريين الذي باعوه بدورهم إلى الرومان أنفسهم. بعد هذه المعارك العديدة، قام حنبعل بتصنيف الأسرى، فأبقى الرومان محجوزين لديه، أما غير الرومان فأطلق سراحهم لنشر الدعاية في أرجاء إيطاليا بأن الجيش القرطاجي جاء لإيطاليا للقتال من أجل حريتهم ضد الرومان. من الناحية الإستراتيجية، استطاع حنبعل أن يتخلص من القوة الوحيدة التي يمكن أن تعيق تقدمه نحو روما، ولكن على الرغم من دعوات قواده، لم يشرع في غزو روما. وبدلا من ذلك، قرر التوغل جنوبا على أمل كسب حلفاء بين قبائل الجنوب الإيطالي. إستراتيجية فابيان. أصابت الهزيمة في معركة بحيرة تراسمانيا الرومان بالهلع كون القرطاجيين كانوا قد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من مدينتهم، لذا قرر مجلس الشيوخ اللجوء إلى إجراء كان يتخذ في حالات الطوارئ بتعيين دكتاتور مؤقت ليكون قائدا عامًا للقوات لمدة ستة أشهر، والتي تكون مقسمة عادة بين اثنين من القناصل. كان تنفيذ هذا الإجراء يتطلب وجود قنصل واحد على الأقل لتعيين "دكتاتور"، ولما كان القنصل فلامينيوس ميتا، والآخر سيرفيليوس بعيدا مع الجيش الوحيد الذي بقي في إيطاليا، قرر مجلس الشيوخ انتخاب الدكتاتور دون تواجد قنصل. ولما كان هذا الإجراء غير دستوريا، فقد منح الشخص المنتخب فابيوس ماكسيموس لقب "ممثل دكتاتور"، على الرغم من أنه تمتع بنفس الصلاحيات التي يتمتع بها الدكتاتور. كما عين مجلس الشيوخ ماركوس روفوس "قائدا للفرسان" ، وحامل هذا اللقب يكون بمثابة الرجل الثاني في القيادة، بدلا من السماح للدكتاتور نفسه باختياره كما جرت عليه العادة سابقا. خرج فابيوس عن التقليد الروماني العسكري باستدراج العدو لمعركة ضارية في أقرب وقت ممكن. حيث اخترع إستراتيجية عسكرية جديدة أطلق عليها تسمية "إستراتيجية فابيان"، وهي تتمثل بتجنب فتح معركة مع الخصم، والاستمرار بمناوشة فصائل صغيرة من جيش العدو. لم تحظ هذه الإستراتيجية بشعبية كبيرة بين الجنود بطبيعة الحال، فأطلقوا على قائدهم لقب "المؤجل" ، لأنه بدا لهم كما لو كان يحاول تجنب المعركة في الوقت الذي كانت فيه إيطاليا تدمر على يد العدو. علاوة على ذلك، كان الرومان يخشون أنه إذا استمر حنبعل في اكتساح إيطاليا دون مقاومة، فسيلجأ حلفاء الرومان الخائفون للتحالف مع القرطاجيين على اعتبار أن روما ليست قادرة على حمايتهم. كانت سياسة فابيوس هي ملاحقة حنبعل عن طريق السير بمحاذاته على المرتفعات بينما يتحرك القرطاجيين في السهول، لتجنب مواجهة فرسان حنبعل الذين كان لهم الأفضلية في السهول. تطلب الأمر من الرومان الحيطة والحذر خوفا من أن يستغل القرطاجيون مهاراتهم لنصب كمائن للرومان. لهذا السبب، عدلوا تشكيلهم أثناء السير ليسيروا في ثلاثة خطوط متوازية بدلا من خط واحد، وقد كانت التشكيلة الأولى، أي الخط الواحد، هي السبب في هزيمتهم في معركة بحيرة تراسمانيا. استطاع فابيوس بتحرشه المستمر بقوات حنبعل، أن يقبض على بعض الأسرى. وعندئذ، قرر فابيوس وروفوس أن يتبادلوا الأسرى وفقا للشروط نفسها التي تم الاتفاق عليها في الحرب البونيقية الأولى. على الرغم من أن القرطاجيين أعادوا للرومان عدة مئات من الأسرى أكثر مما كانوا يتوقعون مقابل أن يدفع الرومان تعويضا ماليا، لكن مجلس الشيوخ تردد في الدفع. ومع ذلك، لم يعتد القرطاجيون على ممتلكات فابيوس، وذلك لحث الرومان على الثقة بهم. وفي النهاية اضطر فابيوس لبيع ممتلكاته لكي يدفع لجيش الأعداء ليتسلم باقي الأسرى. وبعد أن دمر حنبعل بوليا، قرر السير من خلال سامينيوم إلى كامبانيا، وهي إحدى أغنى وأخصب مقاطعات إيطاليا، على أمل أن يستدرج ذلك فابيوس إلى معركة. وجد فابيوس أن الفرصة سانحة لاعتراض القوات القرطاجية في سهل "كامبانيا" ولقتالها في الجبال المحيطة على أرض من اختياره. وبمرور السنة، وجد حنبعل أنه ليس من الحكمة أن يقضي الشتاء في سهول كامبانيا المخربة، وفي الوقت ذاته، كان فابيوس قد أمر جنوده بتأمين وإغلاق جميع الممرات الجبلية. أدى هذا الوضع إلى نشوب معركة فاليرنوس التي استطاع فيها القرطاجيون خداع الرومان عن طريق إيهامهم بأنهم في طريقهم إلى المرتفعات فوقهم. وقد انخدع الرومان واستطاع القرطاجيون التسلل عبر الممرات التي استحالت غير مؤمنة بكامل أمتعتهم، وكانت هذه ضربة قوية لهيبة فابيوس. كان روفوس قائد الفرسان من أكثر المعارضين في صفوف الجيش ضد إستراتيجية حرب الاستنزاف التي ينتهجها فابيوس. وبمجرد أن حقق روفوس نجاحا بسيطا في بعض المناوشات مع القرطاجيين، أعطى مجلس الشيوخ لروفوس نفس صلاحيات القيادة التي لفابيوس، الذي اتهم بالجبن. ونتيجة لذلك قرر الرجلان تقسيم الجيش بينهما. استطاع حنبعل جذب روفوس مع فرقته لكمين في معركة جيرونيوم. هرع فابيوس ماكسيموس لمساعدة شريكه في القيادة فتراجعت قوات حنبعل على الفور. وعندئذ، قبل روفوس أن يترك سلطة القيادة لفابيوس، وبذلك انتهي الصراع السياسي بينهما. السعي نحو معركة حاسمة. أصبح فابيوس لا يحظى بشعبية في روما، حيث أن منهجه العسكري لم يؤد إلى نهاية سريعة للحرب، فسخر الشعب الروماني منه واستمروا يطلقون عليه لقب "المؤجل". وفي انتخابات سنة 216 ق م انتخب القنصلان جايوس ترينتيوس فارو ولوسيوس أميليوس باولوس، وكلاهما كان ينادي بانتهاج إستراتيجية حرب أكثر عدوانية. فشل حنبعل في حملة سنة 217 ق م في الحصول على تأييد القبائل الإيطالية، أما في السنة التالية فكانت لديه الفرصة لتحويل مجرى الأمور لصالحه. فبادر بالمناوشة في ربيع سنة 216 ق م، واستولى على مستودع كبير للإمدادات في كاناي في سهل بوليا. وهكذا، عن طريق الاستيلاء على كاناي، وضع حنبعل نفسه بين الرومان والمصدر الأساسي لإمداداتهم الغذائية. فأمر مجلس الشيوخ الروماني بإرسال جيشين بقيادة القنصلين فارو وباوليوس، وبحسب بعض التقديرات، كان عدد المقاتلين في الجيش يصل إلى مئة ألف مقاتل، على الرغم من أن هذا الرقم لا يمكن التحقق من صحته تماما. قرر القنصلان فارو وباوليوس مواجهة حنبعل وسارا جنوبا إلى سهل بوليا. وبعد مسيرة يومين، وجدوه على الضفة اليسرى لنهر "أوفيديوس"، وعسكروا على بعد ستة أميال منه. راهن حنبعل على حماسة فارو ورغبته في تحقيق نصر، واستدرجه إلى فخ باستخدام تكتيك الكماشة الذي قضى على الميزة العددية للرومان بتقليص ميدان المعركة. ونظرا للتكتيك الرائع الذي استخدمه حنبعل في المعركة، تمكن الجيش القرطاجي طبقا لبعض المصادر من قتل وأسر عدد يتراوح بين 50,000 و70,000 جندي روماني في معركة كاناي. وقد كتب المؤرخ بوليبيوس عن المعركة يقول: وخلال تلك السنة نفسها، تمردت المدن اليونانية في صقلية وثارت على السيطرة الرومانية السياسية. في الوقت نفسه، تحالف حنبعل مع الملك المقدوني فيليب الخامس، الذي تعهد بتقديم الدعم له ولجيشه، فكانت تلك الشرارة التي بدأت الحرب المقدونية الأولى ضد روما. تحالف حنبعل أيضا مع الملك المعين حديثا "هيرونيميوس" ملك سرقوسة، كما أعلنت تارانتو ولاءها له. وبهذا أصبح لحنبعل الموارد والجنود اللازمة لشن هجوم ناجح على مدينة روما. ومع ذلك، كان لا يزال غير واثق من جدوى مثل هذا الهجوم وأمضى قدرا كبيرا من الوقت في التفكير فيه، وفي الوقت الذي كان يتردد فيه في تنفيذ الهجوم، استطاع الرومان لم شملهم، فضاعت عليه الفرصة. كان الحدث الأبرز الآخر في سنة 216 ق م هو سقوط مدينة "كابوا"، ثاني أكبر مدينة في إيطاليا، والتي اتخذها حنبعل قاعدة جديدة له. لم يكن سقوط كابوا مرضيا لطموحات حنبعل حيث أن هذا الحدث لم يشجع سوى عدد قليل من الدول المدن في إيطاليا التي كان يتوقع أن يكتسبها كحلفاء بالموافقة على الانضمام إليه. وعلاوة على ذلك، لم تستطع البحرية المقدونية مواجهة البحرية الرومانية، ولذا استمروا غير قادرين على مساعدته. أرسل حنبعل وفدا إلى روما للتفاوض على عقد معاهدة سلام وعرض إطلاق سراح الأسرى الرومان لديه مقابل فدية، ولكن روما رفضت جميع العروض. تكوين قاعدة من الحلفاء. بعد معركة كاناي، اختارت معظم قبائل الجنوب الإيطالي التحالف مع حنبعل. وتوجه جزء من الجيش بقيادة ماجو جنوبا، بينما سار باقي الجيش شمالا مع حنبعل. وكانت أكبر المكاسب هي السيطرة على مدينة "كابوا" ثاني أكبر المدن في إيطاليا، حيث طمعت الطبقة الأرستقراطية في المدينة في أن تصبح المدينة العليا في إيطاليا بعد الكارثة التي حلت بالرومان، فعقدوا اتفاقية صداقة مع حنبعل استطاع من خلالها أن يحصل على الميناء الذي رغب باستخدامه للحصول على التعزيزات. وبحلول سنة 215 ق م كان حلفاء حنبعل يسيطرون على الجزء الأكبر من جنوب إيطاليا (باستثناء كروتوني التي غزاها حلفاؤه فيما بعد). كما أصبح شمال إيطاليا حيث القبائل الغالية خارج السيطرة الرومانية. اعتبر حنبعل أنه من الضروري الاستيلاء على مدينة "نولا"، والتي تقع في كامبانيا وبها قلعة رومانية. وهي المنطقة التي تربط بين حلفائه وبها أهم ميناء يمد الرومان باحتياجاتهم، لكن الرومان قضوا على التيار الموالي للقرطاجيين في المدينة قبل أن يقوم بمحاولته الأولى، وبذلك لم يعد هناك فرصة لارتكاب خيانة فيها. حاول حنبعل أن يفتح المدينة ثلاث مرات عن طريق حصارها في أعوام 216 ق م و215 ق م و214 ق م، ولكن دفاع حاميتها بقيادة ماركوس كلاوديوس مارسيليوس جعلها منيعة وصامدة واستمرت على هذا المنوال حتى دب اليأس إلى القائد القرطاجي وجنوده. ومع ذلك، استطاع حنبعل في عام 215 ق م أن يحتل منطقة "كاسيلينيوم"، وهي موقع آخر مهم للتحكم في كامبانيا. كانت سرقوسة ذات أهمية كبرى بالنسبة للقرطاجيين، على الرغم من أنها لا تقع في شبه الجزيرة الإيطالية، وذلك كونها تلعب دورا مهما في تأمين الطرق البحرية للإمدادات، ولما كانت ليلبايوم لا تزال في أيدي الرومان، استغل حنبعل فرصة وفاة "هيرو الثاني"، ملك سرقوسة وأحد الحلفاء الأقوياء للرومان، وتولي خليفته "هيرونيموس" الساخط على التحالف مع الرومان العرش، فأوفد اثنين من مساعديه نجحا في كسب تأييد السرقوسيين. كانت طموحات السرقوسيين كبيرة، ولكن جيشهم لم يكن ندا للقوات الرومانية، مما أدى إلى حصار سرقوسة بين عامي 214 ق م و212 ق م. وخلال هذا الحصار برعت آلات أرخميدس في صد جميع الهجمات الرومانية. كان هدف حملة حنبعل في إيطاليا هو محاربة الرومان بمواردهم المحلية. وفي سنة 214 ق م استطاع مساعده "هانو" جمع عدد من الجنود في "سامينيوم"، ولكن الرومان بقيادة تيبيريوس جراكوس اعترضوا هذه الحشود في معركة بنفنتوم الأولى وقضوا عليها قبل أن تصل إلى مقر قيادة حنبعل. فكان حنبعل قد تمكن من كسب حلفاء، إلا أن الدفاع عنهم ضد الرومان شكل مشكلة جديدة وصعبة في الوقت الذي يحظى فيه الرومان بجيوش جرارة في عدة مواقع. وهكذا، استطاع فابيوس أن يسحب من القرطاجيين أحد حلفائهم في سنة 213 ق م. الأوضاع في غرب البحر المتوسط (212 ق م. - 207 ق م.). الحملة الرومانية الأولى على أيبيريا. في سنة 211 ق م، قام الإخوة سكيبيو باستئجار 20,000 من الجنود المرتزقة في أيبيريا لتعزيز جيشهم الذي يضم 30,000 جندي من المشاة و3,000 فارس. كان القرطاجيون قد قسموا جيشهم إلى 15,000 جندي تحت قيادة صدربعل، و10,000 جندي لكل من ماجو وصدربعل جيسكو إلى الغرب من صدربعل برقا، فقرر الإخوة سكيبيو تقسيم قواتهم بدورهم. أخذ بابليوس سكيبيو 20,000 جندي روماني مع جنود حلفائهم وهاجموا ماجو قرب "كاستولو"، في حين أخذ سكيبيو الأصلع 10,000 جندي مع الجنود المرتزقة للهجوم على صدربعل، فوقعت معركتا كاستولو وإيلوركا في غضون أيام قليلة، واللتان عادة ما تعرفا بمعركة بيتس العليا. انتهت هذه المعارك بهزيمة الرومان، حيث قام صدربعل برشوة الجنود المرتزقة الذين استأجرهم الرومان ليعودوا إلى وطنهم من دون قتال. نتيجة لهذه المعارك، اضطر الرومان إلى التراجع إلى نقاطهم الحصينة في شمال أيبيريا حيث لا يستطيع القرطاجيون ملاحقتهم. ومن الجدير بالذكر أن الجنود الرومان قرروا انتخاب قائد جديد حين لقى القائدان مصرعهما، وهذا الفعل لم يسبق له سابقة في الجيش الروماني، إذ أنه لم يكن متبعا سوى في الجيوش البونيقية والهلينية. الحملة الرومانية الثانية على أيبيريا. في سنة 210 ق م، وصل سكيبيو الإفريقي إلى أيبيريا بناء على أوامر من مجلس الشيوخ للانتقام لوالده وعمه. نجح سكيبيو في إعادة الاتزان لميزان القوى في أيبيريا، وذلك عندما استولى على قرطاجنة الجديدة في عام 209 ق م بعد معركة قرطاجنة. كما هزم صدربعل في معركة بيكولا في عام 208 ق م.، ولكنه لم يتمكن من منعه من مواصلة مسيرته إلى إيطاليا من أجل تعزيز قوات شقيقه حنبعل. في سنة 206 ق م.، هزم سكيبيو الإفريقي جيش مجمعا من قوات ماجو برقا وصدربعل جيسكو وماسينيسا، وبذلك وضع حدا للوجود القرطاجي في أيبيريا. الأوضاع في وسط البحر المتوسط (212 ق م. - 207 ق م.). الوصول للذروة ثم السقوط. وصل التوسع القرطاجي إلى ذروته عندما بدلت مدينة تارانتو ولاءها وتحالفت مع حنبعل في سنة 212 ق م. وكانت معركة تارانتو الأولى قد تم التخطيط لها بدقة بواسطة حنبعل والمواليين له من قادة المدينة، الأمر الذي جعل الهجومان المنفصلان على أبواب المدينة ناجحان. وقد اتخذ الجيش القرطاجي ستارا من الفرسان النوميديين المغيرة لدخول المدينة على حين غرة والسيطرة عليها، ولكن تمكن الرومان والموالون لهم من التجمع في قلعة المدينة. فشل القرطاجيون في إسقاط القلعة كما لم يتمكنوا من السيطرة على الميناء، واضطروا بعد ذلك لنقل السفن الحربية فوق اليابسة لإنزالها في عرض البحر. في سنة 212 ق م.، لم يستطع كلا الطرفان تحقيق النصر في معركة كابوا الأولى، وقرر الرومان الانسحاب وإنهاء حصار كابوا. فتم تعزيز الفرسان في كابوا بألفي فارس نوميدي. وفي نفس السنة، في "معركة بنفنتوم الثانية" هزم هانو مرة أخرى، وهذه المرة من جانب كوينتوس فلافيوس فلاكوس. وبعد ذلك في معركة سيلاريوس في عام 212 ق م.، تعرض الرومان بقيادة "ماركوس سينتينيوس" لكمين وقضي على أغلب جنودهم البالغ عددهم ستة عشر ألف جندي ولم ينج منهم سوى 1,000. كانت آخر هزيمة للرومان في سنة 212 ق م.، في معركة هردونيا الأولى عندما تمكن 2,000 جندي روماني فقط من أصل 18,000 جندي من النجاة من هجوم مباشر من قبل قوات حنبعل المتفوقة عدديا، والذي خطط لكمين يقطع على طريق الرومان أثناء الانسحاب. اتسمت هذه المرحلة من الحرب بسقوط المدن الرئيسية والثانوية للرومان. أثناء حصار سرقوسة (214 ق م - 212 ق م)، جعلت عبقرية أرخميدس في اختراع آلات الحرب من المستحيل على الرومان تحقيق أي مكاسب بالأساليب التقليدية لحرب الحصار. وقد أرسل الجيش القرطاجي 20,000 جندي للتخفيف عن المدينة، ولكن هذا الجيش عانى أكثر من الرومان من الوباء، وبالتالي اضطر إلى التراجع إلى أغريجنتو. وفي النهاية، سقطت سرقوسة في قبضة الرومان غدرا، عندما حدثت خيانة ساعدت الرومان على دخول المدينة وأسفر ذلك عن مقتل أرخميدس. حاول حنبعل مرة أخرى في "معركة كابوا الثانية" سنة 211 ق م. الاستيلاء على المدينة عن طريق استدراج الرومان لمعركة ضارية. ولكنه لم يوفق، كما أنه لم يكن قادرا على هزيمة المحاصرين. لذا لجأ إلى خطة جديدة بالانطلاق نحو روما، لإجبار الرومان على التخلي عن الحصار والإسراع للدفاع عن مدينتهم. ومع ذلك، لم يترك في كابوا سوى جزء من القوة المحاصرة لنجدة روما، ومع استمرار الحصار سقطت كابوا بعد ذلك بفترة قصيرة. وبالقرب من روما، خاض حنبعل معركة أخرى. في سنة 210 ق م.، كانت معركة هردونيا الثانية لرفع الحصار الروماني عن المدينة الحليفة للقرطاجيين. استطاع حنبعل أسر القائد "غنايوس فلافيوس سينتوماليوس" على حين غرة أثناء حصاره هردونيا ودمر جيشه في معركة ضارية قتل فيها 13,000 من الرومان من أصل 20,000 جندي. وفي سنة 210 ق م.، ثار سكان بوليا على الحامية النوميدية وهزموهم وانضموا للرومان. وفي سنة 210 ق م. وقعت "معركة نمسترو" غير الحاسمة بين حنبعل وماركوس كلاوديوس مارسيليوس، وحاول الرومان ثانية القضاء على حنبعل عام 209 ق م في معركة كانوسيوم التي لم تكن حاسمة أيضا. في غضون ذلك، مكنت هذه المعركة جيشا رومانيا آخر تحت قيادة فابيوس من الاستيلاء على تارانتو عن طريق خيانة في "معركة تارانتو الثانية". كان حنبعل في ذلك الوقت قد تمكن من سحب قواته من أمام مارسيليوس، وكان على بعد 8 كيلومترات فقط من المدينة، التي كانت تحت قيادة قرطالو الذي استسلم إلى فابيوس بعد أن اتفق معه على حسن معاملة السكان وعدم التعرض لهم. فشل صدربعل برقا في دعم حنبعل. في سنة 207 ق م. لم تكن معركة جرومنتيوم بين جايوس كلاوديوس نيرو وحنبعل قد حسمت بعد. وبعد المعركة، استطاع نيرو أن يخدع حنبعل بإيهامه أن الجيش الروماني كله كان لا يزال في معسكره. في أثناء ذلك، تحرك نيرو مع بعض جنوده شمالا، لتدعيم الرومان هناك لمحاربة صدربعل في معركة ميتوريوس. قبل عام بعد الهزيمة في معركة بيكولا، كانت قوة قرطاجية تحت قيادة صدربعل، قد غادرت أيبيريا وتلقت تعزيزات من بلاد الغال والمرتزقة وحلفائهم. ومن الجدير بالذكر، أنهم اتخذوا نفس الطريق الذي اتخذه حنبعل قبل 10 سنوات، لكنهم تكبدوا خسائر أقل، بفضل المعلومات التي حصلوا عليها من الجنود المرتزقة المنتمين للقبائل الجبلية في تلك المنطقة. أسفرت المعركة عن إبادة الجيش القرطاجي ومقتل صدربعل في تلك المعركة، وبالتالي فشلت قرطاجنة في تقديم الدعم لحنبعل. الأوضاع في غرب البحر المتوسط (206 ق م. - 201 ق م.). المواجهة الأخيرة لقرطاج في أيبيريا. في معركة إليبا قام عدد كبير من المرتزقة الذين استأجرهم الجيش القرطاجي بالتصدى لجيش مكون من الرومان والأيبيريين. فأقدم سكيبيو الإفريقي على اللجوء لحيلة ذكية، فاستمر طيلة عدة أيام ينظم جيشه للمعركة بوضع الجنود الرومان في قلب الجيش والأيبيريين على الأجنحة، وما أن يبدأ القرطاجيون بالهجوم، فإنه يأمر جيشه بالانسحاب. خدعت هذه الحيلة القائدين القرطاجيين ماجو وصدربعل جيسكو عندما توقعا بأن الرومان سيكونون في القلب. في يوم المعركة، اتجه الرومان لأرض المعركة مبكرا وشكلوا جناحي الجيش. في نفس الوقت، كان القرطاجيون قد وضعوا أفضل رجالهم في القلب لمواجهة الجنود الرومان. وهكذا سحق الرومان مرتزقة الجيش القرطاجي الذين كانوا على الجناحين. فر المرتزقة من المعسكر القرطاجي في تلك الليلة. أنهت هذه الهزيمة الكارثية التواجد القرطاجي في أيبيريا. وبعد ذلك، استولى الرومان على مدينة قادس في سنة 206 ق م، بعد أن ثارت المدينة ضد الحكم القرطاجي. آخر محاولة للقرطاجيين كانت في سنة 205 ق م. عندما حاول ماجو استعادة مدينة قرطاجنة الأيبيرية. ولكن الهجوم فشل. وفي نفس العام، غادر ماجو أيبيريا، وأبحر من جزر البليار إلى إيطاليا مع قواته الباقية. النزاع النوميدي. في سنة 206 ق م.، كان هناك تتابع سريع للملوك في نوميديا الشرقية، والذي لم ينتهي إلا عند تقسيم المملكة بين قرطاجنة والملك صيفاقس ملك نوميديا الغربية، أحد الحلفاء السابقين للرومان، وكان ذلك عبر صفقة تقتضي بأن يتزوج صيفاقس من صفنبعل، ابنة صدربعل جيسكو. وهكذا، لجأ ماسينيسا، ملك النوميديين الذي خسر خطيبته لصالح صيفاقس وعرشه لصالح قرطاجة ونوميديا الشرقية بعد أن كان قد ساعد القرطاجيون سابقا على الرومان في أيبيريا، لجأ إلى الرومان الذين كان قد سبق واتصل بهم خلال مشاركته بالحرب في شبه الجزيرة سالفة الذكر. الأوضاع في وسط البحر المتوسط (206 ق م. - 201 ق م.). المشهد الأخير في إيطاليا. في سنة 205 ق م.، وصل ماجو برقا بقواته إلى إيطاليا. وسرعان ما اشتبك مع الرومان وهزم في معركة وادي بو في سنة 203 ق م. أما في الجنوب فبقي الوضع معلقا عندما لم يحسم أي من حنبعل أو الرومان معركة كروتوني. الحرب تنتقل إلى أفريقيا. أسند إلى سكيبيو الإفريقي قيادة الفيالق الرومانية في صقلية، وهناك تلقى أمرا بإنهاء الحرب عن طريق غزو إفريقية. وكانت هذه الفيالق مكونة من الناجين من معركة كاناي الذين لم يكن مسموحا لهم العودة إلى الديار حتى تنتهي الحرب. كان سكيبيو أيضا واحدا من الناجين، وكان قد أبلى بلاء حسنا خلال حصار سرقوسة، فتم السماح له بالعودة إلى روما، وهناك تدرج بنجاح في المناصب العامة، حتى تولى قيادة القوات في أيبيريا. في غضون سنة من وصوله لإفريقية، هزم سكيبيو القوات القرطاجية تحت قيادة صدربعل جيسكو وحلفائه النوميديين في معركتي يوتيكا والسهول الكبرى. وكان الملك صيفاقس ملك النوميديين الغربيين، الحليف الرئيسي للقرطاجيين، قد هزم وأسر في معركة سيرتا أمام جايوس لايلوس، في الوقت الذي استعاد فيه ماسينيسا، المنافس النوميدي لصيفاقس وحليف الرومان، جزء كبيرا من مملكته بمساعدتهم. أقنعت هذه الانتكسات بعضا من القرطاجيين، بالدعوى للسلام. بينما طالب البعض الآخر بعودة حنبعل وماجو، الذين كانا لا يزالان يقاتلان الرومان في قلورية وغاليا كيسالبينا على التوالي. وفي سنة 203 ق م.، في الوقت الذي كان فيه سكيبيو الإفريقي وحزب السلام القرطاجي يرتبون لهدنة، استدعي حنبعل من إيطاليا من قبل حزب الحرب في قرطاجنة. وبعد أن سجل رحلته بالقرطاجية واليونانية على جدران معبد الإلهة "جونو" في كروتوني، أبحر عائدا إلى إفريقية. وفور وصول حنبعل استعاد حزب الحرب الهيمنة في قرطاجنة، ووضعوا تحت قيادته قواتا من الأفارقة والمرتزقة الإيطاليين. لكن حنبعل اعترض على ذلك، وحاول إقناعهم بعدم إرسال الأفارقة غير المدربين في المعركة. وفي سنة 202 ق م، التقى حنبعل وسكيبيو في مؤتمر للسلام. وعلى الرغم من الإعجاب المتبادل بين القائدين، تعثرت المفاوضات، حيث اعترض الرومان على سوء النوايا القرطاجية. فك الهدنة ومعاهدة السلام النهائية. في سنة 202 ق م.، كانت المعركة الحاسمة، وفيها، خلافا لمعظم معارك الحرب البونيقية الثانية، كان التفوق لسلاح الفرسان الروماني، بينما كان القرطاجيون متفوقين في سلاح المشاة، كذلك، كان الجيش الروماني أفضل تسليحا من الجيش القرطاجي. رفض حنبعل قيادة هذا الجيش في المعركة لأنه لم يكن يتوقع له القدرة على الصمود. فحدثت بينه وبين الأوليغارشية نقاشات كثيرة، كما أجبر صدربعل جيسكو شريك حنبعل في القيادة على الانتحار لتأييده رأي حنبعل بأنه لا ينبغي أن تذهب هذه القوات إلى المعركة. وقد بلغ من استياء حنبعل أنه لم يخطب في قواته الجديدة قبل المعركة، ولكنه اكتفي بإلقاء كلمة لقدامى المحاربين فقط. تعمد سكيبيو إثارة الفيلة في الجيش القرطاجي، فقفلت راجعة متسببة في حالة من الفوضى بين صفوف الفرسان القرطاجيين. استفاد الفرسان الرومان من ذلك وأجبروا سلاح الفرسان القرطاجي على الابتعاد عن ميدان المعركة. ومع ذلك، ظلت المعركة متقاربة، بل وكان حنبعل على وشك الانتصار، لولا صمود سكيبيو مع رجاله، وعودة الفرسان الرومان من مطاردة الفرسان القرطاجيين ومن ثم مهاجمتهم لمؤخرة الجيش القرطاجي. أدى هذا الهجوم المزدوج إلى تفكك وانهيار الجيش القرطاجي. وبعد هزيمتهم، أقنع حنبعل القرطاجيين بقبول السلام. ما بعد الحرب. روما وقرطاجنة بعد الحرب. فقدت قرطاجنة هسبانيا إلى الأبد، وأصبحت دولة تابعة للرومان. وفرضت عليها تعويضات حرب تقدر بعشرة آلاف طالنط، كما منعت القرطاجيين من الاحتفاظ بأكثر من عشرة سفن فقط لحماية سواحلهم من القراصنة، ومنعوا أيضا من جمع أي جيش دون إذن من روما. أعطى ذلك الفرصة للنوميديين لاحتلال ونهب الأراضي القرطاجية. وبعد نصف قرن، عندما جمعت قرطاجنة جيشا للدفاع عن نفسها ضد هذه التهديدات، دمرت روما هذا الجيش في الحرب البونيقية الثالثة. أما روما، فبانتصارها أتتها الفرصة للهيمنة على البحر المتوسط. لم تكن نهاية الحرب مرحبا بها في روما، لأسباب تتعلق بالسياسة والمعنويات. فعندما صدر مرسوم من مجلس الشيوخ للاتفاق على معاهدة سلام مع قرطاجنة، قال "كوينتس كاسيليوس ميتيليوس"، وهو قنصل سابق: «إنني لا أعتقد أن إنهاء الحرب شيء سيسعد روما، أخشى أن يغرق الشعب الروماني مرة أخرى في سباته السابق، الذي أيقظهم منه وجود حنبعل». اتفق أيضا معه "كاتو الكبير"، الذي قال: «إن لم يتم تدمير قرطاج تماما، فبعد فترة ستستعيد قوتها وتشكل تهديدا جديدا لروما، وستضغط على روما للحصول على اتفاق أفضل للسلام». أصر كاتو على تدمير قرطاجنة حتى بعد إبرام معاهدة السلام، وأنهي خطبته بعبارة: "علاوة على ذلك، أعتقد أنه ينبغي تدمير قرطاج" . اعتزل حنبعل الحياة العسكرية واتجه للتجارة، وبعد عدة سنوات، أصبح له دور قيادي في قرطاجنة، على الرغم استياء النبلاء القرطاجيين من سياسته الديمقراطية ومكافحته للفساد. وفيما بعد أقنع النبلاء الرومان بنفيه إلى آسيا الصغرى، ومن هناك قاد الجيوش مرة أخرى ضد الرومان وحلفائهم. وفي نهاية المطاف، انتحر حنبعل لتجنب إلقاء القبض عليه. قرطاجنة ونوميديا بعد الحرب. كانت هناك مناوشات خفيفة بين قرطاجنة ونوميديا، ولكن بعد الحرب البونيقية الثالثة، استولت نوميديا على معظم الأراضي القرطاجية في شمال أفريقيا. الاستخبارات أثناء الحرب. في هذا الصراع، لعبت الاستخبارات دورا هاما في كلا الجانبين. فقد أسس حنبعل شبكة من المخابرات التي مكنته من تحقيق انتصاراته البارزة. وبالمثل، كانت انتصارات سكيبيو الإفريقي الرئيسية معتمدة على المعلومات التي جمعها جواسيسه. في سنة 217 ق م، تم القبض على مواطن روماني يقيم في روما، كان يعمل كجاسوس للقرطاجيين، وقطعت يداه كعقوبة على ذلك. معركة قرطاج حرب حاسمة وقعت في سنة 149 قبل الميلاد بين قرطاج الفينيقية في أفريقيا والجمهورية الرومانية أنهت الحرب البونيقية الثالثة وازالت بشكل نهائي التهديد القرطاجي. أحداث الحرب. بعد أن قام الرومان بكشف نواياهم الحقيقية ورغبتهم في الاستيلاء على المدينة بدأ العمل في قرطاجة بجد ونشاط زائدين في دعم الأسوار واستحضار الأسلحة وإعداد الجيش الازم الذي اعتمد على الفرسان الفينيقيين والليبييين المجاورين في تكوينه. حول القرطاجيون المحال والمصانع والمعابد إلى مصانع لإنتاج الأسلحة ولوازم الحرب مما أثار إعجاب الرومان أنفسهم بفضل الجهد الكبير الذي بذلته قرطاجة في آخر لحظة وآثروا أن يموتوا محاربين على أن يستسلموا للغزاة. بعد أسبوع من تقديم الإنذار الروماني لقرطاجة زحفت الجيوش الرومانية تحت حماية فرسان ماسينيسا على قرطاجة وصدمت أسوار المدينة في موجة الهجوم الأولى التي كانت الخطة العامة تعول عليها لفتح ثغرة في الأسوار، ولكن قرطاجة ردت الهجوم بكفاءة غير متوقعة وتراجع الرومان غير مصدقين أن مدينة توقع لهم على وثيقة إعدامها، وأن تقاوم الإعدام نفسه بكل هذا العنف كان ذلك في عام 149 ق.م. وطول الثلاث السنوات التالية ظل الرومان يهجمون بشكل مستمر على أسوار قرطاجة، وظلت قرطاجة ترد هذه الموجات بكفاءة عالية متزايدة ولكن الوقت كان قد فات. فقد بادرت روما إلى إرسال سكيبيو الذي كان حلمه (أن يدمر قرطاجة حجر بعد حجر)، وأعطته مايكفي من الرجال والسفن لتحقيق هذا الحلم. في أكتوبر من عام 146 ق.م افتتح سكيبو هجومه بالتقدم إلى الميناء حيث كانت قرطاجة قد اعدت ثلاثين سفينة على عجل لكسر طوق الحصار وتزويد المدينة بالمؤن. وبعد مناوشة بحرية عابرة حطم سكيبو قوارب قرطاجة وتقدم إلى المرفأ حيث نصب أدوات الحصار وراء الأسوار، ودفع بقواته الخاصة لقيادة الهجوم تحت حماية وابل من القذائف المشتعلة. وطوال الستة الأيام التالية استمر القتال حول السور وفي الشوارع وعلى السطوح. وتمكن صدر بعل قائد فرق الخيالة من تنظيم المقاومة بين الجيش والشعب وشن هجمات كاسحة في اتجاه الميناء في محاولة مستحيلة للخروج بالأطفال والنساء إلى البحر، وبعد أن أدركه اليأس وضع سيفه على الأرض وانحنى أمام سكيبو طالبا لهم الرحمة. إذ ذاك تقول الروايات تقدمت زوجة صدربعل برقا ورمت بنفسها في النار مع طفليها لكي لا تحوجه استعطاف الرومان المتغطرسين، وأندفعت قرطاجة تقاتل من جديد في آخر معركة وآخر يوم فيما أشرف سكيبيو من موقعه في البرج على على عمليات القوات الخاصة لإشعل النار في كل بيت. بعد سبعة عشر يوما أنطفات النار. وختم سكيبو تجربته الرهيبة مع قرطاجة بأشعار من إلياذة الشاعر اليوناني هوميروس ثم أمر بحرثها بالمحراث، وأمر أيضا برش أرضها بالملح لكي لاتعود أراضيها قابلة للزراعة. النتائج. أفضى الحصار سنة 146 ق.م إلى استيلاء الجيش الروماني على العاصمة البونية بعد صمود طويل ثم إن الرومان عمدوا إلى حرقها وتخريبها و تشتيت ما تبقى من سكانها. كما وقع الاستيلاء على أراضيها وتحويلها إلى مقاطعة رومانية تحمل اسم مقاطعة أفريكا . و ضمت المقاطعة الرومانية الجديدة في شمال وشرق البلاد التونسية الحالية مجموع الأراضي الخصبة الواقعة في الحوض الأسفل لوادي مجردة وفي كامل حوض مليان ونواحي الوطن القبلي و في الساحل . و كان يفصل بينها وبين المملكة النوميدية المجاورة الخندق الملكي (فوساريجيا) الذي أمر بحفره القائد الروماني سكيبيو أيميليانوس. أما عن عاصمة الولاية فكانت أوتيكة (Utica) و هي واحدة من المدن التي تحالفت مع روما في حروبها ضد قرطاج. ومن حينها ظلت قرطاجة مقاطعة تابعة للرومان إلى أن جاء الفتح العربي الإسلامي الذي حررها منهم وانتهت مع دمار قرطاجة السيادة البونيقية في غرب البحر الأبيض المتوسط. كان هدف معظم المدن اليونانية في جنوب وشرق صقلية هدف قرطاج نفسه - حكم التجارة في البحر الأبيض المتوسط. فكان الطرفان يطمعان في السيطرة على جزيرة صقلية بالكامل التي تمثل المفتاح إلى غرب البحر المتوسط ولهذا أصبحوا أعداء دائمين. وكلاهما بدآ استعمار جزيرة صقلية من زمان. في عام 480 ق.م قام جيلون طاغية مدينة سيراكوزا اليونانية الذي كان يحاول أن يوحد المدن اليونانية في صقلية بتحريض ثيرون طاغية مدينة أكراغاس ضد مدينة هيميرا اليونانية حيث طردوا حاكمها الموالي لقرطاجة المدعو تريليوس. أستنجد تريليوس بقرطاجة التي قررت أن تحارب إغريق صقلية في عام 480 ق.م. أرسلت قرطاج جيشا كبيرا مكونا من 300.000 ألف جندي تحت قيادة حملقارت حيث تم إنزالهم على الشاطئ قرب مدينة هيميرا. لكن الإغريق اليونانيون من الخيالة فاجؤوا الجيش القرطاجي من المشاة حيث أن القرطاجيون لم ينشؤوا الخنادق والتحصينات العسكرية. فحاول حملقارت أن يفر بجيشه ناحية سفن الأسطول ولكن اليونانيون تبعوه وقتلوا الكثير من جيشه وقام أسطول سيراكوزا بالقضاء على ما تبقى من القرطاجيين وسفنهم. انتحر حملقارت وتغيرت حكومة قرطاج من أرستقراطية إلى جمهورية ولم تعلن قرطاج الحرب في صقلية لمدة السبعين عاما اللاحقة. بعد أقل من سبعين عام رجعت قرطاج إلى قوتها الأصلية. بعد أنشأت مدن كثيرة في شمال إفريقية واستعمرت جزءا أكبر من تونس. ففي عام 409 ق. م هددت مدينة سيلينوس اليونانية مدينة سيجستا الإيليمية التي أستنجدت بقرطاجة فذهب حنبعل ماجو حفيد حملقارت ليحارب ضد مدن صقلية اليونانية وفتح مدن سيلينوس وهيميرا وذبح 3,000 آلاف من الإغريق كقربان على جده المنتحر حملقارت. و في عام 406ق.م خرجت حملة قرطاجية جديدة على صقلية بقيادة القائدين حنبعل ماجو وهيميلكو بن حانون ولكن حنبعل ماجو مات فقام هيميلكو بتدمير العديد من المدن اليونانية المهمة مثل أكراغاس، جيلا وكامارينا على السواحل الجنوبية عندها أصبحت صقلية اليونانية كلها مهددة بالخطر. كان رد فعل اليونانيون يتزعمه ديونيسيوس الأول طاغية سيراكوزا الذي أنهى حالة السلم مع قرطاجة في عام 406 ق. م، فتحرك ضد القرطاجيين فأحرز انتصارات عديدة ولكنه خسر لاحقا أمامهم فعقد الصلح مع قرطاجة في عام 405 ق.م الذي يقتضي بالتنازل عن كل أملاكه ويعود إلى سيراكوزا ويكف عن التدخل في شؤون المدن الأخرى. ولكن بعد سبع سنوات عاد ديونيسيوس مرة ثانية ليتحدى قرطاجة ففي عام 398 ق.م قام ديونيسيوس الأول بمهاجمة مدينتي موتيا وسيجستا حليفتي قرطاجة. وفي العام التالي أشتبك مع الأسطول القرطاجي في سلسلة من المعارك التي أنهاها حيملكو بعد عامين من المعارك المستمرة بهزيمة ديونيسيوس الأول في معركة كاتانا البحرية وحصاره لمدينة سيراكوزا. ولكن الطاعون تفشى بين القرطاجيين فأنسحب حيملكو قبل سقوط سيراكوزا. ولكنه عاود الهجوم بعد ثلاثة سنوات فتخلى ديونيسيوس عن خططه مع الأغريق اليونانيين وأعترف بتواجد قرطاجة في صقلية في معاهدة كالتي عقدها عام 405 ق.م. و مرة ثالثة أيضا يعاود ديونيسيوس الأول الحرب وينقض المعاهدة مع قرطاجة بتشجيع من الإغريق عام 382 ق.م حيث شن سلسلة من المعارك ضد القرطاجيين انتهت بموته عام 367 ق.م. فمدت قرطاجة نفوذها إلى حميع الأراضي في غرب الجزيرة حتى نهر هاليكوس. في عام 315 ق.م. أخذ اغاثوقليس اليوناني (طاغية سيراكوزا) مدينة مسينا الإغريقية وكانت قرطاجة قد جعلته حاكما لسيراكوزا ثم رفض اتفاق السلام بينه وبين قرطاجة وهجم على الجزء القرطاجي لصقلية، وأيضا مدينة اكراغاس. فأرسلت قرطاج حملقار حفيد حنى الطيار ليحاربهم، وكان نجاح عظيم، ففي عام 310 ق.م. كان يحكم تقريبا كل الجزيرة وكان جيشه حول سيراكوزا نفسها. لكن اغاثوقليس ذهب سرا عام 310 ق.م مع جيش يتكون من 14.000 جندي على متن 60 سفينة ليهاجم قرطاج نفسها، وعندما رسا على البر الأفريقي أحرق سفنه وأتجه بعزم نحو قرطاجة، فكانت تلك صدمة قوية للقرطاجيين حيث سقطت حصونهم بسهولة لأنهم كانوا غير مستعدين للقتال. فلم تصادف اليونانيين سوى الحقول الخصبة وبساتين الكروم وخربوا في طريقهم مدن ميغالوبوليس وتونس وبدؤوا التعسكر حول قرطاجة نفسها. أرسلت قرطاجة جيشا لمقابلة أغاثوقليس ولكنه أوقع به هزيمة ساحقة مما جعل الموقف شاذا حيث كل من الطرفين يحاصر مدينة الآخر. وبينما كان حملقارت يحاصر سيراكوزا استطاع أغاثوقليس أن يمد منطقة سيطرته شرق قرطاجة. وتحالف مع أوفلاس حاكم قورينائية (برقة) الذي يتبع البطالمة في مصر فأمده هذا الأخير ب 10,000 جندي من الأثينيين وتوجه إلى أغاثوقليس الذي قتله وأستولى على جيشه. في ذلك الوقت تعرضت قرطاجة لأزمة سياسية داخلية حيث أوشك بوملقارت على أن يصل إلى السلطة المطلقة لكنه قتل فأستغل أغاثوقليس الفرصة واستولى على مدن أوتيكا وهيبوأكرا (بنزرت)، فبدأ في إنشاء أسطول وأبحر بجيش صغير إلى صقلية ليفك الحصار القرطاجي عنها. إلا ان القرطاجيين استغلوا فرصة غيابه وهاجموا قواته اليونانية في أفريقيا وهزموها وتمكنوا من إعادة حلفائهم السابقين إلى جانبهم. فعاد أغاثوقليس مسرعا إلى أفريقيا بعد فوات الأوان ففشل ففر إلى صقلية وتوصلت قواته إلى الاتفاق مع قرطاجة وعقد معاهدة مع القرطاجيين عام 305 ق.م. أدت إلى نهاية الحرب بينهما حيث أحتفظت قرطاجة بأملاكها في الشمال الأفريقي وتأخذ جزء من صقلية حتى نهر هاليقوس (ثلث الجزيرة تقريبا) بينما يأخذ أغاثوقليس تعويضا رمزيا. الإمبراطورية القرطاجية أو قرطاج "(قرطاجة بالعربية)" هي الحضارة القرطاجية التي حكمت غرب المتوسط في العصور القديمة، كانت أراضي قرطاجة تشمل مناطق المستعمرات الفينيقية الأسبق منها وقامت قرطاجة ببناء مستعمرات جديدة وفي كثير من الحالات أعادة استعمار المستعمرات الفينيقية وقد جعلت تلك المستعمرات في طرابلس، تونس ،الجزائر، المغرب وجنوب إسبانيا جعلت من قرطاجة القائد والحامي الرسمي لفينيقيي الغرب. قامت قرطاجة ببناء مستعمرة لها في إيبيزا في جزر البليار عام654 ق.م وقامت كذلك بتحويل الأسواق التجارية المؤقتة في مدن طرابلس الفينيقية (لبدة، أويا وصبراتة) إلى أسواق دائمة طول العام مما أنعش هذه المدن وزاد من استقرارها الاقتصادي. و قد وصلت مستعمرات القرطاجيين التجارية حتى جنوب البرتغال بقيادة هملكون كما قاموا ببناء المستعمرات كذلك على شواطئ الأطلسي للمغرب الأقصى، وتدل رحلة حانون الملاح على النشاط الاستعماري للقرطاجيين حيث قام بزرع العديد من المستعمرات القرطاجية على ساحل المغرب الأطلسي بهدف توطين الكثير من الفينيقيين هناك. وكانت قرطاجة تحكم 300 مدينة في الشمال الأفريقي وحده قبل أندلاع الحروب البونيقية(264-146ق.م)، وبلغ عدد سكان مدينة قرطاجة ذاتها ال700،000 نسمة. وكانت المدن الفينيقية الغربية تتمتع بالحكم الذاتي لكن في ظل سيادة قرطاجة عليها ويقدر أن عدد رعايا الإمبراطورية القرطاجية بلغ ما بين ال3000،000 وال4000،000 ملايين نسمة. وقد كان سكان تلك الإمبراطورية خليطا من الفينيقيين والليبيين الأمازيغ والإيبيريين والسردينيين وحتى بعض الجاليات اليونانية والإتروسكية. و قد كانت للفينيقيين أنفسهم جاليات تقيم في المدن الإتروسكية في إيطاليا القديمة مثل مدينتي (بيرغي) و(جرافيسكا) اللتين تطلان على البحر المتوسط وتقعان شمال نابولي، فقد جاء في لوحات بيرغي الشهيرة والتي كانت تعدّ ميناء لمدينة (كايري) الإتروسكية أن ملك الأخيرة والمدعو(ثيفاري فالياناس) قد أقام معبدا للألهة الفينيقية (عشتروت) في حوالي العام 500 ق.م، وفي أعمال المجالس الشعبية. النظام السياسي. في قرطاجة زالت الملكيّة الوراثيّة باكراً وحلّت محلّها الملكيّة الانتخابيّة. ومع أنّ الملكيّة جمعت في نفسها وظيفة الكهنوت والقضاء والإدارة التّنفيذيّة، فإنّ انفصال القيادة الحربيّة والسّلطة العسكريّة عنها أضعف مركزها وسيطرتها. ثمّ إنّ الملكيّة نفسها انحطّت في أوائل القرن الرابع ق. م إلى حالة الانتخاب السّنويّ بواسطة الكليّة الانتخابيّة. وهكذا نجد الدّولة القرطاجيّة تتّجه رويداً نحو الدّيمقراطيّة السّياسيّة، بعد أن كاد احتكار بيت ماقون سلطة الإدارة الممثّلة في السّوفتين وقيادة الجيش يعيدها إلى ملكيّة. إنّ أهمّ عصور الدّولة القرطاجيّة كان عصر مجلس الشّيوخ ومجلس الحكماء ومجلس الشعب الأرستقراطيّة. و في هدا المكان نجد الدّولة الأرستقراطيّة المؤلّفة من طبقة التّجار الأثرياء وأصحاب الأملاك الواسعة، ولكنّ قبض أسرة ماقون على الجيش والإدارة معاً بالتّعاقب أوجد خطراً عظيماً على الأرستقراطيّة بإمكانيّة إعلان هذه الأسرة نفسها أسرة مالكة. فلما أنشئ مجلس الـ104 أصبح هذا المجلس صاحب السّلطة العليا في الحكم على موظّفي الدّولة وقواد الجيش ورجال مجلس الشّيوخ والملوك المنتخبين سنوياً أو السوفت. ومع أنّ قسماً من هذا المجلس كان ينتخب سنويّاً من الشّعب فإنّ نفوذ الطّبقة الغنيّة واستعمال المال وعدم وجود مادّة تمنع قابليّة إعادة انتخاب الأعضاء على طول الحياة، جعل هذا المجلس يمثّل حكم الطّبقة. ولكنّه كان في كلّ حال خطوة واسعة نحو الديمقراطية، إذ إنّ مرتبة المتموّلين لم تكن طبقة خاصّة قائمة بنفسها ومنفصلة عن عامّة الشّعب، بل كانت مرتبة يتعاطى أهلها الأعمال التّجاريّة ويمتزجون بالشّعب. وهذه كانت ميزة للطّبقة الحاكمة في قرطاجة، وإنّ الطّبقات في الدّول السّوريّة البحريّة لم تتحدّد التّحدّد الّذي نراه في غيرها. ولقد تمّ نشوء هذا المجلس الّذي كان يقصد منه وضع حدّ للعائلة المسيطرة على شؤون الدّولة بدون أن تلجأ هذه إلى مقاومته، فبرهنت الدّولة القرطاجيّة بذلك على مرونة سياسيّة كبيرة جعلتها فوق جميع الدّول والإمبراطوريات التي تقدّمتها أو عاصرتها. وماير يقول إنّه لم يكن بين جميع دول الإغريق دولة واحدة بلغت أو كادت تبلغ ما بلغته قرطاجة من وسائل القوّة والاتّساع. ولا يعطي ماير قرطاجة حقّها الكامل حين يقول إنّها جديرة بأن تكون، من حيث التّرتيبات السّياسيّة، مثالاً يقتبس عنه الإغريق من بعض الوجوه. إنّ محاولة الجمهوريّة الإغريقيّة ألغت الدّولة أو كادت تلغيها. وإنّ الأسلوب الّذي جرت عليه الدّولة في تقدّمها وارتقائها كان الأسلوب السّوريّ الّذي ارتقى في قرطاجة إلى الدّيمقراطيّة ووضوح الحقوق المدنيّة والحقوق الشّخصيّة مع بقاء الدّولة شيئاً متميّزاً عن الشّعب، مؤسّسة لا يمكن أن تعرّض لعبث الجمهور. والحقيقة أنّ نظام الدّولة القرطاجيّة كان معرّضاً لانتقادات بعيدة عن الصّواب، إذ ليس معقولاً، من الوجهة المنطقيّة، أن تتمكّن مؤسّسة فاسدة من إنشاء إمبراطورية واسعة جدّاً وربح حروب عديدة في البرّ والبحر وإدارة هذه الإمبراطورية الضّخمة طوال قرون. فقد أخضعت قرطاجة جميع الشّعوب الالأمازيغ في تونس ومرّاكش وسيطرت على قبائل البدو المجاورة وألحقت بسلطتها المدن الفينيقيّة على الشاطئ الأفريقيّ واحتكرت الجنوب الغربيّ من البحر المتوسط والمحيط الأطلنطي. وإدارة دولة بهذه المساحة تقتضي نظاماً راقياً قويّاً ومؤسسات ثابتة. ولقد ميّزت قرطاجة بين رعاياها الفينقيّين . وصحيح أنّ المدن الفينيقيّة الّتي كانت في البدء حليفة قرطاجة أصبحت خاضعة لها وداخلة في نطاق حقوقها، مع احتفاظها بحكوماتها الخاصّة، ولكنّ ذلك جعل أبناء هذه المدن مساوين للقرطاجيّين في الحقوق الشّخصيّة والمدنيّة فكانوا يترقّون في الجيش ويحقّ لهم تسنّم المراتب العالية فيه. ولهم نفس مرتبة القرطاجيّين تجاه الشعوب الحاميّة المخضعة ولكنّهم كانوا فاقدي الحقوق السّياسيّة. لم تعرف قرطاجة الثوّرات الدّمويّة العنيفة وهذه الحقيقة تدلّ على أنّ الدّولة لم تسر على طريقة الإرهاق. وإذا كان هنالك ضغط فهو قد تناول العبيد واللّيبيين الّذين كان يصعب على الفينيقيّين الامتزاج بهم وإدخالهم في متّحدهم ولذلك لم تتمكّن قرطاجة من منح هؤلاء حقوق أبنائها، كما فعلت روما فيما بعد مع الشّعوب الّتي دخلت ضمن إمبراطوريتها. وروما نفسها، لم تسلّم بتساوي اللاّتين وأبنائها إلاّ بعد حروب عنيفة ومشاكل صعبة. إنّ المعضلة السّياسيّة العظمى الّتي كانت تواجهها قرطاجة هي النّزاع الشّديد الصّامت بين الطّبقة القابضة على زمام السّلطة وإمبراطور الجيش. والحقيقة أنّ هذا النّزاع كان السّبب الرئيسيّ في خسارة الحرب الفينيقيّة الثّانية مع روما. ففي هذه الحرب الطاحنة الّتي وضع خطّتها هانيبعل أعظم نابغة حربيّ في كلّ العصور وكلّ الأمم، سلك مجلس قرطاجة خطة غريبة تجاه هذا القائد القرطاجيّ العظيم، فقد اهتمّ هذا المجلس بإرسال المدد إلى الميدان الإسبانيّ ولم يتّخذ أيّ تدبير حاسم لإيصال المدد الضّروريّ إلى الميدان الإيطاليّ. إنّ حنبعل (هانيبال) كان يدرك جيّداً أنّ الضّربة القاضية الّتي يمكن إحدى الدّولتين المتنازعتين أن تنزلها بالأخرى يجب أن تكون في مركزها، ولذلك زحف على روما ذلك الزّحف الرّائع مجتازاً جبال الألب الشّاهقة حتّى بلغ أسوار روما وقد دبّ فيها الرّعب على أثر معركة كاناي المخلّدة نبوغه وهلع قلب شعبها لتناقل العبارة (187)Hannibal ad Portas!. ولكنّ مجلس قرطاجة بقي غارقاً في دسائسه ضدّ القائد ذاهلاً عن المرمى البعيد الّذي رمى إليه حنبعل. الصراع السياسي. وفي قرطاجة، كما في روما، كان نزاع شديد بين حزب الشّعب والطّبقة القابضة على مقاليد الأمور. ومع أنّ المبدأ المعترف به في قرطاجة كان مبدأ سيادة الشّعب، إذ كان من المقرّر أن يستفتى الشّعب في كلّ اختلاف بين المجلس والمراجع الحكوميّة، فإنّ هذا المبدأ ظلّ بعيداً عن التّحقيق بسبب مناورات الطّبقة الحاكمة وبذل المال. ولكنّ الكوارث الّتي نزلت بقرطاجة في الحرب بونيقية الأولى وخسارة الحرب البونيقية الثانية الّتي كانت كفتها فيها راجحة، قوّت روح الاستياء في شعب المدينة ونشط الحزب الدّيمقراطيّ ومكّن هاني بعل من تحقيق إصلاحه الدّيمقراطيّ بإلغاء إعادة انتخاب أعضاء مجلس ال104 أكثر من مرّة واحدة وتحوير بعض القوانين الإداريّة والماليّة فكان هذا الإصلاح سابقة للإصلاح الغراقيّ في روما. أعطى إصلاح حنبعل قرطاجة الدّيمقراطيّة الصّحيحة والاتّجاه الدّيمقراطيّ الفعليّ. ولم يبق أمام قرطاجة لاستعادة حيويتها الإمبراطورية سوى تمديد الحقوق السّياسيّة المركزيّة إلى المدن الفينيقيّة التّابعة أو الموالية لها ورفع الحقوق الشّخصيّة والمدنيّة في الشّعوب اللّيبية الّتي ظلّت موالية لها، وإعادة تنظيم الجيش على أساس قوميّ بدلاً من الجيش المستأجر الّذي كان يؤلّف أهمّ قسم من القّوات المحاربة. ولكنّ روما لم يكن يهدأ لها روع ما دامت ندّتها العظيمة قيد الوجود فظلّ كاتو يختم كلّ خطاب من خطبه في مجلس الشيوخ الروماني بهذه العبارة «أعتقد أنّه يجب تدمير قرطاجة» حتّى كانت الحرب الفينيقيّة الثالثّة الّتي انتهت بخراب المدينة وقتل معظم أهلها وجلاء الباقين عنها. وصف أرسطو حكومة قرطاجة في 340 ق م وقال أنها كانت أساسا حكومة أغنياء المدينة، وأن أساس نجاحها كانت نموها اقتصادية الدائمة واستعمارها، فهكذا كل مواطن رأى أن حاله كان يتحسن. وكان أكبرهم الـ"شوفط"، قاض القضاة، وقائد الجيوش الذي لم يدخل في حكومة المدينة، وفي القديم أيضا كان لهم ملوك. تحتهم كان مجلس الشيوخ وتحتهم مجلس المدنيين. واختيار الشوفطين والملوك كان حسب حسنهم ومالهم، ولا يرتبط بعائلتهم. ويذكر أرسطو أن من أراد أن يجادل رأي الملوك والشوفطين يستطيع أن يفعل ذلك لما خاطب الملوك والشوفطين الشعب. ولمعظم تاريخهم كان جنودهم أجراء وليس حلفاء، وأحيانا أصبح هذا مشكلة كبيرة كما رأينا. طهران () هي عاصمة إيران، ومركز محافظة طهران، وأكبر مدن إيران ومن أكثر مدن المنطقة اكتظاظا بالسكان، وهي المركز الثقافي والاقتصادي والسياسي للبلاد، وتعتبر العاصمة الثانية والثلاثون لإيران بعد أن انتقلت إليها من مدينة شيراز. شهدت المدينة مؤتمرا تاريخيا هاما يدعى مؤتمر طهران، وهو الاجتماع الأول للقادة الرئيسيين لقوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، تقع مدينة طهران على خط عرض 35.41 شمالاً وعلى خط طول 51.25 شرقاً على السفوح الجنوبية لجبال البرز وتصعد أحيائها الراقية في شمال المدينة على الأقدام الجنوبية لـ جبال البرز. يبلغ عدد سكانها حوالي اثني عشر مليون نسمة حسب إحصاء عام 2012. تتركز فيها ما يفوق نصف صناعات البلاد الأساسية مثل الصناعات الكهربائية، النسيج، السكر، الاسمنت، الكيميائيات وغيرها. إضافة إلى العديد من المسارح، المدارس، الجامعات، الحدائق والمتاحف. الغالبية العظمى من سكان مدينة طهران يتكلمون باللغة الفارسية وحوالي 99٪ من سكان العاصمة يفهمون ويتحدثون الفارسية. وهناك أيضا أعداد كبيرة من القوميات الإيرانية الأخرى في المدينة مثل الأذربيجانيين، المازندرانيین، الجيلانين، الأرمن، اللور و الأكراد الذين يتحدثون الفارسية كلغة ثانية. المدينة. طهران من أكثر المدن حداثة في الشرق الأوسط، وقد تم تشييد أجزاء منها أو إعادة تشييدها في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي. وشوارع المدينة عريضة وتحيط بها عمارات حديثة شاهقة على نمط المعمار الغربي. وتقع المباني التجارية والحكومية الرئيسية وكذلك المتاجر العصرية في وسط المدينة. كما تقع في نفس المنطقة الأحياء التجارية القديمة، حيث يقوم التجار بعرض المنسوجات، والمجوهرات، والمصنوعات اليدوية في بازار (سوق) يرجع تأريخه إلى مئات السنين. ومعظم السكان من الطبقة الوسطى في طهران، ويعيشون في العمارات السكنية وتعيش أعداد كبيرة من الفقراء في شقق ومنازل عتيقة في المناطق الجنوبية من طهران. ويعيش الأثرياء في منازل فسيحة وجميلة في شمالي المدينة. ومدينة طهران بها العديد من الحدائق والمسارح. ومن بين متاحفها متحف الآثار ومتحف الأعراق البشرية (الإثنولوجي) وقصر گلستان، وبالمدينة عدد من الجامعات، وأكبرها جامعة طهران. ومن أشهر معالمها شارع «ولي عصر» الذي يبلغ طوله 30 كم، وساحة آزادي، أي ساحة الحرية، وفيها النصب الحجري المرتفع الذي يٌعَدُّ رمز المدينة، وهو أخر ما بناه الشاه محمد رضا بهلوي. ويوجد في طهران العديد من الحدائق الجميلة والمسارح والمتاحف (متحف الآثار والمتحف الإثنولوجي ومتحف قصر جولستان) وتضم أيضاً عدداً كبيراً من المساجد البالغة الروعة بقبابها الفخمة ومآذنها النادرة المثال في الصنعة والنمنمة والفسيفساء. الاسم. تسمى طهران باللغة الفارسية تهران، وقد وردت تفسيراتٌ كثيرةٌ حول تسميتها بهذا الاسم ( تهران )، ولكن أكثر التفسيرات اعتماداً كان تفسير مجمع اللغة والأدب الفارسيين، وكان تفسيرهم للاسم يقول بأنَّ اسم تهران بالأصل مكوّن من كلمتين هما (ته) وتعني هذه الكلمة (تحت)، والكلمة الأخرى (ران) التي تعني (الأرض المنسبطة)، وفسَّروا أنَّ السبب في تسمية المدينة بهذا الاسم هو احتوائها على الكثير من الأماكن التي تصلح للاختباء من المهاجمين لها، وبذلك يكون معنى اسم المنطقة تهران هو (تحت الأرض). الموقع. تقع في شمالي إيران تحت جبال ألبرز. وبحكم موقع إيران فإن عواصم البلاد تعددت وتغيرت، وتعتبر طهران العاصمة الثانية والثلاثون لإيران، ومن العواصم السابقة للبلاد مدينة شيراز التي انتقلت العاصمة منها إلى طهران. وتقع طهران على ارتفاع 1200 إلى 3700 متر فوق سطح البحر. وتشكل الثلوج التي تسقط على جبال البرز المصدر الرئيسي للمدينة بالمياه. وتبلغ مساحتها 1500 كلم مربع. السكان. تتألف تركيبة السكان لمدينة طهران من العديد من الطوائف والعرقيات، ويعود هذا التنوع إلى الأحداث التي شهدتها المدينة خلال القرن العشرين، حيث هاجر الكثير من السكان من كافة مناطق إيران باتجاه العاصمة. وتضم المدينة بالإضافة إلى الفرس نسبة واضحة من الإيرانيين من القومية الأذرية، المازندرانية، الجيلانية و الأكراد. كما يوجد في طهران جميع مكونات الشعب الإيراني من العرب والأرمن والبلوش واللور وغيرهم.. باعتبارها العاصمة وأكبر مدن البلاد. إضافة إلى ذلك، تضم المدينة العديد من المساجد التاريخية وبعض الكنائس المسيحية. التاريخ. تتعدد التفسيرات لاسم مدينة طهران وهو (تهران) بالفارسية، ولكن التفسير المعتمد من قبل مجمع اللغة والأدب الفارسيين هو أن الاسم يتكون في الأصل من كلمتين وهما كلمة (ته) وتعني (تحت) وكلمة (ران) وتعني (الأرض المنبسطة) ويقال أن السبب وراء هذه التسمية هو أن تهران -و على اعتبار أنها تتموضع عند أقدام جبال البرز- كانت تحوي الكثير من أماكن الاختباء من المهاجمين لها وبهذا يكون معنى كلمة (تهران) هو (تحت الأرض). كانت طهران قديماً عبارة عن قرية صغيرة تتبع مدينة الري وتقع بين هذه الأخيرة وبين سفوح جبال البرز، وتوجد مدينة الري حالياً جنوب مدينة طهران وتتصل بها عمرانياً. أصبحت طهران عاصمة لإيران في عام 1795 عندما قام ملك القاجار آغا محمد خان (1742-1797) م بنقل العاصمة إليها من مدينة شيراز. الري. الري هي مدينة تاريخية تقع بالقرب من طهران، وهي مدينة طهران القديمة، فتحت الري في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وذلك بقيادة نعيم بن مقرن، ويقال أن زرادشت قد خرج منها. كما ينسب إليها عدد من علماء المسلمين ومنهم فخر الدين الرازي صاحب تفسير مفاتيح الغيب، والكيميائي محمد بن زكريا الرازي والفلكي عبد الرحمن الصوفي. الجغرافيا. تقع مدينة طهران جنوب جبال ألبرز ويحدها من الجنوب سهل شبه صحراوي يسمى سهل الكوير وكلمة (كوير) تعني بالفارسية السهل المجدب. ويبلغ متوسط ارتفاعها عن مستوى سطح البحر حوالي 1100 مترا، كما يبلغ ارتفاع أعلى نقطة في شمالها حوالي 2000 مترا، كما يبلغ متوسط الارتفاع في أجزائها الشمالية 1200 مترا، ويبلغ متوسط الارتفاع في أجزائها الجنوبية 1050 مترا. و تعتبر الثلوج التي تسقط على جبال البرز المصدر الرئيسي للمياه في مدينة طهران. كما تحيط بشوارع المدينة الممتدة من الشمال إلى الجنوب قنوات تصريف تمتليء بالمياه في فصل الربيع عند ذوبان الثلوج. المناخ. إن مناخ مدينة طهران يتأثر بالجبال في الشمال، والسهل في الجنوب. باستثناء الأجزاء الشمالية من طهران، فهي رطبة إلى حد ما، والطقس في الأجزاء الأخرى من المدينة دافئ نسبيا وجاف، وفي الشتاء يكون باردا قليلا، نسبة سقوط الأمطار في المدينة هو المتوسط ، والرياح متوسطية رطبة. وقد تسببت سلسلة جبال ألبرز، باعتبارها عائقا أمام تأثير العديد من التأثيرات الجوية، في جفاف طهران على جانب واحد وهدوء نسبي في جهة أخرى. كانت أعلى نسبة لسقوط الأمطار في طهران في 21 من شهر ابريل عام 1962 م. استغرق الأمر 10 ساعات. وذكرت توقعات الطقس ان ذلك اليوم في طهران يعادل 6 سنوات مضت. الاقتصاد. يشكل النشاط الاقتصادي في مدينة طهران حوالي 40% من النشاط الاقتصادي الكلي للبلاد. وتعمل أعداد كبيرة من سكانها في الدوائر الحكومية، ومن بين أنشطتها الاقتصادية المصارف والبناء والتشييد والنفط. وتنتج المصانع في طهران الطوب والمنسوجات والسجائر وغيرها من المنتوجات. وتضم في وسطها متاجر قديمة يعرض التجار فيها منسوجات ومجوهرات ومصنوعات يدوية في سوق يرجع تاريخه إلى مئات السنين. ويتركز أكثر من نصف الصناعات الأساسية الإيرانية في طهران، مثل صناعة النسيج والإسمنت والسكر والصناعات الكهربائية والكيميائية وصناعات تطوير الأسلحة وغرها من الصناعات. وتوفر الحافلات وسيارات الأجرة خدمات للمواصلات العامة. وهناك مطار دولي في غرب المدينة. التعليم والثقافة. تضم طهران نحو 40% من المؤسسات التعليمية الإيرانية (جامعة طهران، جامعة شريف للعلوم التقنية، جامعة إيران للعلوم الطبية والصحية. وغيرها من المعاهد العلمية)، ونحو 40% من طلاب الجامعات الإيرانية. وفيها المكتبات العامة التي تقدم خدماتها للمواطنين، ومن أشهرها: مكتبة إيران الوطنية التي تضم مجموعة كبيرة من المخطوطات القديمة، ومكتبة الكنوز الوطنية. كما يوجد فيها العديد من المسارح الفنية والمنشآت الرياضية، ولا سيما التي بنيت لاستقبال ألعاب البطولة الآسيوية عام 1974 (صالة أزادي التي تتسع لـ 100 ألف متفرج). المواصلات. يوجد في طهران شبكة حديثة من الشوارع والطرق السريعة على الرغم من افتقار المدينة للكثير من الأنفاق والجسور في بعض العقد المسببة للاختناقات المرورية في المدينة. تغطي شبكة كبيرة من الحافلات جميع أجزاء مدينة طهران ومحافظتها، كما يوجد بها مجمع كبير للحافلات التي تنطلق منها إلى جميع المحافظات الإيرانية، ويقع هذا المجمع بالقرب من ميدان آزادي والذي يتوسطه برج آزادي. كما يوجد في مدينة طهران محطة كبيرة للقطارات وتشكل المدينة العقدة الرئيسية في شبكة السكك الحديدية في إيران حيث تصل هذه الشبكة إلى معظم المناطق في البلاد. افتتحت شبكة مترو الأنفاق في طهران عام 2001، حيث نشأت فكرة إنشاء مترو الانفاق فيها منذ عام 1971، وتعثرت الفكرة لأسباب متعددة منها الثورة الإسلامية في إيران والحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات إضافة لأسباب أخرى. يوجد بها مطاران هما: مطار الإمام الخميني الدولي ويسمى أيضاً (مطار مهرباد2)، ومطار مهرباد الداخلي. عمارة طهران. المعالم. تضم المدينة العديد من الحدائق والمسارح والجامعات والمدارس، والعديد من المعالم والمتاحف التاريخية ومن بينها متحف الآثار ومتحف الأعراق البشرية وقصر غلستان، وقصر نياوران وقصر كوشك أحمد شاهي وقصر صاحبقرانية وقصر المرمر. كما تضم المدينة عددا من الجامعات التي من بينها جامعة طهران. وتضم كذلك العديد من المساجد التاريخية وبعض الكنائس المسيحية. وتضم المدينة ملعب أزادي طهران، وهو أكبر منشأة رياضية، وكذلك برج آزدي في ميدان آزدي. أهم معالم طهران. كما تضم المدينة العديد من القصور والتي بني معظمها في عهد القاجار وفي عهد الدولة البهلوية، ومن أهم هذه القصور، قصر نياوران وقصر كوشك أحمد شاهي وقصر صاحبقرانيه وقصر (گلستان)(يلفظ الحرف گ كالجيم في اللهجة المصرية) وقصر المرمر وغيرها. مشاكل تواجهها طهران المعاصرة. من أهم المشاكل التي تواجه طهران حاليا هي أزمات المرور الخانقة ونسبة التلوث المرتفعة في الجو، وما ينتج عنها من مشاكل تنفسية للسكان إضافة للاحتمالات القوية لتعرض المدينة لزلزال عنيف بسبب وقوع المدينة على الصدع الزلزالي الأعمق في المنطقة الواقعة جنوب جبال البرز، لدرجة أن الحكومة بدأت تفكر جديا في إنشاء عاصمة أخرى للتقليل من هذه المشاكل التي تواجهها المدينة المكتظة رغم أن المشروع تأجل بسبب التكاليف. التلوث في طهران. هناك اتهامات وجهت إلى الحكومة الإيرانية بالوقوف وراء التلوث بعد إصدار أوامر لخمسة مصانع بتروكيماويات كبرى على الأقل بالتحول لإنتاج الغازولين بعدما دفعت ضغوط غربية الكثير من كبريات شركات التكرير في العالم لوقف الواردات لإيران، إلا أن الحكومة الإيرانية نفت تلك الاتهامات. التقسيم الإداري لبلدية طهران. تنقسم بلدية طهران ( شهرداری تهران ) إلى 22 منطقة ، وكل منطقة منها مقسمة إلى أحياء ... العلاقات الدولية. التوأمة - المدن الشقيقة. وقد وقعت طهران أيضا التعاون المتبادل والتفاهم مع عدد من المدن بما فيها بغداد (العراق)، كابول (أفغانستان)، باريس (فرنسا) وميلانو (إيطاليا)، وسانت بطرسبرغ (روسيا). معلومات أخرى. شهدت المدينة مؤتمرا تاريخيا هاما يدعى مؤتمر طهران، وهو الاجتماع الأول للقادة الرئيسيين لقوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية. وهم الذين كانوا يعرفون بالقادة الكبار حينئد، وهم كل من رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل ورئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت ورئيس الاتحاد السوفياتي (سابقا) جوزيف ستالين. وانعقد المؤتمر في 28 نوفمبر/تشرين الثاني لمدة أربعة أيام. الرياضة. كرة القدم. كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في طهران كما هو الحال في باقي مناطق إيران. ويعد نادي طهران الرياضي من أول الأندية المشهورة فقد تأسس في عام 1923م. المليار هو لفظ علمي مشتق من أصل فرنسي ويعني عددًا يساوي 109، أي ألف مليون (1,000,000,000 - 9 أصفار). الكلمة مستخدمة في اللغة العربية ولغات أخرى كثيرة للإشارة إلى ذاك العدد. يسمى العدد بالإنجليزية بليون وهو حالياً مرادف للمليار في الدول الناطقة بالإنجليزية. يستخدم في العلوم وفي الهندسة الكهربائية للتعبير عن هذا العدد سابقة « جيجا » طبقا ل نظام الوحدات الدولي SI. اختلاف البليون الألماني والفرنسي عن البليون الإنجليزي والأمريكي. أخذت كلمة بليون عن الألمانية. وكلمة بليون الألمانية تعني «مليون مليون». يستخدم في اللغة الألمانية التعبير "مليار" للتعبير عن الألف مليون . أي أن: البليون يُعَرف حسب المقياس القصير بـ"ألف مليون" = 1,000,000,000= 109 (عشرة مرفوعة للأس التاسع). هذا النظام هو السائد في عدة دول منها على سبيل المثال بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، والوطن العربي، وغيرها من البلدان كالبرازيل وتركيا وروسيا. في الإنجليزية بليون = 1,000,000,000 وفي المقياس الطويل يعرف البليون بـ"مليون مليون" = 1,000,000,000,000 = 1012 (عشرة مرفوعة للأس الثاني عشر). هذا هو النظام المستخدم في عدة دول أبرزها ألمانيا، فرنسا، والعديد من الدول الناطقة بالإسبانية. وفي الألمانية والفرنسية بليون = 1,000,000,000,000 مثال على الاستخدام المختلف للفظ بليون. في وباء فيروس كورونا، قام مجلس الشيوخ الأمريكي بالموافقة على خطة إنعاش اقتصادي بلغت قيمتها 2 تريليون دولار أمريكي بحسب الإعلام الأمريكي، أو 2 بليون دولار أمريكي بحسب الإعلام الألماني، وفي الحقيقة يبقى المبلغ هو نفسه وإن اختلفت التسميَة ويساوي 2,000,000,000,000 دولار أمريكي.