ماسينيسا أو ماسينا (238 ق. م - 148 ق. م) (بالتيفيناغ: ⵎⴰⵙⵏⵙⴰ وتنطق ماسنسن) هو مؤسس وأول ملوك نوميديا، خلال سنوات شبابه وقبل أن يصبح ملكًا قاتل في الحرب البونيقية الثانية (218–201 ق.م) أولاً ضد الرومان كحليف لقرطاج قبل أن يتحول إلى حليف للرومان سنة 206 قبل الميلاد. تم سرد قصة ماسينيسا في كتاب "التاريخ منذ تأسيس المدينة" لتيتوس ليفيوس (المكتوب في 27-25 ق.م) ووردت كذلك في كتاب أحلام شيشرون. بعد هزيمة القرطاجيين في الجزيرة الإيبيرية عرض خدماته على القائد الروماني سكيبيو الإفريقي فقاتل إلى جانبه في معركة زامة (202 ق.م) ، ووعده الرومان بأرض نوميديا. بدعم من الرومان قام بتوحيد القبائل النوميدية الشرقية والغربية ليأسس مملكة نوميديا، ودخل تحت سلطته قبيلته ماسيلي، وقبيلة الماسيسيلي، التي كانت تتبع سابقا لصيفاكس. وتزعم قبائل البربر، خلفا لوالده غايا. عرف ماسينيسا كزوج صفنبعل السيدة النبيلة القرطاجية التي سمح لها بتسميم نفسها، لكي لا يطاف بها في روما بعد فوزها على قرطاجة. لقد كان حليفًا قويًا لروما، حكم نوميديا لمدة 54 عامًا تقريبًا حتى وفاته في عمر التسعين عامًا تقريبًا، أنجب 44 من الأبناء وقاد القوات حتى وفاته. قبل تولي العرش. هو "ماسينيسا" بن غايا بن زيلالسان بن أيليماس بن نيبتاسن بن أيليماس بن إيلاس بن زلالسن. توليه العرش. يلقب بملك المصيل أو الماسيل هو أول قائد للبربر يذكره لنا التاريخ، ولد حوالي سنة 238 قبل الميلاد، وهو ابن گايا أو غايا بن زيلالسان بن أيليماس. وهو من مواليد مدينة خنشلة الجزائرية لكن عائلته انتقلت إلى مدينة (قسنطينة حاليا) التي حولها من بعد حكمه لها إلى سيرتا فاتخذها عاصمة لحكمه في منطقة الشرق الجزائري. وقد تولى "ماسينيسا" حكم مملكة نوميديا بعد أن انتصر على الملك صيفاقس الماسايسولي حليف قرطاج،:144 :37 وقام بأسره حتى يحصل على دعائم ملكه. ومن المعروف أن "ماسينيسا" كان يمتلك خبرة في تسيير الحروب والتخطيط لها. كان قد جعل من بلاد البربر المقسمة دولة كبيرة مزودة بالجيش النوميدي قوي كما شجع الزراعة. جعل من سيرتا عاصمة له وتوفي "ماسينيسا" في حوالي 148 قبل الميلاد بعد أن بقي في عرشه مدة طويلة ما يقرب من ستين سنة من حوالي 202 إلى 148 ق.م. ويوجد قبره إلى حد الآن في مدينة الخروب في ضواحي قسنطينة التي كانت تسمى سيرتا قديما. تطور حروب ماسينيسا. شكل الملك "ماسينيسا" الجيش النوميدي قويا بعد أن وحد كل قبائل شمال أفريقيا الموجودة في القسم الأوسط ضمن مملكة نوميدية موحدة وهي مملكة نوميديا. ويعرف على سياسة ماسينيسا أنها تعتمد في جوهرها على الحنكة والتجربة والمراوغة والخبرة في التعامل الدبلوماسي مع الدول القوية كما يظهر ذلك واضحا في مهادنتها للرومان، ولاسيما في مواجهتها للقرطاجيين. وكان ماسينيسا يعترف بأحقية النوميديين في أملاك القرطاجيين حسب ما أورده المؤرخ تيتوس ليفيوس: "إن القرطاجيين أجانب في بلادنا، فقد استولوا غصبا على أملاك أجدادنا، ولذلك يجب أن نسترد منهم بجميع الوسائل ماانتزعوه منا بالقوة". وهذا ما دفع ماسينيسا ليتحالف مع الرومان كي يساندوه في معاركه الطاحنة مع جيرانه القرطاجنيين، فأسفرت تلك الحروب على هزيمة قرطاجنية. أدى ذلك إلى أن تفرض روما على قرطاجنة شروطا، هي: وهكذا، أصبحت قرطاجنة منهوكة ومستلبة الإرادة وضعيفة اقتصاديا وسياسيا تحت رحمة الملك "ماسينيسا" الذي كان حليفا للرومان في شمال أفريقيا. وكلما تلقى ماسينيسا الأوامر من حكومة روما إلا واستعد لمجابهة قرطاجنة، وقد كان من الأسباب غير المباشرة في القضاء على أقوى جنرال حربي في شمال أفريقيا القديمة ألا وهو القائد "حنبعل". وإذا كان صيفاقس حليف القرطاجيين بشكل كبير، فإن الملك "ماسينيسا" كان عدوهم اللدود، وذلك بمساندة الرومان. وكما قلنا سابقا لقد استطاع أوگليد (الملك) "ماسينيسا" في فترة الحروب البونيقية التي كانت تدور رحاها بين الرومان والقرطاجنيين أن يوحد القبائل النوميدية تحت راية واحدة هي راية مملكة نوميديا العظمى، وعملة برونزية نحاسية واحدة منقوشة بكتابة تيفيناغ. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، من استفاد من هذه المناوشات والمعارك الطاحنة بين جيوش ماسينيسا وقوات قرطاجنة: هل هو ماسينيسا الذي يريد أن يحافظ على وحدة الشعب الأمازيغي بمهادنة الحكومة الرومانية والاستفادة من تشجيعاتها، أم حكومة روما التي استعملت "ماسينيسا" أداة لمجابهة قرطاجة وإضعافها قبل أي تدخل روماني قوي؟! وفي هذا يقول عبد الله العروي: " قد يتنازع المؤرخون إلى ما لانهاية حول السؤال التالي: هل استغلت روما ماسينيسا للقضاء على قرطاج أم بالعكس استخدم الملك "ماسينيسا" روما لبناء دولة نوميدية قوية، بقصد توحيد شمال أفريقيا بعد استيعاب الحضارة البونيقية؟ (انظر فرانسوا دوكريه ومحمد فنطر. أفريقيا الشمالية في القديم، 1981م)، لكن الأمر المحقق هو أن كل المبادرات كانت بيد مشيخة روما، بعد انتهاء الحرب البونيقية الثالثة سنة 202 ق.م. كان الرومان يستطيعون في أي وقت توقيف أي حركة يشمون فيها خطرا على مصلحتهم". ويذهب محمد شفيق إلى أن روما كانت تخطط للسيطرة على شمال أفريقيا من خلال ضرب الأمازيغيين بالأمازيغيين، وتسليطهم على الفينيقيين الموجودين بقرطاجنة لكي يفسح للحكومة الإيطالية المجال من أجل الانقضاض على كل الممالك الأمازيغية:" فبينما كانت كل مملكة من هذه الممالك الثلاث تحاول جمع الشمل في المنطقة الخاضعة لنفوذها، كانت الحروب تتوالى بين روما وقرطاجة، فنتج من ذلك أن كلا الطرفين المتحاربين صار يغري الأمازيغيين بالتحالف معه، ويستغل التنافس الذي يطبع علاقات الملوك بعضهم ببعض. وفي أثناء الحرب البونيقية الثانية استطاعت روما، بفضل معرفتها لمعطيات المجال السياسي الإفريقي، أن تكسب صداقة أشد الملوك حنقا على قرطاجة، وهو "ماسينيسا"، وأن تتحالف معهم، فكانت تلك المحاولة هي الثلمة الأولى التي تسربت منها الهيمنة السياسية الرومانية، شيئا فشيئا إلى مراكز الحكم في أقطار المغرب العربي كلها؛ ذلك أن روما اتخذت جميع أساليب الترغيب والترهيب منهجية لها لإغراء الملوك الأمازيغيين بعضهم ببعض، في كل من امتنع أن يكون عميلا لها، واستمرت على تلك الخطة ما يقرب من قرنين، موسعة نطاق سيطرتها في اتجاه الغرب إلى أن قضت على الممالك كلها؛ ولم تبق بصورة شكلية، إلا على عرش موريتانيا القيصرية. فأجلست عليه الأمير النوميدي الأمازيغي الشاب يوبا الثاني أبن يوبا الاول الذي كانت قد أسرته، وهو صبي بعد التخلص من أبيه. فظل يوبا الثاني الجزائري أبن مدينة عنابة لها عميلا إلى أن توفي. فسار ابنه بطليموس على نهجه، إلى أن استدرجه ابن خالته، الإمبراطور الروماني" كاليگولا" (Caligula) إلى حضور احتفالات رسمية بمدينة "ليون" الغالية، حيث أمر باغتياله، سنة 40 م. وبموته انقرضت الممالك النوميدية القديمة." ولم تضعف مملكة "ماسينيسا" العظيمة إلا بوفاته في سيرتا بعد أمد طويل في الحكم، لتجعل روما سلطة نوميديا بين أبناء ماسينيسا، وۥتدخل نوميديا بعد ذلك في دوامة الحروب الأهلية استعدادا للسيطرة كليا على "البلاد المغاربية". مظاهر الحضارة الأمازيغية في عهد ماسينيسا. من أهم إنجازات الملك "ماسينيسا" أنه وحد القبائل والممالك النوميدية تحت شعار " أفريقيا للأفارقة"، خاصة القبائل التي كانت تسكن بين منطقتي طرابلس الليبية شرقا ونهر ملوية غربا (المغرب)..:156-153 :19 وبذلك أسس ما يسمى بمملكة نوميديا الشاسعة المستقلة عن الحكم القرطاجني وأصبح ملكا لها يحمل لقب" أگليد" (الملك باللغة الأمازيغية). وكانت تطلق كلمة نوميديا في تلك الفترة على القسم الأوسط (المغرب الأوسط) من أفريقيا الشمالية، وتنقسم بدورها إلى قسمين: (نوميديا الشرقية) أو "الماسيل"، و(نوميديا الغربية) أو "مازيسولة"، يفصل بينهما نهر الشليف الحالي الموجود بالجزائر. أما موريطانيا الطنجية فكانت تطلق في تلك الفترة على القسم الغربي من شمال أفريقيا والممتد من نهر ملوية الحالي حتى المحيط الأطلسي غربا. وقد اتخذ اسمه من اسم القبائل المورية الأمازيغيةالتي كانت تعيش هناك، بينما يوجد في شرق مملكة نوميديا "أفريكا" التي كانت تجمع بين شمال ليبيا وجنوب تونس على حد سواء. ومن أسباب توحيد مملكة نوميديا أن الملك "ماسينيسا" كان يعتمد على أسس السياسية التقليدية كالاعتماد على المصاهرات والتعاقد مع زعماء القبائل واستغلال الشعور الوطني المبني على الهوية النوميدية وإيقاظ المشاعر الدينية في خدمة الشعور الوطني والاعتماد على الحروب عند الضرورة القصوى.كما أن "الأداة الأساسية لتحقيق هذا المشروع السياسي (توحيد الدولة) هو الجيش النوميدي، الذي أحكم تنظيمه ليشتهر ببسالته وإمكانياته الحربية. والملاحظ أن الأمازيغ تحلوا بالانضباط والتمسك بالملكية، بحيث سادت في أوطانهم عبادة الملك- الإله وانتقل الحكم وراثيا في بيت الملك ماسينيسا". ومن جهة أخرى، أرسى "ماسينيسا" مملكة نوميدية عاصمتها سيرتا (قسنطينة حاليا) بناها في منطقة مسيجة بالجبال المنيعة وهي جبال الأوراس العتيدة. وقد جعل للمدينة أسوارا وحصونا، وقسم المدينة إلى أحياء سكنية وتجارية ومرافق عمومية وإدارية ودينية. وقد تأثر "ماسينيسا" في بناء مدينته بالحضارة الحضارة اليونانية. وعمل "ماسينيسا" أيضا على وضع أبجدية أمازيغية ليبية محلية تسمى بكتابة تيفيناغ متأثرا في ذلك باللغة الفينيقية الكنعانية والحروف البونيقية القرطاجنية. ومن أسباب إقبال الأمازيغيين على اللغة الفينيقية الكنعانية التقارب العرقي والوجداني واللغوي بين اللغتين: تيفيناغ واللغة الفينيقية الكنعانية (لغة الشام). وفي هذا يقول عبد الرحمن الجيلالي في كتابه:" تاريخ الجزائر العام":" لقد أقبل البربر على اللغة الكنعانية الفينيقية، عندما وجدوا ما فيها من القرب من لغتهم وبسبب التواصل العرقي بينهم وبين الفينيقيين". ومن الناحية الاجتماعية، لقد حفز "ماسينيسا" الأمازيغيين البدو والرعاة على الاستقرار في المدن والضواحي والقرى لخلق اقتصاد زراعي يعتمد على الحبوب والفواكه والثمار؛ مما جعل القطاع الزراعي يعرف فائضا في الإنتاج بسبب التأثر بتقنيات الزراعة المستوردة من اليونان وإيطاليا. ومن ثم، يلتجئ "ماسينيسا" إلى تصدير ذلك الفائض إلى روما لتعويض النقص الذي يعاني منه على مستوى الواردات. ومن هنا نقول بأن الملك "ماسينيسا" هو الذي حضّر شعبه وأخرجه من البداوة إلى المدنية والاستقرار الاجتماعي، وفي هذا يقول بوليب:" هذا أعظم وأعجب ما قام به مسينيسا، كانت نوميديا قبله لا فائدة ترجى منها، وكانت تعتبر بحكم طبيعتها قاحلة لا تنتج شيئا، فهو الأول الوحيد الذي أبان بالكاشف أن بإمكانها أن تدر جميع الخيرات مثل أية مقاطعة أخرى، لأنه أحيى أراضي شاسعة فأخصبت إخصابا". ولتحريك العملية الاقتصادية والتجارية داخل مملكة نوميديا، فرض ماسينيسا الجبايات والضرائب على السكان، وفتح مملكته للتجار اليونانيين، وسك "عملة نقدية" نحاسية وبرونزية تحيل على الرغبة في الاستقلال والتعبير عن قوة مملكة نوميديا سياسيا واقتصاديا. ويشير وجه العملة إلى رأس ماسينيسا وفوقه تاج الملك والسيادة وخلفه صولجان الحكم، وأمام وجهه تتدلى سنبلة قمح. وتحيل هذه العلامات السيميائية على السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية، وتعبر عن عظمة مملكة نوميديا السياسية وتقدمها الاقتصادي. كما يظهر لنا من خلال قراءتنا لمكونات العملة النوميدية مدى تأثر الملك ماسينيسا بالحضارة الإغريقية المقدونية. لقد تعلم الفينيقية وأتقنها أيام كان بقرطاجنة في صباه فكان ولوعا بها اتخذها لغة رسمية ونشرها في مملكته ومن جهة أخرى، يحمل ظهر العملة النقدية ثلاث علامات أيقونية بصرية: حصان أمازيغي رشيق، وصولجان الحكم، وكتابة تيفيناغ. وتحيل هذه الدوال الرمزية على قوة الملك السياسي، وشجاعة الإنسان النوميدي الأمازيغي الخيّالة النوميد وشهامته في الحروب والمعارك ضد المحتل، بينما تشير الكتابة إلى الخاصية الحضارية التي تتميز بها مملكة نوميديا القوية التي تتجلى في اعتمادها على كتابة تيفيناغ في تسيير دواليب الدولة وتدبير مرافقها السياسية والتربوية والعسكرية والاقتصادية. كما يتبين لنا أن الملك "ماسينيسا" كان يحمل الصولجان ويضع على رأسه العرش ويحيط رأسه بحبات القمح على غرار التاج اليوناني الهليني. وفيما يتعلق بالمجال العسكري، فقد كان الملك "ماسينيسا" قائدا حربيا محنكا ورجلا عسكريا مدربا على أحدث الطرق الحربية المنظمة وخاصة الطريقتين: الرومانية واليونانية. وهذا ما دفعه ليعد جيشا أمازيغيا موحدا عتيدا يجمع بين المشاة والفرسان، كما كان يملك أسطولا تجاريا قويا يساهم في إثراء المبادلات التجارية بين الشعوب الأخرى، وكان يتوفر أيضا على أسطول بحري عتيد للدفاع عن حدود نوميديا. وعلى المستوى الخارجي، ربط الملك "ماسينيسا" علاقات ودية مع روما عدوة قرطاجنة، ومع اليونان التي كان يجلب منها العلماء والخبراء والفنانون والأدباء. هذا، وقد انتشرت في عهد ماسينيسا" الثقافة البونية بين الأمازيغيين أكثر من ذي قبل، مع معاداته لقرطاجة، وقدم العاصمة" قيرطا/ سيرتا" عدد من الأدباء والفنانين اليونان، وجعلوا منها مدينة راقية في حياتها المادية والفكرية. كان الملك نفسه معجبا بالحضارة اليونانية، وكان يعمل بتقاليد الملوك اليونانيين، فأكل في الآنية الفضية والذهبية، واتخذ جوقة من الموسيقيين الإغريق. ولاشك أن التجار اليونانيين كانوا يروجون بضاعتهم بفضل ولوعه بكل ماهو يوناني." وعلى العموم، فلقد حقق ماسينيسا إنجازات سياسية واقتصادية وثقافية وحضارية كبيرة لصالح النوميديين. وكان "ماسينيسا" ملكا ذكيا ودبلوماسيا محنكا في تعامله مع الشعوب القوية كالرومان واليونان. واستطاع بدهائه أن يؤسس مملكة نوميديا العظمى، وأن يوسع أطرافها على حساب قرطاجنة، وأن يدافع عن هوية النوميد ولغتهم وكتابتهم " تيفيناغ" التي هي رمز حضارتهم وأسس كينونتهم لوجدودية عنوان ذاكرتهم التاريخية. لم يتحقق لماسينيسا ما كان يحلم به كثيرا، أي أن يوسع مملكته على حساب قرطاج وموريطانيا الطنجية. وتوفي قبل أن تنهار قرطاجنة التي كان ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض عليها وضمها إلى مملكته الواسعة الأطراف. فلما أحس الرومان بما كان يطمح إليه الملك "ماسينيسا" ألا وهو توسيع مملكة نوميديا على حساب جيرانه الأعداء، وتقوية نفوذ سلطته شرقا وغربا، سارعت روما إلى تقسيم عرش ماسينيسا بين أولاده الثلاث، وهم: ميسيبسا الذي تولى السلطة الإدارية، وماستانابال الذي تكلف بالشؤون القضائية، وغلوسا الذي كان يهتم بالشؤون العسكرية. يَثْرِب هو الاسم السابق للمدينة المنورة قبل الهجرة النبوية للرسول سميت يثرب بهذا الاسم نسبة إلى يثرب ابن قاينة بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح. والجدير بالذكر هو كراهية إطلاق هذا الاسم عليها، والأحرى تسميتها باسم المدينة (دون لفظ "المنورة") وطيبة وبأسمائها الأخرى التي أطلقت عليها بعد الهجرة النبوية. شاع اسم يثرب قديماً ووجد في نقوش وكتابات غير عربية فظهر في جغرافية بطليموس اليوناني باسم يَثْرپا (Γιαθρίμπ) وفي كتاب اسطفان البيزنطي باسم يثرب (YATHRIP) وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو) (ITRIBO). استوطنتها قبيلة عبيل بقيادة يثرب التي سميت باسمه ووجدوا فيها أرضاً خصبة وشجراً وماء حتى جاء العماليق وسكنوها بعدهم والعماليق من أحفاد نوح خرجوا من بابل واستوطنوا ما بين تهامة ومكة وبقوا فيها إلى زمن ملكهم السميدع، ثم جاءت جرهم فأخرجتهم من المنطقة وسكنت مكة اكتسبت يثرب مكانتها المقدسة بعد هجرة الرسول وصحابته وأصبحت المدينة المنورة ثاني الحرمين الشريفين. تكونت فيها أول دولة إسلامية دستورها القرآن وأصبحت أول عاصمة إسلامية لدولة يحكمها رسول مبعوث ومن بعده الخلفاء الراشدون حتى وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان وكان الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب قد نقل العاصمة من المدينة للكوفة لأسباب سياسية وبعده نقلها معاوية بن أبي سفيان لدمشق ثم نقلها العباسيون لبغداد بعد تأسيسها. التأسيس. من المستحيل أن نجزم بسنة محددة نؤرخ بها تأسيسها، فنحن لا نعرف على وجه اليقين كم من القرون تفصل بين نوح والهجرة النبوية وما ذكره بعض المؤرخين روايات شفهية لا تستند إلى دليل مرجح. وكل ما يمكن أن نتوقعه هو أنه حدث في عهود سحيقة على أيدي أمم انقرضت، فعبيل أو العماليق، هي من الأمم البائدة، وليس لدينا آثار تساعدنا على تحديد فترة زمنية معينة للتأسيس. ويضع بعضهم تاريخاً تقريبياً يمتد إلى 1600 سنة قبل الهجرة النبوية اعتماداً على أن قبيلة عبيل كانت تتكلم العربية، وأن اللغة العربية وجدت في ذلك التاريخ. ويقترب هذا التحديد من الزمن الذي وجدت فيه كلمة (يثرب) في الكتابات التاريخية عند غير العرب وفي بعض النقوش المكتشفة. فقد ورد اسم يثرب في الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية. ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1900 و1000 قبل الميلاد. وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين، وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال، وكان هذا الطريق يمر بيثرب. ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضاً مع التاريخ الذي يذكره المؤرخون لوجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء. يثرب في المرحلة الأولى. إن صح أن فرع عبيل هو الذي أنشأ يثرب فإن الأخبار عن عبيل قليلة جداً لا تساعدنا على تكوين صورة واضحة. ونفهم من روايات النسابين أن (عبيل) هو الحفيد الرابع لنوح (حسب رواية الطبري) أو الحفيد السادس (حسب رواية السهيلي وابن خلدون) وكان يعيش في بابل مع أقاربه من أبناء نوح الآخرين. وقد ذكر في سفر التكوين أن عموبال (عبيل) هو أحد أولاد مقعان (قحطان)، (انظر: الإصحاح الأول آية (22) والإصحاح العاشر آية (28)). ويرى المؤرخون أن بابل وصلت إلى درجة لا بأس بها من التطور الزراعي بعد وفاة نوح، فقد خلفه بعض أبنائه وأصبحوا ملوكاً على المدينة، وعندما خرج فرع (عبيل) بقيادة يثرب بن قاينة من بابل ساروا مدة عشرين يوماً حتى وصلوا إلى موضع المدينة فنزلوها وسموها باسم قائدهم يثرب، وحملوا معهم مدنيّتهم الزراعية وقد أورد السمهودي في كتابه وفاء الوفا أبياتاً في رثاء العبيليين نستشف منها أثر تقدمهم الزراعي والرعوي آنئذ تقول الأبيات: عين جودي على عبيل وهل يرجع - من فات بيضها بالسجام عمروا يثربا وليس بها شفر - ولا صارخ ولا ذو سنـام غـرسوا لينها بمجرى معين - ثم حفوا النخيل بالآجام ومع أننا لا نثق بصحة الأبيات، ونتوقع أن تكون من نحل القصاصين، فإن الصورة التي رسمتها للعبيليين متوافقة مع ما يذكره المؤرخون عن أهل بابل ونشاطهم الرعوي والزراعي. إن الأرض الخصبة، ووفرة المياه فيها، ساعدت العبيليين على زراعة النخيل، وتربية الحيوانات في يثرب. ويمكن أن نتصور حياة عبيل في يثرب آنئذ على النحو التالي: مجموعة من الأسر تسكن قرية صغيرة كثيرة الأشجار والمياه، تربي حيواناتها المدجنة: الإبل والخيل والغنم، وتزرع النخيل وبعض الخضراوات والفواكه الأخرى، وتستمتع بمحصول وافر ونتاج جيد، وفي شبه عزلة عن العالم الخارجي البعيد والمجهول، تحميها الجبال والتلال البركانية التي تحيط بالمنطقة ولا تترك منفذاً إليها سوى بعض الدروب التي يمكن مراقبتها وتحصينها. وقد التمس الدكتور / جواد علي ما يثبت وجود قبيلة عبيل في الكتابات القديمة، وأشار إلى وجود اسم عموبال في بعض أسفار التوراة التي تذكر أنه ابن من أبناء (يقطان)، كما أشار إلى أن المؤرخ بليتوس يذكر اسم موضع يقال له: (أباليتس) (Ablates) أي العبيليين. العماليق. أطلق اسم العماليق على قبائل قديمة انقرضت، وقد أوردت بعض الكتب أخباراً عنهم تمتزج بالأساطير، فاسمهم يوحي إلى الأذهان بضخامة أجسامهم، وقد دفع هذا الإيحاء بعض الرواة إلى المبالغة والتهويل، فنقل لنا السمهودي رواية تزعم أن ضبعاً وأولادها وجدت رابضة في تجويف عين رجل ميت من العماليق، وأنه كانت تمضي أربعمائة سنة لا يموت منهم أحد، ولا شك أن هذه الرواية وأمثالها من صنع قصاصين يحرصون على استثارة جمهورهم بالخوارق والعجائب. وبعيداً عن تلك المبالغات، فإن كلمة عملاق في اللغة تعني الطويل، ويبدو أن تلك القبائل كانت تتميز بشيء من الطول والجسامة، ويرى بعض المؤرخين الحديثين أن سكان الجزيرة العربية كانوا حتى عام 1600 قبل الهجرة ضخاماً، وبقي لهم أحفاد إلى ما بعد ذلك وعرفوا بهذا الاسم، وإن لم يكونوا يحملون ذلك القدر من الطول ولا يعمرون ما يعمر به أسلافهم. والعماليق في كتب التاريخ العربية من أحفاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، كانوا يسكنون مع الأحفاد الآخرين لنوح في منطقة الرافدين ثم خرجوا مع مجموعات أخرى، وتكاثر أحفاد نوح حتى زاحم بعضهم بعضاً. وصل العماليق برفقه اخوانهم من طسم وجديس وباقي اخوانهم من ذرية إرم بن سام إلى الجزيرة العربية وقد سبقهم ثمود وعاد واميم واوبار وعبيل وأغلبهم شعوب استقرت في الأحقاف حضرموت و ظفار والربع الخالي حاليا من جنوب الجزيرة العربية وانتشروا في أنحائها، ثم هاجرت بعضهم من الاحقاف مثل ثمود وعبيل وسكنت قبائلهم الكثيرة في نجد والبحرين وعمان واليمن وتهامة وبلغوا أطراف بلاد الشام، وكان منهم فراعنة مصر أيضاً، ويذكر الطبري أن الذين سكنوا يثرب منهم هم من قبيلة جاسم، ويذكر ابن خلدون قبائل أخرى هي: بنو لَفٍّ وبنو سعد بن هزال، وبنو مطر، وبنو الأزرق. ولا نعرف متى استوطن العماليق في يثرب على وجه التحديد، وربما نزلوها بعد خروجهم من أرض الرافدين. وقد اختلف المؤرخون هل هم الذين أسسوا يثرب أم قبيلة عبيل؟ وهل انتزعوها منهم؟ وهناك من يعتقد أن العماليق هم من عبيل نفسها. والذي يتفقون عليه هو أن وجود العماليق قديم في يثرب سواء في فترة التأسيس أو بعدها مباشرة. ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديماً، وأنهم عرب. ويرى الطبري أن جدهم عمليق هو أول من تكلم العربية. كما أن أسفار التوراة ذكرتهم عدة مرات وسمتهم باسمهم العماليق حيناً وباسم الجبارين حيناً آخر. وذكرت أسماء بعض زعمائهم ومدنهم العربية، فقد عاصروا خروج بني إسرائيل من مصر، واصطدموا معهم في معارك عدة بمنطقة سيناء. وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعاً زراعياً ناجحاً يحقق الاكتفاء الذاتي وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم، وعاشوا حياتهم مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر، وعندما نمت التجارة أسهموا فيها، ووصلت قوافلهم إلى غزة، ولكن تجارتهم بقيت محدودة لا تعادل تجارة أهل مكة، وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم. وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالاً طائلة. وخافوا من عدوان القبائل الأخرى التي تجدب أرضهم وتشح مواردهم فبنوا الآطام، وهي حصون صغيرة تتسع لعائلة أو بضع عائلات وتحميهم من غارات الأعداء. وقد عمر العماليق في يثرب ماشاء الله، ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم، فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة، فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض، ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع بثرواتهم وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا العماليق في حياتهم. وخلال رحلة السنين الطويلة، حصل تزاوج وتمازج بين العماليق والقبائل الوافدة، وظهرت أجيال جديدة تحمل دماءً مختلطة، وما لبث العماليق المتميزون بضخامة الأجسام أن قل عددهم تدريجياً، ولكنهم لم ينقرضوا تماماً، بل بقيت منهم بقية إلى ما بعد وصول اليهود إلى يثرب ويذكر المؤرخ العربي ابن زبالة أن بني أنيف ـ وهم حي أقاموا مع اليهود قبل وصول الأوس والخزرج ـ كانوا منهم. وعندما وصل الإسلام إلى (يثرب) لم يكن قد بقي منهم إلا أفراد قلائل تميزوا بطول القامة. يثرب والمعينيون. يرجّح الباحثون أن يثرب قد خضعت للمملكة المعينية وأصبحت واحدة من مناطق نفوذها، وتعد المملكة المعينية من أقدم الممالك العربية الجنوبية التي وصلتنا بعض أخبارها عن طريق المكتشفات الأثرية، ظهرت في شمالي اليمن وازدهرت وامتد نفوذها في الفترة ما بين 1300 ـ 630 قبل الميلاد، وقد ذكرها بعض الجغرافيين الغربيين، مثل (تيودورس) الصقلي (وسترابون) الروماني، أما المؤرخون والجغرافيون العرب فلم تصلهم أخبارها. يقول عنها ياقوت الحموي معين: اسم حصن باليمن ومدينة باليمن تذكر في براقش، قال عمرو بن معديكرب: ينادي من براقش أو - معين فأسمع واتلأب بنا مليع وتدل الآثار المكتشفة أن المملكة المعينية كانت لها صلات وثيقة مع جاراتها تحولت إلى نفوذ وسيطرة، فامتدت سلطتها من جنوبي اليمن إلى الحجاز وحتى فلسطين. وقد وجد المنقبون كتابات معينية تذكر أن يثرب ومؤان، وعمون، وغزة كانت جزءاً من المملكة المعينية وأرضاً خاضعة لها، وأن ملوك معين كانوا يعينون حكاماً عليها باسمهم ويلقب الحاكم (كبر) أي كبير، ويتولى الحكم باسم الملك، ويجمع الضرائب ويحافظ على الأمن. وهذا يعني أن المعينيين سيطروا على يثرب في فترة تمدد مملكتهم، أي منذ الألف قبل الميلاد، وعينوا عليها حاكماً من أهلها ـ كما كانوا يفعلون في مناطق نفوذهم الأخرى ـ لتأمين طريق تجارتهم البرية، ولم تكن سلطتهم على المدينة تتعدى الضريبة السنوية المفروضة عليهم، فضلاً عن حماية قوافلهم، ولا نجد في الكتابات القليلة عن معين أي ذكر لحروب خاضوها مع أهل يثرب، ولا أحداثاً متميزة. وجل ما نجده إشارات تبين أن سيطرتهم كانت على الحجاز بأكمله، ونظراً لضعف هذه السيطرة ظل المجتمع اليثربي مجتمعاً زراعياً ورعوياً في الغالب، ولم يشهد أية تغييرات كبيرة، اللهم إلا المزيد من الاستقرار والانتعاش والفوائد التي تأتي بها قوافل التجارة العابرة. يثرب في عهد مملكة سبأ. الازد وللتوسع في هذا الموضوع كتاب الخملاني ص196 ف77 يثرب والكلدانيون. ظهرت الدولة الكلدانية في العراق وكانت عاصمتها بابل، وقد ازدهرت ومدت نفوذها إلى مناطق واسعة في القرن السابع قبل الميلاد ووصلت في فترة من الوقت إلى الحجاز. وقد عثر في خرائب مسجد حـّران الكبير على نقش يتحدث عن أعمال الملك الكلداني نبو نيد، وفيها أنه خرج إلى شمالي الجزيرة العربية واستولى على تيماء واستقر بها، ثم استولى على المدن المجاورة وضمها إليه، وهي: ددانو (مدينة قديمة معروفة ذكرتها الأسفار العبرانية)، وبداكوا (فدك)، وخبرا (خيبر)، واتريبوا (يثرب)، وظلت خاضعة لحكم هذا الملك عشر سنوات. ونبونيد هو آخر ملوك الدولة البابلية الكلدانية، حكم لمدة 16 سنة (من سنة 556 ـ 539 ق.م) قضى عشر سنوات منها في شمالي الجزيرة العربية تاركاً عاصمته بابل تحت حكم ابنه (بلشازار) ثم عاد إلى بابل ليدهمهم الملك الفارسي قورش سنة 539 ق م وينهي دولتهم ويجعلها ولاية تابعة لإمبراطوريته. وقد صالح أهل يثرب الملك نبونيد ودخلوا في طاعته سلماً بعد أن ضعف سلطان الدولة السبئية ودفعوا الضرائب التي كان يجبيها السبئيون منهم إليه. أحضر نبو نيد معه بعض القبائل الكلدانية والأسرى اليهود إلى المنطقة، وأسكنهم فيها وأعطاهم بعض الأملاك التي نزعها من أصحابها العرب وحماهم بقطعات من جيشه، وكان يخطط لإلحاق المنطقة كلها بمملكته. ولكن الخطة لم تنجح ومات مشروعه مع عودته إلى بابل، غير أن أكثر المستوطنين الجدد بقوا في المنطقة وامتزجوا مع أهلها، ويستدل الدكتور جواد علي على ذلك بوجود بعض الألفاظ الكلدانية في لغة أهل يثرب والمناطق الأخرى التي تقع إلى الشمال منها وخاصة في الزراعة. يثرب والرومان. ظهرت الدولة الرومانية قبل الميلاد بعدة قرون، واشتدت قوتها فاستولت على ممالك الإغريق (اليونانيين القدماء) ومدت نفوذها إلى بقية أوروبا وغربي آسيا وشمالي أفريقيا. ولكن الرومان لم يستطيعوا التوغل في جزيرة العرب في فترة امتدادهم العسكري الكبير، لأن الصحراء الواسعة تشكل العقبة الكبيرة لجيوشهم النظامية الجرارة. ويذكر التاريخ الروماني محاولة واحدة قامت فيها حملة رومانية باختراق الجزيرة العربية إلى جنوبها للوصول إلى مناطق الذهب في أرض اليمن، وقد جرت هذه المحاولة في عهد الإمبراطور (أغسطس) عام 25 ق.م حيث أمر هذا الإمبراطور واليه على مصر (أوليوس غالوس) بإعداد الحملة وقيادتها، ورافق الحملة جغرافي معروف هو (سترابون) صديق القائد (غالوس) وكتب عنها، فوصلتنا أخبارها شبه كاملة. خرجت الحملة بعشرة آلاف محارب روماني وألف قبطي وخمسمائة إسرائيلي، يرشدها أحد قواد الأنباط، وأبحرت من الساحل المصري للبحر الأحمر ووصلت إلى ميناء (لويكة كومة) (يقدر دكتور جواد علي أنها ينبع. المفصل 2/45، بينما يرى فؤاد حمزة أنها مويلح. قلب جزيرة العرب 257) بعد أن خسرت عدداً كبيراً من السفن والرجال، وفتك المرض بعدد آخر لفساد الطعام والماء وسوء الغذاء، فاضطرت إلى قضاء الصيف والشتاء فيه حتى استراح الجيش وتعافى من المرض. بعدها تحركت الحملة إلى نجران، واجتازت عدة مدن وحاربت أهلها حتى بلغت مدينة مرسيبا (مأرب) ومنها عادت إلى مدائن صالح ثم أبحرت عائدة إلى مصر، ولم تحقق الحملة أهدافها ولم تحصل على الذهب الذي خرجت لأجله، كما أنها لم تلحق المدن التي احتلتها بالدولة الرومانية. وقد تعددت الآراء حول الطريق التي سلكتها الحملة بعد نزولها في (ينبع) أو (مويلح)، ومن بين تلك الآراء رأي يقرر أن الحملة سارت في طريق (إضم) إلى (يثرب) لكي تتجنب الاصطدام بالقبائل التي تسكن على الطريق التجاري بين ينبع والجنوب، وأنها تابعت طريقها من (يثرب) إلى (نجد)، ومنها سارت في طريق اليمن إلى نجران. وذكر سترابون أن ملك تلك المنطقة (ربما كان شيخ قبيلة) يدعى الحارث قد رحب بالرومانيين وساعدهم في اجتياز الطريق. وبناء على هذه الرواية (وهي أرجح الروايات) فإن الحملة قد مرت بيثرب واستراحت فيها قليلاً وتزودت بما يلزمها من الماء والطعام، فسترابون يذكر أن المنطقة كانت كثيرة العيون. ولا شك أن ذكاء الحارث وحسن تعامله مع قائد الحملة قد أفاد (يثرب) وبقية المدن التي مرت بها، فلم يتعرض الجيش لها بسوء، وربما يكون الحارث قد تفاهم مع شيوخ المنطقة ورؤسائها كي يتجنبوا الصدام مع الحملة. وعلى أية حال فإن الحملة لم تترك أثراً في (يثرب) أو في حياة اليثربيين، حتى إننا لا نجد لها ذكراً في كتابات المؤرخين القدماء، بل إن الرومانيين بعامة لم يؤثّروا في حياة يثرب وأبنائها على الإطلاق. وكان مرور الجيش الروماني في هذه الحملة هو العلاقة الوحيدة والعابرة معهم. اليهود في يثرب. تذكر المصادر التاريخية روايات كثيرة مختلفة لوجود اليهود في يثرب في العصر الجاهلي وتجمع على أنهم جاؤوا إليها من خارج الجزيرة العربية في عدة هجرات متوالية: الأولى في سنة 589 ق م عندما اقتحم بختنصر البابلي منطقة الشام وسبى معظم أهلها فهرب جماعة منهم وساروا إلى بلاد الحجاز ونزلوا (يثرب). الهجرة الثانية ما بين عامي 66 -70 م عندما هاجم القائد الروماني تيتوس فلسطين ودمر المنطقة ثانية وشتتهم وأغرق عدداً كبيراً منهم في بحيرة لوط ففر الناجون إلى الحجاز ووصلوا (يثرب) وأقاموا فيها مع من سبقهم. الهجرة الثالثة عام 132 م عندما أرسل الإمبراطور الروماني هارديان جيشاً إلى فلسطين فأخرجهم منها ومنعهم من دخولها نهائياً وفر من نجا منهم إلى جزيرة العرب. وكانت (يثرب) عندما جاءها أشتات اليهود الهاربين عامرة بمجتمع يضم قبائل عربية بعضها بقية من العماليق وبعضها قبائل توافدت من أطراف (يثرب) القريبة والبعيدة. وأول من وصل (يثرب) من اليهود ثلاث قبائل هم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع، ثم تبعتهم قبائل أخرى ونزلت بنو النضير عند وادي (بطحان) وبنو قريظة عند وادي مهزور وبنو قينقاع في الوسط، ثم انتشروا في أخصب بقاع المنطقة. وقد سالموا العرب المقيمين في يثرب أول الأمر وأحسنوا التعامل معهم وانهمكوا في زراعتهم وبعض الصناعات التي كانوا يتقنونها، ودفعوا لرؤساء القبائل المجاورة إتاوة مقابل عدم مهاجمتهم، وأقاموا تجمعات مغلقة وبنوا الحصون والآطام، وجمعوا ثروات كبيرة وكان أحبارهم يختصون بالأمور الدينية ويحكمون فيما يقع بينهم من خصومات. وقد اهتموا بزراعة النخل واتسعت زراعتهم وكثرت آطامهم وانتشرت في الأطراف الشرقية والجنوبية من يثرب، ولم يتحمسوا لنشر عقيدتهم بين القبائل العربية الوثنية واكتفوا ببعض الأفراد والأفخاذ التي مالت إليهم ثم تهودت تدريجياً وما لبثوا أن سيطروا على الحركة الاقتصادية وأشاعوا القروض الربوية الفاحشة. وعندما وصلت قبيلتا الأوس والخزرج المهاجرتين من اليمن كانوا المتنفذين في يثرب فطلبوا منهم أن يسمحوا لهم بالنزول في المناطق المجاورة لمزارعهم وكان اليهود في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار مزارعهم وثرواتهم المتزايدة فسمحوا لهم بالنزول في المناطق غير المأهولة من يثرب واستخدموهم في مزارعهم وبدأت مرحلة جديدة من تاريخ يثرب نتعرف عليها في الفقرة التالية فقرة الأوس والخزرج. الأوس والخزرج. يتفق المؤرخون على أن الأوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان، جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب، وعندما وصلتا إلى يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع كثيرة، وقد كان سكانها (وخاصة اليهود) في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار الأراضي، فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة الشرقية وقباء، وكانت ظروف عملهم أول الأمر قاسية وبمرور الزمن تحسنت أحوالهم، فبدأ اليهود يخافون من منافستهم، فتداعى عقلاء الطرفين إلى عقد حلف ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة، فتحالفوا على ذلك والتزموا به مدة من الزمن، ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم، ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على إذلالهم، وبقي الأوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلان الذي استنجد بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة، فعندما هاجم تبع بن حسان (يثرب) وأراد تخريبها وقف الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الأوس والخزرج خارج الحزام الذي كانوا محتبسين فيه وبنوا المنازل والآطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة، حينئذ خطط اليهود لاستعادة سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من القبيلتين الأوس والخزرج تمهيداً لإيقاع الفتنة بينهم، فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع الأوسيين، وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين، وبدأت كل فئة يهودية تسعر النار في حليفتها على الطرف الآخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما، ونجحت الخطة الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء الإسلام فأطفأها المعارك بين الأوس والخزرج. بدأت المعارك بين الأوس والخزرج بحرب سمير وانتهت بحرب بعاث قبل الهجرة بخمس سنوات وما بين هاتين الحربين نشبت أكثر من عشرة حروب، وكان لليهود دور في إثارتها وإذكائها وأهم تلك الحروب والوقائع ما يلي: حرب سمير، وحرب حاطب، ووقعة جحجبا وموقعة السرارة وموقعة الحصين بن الأسلت وموقعة فارع ويوم الربيع وموقعة الفجار الأولى والثانية وموقعة معبس ومضرس. وكان آخرها وأشدها حرب بعاث، وقد استعد لها كل من الأوس والخزرج أكثر من شهرين بسبب الأحقاد المتراكمة وتحالف الأوس مع بني قريظة وبني النضير، بينما تحالف الخزرجيون مع مزينة وأشجع وخالفهم عبد الله بن أبي بن سلول، والتقى الطرفان في منطقة تسمى بعاث، واقتتلوا قتالاً شديداً، وتضعضع الأوسيون وحلفاؤهم وقتل عدد كبير منهم وبدؤوا بالفرار ولكن قائدهم حضير الكتائب ثبتهم، فقاتلوا بشجاعة وهزموا الخزرجيين وحلفاءهم، وهموا أن يقضوا عليهم نهائياً حتى صرخ رجل من الأوس (يامعشر الأوس انسحبوا ولا تهلكوا إخوانكم، فجوارهم خير من جوار الثعالب) ويقصد اليهود الماكرين. وبعد تلك الواقعة سئموا الحرب وكرهوا الفتنة وأجمعوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي بن سلول ملكاً عليهم ليستتب الأمن وتنتهي الفتن. وشاء الله أن تحدث بيعة العقبة الأولى ثم تليها العقبة الثانية في مكة وشارك فيها أفراد من القبيلتين المتصارعتين، فكانت بداية لتأليف القلوب وجمعها على الإسلام وحدث ان أحد اليهود اثار هذه الفتنه مرة أخرى في أحد مجالس الاوس والخزرج في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فلما علم الرسول جاء مستعجلا وقد كادوا يضربون رقاب بعضهم البعض فقال لهم أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم... وكذلك عاشت هاتان القبيلتان تحت نور الإسلام في رخاء وألفة ووئام. المدينة المنورة يلقبها المسلمون "طيبة الطيبة" أول عاصمة في تاريخ الإسلام، وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة. هي عاصمة منطقة المدينة المنورة الواقعة على أرض الحجاز التاريخية، غرب المملكة العربية السعودية، تبعد المدينة المنورة حوالي 400 كم عن مكة المكرمة في الاتجاه الشمالي الشرقي، وعلى بعد حوالي 150 كم شرق البحر الأحمر، وأقرب الموانئ لها هو ميناء ينبع والذي يقع في الجهة الغربية الجنوبية منها ويبعد عنها 220 كم، تبلغ مساحة المدينة المنورة حوالي 589 كم² منها 99 كم² تشغلها المنطقة العمرانية، أما باقي المساحة فهي خارج المنطقة العمرانية، وتتكون من جبال ووديان ومنحدرات سيول وأراض صحراوية وأخرى زراعية ومقابر وأجزاء من شبكة الطرق السريعة. أُسست المدينة المنورة قبل الهجرة النبوية بأكثر من 1500 عام، وعُرفت قبل ظهور الإسلام باسم "يثرب"، وقد ورد هذا الاسم في القرآن: وورد في الحديث الصحيح أن النبي محمد بن عبد الله غيّر اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى عن استخدام اسمها القديم فقال: ، والمدينة المنورة محرم دخولها على غير المسلمين، فقد قال النبي محمد: . تضم المدينة المنورة ثلاثة من أقدم المساجد في العالم، ومن أهمها عند المسلمين، ألا وهي: المسجد النبوي، ومسجد قباء، ومسجد القبلتين. تستمد المدينة المنورة أهميتها عند المسلمين من هجرة النبي محمد إليها وإقامته فيها طيلة حياته الباقية، فالمدينة هي أحد أبرز وأهم الأماكن ويسمي المسلمون السور القرآنية التي نزلت بعد الهجرة إليها بالسور المدنية، ومفردها "سورة مدنية". يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 1,152,991 نسمة، وتضم المدينة بين أحضانها الكثير من المعالم والآثار، ولعل أبرزها المسجد النبوي والذي يُعد ثاني أقدس المساجد بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، بالإضافة إلى مقبرة البقيع والتي تعد المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، والتي دُفن فيها الكثير من الصحابة، ومسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام، ومسجد القبلتين، وجبل أحد، والكثير من الوديان والآبار والشوارع والحارات والأزقة القديمة. تاريخ المدينة المنورة. تأسيس المدينة. يرجع تاريخ تأسيس يثرب إلى حوالي 1600 سنة قبل الهجرة النبوية، اعتماداً على أن قبيلة عربية تسمى "عبيل" قد تكلمت بالعربية، وأن اللغة العربية وُجدت في ذلك التاريخ. أقدم النصوص التاريخية التي أشارت إلى المدينة هي النصوص الآشورية العائدة للقرن السادس قبل الميلاد، وبالتحديد في نقوش نبونعید، التي أشارت إلى المدينة باسم "لاثريبو"، كذلك فقد وجدت فيه كلمة "يثرب" في الكتابات التاريخية عند الأغريق، فقد أشار كلاوديوس بطليموس إلى واحة تقع في بلاد الحجاز بشبه الجزيرة العربية، تحمل اسم "لاثريبا". كما ورد هذا الاسم في الكتابات عند مملكة معين وذُكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية، ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300 و600 ق.م، وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين، وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال وكان هذا الطريق يمر بيثرب، ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضًا مع تاريخ وجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء. الموجات السكّانية الأولى. تعاقب السكان على يثرب منذ إنشائها، فقد سكنها العماليق، ومن بعدهم قبائل المعينيين من اليمن ومن ثم اليهود. وصل اليهود إلى يثرب لأول مرة خلال القرن الثاني الميلادي خلال الحروب الرومانية اليهودية في فلسطين، التي كان من نتيجتها نزوح عدّة قبائل يهودية إلى الأقاليم المجاورة. أبرز تلك القبائل التي وصلت المدينة وسكنتها كانت قبائل بني قينقاع، وبني قريظة، وبني النضير، وقد استمروا يقطنونها حتى القرن السابع الميلادي. يذكر ابن خرداذبة أن بني قريظة عملوا في خدمة الفرس كجباة للضرائب خلال عهد السيطرة الفارسية على الحجاز. حسب كتابات التراث العربي، فإنه وعلى إثر انهيار سد مأرب، نزحت عدّة قبائل عربية من مملكة سبأ في اليمن شمالاً، ومن هذه القبائل قبيلتا الأوس والخزرج وعندما وصلت القبيلتان إلى يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع كثيرة فاستقروا فيها مع وجود قبيلتين من اليهود آنذاك، هما قبيلة بنو قريظة وقبيلة بنو قينقاع، وبعد ذلك عُقد حلف ومعاهدة بين اليهود والقبيلتان تلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن يثرب ضد الغزاة، فتحالفوا على ذلك والتزموا به مدة من الزمن ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم. إلا أن هناك شواهد أثرية تعود إلى تاريخ اليمن القديم وعدد من النصوص الآشورية، ترجح أن تواجد قبائل سبئية على حدود فلسطين قديم وجزء من سياسة سبئية للسيطرة على الطريق التجارية ولا علاقة له بتصدعات أصابت سد مأرب عدا أنه لا يوجد دليل أن الأوس كانوا سبئيين فالنصوص السبئية وصفتهم بأنهم من أبناء الإله ود وهو أكبر آلهة مملكة معين وليس سبأ. حسب كتابات ابن إسحاق، فإن نزاعًا وقع بين آخر ملوك الحميريين وسكنة يثرب، فيقول أنه عندما كان ذاك الملك يعبر المدينة، تعرّض له بعض السكّان وقتلوا ابنه، فهدد الملك بإبادة الناس عن بكرة أبيهم وقطع نخيلهم، وكان أن يفعل ذلك لولا أن تدخل اثنين من رجال الدين اليهود، وأقنعوا الملك بالعدول عن فكرته، لأن هذه المدينة هي مكان "سيهاجر إليه نبي من قريش في الزمن الآتي، وسيقيم فيها، ويُدفن فيها". بناءً على هذا امتَنَعْ الملك عن تدمير المدينة، واعتنق اليهودية، وصحب الحاخامان معه إلى اليمن، وفي الطريق مروا بمكة حيث عرفا الكعبة على أنها ذاك البيت الذي شاده إبراهيم، فنصحا الملك أن يفعل ما يفعله أهل مكة: أن يطوف بالبيت، ويبجله ويوقره، وأن يحلق رأسه ويحرم حتى يُتم الحج. يفيد ابن إسحق أنه عند وصول الجمع إلى اليمن، قام الحاخامان بمعجزة اعتنق أهل البلاد اليهودية على أثرها، وذلك بأن سارا في النار دون أن يحترقا. تحول الأوس والخزرج إلى عدوين لدودين بعد سنوات من وصولهم ليثرب، وتنص المصادر بأن اليهود خافوا من اتساع سلطة ونفوذ القبيلتين، فقاموا بالتفريق والإيقاع بينهم، ونجحوا في خططهم واشتعلت الحروب الطاحنة بين الأوس والخزرج، واستمرت قرابة مائة وعشرين عامًا، ولم تنته هذه الحرب إلا عند هجرة النبي محمد إلى يثرب. الهجرة النبوية ووصول الإسلام. في القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة على يد النبي محمد بن عبد الله، الذي بدأ في دعوة الناس إلى الدين الجديد، وكانت تلك الدعوة سبباً في إغضاب سادة قريش الذين كانوا يسكنون مكة، فأعد المشركون كافة الأساليب لإحباط هذه الدعوة، فلم يجد النبي محمد وسيلة إلا بالهجرة إلى يثرب، وذلك بعدما اتفق مع وفد قبيلتي الأوس والخزرج على نصرته وحمايته، وبالفعل هاجر النبي إلى يثرب ومعه صاحبه أبو بكر الصديق، وقبل دخوله ليثرب عرج على قباء لأداء الصلاة وبنى هناك مسجداً كان أول مسجد في الإسلام. دخل محمد يثرب يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م، ثم قام بعد ذلك ببناء المسجد النبوي نواة الدولة الإسلامية الجديدة، وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه بخمسة أشهر، في دار أنس بن مالك، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، حتى لم يبقَ من المهاجرين أحد إلا آخي بينه وبين أنصاري. قال محمد لهم ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب وقال ، فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وكانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين غزوة بدر، فرد التوارث إلى ذوي الرحم وبقيت الأخوّة. وذكر البلاذري أن محمد قد آخى بين المهاجرين أنفسهم في مكة قبل الهجرة، وأيّد حدوثها الشيعة، بينما رجح ابن القيم وابن كثير من أهل السنة عدم وقوعها. ثم نظّم محمد العلاقات بين سكان المدينة، وكتب في ذلك كتابًا اصطلح عليه باسم دستور المدينة أو الصحيفة، واستهدف هذا الكتاب توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، وتحديد الحقوق والواجبات، كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة. وعاهد فيها اليهود ووادعهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم. وقام بتغيير اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى الناس عن استخدام اسمها القديم. يقول بعض الباحثين أن اسم "المدينة" قد يكون مشتقًا من الكلمة الآرامية "مدينتا"، التي يُحتمل أن يكون اليهود قد استخدموها كاسم آخر إلى جانب "يثرب". احتوت الوثيقة 52 بندًا، 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان، لذلك رجح بعض المؤرخين أن تكون في الأصل وثيقتان وليست وثيقة واحدة، كُتبت الأولى (معاهدة اليهود) في سنة 1 هـ قبل غزوة بدر، والثانية (بين المهاجرين والأنصار خاصة) بعد بدر سنة 2 هـ. غزوة بدر الكبرى. انطلقت من المدينة جميع غزوات الرسول، وكانت غزوة بدر أولها ومن أهمها. ففي صيف سنة 624 بلغ محمدًا أن قافلة تجارية يقودها أبو سفيان بن حرب يرافقه ما بين ثلاثين وأربعين رجل، تتجه من الشام عائدة إلى مكة. فجمع محمد جيشًا قوامه حوالي 313 رجلاً ليقطع الطريق عليهم، وتنص الكثير من المصادر الإسلامية الأولى، أن المسلمين لم يكونوا يتوقعون حصول معركة كبيرة. ومع اقتراب القافلة من المدينة، بلغت مسامع أبو سفيان ما يخططه المسلمون، فأرسل رسولاً إلى مكة ليُحذر قريش ويطلب الإمدادات، فأرسل القرشيون جيشَا تراوح عدد جنوده ما بين 900 و1,000 رجل، والتقى الجمعان عند آبار بدر حيث دارت معركة طاحنة انتصر فيها المسلمون على قلة عددهم. معركة أحد. في عام 625، حشد القرشيون جيشًا جديدًا للثأر لهزيمة بدر وساروا لملاقاة المسلمين، فتواجهوا بالقرب من المدينة مقابل جبل أحد، حيث وضع النبي محمد خطة حربية كانت تقضي أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع خلفه جبل أحد ويحمى ظهر الجيش بخمسين من الرماة المهرة وضعهم على هضبة عالية مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم عبد الله بن جبير وأمرهم النبي أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم فيرموا جيش قريش بالسهام ولا يسمحوا لهم بالالتفاف خلف قطعات جيش المسلمين. كان النصر في بداية الأمر إلى جانب المسلمين، ولكن حصلت حادثة غيرت من مسار نهاية المعركة، عندما ترك الكثير من الرماة مكانه ظنا أن المعركة قد حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من الغنائم، وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مشركا في جيش قريش إلى من بقي من الرماة فاستثمر الحدث وتوجه بمجموعة من المشركين، وتسللوا خلف جبل الرماة ففاجأوا الرماة القليلين من الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير. عندها وجد المسلمون أنفسهم بأنهم قد أصبحوا محاصرين، فقتل من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة. وقد قتل في المعركة خلق كثير من المسلمين منهم عم النبي حمزة بن عبد المطلب. غزوة بني النضير. في وقت لاحق في شهر ربيع الأول سنة 4 هـ، حدثت غزوة بني النضير بعد أن همّ يهود بنو النضير بالغدر وقتل محمد، فنقضوا بذلك الصحيفة، فأمهلهم محمد 10 أيام ليغادروا المدينة، فرفضوا وتحصنوا بحصن لهم، فحاصرهم محمد 15 يومًا، وقيل 6 ليال، ثم أجلاهم عن المدينة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على 600 بعير، فلحقوا بخيبر، وغنم من أموالهم ما تركوه وراءهم. غزوة الخندق ونهاية بني قريظة. لما أُجلي بنو النضير، وساروا إلى خيبر، خرج نفر من وجهائهم فحرّضوا قريشًا وكنانة وغطفان ودعوهم إلى حرب محمد وعاهدوهم على قتاله، فوافقوهم. وتجهزت قريش وكنانة فجمعوا 4000 شخص، ومعهم 300 فرس. وانضم إليهم أعدادًا من بني سليم وبني أسد، وفزارة، وغطفان، وبني مرة. فكان جميعهم 10,000 سُمّوا بالأحزاب، وكان قائدهم أبو سفيان، فكانت ما عُرف باسم غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب، وكانت في شوال سنة 5 هـ وقيل في ذي القعدة. فلما سمع بهم محمد، عسكر بثلاثة آلاف من المسلمين إلى سفح جبل سلع، وكان شعارهم ، وجعل النساء والأطفال في آطام (حصون)، ثم حفر الخندق على المدينة بمشورة سلمان الفارسي، وكان يعمل فيه بيده، فانتهوا منه بعد 6 أيام. ولما انتهوا من الخندق، أقبلت قريش ومن معهم من الأحزاب وحاصروا المدينة حصارًا شديدًا، وفي أثناء ذلك وافق يهود بني قريظة على أن يسمحوا للأحزاب بدخول المدينة من الجهة التي يقطنوها بعد أن فاوضهم حيي بن الأخطب القادم مع الأحزاب، لكن ذلك لم يتم بسبب حيلة استخدمها الصحابي "نعيم بن مسعود الغطفاني" للإيقاع والتفريق ما بين بني قريظة والأحزاب. واشتد الحصار على المسلمين ودبّ فيهم الخوف والرعب، فكانت آيات من سورة الأحزاب تصف ما حدث . وأقام المسلمون والأحزاب 24 ليلة لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار. حتى جاءت ريح شديدة لمعسكر الأحزاب، فارتحلوا على إثراها. كان من نتيجة هذا الحصار أن قُتل 8 من المسلمين، و4 من الأحزاب. ولما انصرف الأحزاب عن المدينة، قال محمد لأصحابه: ، فلم تغزهم قريش بعد ذلك، وكان هو الذي يغزوها، وذلك حتى فتح مكة. بعد انتهاء المعركة، رجعت بنو قريظة فتحصنوا بحصونهم، ووضع محمد السلاح. فجاءه جبريل في صورة دحية الكلبي فقال: قال فقال جبريل فأمر محمد أصحابه بالرحيل إليهم 7 ذو القعدة 5 هـ، فكانت غزوة بني قريظة، فحاصرهم المسلمون وهم يومئذ 3000، 25 ليلة حتى أتعبهم الحصار. فأعلن بنو قريظة استسلامهم، فقام محمد بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين، فقال محمد . فأمر محمد بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين 700 إلى 900 شخص. عاصمة الدولة الإسلامية. بعد حوالي ثمانية سنوات من الهجرة، استطاع المسلمون العودة إلى مكة فاتحين. لكن على الرغم من الانتصار ودخول مكة في ظل الدولة الإسلامية، فإن محمدًا اتخذ المدينة مقرًا، فأصبحت عاصمة الدولة الإسلامية الفتيّة. وبقي النبي في المدينة حتى توفي في شهر ربيع الأول سنة 11 هـ. المدينة في عصور الخلافة. بعد وفاة النبي محمد عاشت المدينة المنورة أزهى عصورها في عهد الخلفاء الراشدين، منذ تولي أبو بكر الصديق الذي قضى على المرتدين عن الإسلام في حروب الردة، ومروراً بعمر بن الخطاب حيث فُتحت بلاد الشام ومصر وبلاد فارس، وعهد عثمان بن عفان الذي شهد المزيد من الفتوحات ودخول سلاح البحرية إلى الجيش الإسلامي وحدوث الفتنة بين المسلمين، وصولاً إلى عهد علي بن أبي طالب وباستشهاده عام 661 ازدادت الفتنة بين المسلمين وبعضهم، حتى قامت الخلافة الأموية عام 661، بعد أن تنازل الحسن بن علي عن الخلافة، ونُقلت عاصمة المسلمين من المدينة المنورة إلى دمشق. ومنذ نهاية عصر الخلافة الأموية حتى بداية العهد السعودي مرت المدينة المنورة بعصور مختلفة بداية من الخلافة العباسية مروراً بالخلافة الفاطمية ثم الدولة الأيوبية ثم السلطنة المملوكية ثم الدولة العثمانية وصولاً إلى العصر السعودي الحديث. ومن أبرز ما حدث خلال تلك العهود: قيام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بتوسيع المسجد النبوي خلال عهده، حتى أضحى قبر النبي محمد جزءًا لا يتجزأ منه، كما أصيب مسجد قباء بصاعقة قرابة عام 850 أدّت إلى تدميره، ولم يُعاد بناءه إلا سنة 892، واستمر قائمًا على ما هو عليه حتى سنة 1257 عندما تدمر مجددًا بفعل حريق كبير، فأعيد بناءه على الفور، ثم قام السلطان قايتباي المملوكي بتجديد بناه سنة 1487. حصار سنة 1916. شهدت المدينة المنورة في بداية القرن العشرين، وخلال الحرب العالمية الأولى، أطول حصار في تاريخها. فقد كانت المدينة حتى ذلك الحين تتبع الدولة العثمانية، ويقيم فيها حاكمٌ عثماني، كان في تلك الفترة المدعو فخري باشا. وعندما أعلن الشريف حسين بن علي، شريف مكة، الثورة على الحكم العثماني باسم العرب، سار بقواته وضرب حصارًا على المدينة المنورة تمهيدًا لطرد العثمانيين منها. تمكن فخري باشا من صد قوات الشريف حسين من سنة 1916 حتى سنة 1919، لكنه اضطر للاستسلام في نهاية المطاف في العاشر من يناير من نفس العام، فدخلت قوات الشريف حسين المدينة، حيث بويع الأخير ملكًا على الحجاز وبلاد العرب، غير أن القوى العظمى وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا لم تعترف به ملكاً على كل الدول العربية المستقلة حديثًا، بل كملك على الحجاز فقط، وتقاسمت ما تبقى من تركة الدولة العثمانية فيما بينها. تاريخ المدينة الحديث. دخلت المدينة المنورة في ظل الدولة السعودية في يوم 19 جمادى الأولى عام 1344 للهجرة، وذلك عندما سلمها القادة الهاشميون بناء على اتفاق خاص مع الملك عبد العزيز آل سعود، وقد شهدت المدينة المنورة في العصر السعودي الحديث أزهى عصورها من حيث أعمال التوسعة والعمران، وشهدت تقدماً في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث وفرت الدولة السعودية الأمان لسكان المدينة بعد أن كان مفقوداً بسبب غارات القبائل، ولعل أبرز ما قامت به الحكومة السعودية للمدينة المنورة هي توسعة المسجد النبوي، حيث وضع الملك فهد بن عبد العزيز حجر الأساس للتوسعة الضخمة للمسجد النبوي، وذلك في 2 نوفمبر 1984، حيث تمت إضافة مساحة 82000 م² لحرم المسجد، وتم عمل ساحات واسعة تحيط بجهات المسجد الأربع يبلغ إجمالي مساحتها حوالي 235000 م²، وزيدت الطاقة الاستيعابية للمصلين بشكل كبير داخل المسجد، فبعد أن كان المسجد النبوي يستوعب حوالي 58000 مصلٍ (دون مساحة الساحات المحيطة بالمسجد)، فقد أصبح يستوعب حوالي 650000 منهم. الجغرافيا. المناخ. تتميز المدينة المنورة بمناخ جاف، إذ يسود بها المناخ الصحراوي، والذي يتميز بالجفاف وقلة سقوط الأمطار، ودرجات حرارة عالية تتراوح بين 30° و45° مئوية في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فيكون الجو ممطراً، ويكثر هطول المطر في شهر أبريل مع إمكانية هطوله في شهور ديسمبر، يناير، ومارس، ويتراوح متوسط درجات الحرارة عندئذ بين 10° و25° مئوية. أما الرطوبة فهي منخفضة في معظم أوقات السنة، ومتوسط معدلها يصل إلى 22%، وترتفع في فترات سقوط الأمطار إلى 35%، وتنخفض في فصل الصيف لتصل إلى حوالي 14% فقط، وتهب على المدينة المنورة رياح جنوبية غربية وتكون في الغالب حارة وجافة، ويبلغ متوسط سرعتها ما بين 5 و8 عُقد في الساعة. الجيولوجيا. تقع معظم المدينة في تجويف رباعي يمتد نحو الجنوب، وتحده صخور البازلت من الشرق والغرب والجنوب، وتوجد عدة تكوينات جيولوجية أخرى حول التجويف الرباعي تعود إلى عصر ما قبل الكمبري، وأحياناً تختلط هذه الصخور مع صخور بركانية وأحجار مسامية من الرماد البركاني وأحجار الشظايا الأفقية المتلاحمة. يتألف التكوين الرباعي من الرمل والطمي والغِرْين والصلصال، والذي نشأ أساساً من تفتت الصخور المنقولة إلى الوديان من التكوينات البركانية القديمة وتكوينات ما قبل الكمبري. تُوجد في غرب المدينة المنورة مجموعة من الصدوع على هيئة أنصاف دوائر، ويكون اتجاه وانحدار هذه الصدوع نحو الشرق والجنوب الشرقي، كما يوجد في شمال المدينة عدد من الأراضي ذات ملوحة عالية ليست ملائمة للزراعة مباشرة. توجد في أقصى جنوب المدينة تكوينات ثلاثية ورباعية من صخور البازلت والأندسايت وتنتشر هذه التكوينات في المنطقة التي يُطلق عليها اسم "حرة رهاط" مع امتدادات نحو الشمال على شكل أذرع تطوق التجويف الرباعي نحو الشرق والغرب، ويمكن ملاحظة أن الذراع الغربي، "الحرة الغربية"، أضيق من الذراع الشرقي، "الحرة الشرقية"، والذي يمتد بشكل أكبر نحو الشرق موازياً للسهل الشمالي. ويُعتقد بأن أحدث المسكوبات البركانية في المدينة المنورة حدثت في القرن السابع الهجري، وتوجد هذه المسكوبات على هيئة طبقات فقاعية من خبث البراكين المختلطة بالصلصال الأصفر والأبيض، وتوجد هناك أيضاً طبقات سميكة من البازلت يصل عمقها إلى 200 متر في بعض المناطق في جنوب المدينة، كما يوجد الغرين شبه البازلتي في مناطق كثيرة ما عدا القمم القاعدية. التربة. تتشكل تربة المدينة المنورة من الغرين والطمي والرمل الحصوي بالإضافة إلى الصخور الجرداء، وفي جنوب المدينة ينعدم الرمل بسبب تواجد الصخور القديمة والتي تتحول إلى طمي بفعل التعرية العادية، وهذا ما جعل منطقة جنوب المدينة أكثر المناطق فاعلية للزراعة من شمالها. أما معظم المنطقة العمرانية في قلب المدينة فتقع على تربة ثقيلة النسيج. الجدول التالي يوضح أنواع التربة في المدينة المنورة: الجبال. تضم المدينة المنورة الكثير من الجبال، وفيما يلي أبرز جبال المدينة: الأودية. تضم المدينة المنورة الكثير من الأودية الشهيرة، فيما يلي أبرزها: السكان. سكان المدينة المنورة قديمًا. بلغ عدد سكان المدينة المنورة في آخر فترة قبل الإسلام ما بين 12 و15 ألف نسمة، ولما هاجر المسلمون الأوائل من مكة إلى المدينة تغيرت المعادلة السكانية، ومرت بمراحل مد وجزر، إذ وفدت إليها مجموعات قبلية، وأفراد من مكة والبادية، وكان النبي محمد قد أجلى عنها من بقي من اليهود، وقد بلغ عدد سكانها أيام وفاة النبي حوالي ثلاثين ألف نسمة. وخلال عهد الخلفاء الراشدين خرجت مجموعات كبيرة إلى حروب الردة والفتوحات الإسلامية، استشهد كثيرون منهم، وأقام آخرون في المجتمعات الإسلامية الجديدة في بلاد الشام والعراق ومصر، مما أنقص عدد السكان عدة آلاف، وفي العهد العباسي بدأ عدد السكان يتناقص تدريجياً، إذ قُدّر عدد السكان وقتها بثلاثة آلاف تقريباً، كما يُستدل من السور الذي بني حول المدينة في منتصف القرن الثالث الهجري، وكان ذلك التناقص نتيجة كثرة الفتن، واضطراب الأحوال الأمنية، وسوء الأحوال الاقتصادية يومها، وفي القرن السادس الهجري ازداد عدد السكان، ولم تعد تتسع لهم المنطقة المحصورة داخل السور، وبنى لهم نور الدين زنكي سوراً ثانياً بلغ طوله أكثر من ضعف السور الأول، مما يدل على أن عدد السكان قد زاد عن ستة آلاف نسمة. ومع بداية العهد العثماني ازداد عدد سكان المدينة ووصل في القرن الثالث عشر الهجري إلى عشرين ألف نسمة تقريباً، وفي القرن الرابع عشر الهجري ازداد عدد سكان المدينة عند وصلها بسكة حديد الحجاز، ووصل إلى ثمانين ألفاً، لكنه عاد وانخفض انخفاضاً حاداً عندما قامت الحرب العالمية الأولى، وأجبر معظم أهل المدينة على الخروج منها فيما عرف باسم سفر برلك، حتى لم يعد فيها من أهلها إلا العشرات بسبب الصراع بين العثمانيين والهاشميين، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وخروج العثمانيين؛ عاد إلى المدينة عدد من أهلها، واستقر الباقون في الأماكن التي هاجروا إليها. سكان المدينة المنورة حديثًا. شهدت المدينة المنورة في العقود الثلاثة الأخيرة تضاعفا كبيرا في عدد سكانها، فبلغ حسب إحصاءات عام 1999 حوالي 856 ألف نسمة ينتمون إلى قبائل وأعراق مختلفة، بعضهم من أهل المدينة المقيمين فيها منذ قرون طويلة، وبعضهم من الوافدين إليها من أنحاء المملكة العربية السعودية ومن مختلف دول العالم للاستيطان بها، وبعضهم من القادمين من البلاد العربية والإسلامية للعمل، ويتوزع السكان في ثلاث دوائر عمرانية مركزها المسجد النبوي، ومحيطها الأخير خلف جبل أحد شمالاً وذي الحليفة (أبيار علي) غرباً ووادي بطحان جنوباً والعاقول شرقاً. يُقدر عدد سكان المدينة المنورة حالياً بحوالي 1,152,991 نسمة، وكنتيجة للتطورات العمرانية توزع السكان على أحياء المدينة وتغيرت الكثافة السكانية فيها، فتضاعف عددهم في الأحياء الداخلية حول المسجد النبوي بسبب إعادة عمران المنطقة، والتوجه نحو تأمين مناطق سكنية وتجارية تخدم الزوار فيها، وازدادت في المناطق التالية: قربان، قباء، الحرة الشرقية، الحرة الغربية، وفي أطراف المدينة مثل أبيار علي، ومنطقة العاقول، ومنطقة سيد الشهداء. وإضافة إلى المقيمين الدائمين في المدينة يفد إليها أعداد كبيرة من الزوار في المواسم الدينية، وخاصة في شهر رمضان وموسم الحج، ويبلغ عددهم قرابة المليون، يمكثون فيها على دفعات متتالية، أياماً وأسابيع قليلة ثم يعودون إلى بلادهم. التكافل الاجتماعي. دار الأيتام في المدينة المنورة "تعد دار التربية في المدينة المنورة أول دار تنشأ في المملكة العربية السعودية لرعاية الأيتام، وتعود أسباب نشأة هذه الدار إلى عام (1351هـ) عندما ساءت الأحوال الاقتصادية في المدينة المنورة وما حولها من البوادي جراء انقطاع المطر وجفاف الأعشاب وهلاك الماشية ، فهاجر العديد من أبناء البادية قاصدين المدينة المنورة، وشملت الهجرة الصغار والكبار، ومن هنا فكر الشيخ عبد الغني دادا -يرحمه الله- وهو أحد تجار المدينة المنورة بمساعدتهم، وقام بتقديم الطعام والشراب لهم، وبزغت فكرة وجود دار لإيواء أبناء البادية ومن مات أبوه منهم، وكتب الشيخ دادا إلى الملك عبد العزيز يطلب الإذن بفتح الدار، ولقد وصل رد الملك عبد العزيز سريعا بالموافقة على ذلك، وشكر الشيخ على عاطفته النبيلة. ولقد افتتحت الدار في محرم من عام (1352هـ) وسميت (دار أيتام الحرومين الشريفين والصنائع الوطنية)". المدينة المنورة حديثًا. التقسيم الإداري. تنقسم المدينة المنورة إلى خمسة وعشرين حيًا إداريًا هي: الحدائق العامة وأماكن الترفيه. تضم المدينة المنورة الكثير من الحدائق العامة، لعل من أبرزها: حديقة الملك فهد المركزية، حديقة الأمير محمد بن عبد العزيز، حديقة الشهداء، حديقة الزهور، حديقة النخيل وغيرهم، كما تضم العديد من الأماكن الترفيهية من ملاهي مثل ملاهي الحكير أو "لونا بارك"، ملاهي البعيجان، ملاهي درة المدينة، ملاهي كوكو ماجد بارك، ملاهي غنومه، وملاهي ألعاب المدينة. الأسواق والمراكز التجارية. تضم المدينة أيضاً العديد من الأسواق مثل أسواق سلطانه، أسواق قباء، أسواق قربان، سوق المدينة الدولي، أسواق عالية المدينة، أسواق الحرم، بالإضافة إلى بعض المولات حديثة الإنشاء مثل الراشد مول، الحسن مول، ومجمع النور. المقاهي. كانت المدينة المنورة تضم العديد من المقاهي، ولعل أبرز تلك المقاهي التاريخية هي "مقاهي المناخة" وهي الأماكن التي يجتمع بها عمال الصناعات الحرفية، وأهل سوق المناخة بعد صلاة المغرب، تبدأ هذه المقاهي من جهة مسجد الغمامة، وتنتهي عند قباء. هي بالترتيب: الفنادق. تضم المدينة المنورة الكثير من الفنادق، وتتركز أغلبها في دائرة مغلقة حول المسجد النبوي داخل الطريق الدائري الأول، ومن أمثلتها: فندق أوبروي المدينة، وفندق المدينة شيراتون، وفندق دار التقوى إنتركونتيننتال، وفندق دار الإيمان إنتركونتيننتال، ودار الهجرة إنتركونتيننتال، وفندق دلة المدينة، وفندق المدينة هيلتون، وفندق المدينة ماريوت، وفندق طيبة، وفندق مودة، وفندق الحارثية، وفندق دانات المدينة، بالإضافة إلى مجموعة الزهدي الفندقية وتضم: فندق أنوار الزهراء، وفندق محمدية الزهراء، وفندق تهاني الزهراء، وفندق روابي الزهراء، وفندق بهاء الزهراء، وفندق رياض الزهراء. المساجد التاريخية. تضم المدينة المنورة الكثير من المساجد المتنوعة، منها ما هو أثري وقديم، ومنها ما هو حديث، وفيما يلي بعض أبرز مساجد المدينة: معالم المدينة المنورة. معالم أخرى. بالإضافة للمعالم سالفة الذكر هناك معلمان مهمان أيضًا هما: المساجد السبعة، وهي من أهم المعالم التي يزورها القادمون إلى المدينة المنورة، وهي مجموعة مساجد صغيرة عددها الحقيقي ستة وليس سبعة ولكنها اشتهرت بهذا الاسم، نظراً لإضافة البعض لمسجد القبلتين ضمن هذه المساجد، وذلك لأن من يزورها يزور ذلك المسجد أيضاً في نفس الرحلة فيصبح عددها سبعة. تقع هذه المساجد الصغيرة في الجهة الغربية من جبل سلع عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبي محمد للدفاع عن المدينة المنورة عندما زحفت إليها قريش والقبائل المتحالفة معها في السنة الخامسة للهجرة، ويُروى أنها كانت مواقع مرابطة ومراقبة في تلك الغزوة وقد سُمي كل مسجد باسم من رابط فيه، عدا مسجد الفتح الذي بُني في موقع قبة ضُربت للنبي محمد. كذلك هناك مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وهو أكبر مطبعة لطباعة المصحف في العالم. وضع الملك فهد بن عبد العزيز حجر الأساس للمجمع في 23 أكتوبر 1982 وافتتحه رسمياً في 30 أكتوبر 1984، ويُنتج المجمع سنوياً ما متوسطه عشرة ملايين نسخة، ويوزع مثلها على المسلمين في جميع القارات، وقد أنتج أكثر من 160 إصدارًا و193 مليون نسخة من المصحف، ويجري المجمع دراسات وأبحاثا مستمرة لخدمة الكتاب والسنّة، كما يضم أحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة في العالم. النقل والمواصلات. المطارات. مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي هو المطار الرئيسي الذي يخدم المدينة المنورة، ويبعد عن وسط المدينة حوالي 15 كيلومترا في الاتجاه الشمالي الشرقي، ويُعد المطار أحد منافذ وصول ومغادرة الحجاج والمعتمرين من الخارج. افتتح عام 1971 وكان مطاراً داخلياً في بداية إنشائه، واقتصرت الرحلات الدولية إليه في موسم الحج فقط، وأدت الزيادة الكبيرة في عدد الرحلات في مواسم الحج والعمرة إلى تحويل المطار إلى مطار دولي عام 2006. الطرق السريعة. تمتلك المدينة المنورة شبكة من الطرق السريعة التي تربطها بباقي مدن ومناطق المملكة، وهي: الثقافة والتعليم. الثقافة. تُعقد في المدينة المنورة العديد من المهرجانات الترفيهية والثقافية والرياضية، ولعلّ من أبرز تلك المهرجانات هو مهرجان صيف طيبة، وهو مهرجان تنظمه مؤسسة دار التنظيم لتنظيم المعارض والمهرجانات السعودية، والمهرجان يُعقد سنوياً في كل صيف وفي مواقع مختلفة داخل المدينة، ويشمل هذا المهرجان الكثير من البرامج والفعاليات مثل مسابقات صيد الأسماك، مسابقات رالي الأطفال، قرية الألعاب المائية، قرية الألعاب الهوائية، كما تُعقد العديد من الفعاليات الشعبية والتراثية مثل الخيمة الشعبية ومسابقات الإبل والخيول، كما تُعقد بالمدينة أيضاً العديد من النوادي الثقافية مثل نادي الإبداع الصيفي الذي تنظمة وزارة التعليم السعودية. ويُعقد في المدينة أيضاً بعض المهرجانات الخاصة غير الدائمة مثل مهرجان المدينة المنورة للتوائم، ومهرجان المدينة المنورة الدولي للتمور وغيرهم. كما أنه قد تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2013 م لتمثل المنطقة العربية. التعليم. في الماضي كان التعليم في المدينة المنورة يتم في الزوايا والكتاتيب المنتشرة في أنحائها، وبمرور الوقت اندثرت كل هذه الأشياء، وحلت محلها المدارس والجامعات والمراكز التعليمية. بعانخي أو بيا (بالمصرية القديمة: p-anx-i-i ) هو أول ملوك مملكة كوش بنبتة ،وضع علي العرش بعدة انتخابه من الكهنة ووافق الشعب الكوشي علي تنصيبه. وهذا كان متبعا مع الملوك الكوشيين من بعده. حكم بعنخي من 746 - 716 قبل الميلاد مملكة كوش. وأثناء العام 20 من حكمه هجم بعنخي من الجنوب على مصر حتى وصل إلى الدلتا ، وأسس الأسرة المصرية الخامسة والعشرين . كانت عبادة آمون قد انتشرت في النوبة، واعتنقها ملوك كوش. عائلته. كان أبوه الفرعون النوبي كاشتا، وامه كانت تسمى "باباتما" . وكان متزوجا من "بيكساتر" و "تابيري" (ابنة ألارا ، و أبالي" و "كنسا" و "نفروكا-كاشتا" وأخواته كانوا شباكا و آمن-ير-دس الأول والجنرال بيكارترور. ومن أبنائه من أصبح بعد ذلك فرعونا شاباتاكا ، و طهارقة ، و شبنؤبت الثانية ، وأبنة آخرى "أرتي" (وهي زوجة شاباتاكا) ، ونبرادجا، وتاكاحات أماني، و "تاباكن آمون " (وهي زوجة طهارقة). التتويج. يقول بيَّا في مراسم تتويجه: "الآلهة تصنع الملك، والناس يصنعون الملك، إلا أن آمون قد جعلني ملكاً". وقال :"وهبني آمون النبتى حق حكم جميع البلدان، فمن أقل له كن ملكاً يكن ملكاً، ومن أقل له لا تكن ملكاً لا يكون، ووهبني آمون في طيبة حكم مصر، فمن أقل له فلتصعد متوجاً يتوج، ومن أقل له لا تصعد متوجاً لا يُتوج، وكل من منحته حمايتي لا يخشى على مدينته، ولن أقوم بحال باحتلالها". قال هذا بعدما أخضع الزعماء المحليين بمصر وكوش. نشاطاته. بعد السلام والاستقرار الذي حققه بيا (بعنخي) في مملكته تفرغ للنشاط المعماري وبدأ في تزيين العاصمة نبتة . وقام بتشييد المعبد الرائع معبد آمون (كوش) في جبل البركل بديلاً عن المعبد القديم الأصغر حجماً، كما استكمل بناء المعبد الذي كان قد بدأ في تشييده كاشتا في حوالي عام 730 ق.م. حروبه في مصر. في النصف الثاني من القرن 8 قبل الميلاد تنازع قصرين على حكم مصر: قصر الملك الليبي الموجود في سايس ، ويمثل أسرة مصرية رابعة وعشرون (740 - 712 قبل الميلاد) ، و الملك النوبي، حاكم الأسرة المصرية الخامسة والعشرين (750 -655 قبل الميلاد) . وكان الملك كاشتا -أبو بعنخي - يحكم من عاصمته نبتة في كوش. وبعدما استطاع الملك كاشتا الإستيلاء على طيبة من مصر، قُبل حكمه ليحكم مصر . بذلك يصبح كوشتا مؤسسا للاسرة المصرية الخامسة والعشرين . وأعتلى ابنه بيجي العرش في عام 745 قبل الميلاد في مصر. على لوحة انتصاره التي عثر عليها 1862 في معبد آمون على جبل البركل في نبتة عند الشلال الرابع للنيل وصف لما حدث. وهذه اللوحة من أهم الآثار التي تصف الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر في النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد. أمر قائداه "باروما" و "ليميرسكنى" وسائر ضباطه في مصر، وقال لهم: اتخذوا وضع الاستعداد، وخوضوا المعركة، والتفوا حول العدو وحاصروه. وأأسروا رجاله ومواشيه وسفنه النهريَّة وامنعوا المزارعين من التوجه إلى الحقول، والفلاحين من حرث الأرض. اضربوا الحصار حول إقليم الأرنب وقاتلوا العدو كل يوم بلا هوادة.وهذا ما فعلوه. وأرسل جيشاً إلى مصر، وأوصاهم مشدداً قائلا : "لا تنقضوا على العدو ليلاً وكأنكم تلعبون وتلهون، ولا تحاربوا إلا وأنتم مبصرون، وخوضوا ضده المعركة دون الاقتراب منه. وإذا قال لكم: انتظروا المشاة وسلاح المركبات القادمة من مناطق أخرى. فتريثوا لحين وصول جيشه، ولا تبدؤوا المعركة إلا عندما يطلب ذلك، وإذا كان حلفاؤه في مدينة أخرى فأصدروا الأوامر بالانتظار حتى يصلوا، وحاربوا في المقام الأول القادة العسكريين المصاحبين له كحلفاء، وحرسه الخاص من الليبيين ؛ وعند استعراض الجيش لا ندرى لمن نوجه الحديث، فنقول: أيا أنت أسرج أفضل ما في إسطبلك من جياد وهئ نفسك للمعركة عندئذ سوف تعرف اننا رسل امون" وينصح بيَّا قواته قائلاً: "إذا بلغتم طيبة ووقفتم أمام ابت سوت انغمروا في الماء وتطهروا في النهر وارتدوا الكتان النقي . وحطوا الأقواس والقوا السهام جانباً، لا تتباهوا بأنكم أصحاب سلطة في حضرة الذي بدون رضاه ليس للشجاع قدرة، فيجعل الضعيف قوياً، والجموع تتراجع أمام القلة وتعود أدراجها ويتغلب الفرد على ألف . وتبللوا بماء هياكله، وقبلوا الأرض بين يديه وقولوا له: أرشدنا إلى الطريق، فلنحارب في ظل قوتك ولتكن معارك المجندين الذين بعثت بهم مظفرة، وليستولى الرعب على الجموع عندما تواجههم. ويبدو أن القوات الكوشية حاصرت القوات المصرية المتحالفة وأجبرتها على خوض المعركة، فارضة عليها الاحتماء بمدينة هرموبولس التي تمَّ ضرب الحصار عليها، فقط حينها توجه بيَّا بنفسه إلى مسرح العمليات متوقفاً في طريقه للاحتفال بالعام الجديد في الكرنك. وكان غرض بيَّا من ذلك مزدوجاً، فمن جانب أراد أن يعلن للملأ اعتراف امون به ملكاً، ومن جانب ثانٍ استهدف إضعاف القوات المصرية المُحاصرة بإطالة أمد الحصار تدميراً لروحها المعنوية. وأثناء ذلك اجتاحت قواته مصر الوسطى، ووصل إلى هرموبولس فأخضع ملكها نمرود. كما استسلمت مدينة هيراكليوبولس دون أن تنتظر استيلاء بيَّا عليها واعترف حاكمها بولاية بيَّا في خطاب مشحون بالعبارات الأدبية جاء فيه: "تحية لك أيَّا حورس، أيها الملك القوى، إنك الثور الذي يقاتل الثيران! لقد استحوذت الدات (أى العالم السفلى) علىَّ وغمرتني الظلمات، فهل لي أن أمنح وجهاً كوجهك المشرق! لم أجد من يناصرنى وقت الشدة، ولكن بفضلك أنت وحدك أيها الملك القوى انقشعت الظلمات من حولي! فأنا وجميع ممتلكاتي في خدمتك، وتدفع مدينة ننى سوت الضرائب لجهازك الإداري، فأنت بالتأكيد خوراختى، حور الأفقين الواقف على رأس الخالدين، وبقدر بقائه تبقى أنتَّ ملكاً، وكما أنه خالد لا يموت فأنت أيضاً خالد لا تموت، أيا بيَّا يا ملك الوجهين القبلي والبحري، لك الحياة إلى الأبد". بعدها توجه بيَّا إلى الشمال واستولى دون مقاومة على القلعة التي شيدها اوسركون الأول لمراقبة مدخل الفيوم، ثم زار مدينة هليوبولس لأداء الشعائر التقليدية التي تقام للإله امون وقدم القرابين فوق تل الرمال، ويسرد النص أن بيَّا اتجه إلى "مقر رع في موكب رهيب، فدخل المعبد وسط تهليل الحاضرين والكاهن المرتل يتعبد للإله لإبعاد أعداء الملك، ثم اقيمت شعائر بردوات وربط العصابة الملكية، وتطهر جلالته بالبخور والماء. ووقف الملك بمفرده، وكسر ختم المزلاج وفتح مصراعى الباب وشاهد والده رع في قصر البن بن المقدس ومركب النهار المخصصة لرع ومركب المساء المخصصة لأتوم، ثم أغلق مصراعي الباب ووضع الطين وختم الملك بخاتمه الخاص، وأصدر تعليماته للكهنة قائلاً: لقد قمت أنا شخصياً بوضع الختم، لن يدخل المكان أحد سواى ممن يدعون أنهم ملوك، وانبطحوا على بطونهم فوق الأرض قائلين: ثابت أنت ودائم، فليحي حورس محبوب رع، إلى الأبد! دخولاً إلى مسكن أتوم". أما تف نخت قائد المتمردين فقد أرسل إلى الملك المنتصر بيَّا رسولاً ليتفاوض نيابة عنه وحملَّه رسالة إلى بيَّا جاء فيها: "ألم يهدأ قلب جلالتك بعد كل ما ألمَّ بى بسببك؟ أجل انى بائس، ولكن لا تعاقبنى بقدر الجرم الذي ارتكبته، أنت تزن بالميزان وتحكم طبقاً للوزنات! وفي إمكانك مضاعفة جرمي أضعافاً مضاعفة، ولكن ابق على هذه الحبَّة، وسوف تعطيك حصاداً وفيراً في الوقت المناسب، لا تقتلع الشجرة من جذورها! إن كاءك (روحك) تثير الرعب في أحشائي وترتعد أوصالي من شدة الخوف! ومنذ أن علمت باسمي لم أجلس في بيت الجعة ولم أستمع إلى عزف الجنك، لقد أكلت وشربت ما يكفى فقط لرد جوعى وإطفاء ظمئى. وصل الألم إلى عظامي، وأسير عارى الرأس مرتدياً الأسمال حتى تعفو الآلهة نيت عنى. لقد فرضت على السير مسيرات طويلة، أنت تلاحقنى على الدوام، فهل أسترد حريتى ذات يوم؟ طهر خادمك من ذنوبه، ولتنتقل ممتلكاتي إلى الخزينة العامة، وكافة ما أملك أيضاً من ذهب وأحجار كريمة وأفضل جيادي وكافة تجهيزاتى، أرسل رسولك ليطرد الخوف من قلبى وأذهب في صحبته إلى المعبد ليطهرني القسم الالهى". وأرسل له بيَّا بالفعل كبير الكهنة المرتلين يرافقه القائد العكسرى الكوشي باورما حيث أقسم تف نخت أمامها في المعبد القسم الالهى التالي: "لن انتهك المرسوم الملكى ولن أتهاون في أوامر صاحب الجلالة، ولن أسلك سلوكاً مذموماً في حق قائد عسكري في غيابه وسوف أتصرف في حدود الأوامر الصادرة من الملك دون أن اخرق ما أصدره من مراسيم، عندئذ أعلن صاحب الجلالة موافقته". بعد تلك الانتصارات ثبت بيَّا حكام الدلتا المصريين كل في إقليمه متجنباً إعطاء الكثير للذرية الليبية لفراعنة مصر القدماء مستثنياً واحداً منهم فقط هو نمرود بوصفه متحدثاً نيابة عنهم. ويصف النص وصول أولئك الحكام لأداء فروض الطاعة والولاء: "لَّما أضاءَّ الأرض نهار جديد، حضر عاهلا الجنوب وعاهلا الشمال والصل على جبينهم وقبلوا تراب الأرض أمام قوة صاحب الجلالة. وهكذا جاء ملوك وقادة الشمال ليشاهدوا بهاءَ جلالته، وكانت سيقانهم ترتعش وكأنها سيقان نسوة، ولكنهم لم يدخلوا إلى مسكن الملك حتى لا يدنسوه بالنظر إلى أنهم لم يختنوا ولأنهم يأكلون السمك. أما الملك نمرود فقد دخل مسكن الملك إذ كان طاهراً ولا يأكل السمك". ومن ثم قرر بيَّا العودة إلى نبتة وكان أن: "حُملت السفن بالفضة والذهب والأقمشة وسائر خيرات الشمال وكل ثمين وسائر كنوز سوريا وعطور بلاد العرب، وأقلعت سفن صاحب الصوب الجنوب وكان جلالته منشرح القلب، وعلى الجانبين كان الأهالي على شاطئ النهر يهللون من نشوة الفرح، وأخذ الجميع -شرقاً وغرباً- كلما بلغهم النبأ ينشدون عند عبور صاحب الأنشودة فرح وابتهاج، تقول الأنشودة: أيها الأمير القوى، أيها الأمير القوى، أيا بيَّا، أيها الأمير القوى! ها أنت تتقدم بعد أن فرضت سيطرتك على الشمال، إنك تحول الثيران إلى إناث! طوبى لقلب المرأة التي أنجبتك! وطوبى لقلب الرجل الذي من صلبك! وأهل الوادي يحيونه فلتحي إلى الأبد، فقوتك خالدة أيهُّا الأمير المحبوب من طيبة". فضلَّ الملك الكوشي بيا ألا يحكم مصر شخصياً بصورة مباشرة، فلجأ إلى إتباع سياسة منح الحكم الذاتي للمصريين تاركاً السلطات الإدارية بأيدي الحكام المحليين الذين أدوا له قسم الطاعة والولاء، مكتفياً بالإشراف الفعلي على منطقة طيبة والطرق الغربية حتى الواحة الداخلة. ويربط كثير من المؤرخين بين وفاة بيا والزى الأسود الذي ترتديه النسوة في المناطق النوبية التي تقع شمال السودان وجنوب مصر حيث تذهب الرواية المتداولة إلى أن ذلك الزى الأسود تم ارتدائه حين وفاة بيا بعد أن حزن الناس لذلك الحدث حزناً شديداً ورفضن النسوة أن يغيرن أو يخلعن ذلك السواد مدى العمر حتى صار زياً قومياً في تلك المنطاق، والأمر بلاشك له دلالة قوية على عظمة وقوة الملك بيا. طب الروائح أو العلاج العطري هو علم زائف يعتمد على استخدام المواد النباتية وزيوت النباتات العطرية، مثل الزيوت الضرورية، وغيرها من المكونات العطرية من أجل تحسين مزاج الشخص، والعافية الطبيعية والفسيولوجية الإدراكية يمكن أن يُوفر كعلاج متكامل أو أكثر جداليا كشكل من العلاج البديل. العلاج المتكامل يمكن أن يوفر بجانب العلاج الأساسي، أما مع الدواء البديل يوفر بدلا من العلاج التقليدي، العلاج التقليدي يكون بالعادة مثبت علميا. المختصون بالمواد العطرية، الذين هم متخصصون في ممارسة وتطبيق العلاج بالمواد العطرية يستخدمون مزيج من الزيوت العلاجية الضرورية، التي ممكن أن توضع على الجلد (الاستخدام الموضعي). وكذلك الزيوت المستخدمة للتدليك، أو الاستنشاق، أو الغمر بالماء، للتحفيز وللحصول على الاستجابة المرغوب بها. بعض الزيوت الضرورية مثل شجرة الشاي أظهرت تأثير مضاد للميكروبات، لكن لا يزال هناك نقص للدليل السريري التي يثبت إظهارها للفعالية ضد البكتيريا، الفطريات، أو العدوى الفيروسية، دليل فعالية العلاج العطري في علاج الحالات الطبية ما زالت ضعيفة، مع نقص ملحوظ للدراسات التي توظف المنهجية الدقيقة. التاريخ. استخدام الزيوت الضرورية للأسباب العلاجية، الروحانية، الصحية، والشعائرية يعود لعدد من الحضارات القديمة متضمنة، الصينيون، الهنود، المصريون، اليونانيون، والرومان، الذين استدموهم في مستحضرات التجميل والعطور والأدوية. الزيوت توصف عن طريق ديسقوريدس، بالإضافة إلى معتقدات الوقت بشأن الخصائص العلاجية الخاصة بهم، الذي كتب في العقد الأول. الزيوت الضرورية المنقاة تم توظيفها كأدوية منذ اختراع التقطير في De MateriaMadica الثاني عشر. عندما قام ابن سينا بفصل الزيوت المنقاة باستخدام التقطير بالبخار. مبدأ العلاج العطري طرح للمرة الأولى عبر عدد صغير من العلماء والدكاترة الأوروبيون عام 1907. في 1937 الكلمة ظهرت بالأول في طباعة أحد الكتب الفرنسية المتعلقة بهذا الموضوع : Aromathérapie: Les HuilesEssentielles, Hormones Végétales للكيميائي. (الزيوت الأساسية والهرمونات النباتية للكيميائي رينيمايروس جاتلوفيس. نسخه إنجليزية نشرت René-Maurice Gattefossé في عام 1993. عام 1910 جاتلوفيس حرق يد بشكل سيء جدا وبعدها أدعى أنه عالجها بفعالية بزيت اللافيندر. جين فالنيت، جراح فرنسي، ابتكر دواء باستخدام الزيوت الأساسية، الذي استخدمها في علاج الجنود الجرحى في الحرب العالمية الثانية. طرق تطبيق. وسائل تطبيق الروائح ما يلي: التطبيقات الموضعية: للتدليك العام، والحمامات، الكمادات والعلاجية للعناية بالبشرة. المواد. بعض المواد المستخدمة ما يلي: الزيوت العطرية: الزيوت العبقية المستخرجة من النباتات، وعلى رأسها عبر التقطير بالبخار (على سبيل المثال، زيت الكافور) أو التعبير (زيت الجريب فروت). ومع ذلك، يستخدم هذا المصطلح أحيانا لوصف الزيوت العطرية المستخرجة من المواد النباتية من قبل أي إستخلاص بالمذيبات. وتشمل هذه المواد انتشار البخور القصبي. المطلقات: الزيوت العبقية المستخرجة أساسا من الزهور أو الأنسجة النباتية الحساسة من خلال استخلاص السوائل فوق الحرجة أو المذيب (على سبيل المثال، ارتفع المطلق). يستخدم هذا المصطلح أيضا لوصف الزيوت المستخرجة من الزبدة العطرية، والخرسانة، وتشريب المراهم بطريقة الايثانول. الزيوت الناقلة: عادة القاعدة النباتية الدهنية، ثلاثي الجليسرايد التي تخفف الزيوت الأساسية للاستخدام على الجلد (على سبيل المثال، زيت اللوز الحلو). المقطرات العشبية أو هيدروسولس: الماء الناتج من عملية التقطير (على سبيل المثال، ماء الورد). هناك العديد من الأعشاب التي تصنع المقطرات العشبية ولها استخدامات في الطهي، الاستخدامات الطبية، واستخدامات العناية بالبشرة [بحاجة لمصدر]. المقطرات العشبية الشائعة هي البابونج، وردة، وبلسم الليمون. ضخ: المستخلصات المائية لمختلف المواد النباتية (مثل التسريب من البابونج.) Phytoncides: العديد من المركبات العضوية المتطايرة من النباتات التي تقتل الميكروبات [بحاجة لمصدر]. العديد من الزيوت العطرية على أساس التربين ومركبات الكبريت من النباتات من نوع "بيسوم" هيphytoncides [بحاجة لمصدر]، على الرغم من أن هذه الأخيرة هي الأقل شيوعا في العلاج العطري بسبب روائحها الغير مقبولة. أعشاب الخام المرذاذة (المبخرة): المواد الموجودة في النباتات ذات محتوى زيت عالي، تجفف، وتسحق، وتسخن لاستخراج واستنشاق أبخرة النفط العطرية في طريقة الاستنشاق المباشر. نظرية. العلاج بالمواد العطرية هو علاج أو وقاية من المرض عن طريق استخدام الزيوت الأساسية. وتشمل الاستخدامات الأخرى المنصوص عليها الألم، والحد من القلق، وتعزيز الطاقة والذاكرة على المدى القصير، والاسترخاء، ومنع تساقط الشعر، والحد من الأكزيما والحكة التي يسببها. يوجد آليتين اسايتين متوفرة لشرح الآثار المزعومة. الأولى هو تأثير الرائحة على الدماغ، وخاصة الجهاز الحوفي من خلال نظام حاسة الشم. والآخر هو التأثيرات الدوائية المباشرة من الزيوت الأساسية في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، الممارسين يميلون إلى التأكيد على استخدام الزيوت في التدليك [بحاجة لمصدر]. العلاج العطري يميل إلى اعتباره طريقة مكملة في أحسن الأحوالواحتيالات زائفة في أسوأ الأحوال. اختيار وشراء. الزيوت مع محتوى موحد للمكونات (دستور للأغذية الكيميائية) مطلوبة أن تحتوي على كمية محددة من بعض المواد الكيميائية العطرية التي تحدث عادة في مجال الزيت. ولا يوجد قانون أن المواد الكيميائية لا يمكن تضاف في شكلها الاصطناعي لتلبية المعايير التي وضعها دستور الأغذية الكيميائية لهذا الزيت. [بحاجة لمصدر] على سبيل المثال، يجب أن يحتوي على زيت الليمون الأساسي على 75٪ ألدهيد [بحاجة لمصدر] لتلبية ملف دستور الاغذية الكيميائية لهذا الزيت، ولكن هذا الادهيد يمكن أن يأتي من المصفاة الكيميائية بدلا من الليمون. القول بأن زيوت دستور الاغذية الكيميائية هي "الصف الغذائي" يجعلها تبدو طبيعية عندما لا تكون بالضرورة لذلك وتسمى الزيوت الأساسية غير المخففة المناسبة للعلاج العطري بالـ "الصف العلاجي، ولكن لا يوجد معايير منشأة ومتفق عليها لهذه الفئة. [بحاجة لمصدر]. سوق الزيوت الأساسية هيمن عليها من المواد الغذائية والعطور ومستحضرات التجميل والصناعات الدوائية، لذلك المختصون بالمواد العطرية لديهم خيار قليل لشراء الأفضل من هذه الزيوت المتاحة. التحليل باستخدام كروماتوغرافيا السائل الغاز (GLC) ومطياف الكتلة (MS) يحدد نوعية الزيوت الأساسية. هذه التقنيات قادرة على قياس مستويات المكونات لبضعة أجزاء في البليون. وهذا لا يجعل من الممكن تحديد ما إذا كان كل عنصر طبيعي أو إذا كان الزيت محسن بإضافة مواد عطرية كيميائية مصنعة، ولكن الأخير مشار عليه على أنه يحتوي على أقل الشوائب. على سبيل المثال، الينالول المصنع في النباتات يرفق معه كمية قليله من الينالول المائي في حين الينالول المصنع لديه آثار من ثنائي الينالول المائي. الاستخدامات الشعبية. قيل أن زيت الليمون يكون روحاني ويخفف التوتر. في دراسة يابانية، تم العثور على أن الزيت الأساسي لليمون في الحالة البخارية يحد من التوتر من الفئران. بحوث في جامعة ولاية أوهايو بينت أن رائحة زيت الليمون يمكن أن تعزز مزاج المرء، وتساعد على الاسترخاء. زيت الزعتر زيت المريمية اقترح ليعزز أداء الذاكرة قصيرة المدى مستخدما أياه كمكمل غذائي. الفعالية. بعض الفوائد تم ربطها للعلاج بالروائح، مثل الاسترخاء وصفاء الذهن، قد اتت من تأثير الدواء الوهمي وليس من أي تأثير فسيولوجي فعلي. الإجماع بين معظم المختصون الطبيون هو أن بينما أظهرت بعض الروائح اثارعلى الحالة المزاجية والاسترخاء، وربما منافع متعلقة بالمرضى، هناك حاليا أدلة كافية لدعم ادعاءات العلاج العطري. البحث العلمي في الأسباب والتاثيرات بالروائح محدود، وإن كان في التجارب المختبرية كشفت بعض الآثار المضادة للبكتيريا ومضادة للفيروسات. وليس هناك دليل على أي نتائج على المدى الطويل لعلاج من التدليك العطري لكن تحققت متعة من التدليك بروائح لطيفة. وهناك عدد قليل من الدراسات المتعلقة بالعمى المزدوج في مجال علم النفس السريري المتعلقة بالعلاج من الخرف الحاد قد نشرت. الزيوت الأساسية لديها فعالية واضحة في منتجات غسول الفم والأسنان. تمت ترقية الروائح أيضا لقدرتها على مكافحة السرطان. ومع ذلك، وفقا لجمعية السرطان الأمريكية، "لا تدعم الأدلة العلمية المتاحة المطالب بأن العلاج العطري فعال في منع أو علاج للسرطان". مخاوف تتعلق بالسلامة. مزيد من المعلومات: الطب البديل § النقد العلاج العطري ينطوي على مخاطر لعدد من الآثار السلبية وهذا الاعتبار، جنبا إلى جنب مع عدم وجود دليل على فائدته العلاجية، ويجعل من ممارسة قيمتها مشكوك فيها. لأن الزيوت العطرية مركزة تركيزا عاليا فإنها يمكن أن تحدث تهيجا في الجلد عند استخدامها في شكل غير مخفف. لذلك، عادة يتم تخفيفه مع الزيت الناقل للتطبيق الموضعي، مثل زيت الجوجوبا، زيت الزيتون، أو زيت جوز الهند. قد تحدث تفاعلات الضوئية مع زيوت قشور الحمضيات مثل الليمون أو الجير. أيضا، العديد من الزيوت الأساسية لها مكونات الكيميائية التي هي حساسة (بمعنى أنهم، بعد عدد من الاستخدامات، يسبب ردود فعل على الجلد، وأكثر من ذلك في باقي الجسم). يمكن حتى أن يكون سبب بعض الحساسية الكيميائية المبيدات الحشرية، إذا زرعت النباتات الأصلية. بعض الزيوت يمكن أن تكون سامة لبعض الحيوانات الأليفة، مع القطط كونها عرضة لها بشكل خاص. اثنين من الزيوت الشائعة، الخزامى وشجرة الشاي، قد تورطت في التسبب بالتثدي، نمو غير طبيعي لأنسجة الثدي، في الأولاد قبل سن البلوغ، على الرغم من أن التقرير الذي يستشهد هذه المشكلة المحتملة يقوم على أساس الملاحظات من ثلاثة أولاد فقط، واثنين من هؤلاء الأولاد هم بشكل ملحوظ فوق المتوسط في الوزن بالنسبة لأعمارهم، وبالتالي فعليا معرضين للتثدي. اختصاصي هرمون الطفل في جامعة كامبريدج ادعى "... هذه الزيوت يمكن أن تقلد هرمون الاستروجين" و "الناس يجب أن يكونوا حذرين قليلا عند استخدامهذه المنتجات. مجلس طب الروائح والتجارة اصدر ردا في المملكة التحدة ." و قد نقض المجلس جمعية شجرة الشاي الأسترالية وهي المجموعة التي تروج مصالح المنتجين والمصدرين والمصنعين لزيت شجرة الشاي الأسترالي قد أصدرت بريد إلكتروني شككت الدراسة ودعت مجلة بريطانيا الحديثة للطب للتراجع وحتى الآن لم ترد المجلة ولم تتراجع عن الدراسة كما هو الحال مع أي مادة نشطة بيولوجيا، الزيوت الأساسة التي قد تكون آمنة لعامة الناس لا يزال ممكنا ان تشكل خطرا على النساء الحوامل والمرضعات. في حين يدعو البعض لاكل الزيوت العطرية لأغراض علاجية، المهنيين في العلاج العطري المرخصين لا ينصحو الوصف الذاتي لهم بسبب شديدة السمية لبعض الزيوت الأساسية. بعض الزيوت الشائعة جدا مثل الكافور هي سامة للغاية عندما اتخذت داخليا. جرعات قليلة بقدر ملعقه الشاي سجلت لتسبب اعراض سرسيره واضحة وحلات التسمم الحاد يمكن أن تحدث بعد ابتلاع 4 إلى 5 مل. وهناك عدد قليل من الحالات المبلغ عنها من التفاعلات السامة مثل تلف الكبد، ونوبات مرضية وقعت بعد ابتلاع المريمية، الزوفا شجرة الحياة، والأرز. تنول بالصدفة يمكن أن يحدث عندما لا يتم الاحتفاظ بالزيوت بعيدا عن متناول الأطفال. الزيوت سواء تناولها أو تم تطبيقها على الجلد يحتمل أن يكون لديها تفاعلات سلبية مع الطب التقليدي .مثال على ذلك، الاستخدام الموضعي للزيوت الثقيله لmethylsalicylateمثل البتولا الحلو وينترجرين قد يسبب النزيف مع الأشخاص الذين يستخدمون مضاد التخثر الوارفارين الزيوت المغشوشة قد تشكل أيضا مشاكل تبعا لنوع المادة المستخدمة. العصر البرونزي هو عصر ظهور علم السبائك، وهذا العصر بداية ظهور علم الفلزات عندما عرف الإنسان كيف يصهر أملاح النحاس مع الفحم النباتي في البواتق والأفران لصهرها بالحرارة واختزال هذه الأملاح. وكان يخلط النحاس الغفل مع القصدير أو الأنتيمون ويصهرهما معا. وكان البرونز يستخدم في صناعة الأدوات والمعازق والمجارف والسكاكين. لأنه أكثر حدة وأطول عمراً من النحاس. ظهر العصر البرونزي في الشرق الأدنى حوالي 3000 قبل الميلاد وحتى سنة 1200 قبل الميلاد ووصلت إلى أوروبا بين سنة 2500 و 2000 قبل الميلاد وظهر العصر البرونزي في أوروبا الغربية بين سنة 1800 قبل الميلاد وسنة 900 قبل الميلاد. التاريخ. تتميز الفترة الكلية باستخدام البرونز على نطاق واسع، على الرغم من أن مكان، وتوقيت إدخال، وتطوير التكنولوجيا البرونزية لم يكن متزامنًا عالمياً. تتطلب تكنولوجيا تصنيع البرونز والصفيح تقنيات إنتاج محددة. يجب استخراج القصدير (بشكل رئيسي كقصدير خام كاسترايت)، ثم صهره بشكل منفصل، ثم يُضاف إلى النحاس المصهور لصنع سبيكة برونزية. تميز العصر البرونزي بأنه وقت الاستخدام المكثف للمعادن، وشبكات التجارة النامية. يشير تقرير منشور في عام 2013 إلى أن أقدم برونز من سبائك القصدير يعود إلى منتصف الألفية الخامسة قبل الميلاد في ثقافة فينيا في بلوشنيك (صربيا)، على الرغم من أن هذه الثقافة لا تعتبر تقليديًا جزءًا من العصر البرونزي. هناك اختلاف في تحديد تاريخ رقاقات القصدير. الشرق الأدنى. كانت غرب آسيا، والشرق الأدنى أولى المناطق التي دخلت العصر البرونزي، والتي بدأت مع ظهور حضارة سومر في بلاد ما بين النهرين في منتصف الألفية الرابعة قبل الميلاد. مارست الثقافات في الشرق الأدنى القديم (التي تسمى غالبًا «مهد الحضارة») الزراعة المكثفة على مدار العام، وطورت نظامًا للكتابة، واخترعت عجلة الخزف، وأنشأت حكومة مركزية، ومدونات قانونية مكتوبة، ومدنًا ودولًا وطنية وإمبراطوريات، وشرعت في تشييد مشاريع معمارية متقدمة، وأدخلت الطبقية الاجتماعية، والإدارة الاقتصادية والمدنية، والعبودية، ومارست الحرب المنظمة، والطب، والدين. كما وضعت المجتمعات في هذه المنطقة أسس علم الفلك، والرياضيات، والتنجيم. الأناضول. تأسست الإمبراطورية الحيثية في خاتوشا في شمال الأناضول منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد. في القرن الرابع عشر ق.م، كانت المملكة الحوثية في أوجها، وشملت وسط الأناضول، وجنوب غرب سوريا حتى أوغاريت، وبلاد ما بين النهرين العليا. بعد عام 1180 ق.م.، وسط الاضطرابات العامة في بلاد الشرق الأدنى التي يُظن بأنها ارتبطت بالوصول المفاجئ لشعوب البحر، تفككت المملكة إلى العديد من دول "الحيثيين الجدد" المستقلة، والتي بقي بعضها حتى أواخر القرن الثامن ق.م. امتدت أرزاوا في غرب الأناضول خلال النصف الثاني من الألفية الثانية ق.م على الأرجح على طول جنوب الأناضول في حزام يمتد بالقرب من منطقة البحيرات التركية إلى ساحل بحر إيجة. كانت أرزاوا الجار الغربي -وأحيانًا المنافس، وأحيانًا أخرى التابع- للممالك الحوثية الوسطى والحديثة. كانت رابطة أسوا بمثابة اتحاد كونفدرالي في غرب الأناضول والتي هُزِمت من قبل الحوثيين في عهد توداليا الأول، نحو عام 1400 ق.م. ترتبط أرزاوا بأسوا الأكثر غموضا والتي كانت تقع بشكل عام في الشمال. كانت في الأغلب متشاركة في الحدود معها، بل وقد تكون حتى مصطلحًا بديلًا لها (على الأقل خلال بعض الفترات). مصر. السلالات البرونزية المبكرة. في مصر القديمة، يبدأ العصر البرونزي في فترة ما قبل السلالات، في نحو عام 3150 ق.م. يعود العصر البرونزي القديم لمصر، والمعروف باسم فترة السلالاتة الحاكمة الأولى لمصر، مباشرة بعد توحيد مصر العليا والسفلى، في عام 3100 ق.م. ولكن يتم إطالة هذه الفترة بصفة عامة لتشمل السلالاتتين الأولى والثانية، الممتدة من فترة ما قبل السلالات في مصر حتى نحو عام 2686 قبل الميلاد، أو بداية المملكة القديمة. مع السلالاتة الأولى، انتقلت العاصمة من أبيدوس إلى ممفيس بعدما أصبحت مصر موحدة ويحكمها إله-ملك مصري. ظلت أبيدوس الأرض المقدسة الرئيسية في الجنوب. تشكلت السمات المميزة للحضارة المصرية القديمة، مثل الفن، والعمارة، والعديد من جوانب الدين، خلال فترة السلالاتة الحاكمة المبكرة. كانت ممفيس في العصر البرونزي المبكر أكبر مدينة في ذلك الوقت. المملكة القديمة للعصر البرونزي الإقليمي هو الاسم الذي يطلق على الفترة التي تمتد من الألفية الثالثة ق.م عندما حققت مصر أول تفوق مستمرة للحضارة من حيث التعقيد والإنجاز -وهي أول فترة من فترات المملكة الثلاث، والتي تمثل أعلى نقطة وصلت لها الحضارة في وادي النيل السفلي (الفترات الأخرى هي المملكة الوسطى، والمملكة الحديثة). امتدت الفترة الوسيطة الأولى لمصر، التي توصف غالبًا بأنها فترة مظلمة في التاريخ المصري القديم، نحو 100 عام بعد نهاية الدولة القديمة من نحو 2181 إلى 2055 قبل الميلاد. تبقت آثار قليلة من هذه الفترة، خاصةً من الجزء الأول منها. كانت الفترة الوسيطة الأولى فترة ديناميكية عندما قُسم حكم مصر تقريبًا بين قوتين متنافستين على قواعد السلطة: إهناسيا في مصر السفلى، وطيبة في مصر العليا. في نهاية المطاف، دخلت هاتان المملكتان في صراع، إذ قهر ملوك طيبة الشمال، ما أدى إلى إعادة توحيد مصر تحت تاج حاكم واحد خلال الجزء الثاني من السلالاتة الحادية عشرة. السلالات البرونزية الوسطى. استمرت مملكة مصر الوسطى من عام 2055 إلى 1650 قبل الميلاد. خلال هذه الفترة، سيطرت عبادة أوزوريس الجنائزية على الدين الشعبي المصري. تتألف هذه الفترة من مرحلتين: السلالاتة الحادية عشرة، التي حكمت من طيبة، والسلالاتتين الثانية عشرة والثالثة عشرة المتمركزتان في اللشت. كانت المملكة الموحدة تُعتبر سابقًا متكونة من السلالاتتين الحادية عشرة والثانية عشرة، لكن يعتبر المؤرخين الآن السلالاتة الثالثة عشرة جزئيًا على الأقل منتمية إلى المملكة الوسطى. خلال الفترة الوسيطة الثانية، سقطت مصر القديمة في حالة من الفوضى للمرة الثانية، بين نهاية الدولة الوسطى وبداية الدولة الحديثة. تشتهر هذه الفترة بالهكسوس، الذين حكموا السلالاتتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة. ظهر الهكسوس لأول مرة في مصر خلال السلالاتة الحادية عشرة، وبدأوا الصعود إلى السلطة في عصر السلالاتة الثالثة عشرة، وهيمنوا في الفترة الوسيطة الثانية إذ سيطروا على أفاريس، والدلتا. بحلول السلالاتة الخامسة عشرة، كانوا يحكمون مصر السفلى، ثم طُردوا في نهاية السلالاتة السابعة عشرة. السلالات البرونزية المتأخرة. استمرت مملكة مصر الحديثة، التي يُشار إليها أيضًا باسم الإمبراطورية المصرية، من القرن السادس عشر إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد. تلت المملكة الحديثة الفترة الوسيطة الثانية، وخلفتها الفترة الوسيطة الثالثة. لقد كانت الوقت الأكثر ازدهارًا في مصر وشهد ذروة قوة مصر. تُعرف المملكة الحديثة اللاحقة، أي السلالاتتين التاسعة عشرة والعشرين (1292-1069 قبل الميلاد)، أيضًا باسم الفترة الرمسيسية، بعد الفراعنة الأحد عشرة الذين سُموا رمسيس. الهضبة الإيرانية. كانت عيلام حضارة قديمة قبل إيران تقع شرق بلاد ما بين النهرين. في عصر العيلميين القديمين (العصر البرونزي الأوسط)، كانت عيلام تتألف من ممالك في الهضبة الإيرانية، ومتمركزة في أنشان، ومن منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، أصبحت تتركز في الشوشان في الأراضي المنخفضة في خوزستان. لعبت ثقافتها دورًا حاسمًا في الإمبراطورية الغوتية، وخصوصًا خلال عهد الأخمينيين الإيرانيين الذين خلفوها. كانت حضارة أوكسوس ثقافة من العصر الآسيوي البرونزي تعود إلى عام 2300-1700 قبل الميلاد، وتركزت على الجزء العلوي من نهر آمو داريا (أوكسوس). في العصر البرونزي المبكر، طورت ثقافة واحات كوبيت داحن وآلتينديب مجتمعًا سابقًا للحضارة. هذا يتوافق مع المستوى الرابع في نمزغا-تيب. كانت آلتينديب مركزًا رئيسيًا في ذلك الوقت. كان الفخار عجلة تحول. ونما العنب. تم الوصول إلى ذروة هذا التطور الحضري في العصر البرونزي الأوسط 2300 قبل الميلاد، توافق هذه مع المستوى الخامس في نمزغا-ديب. وتسمى هذه الثقافة العائدة إلى العصر البرونزي مجمع باكتريا - مارجيانا الأثري. تقع ثقافة كولي، على غرار حضارة وادي السند، في جنوب بلوشستان (جدروسيا) 2500-2000 قبل الميلاد. كانت الزراعة هي القاعدة الاقتصادية لهؤلاء الناس. عُثر على السدود في العديد من الأماكن، وهو ما يوفر دليلًا على وجود نظام متطور لإدارة المياه. يرتبط موقع كونار صندل بحضارة جيروفت المُفترضة، وهي ثقافة من الألفية الثالثة قبل الميلاد افُترضت بناء على مجموعة من القطع الأثرية التي صُودرت في عام 2001. بداية العصر البرونزي. يختلف توقيت بداية استخدام النحاس والمناطق التي بدأ فيها حسب الظروف الخاصة بكل منطقة. وقد كشف عن عدد من الأدوات البرونزية في عدد من القارات تعود لفترات مختلفة ولكن أقدم الأدلة على ظهور البرونز هي: آسيا: هي أقدم المناطق التي اكتشف فيها البرونز بين حوالي 4000-3000 ق.م ثم انتشرت فكرته على طول العلم بين 3000-2000 ق.م. وقد استمر هذا العصر في مناطق تركيا وسوريا وفلسطين وبلاد ما بين النهرين حتى حوالي 2000-1500 ق.م عندما عرف الحديد. وعلى ذلك فان العصر البرونزي يوافق بصورة عامة بداية التاريخ المكتوب في آسيا. أوروبا: ظهر إنتاج البرونز في حوالي 2300 ق.م وأصبح شائعاً عام 1200 ق.م. ويعتقد أن ظهوره كان نتيجة للتحركات البشرية بين أوروبا وآسيا. أمريكا: عرفت أمريكا البرونز في وقت متأخر حيث وجدت بعض الآثار على ذلك في الأرجنتين تعود إلى عام 1000 ومن ثم انتشر إلى بيرو ومناطق أمريكا الجنوبية. كما عرفت طريقة خلط النحاس بالقصدير في المكسيك ولكنه لم يكن بأهمية النحاس ولذلك لم تطلق تسمية العصر البرونزي هناك. أفريقيا: يعود أقدم دليل على استخدم البرونز في وادي النيل إلى المملكة الحديثة ولكننا لا نتحدث عنه كعصر برونزي بعينه بل نتحدث فقط عن العصرين الحجري الحديث والعصر الحديدي. السمات العامة للعصر البرونزي. سمات العامة للعصر البرونزي